رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 10 - 3 الأربعاء 25/9/2024
قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حارة الدخاخني
للكاتبة أسماء المصري
قراءة رواية حارة الدخاخني
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة أسماء المصري
الفصل العاشر
3
تم النشر يوم الأربعاء
25/9/2024
❈-❈-❈
تقابل معه بمدخل البناية فابتسم له بتكلف والآخر يصافحة ببسمة واسعة:
-ازيك يا ابو على؟
رمقه بنظرة حارقة وهو يحدث نفسه ممتعضا فلماذا يشعر بالتهديد من وجوده بمحيط خطيبته؟ ولماذا يشعر بالغيرة تحرقه هكذا من مجرد جلوسه معها بالرغم من أنه فردا من عائلتها.
سأله مبلتعا ريقه يحاول ابتلاع غصة غيرته:
-أنت فوق من امتى؟
رد الآخر بعدم اكتراث:
-من شويه، مرات خالي كانت عزماني على الغدا.
تنفس حسن غاضبا فمتى دعته حماته أو حماه للجلوس والتسامر وحتى تناول الطعام بتلك الأريحية، فهو دائما ما كان يفرض نفسه عليهم حتى يستطيع زيارة خطيبته والجلوس معها لبعض الوقت.
لاحظ حمزة ملامحه الواجمة وأراد بحديثه أن يطمأنه ربما، أو حقا لا يعلم لما أثار معه ذلك الأمر:
-بقولك أنا مكلم مرات خالي تشوفلي عروسه، متلاقليش أنت واحده بنت حلال كده؟
تعجب منه فهما ليسا بصديقين ليفاتحه بهذا الشأن ولكنه ابتسم بتكلف ورد:
-البنات على قفا من يشيل، بس هكلم أمي تشوفلك واحده كويسه وبنت ناس.
ربت حمزة على كتفه ممتنا:
-تسلم يا ابو نسب، وأعمل حسابك تفضيلي نفسك آخر الاسبوع عشان افتتاح الشركة بتاعتي؟
تسائل عن الموعد بالتحديد فأخبره:
-هيكون تاني يوم العيد إن شاء الله عشان نكون خلصنا دبح وفضينا كلنا للافتتاح.
تذكر جيداً أن ذلك هو موعد عقد قران تلك الصغيرة التي شغلت عقله، وكم يشعر بألم بداخله كلما تذكر أنه سيفقدها إلى الأبد ولكن لا يوجد بيده شيئا يفعله لينقذها من مصيرها المحتوم:
-بأمر الله نفضوا نفسنا ونعدو عليك أنا وحسين بعد الشغل.
غادر حمزة وصعد الآخر كل درجتين معا وهو يتنوي شررا فقد وصل غضبه ﻷعلى مراتبه من تصرفات أهل زوجته، طرق الباب بشكل عنيف فصاح أنور:
-اييه في ايه؟
فتح فوجده أمامه بعيون محتقنة فهز رأسه بمعنى ماذا هنالك فتحرك حسن دون دعوة من صاحب البيت دالفا للداخل فأمسكه أنور من ساعده:
-يا بني أنت داخل كده من غير لا إحم ولا دستور، البيوت لها حرمه.
التفت ناظرا له بغل وغيظ:
-أنا جوز بنتك يا عمي ومفيش حد هنا غير مراتي وحماتي اللي في مقام أمي.
صاح به أنور موبخا:
-برده ميصحش كده أفرض انا ولا حماتك قاعدين براحتنا ولا حتى سهر يعني ما هي لسه مش مراتك بجد.
لمعت عينيه بغضب وظهرت ملامحه تنذر بثورة وشيكة فهدر به وكأنه ينتظر تلك اللحظة حتى يفرغ غضبه بمن أمامه وهو حقا لا يستطيع تمييز سبب غضبه الحقيقي، هل هو بسبب وجود ابن عمتها بشكل متكرر بمنزلهم أم بسبب شعوره الغير مبرر بالتهديد منه، أم أنه فقط يشعر بالغيرة عليها؟
-لأ منا عارف أنكم مش قاعدين براحتكم عشان حمزة كان لسه هنا، ولا كنتم قاعدين براحتكم معاه؟
طريقته جعلت أنور يمتعض من أسلوبه الهادر والتهكمي:
-ما تتلم يا بني أنت، هو أنت محدش مالي عينك ولا ايه!
تنفس بقوة وعاد لصياحه الهادر وكل من سهر ووالدتها تقفان تشاهدان تلك المشاجرة:
-أصل أنا كنت فاكر إن الحدود اللي عاملها عليا يا حمايا العزيز عشان أنت صعيدي وسلو بلدكم كده، بس طلعت الحدود دي عليا أنا لوحدي إنما ابن اختك عادي جدا يدخل ويخرج ومراتي تقعد وتتسامر معاه عادي جدا وأنا اللي كاتب عليها بمعرفش حتى أخرج معاها لوحدنا.
اقترب أنور منه ورمقه بنظرة حادة:
-بص يا بني أنت، أنا زهقت من طريقتك دي ومن زنك ع الفاضية والمليانه فقولي عايز ايه وقصر يومك.
دارت نظراته عليها وسألها بحيرة واندهاش:
-هو أنتي مقولتيش ﻷبوكي على اللي اتفقنا عليه؟
رمقه بنظرة تعجبه والتفت يسأل ابنته:
-اتفقتو عليه؟! أنتي بتتفقي على حاجات من ورايا يا سهر؟
ردت على الفور تدافع عن نفسها:
-لا والله يا بابا، ده حسن عرض عليا حل عشان نتجوزو بسرعه وقالي ابقى قولي لابوكي بس أنا شيفاك مشغول بقالك فتره مع حمزة فمجاتش فرصة.
هز حسن رأسه ممتعضا من تهربها هكذا ودلف ليجلس على المقعد ونظر لحماه يشير له بالجلوس وكأنه ببيته:
-تعالى يا عمي اقعد عشان نتفقو سوا على اللي جاي.
جلس أنور وزفر بضيق واستمع له يخبره بتفاصيل اتفاقه معها:
-انا قولت طالما أنت مش قادر تجهز سهر عشان الفلوس اللي عليك من جوازة سالي فإيه رأيك نبيعو الشبكه؟ منها تسد اللي عليك ومنها تكمل حاجتها ولما ربنا يكرمك تجيب لها بدالها.
صمته الطويل وصوت تنفسه العالي جعل ابنته تجلس بجواره وتهمس له بصوت مسموع ولكن خائف:
-أنااا أنا قولت له إن مينفعش و...
صاح حسن بنهاية حديثها:
-مينفعش ليه؟ خلاص ادولي الشبكه أكمل بيها واتجوز.
وقف أنور محتدا هو الآخر:
-بص يا بني أنت عشان أنا اتخنقت منك، قولت كتب كتاب ونصبرو لما أخلص الدين اللي عليا قولتلك ماشي ومن يومها وأنت مش عايز تبطل كلام عن الجواز.
وقف حسن هو الآخر يرد بصياح:
-عشان انا راجل شقيان طول عمري بس عشان اتجوزها، وعايز استقر في بيتي بقى وبعدين ده شرع ربنا.
هز أنور رأسه مؤكدا:
-معاك حق، شرع ربنا فعلا بس شرع ربنا كمان مبيقولش إن الست تجهز مع الراجل ولا إن يتاخد شبكتها اللي هي تعتبر مهرها ولا مطلوب منها تجيب قشايه في البيت وبشرع ربنا يا حسن.
زغره بعينه وتسائل وأنفاسه قد علت وسخنت:
-أنت شايف كده يا عمي؟ يعني أنت عملت كده مع سالي؟
رد بقوة وغضب:
-والله كل واحده من بناتي جهزتها حسب ظروفي، أنت مش صابر ولا ساكت لما أخلص الديون اللي عليا يبقى خلاص يا بني مشيها بشرع ربنا وجهز بيتك من الألف للياء، وأنا قولت لك الكلام ده قبل كتب الكتاب ومعجبكش الكلام وأديني اهو بعيده عليك من تاني، عايز تتجوز قبل ما اكون جاهز يبقى تشيل أنت الليلة.
وقف من مكانه يهز رأسه وأنور يضيف:
-والشبكه دي مش في الحساب يا حسن، دي مهر بنتي وملهاش علاقه لا بتجهيز ولا جواز ولا غيره، دي حقها ومهرها فهمت ولا أعيد تاني؟
أومأ وهو صارا على أسنانه:
فهمت يا عمي، تمام، عرفوني النواقص ايه وأنا هكمل.
ضحك أنور عاليا وهو يجيبه:
-لا يا حبيبي، سهر مش هتدخل بيتك بقشايه، كفايه أوي هدومها وده اللي عندي.
ارتفع صرير أسنانه وكاد أن يهشم فكيه من ضغطه عليهما وأنور يضيف:
-وشوية المفارش والملايات اللي جابتهم هعتبرهم هديه مني لبنتي، ها! عاجبك ولا مش عاجبك؟
ابتلع ريقه المر ورد بوجه ممتعض:
-ماشي يا عمي، لو أنت شايف إن دي الأصول....
قاطعه أنور:
-أنا مبتكلمش في أصول وغيره، أنت قولت شرع ربنا وأنا بعمل شرع ربنا وغير كده ملكش عندي ولا كلمه تانيه.
ظل واجما يرمقهم بنظرات ممتعضة وزفر بأنفاس ساخنه ملتهبة من غضبه المؤجج وهز رأسه:
-ماشي يا عمي، وأنا موافق ونمشيها شرعي.
تحرك من أمامهم مغادرا كالطلقة النارية التي تبحث عن مكان لتستقر به وتوجه لمنزله صافقا الباب بعنف وراؤه فهمت والدته باتباعه وهي تجده بتلك الحالة الغاضبة ووقفت خلفه وهو يخلع عنه ملابسه ويلقيها أرضا فسألته بقلق:
-في ايه يا بني؟ مالك داخلك بزعابيبك ليه كده؟
جلس على حافة الفراش ينفث غضبه بدخان سيجارته:
-مفيش يا امه.
لم تبتاع حديثه فما تراه هو غضب مؤجج لم تره منذ أن تشاجر مع رشوان:
-عليا أنا يا واد! في ايه متوقعش قلبي في رجليا.
قص عليها أحداث الشجار بينه وبين حماه فهتفت ممتعضة:
-ما هو طول ما شايفك مدلوء كده على المحروسه بنته هيعمل أكتر من كده، يا بني أنت كتبت عليها خلاص يعني هم اللي رقبتهم في ادينا، ولو طولت عن كده الناس هيتكلمو عليها.
صاح معترضا:
-يا امه أنتي بتقولي ايه؟ اللي هيتكلمو عليها دي تبقى مراتي، هو أنا هسمح لحد يتكلم عنها برده؟ ليه شيفاني مش راجل؟
تنهد باحتراق فتكملت تحاول الوصول معه لنقطة مشتركة:
-يا حبيبي اقصد يعني أنك تعمل نفسك مش هامك، وبعدين هو مش أنت كتبت الكتاب عشان كان عايز يأجل الجواز سنه كمان؟ ايه اللي حصل بقى وخلاك مسروع كده على الدخله؟
لم يعقب عليها فرأت ملامحه الحزينة ولكنه ابنها ففهمته حتى من صمته:
-أوعاك تكون دوقت؟ ما أنت لو دوقت أكله وأنت جعان مش هتقدر تصبر لما يتحط طبقها قدامك وحالتك هتبقى كده.
صر على أسنانه ولم يرد فهزت رأسها تتنهد باستسلام:
-تبقى دوقت يا موكوس يا أهبل، يا واد أنت شايف فيها ايه أنا مش شيفاه بس؟ اتهبلت خلاص وهتتجنن عليها يا خايب.
ظل صامتا حتى دلف أخيه واستمع ﻷغلب حديثهما فتدخل فورا دون مقدمات:
-انا مش قولتلك هفك الشهادات بتاعتي وخد الفلوس اتجوز بيها؟ زعلان ليه دلوقتي؟
التفتت له والدته رافضة:
-نعم نعم، هو أنور ابو كعب حافي هيخلي ولادي الاتنين ع الحديده عشان بنته المقشفه دي؟ الفلوس دي مستقبلك...
رفض حسين باصرار:
-انا لسه لا خطبت ولا بفكر في الجواز، خليه يتجوز يا امه وأنا عارف اخويا كويس مش هيتاخر عليا لو وقعت في واحده بنت حلال وقولت يا جواز.
كاد أن يهتك ببشرة وجهه وهو يحكها بأظافره ليخرج نوبة غضبه فتكلمت والدته بعد أن رات إصرارا أخيه:
-طيب بس يكون في علمك مش هتكتب قايمه، مش هو شيلك الجمل بما حمل وأنت قبلت، يبقى يمشيها بقى زي البلاد التانيه ومفيش قايمه ولا ايه؟
أكد حسين على حديثها:
-طبعا يا امه، الأكيد أنه مش هيكتب قايمه طالما هو اللي جهز.
وجدته صامتا لا يعلق على حديثهما فهتفت بنبرة تحذيرية:
-عارف يا حسن، يبقى باللي بيني وبينك لو منفذتش كلامي أنا وأخوك ومضيت على قايمه أنا بقولك أهو.
سعل سعلة صغيرة يحاول بها أن يجد ردا على حديثها معه وهو عازم من داخله على مراضاتها ولكن سبق السيف العزل وتسرع وها هو يدفع ثمن تسرعه:
-أنا ماضي القايمه يا امه من يوم كتب الكتاب.
صرخت بهياج وغضب لا مثيل له:
-لييييه يا بني كده؟ كاتب قايمه على نفسك من قبل ما تتجوزها! أنت اتجننت ولا ايه هي عملالك عمل؟
رد يحاول تهدأتها وهو يعلم أن شيئا لن يهدئها بعد الآن:
-يا امه هو خاف أحسن بعد كتب الكتاب مرضاش أمضي وعشان كده قالي همضي على قايمه صوري كده ونبقو نغيروها بعد ما نفرش البيت.
ضربت كفيها معا بشكل استفزازي وجسدها كله يتحرك بعصبية:
-ماضي على كام يا وكستي وآخرة صبري؟
رد وهو يسعل مرارا وتكرارا محاولا استرجاع صوته المتحشرج:
-على 300 الف.