-->

رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 5 - 1 الأربعاء 3/9/2024

 قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 




رواية حارة الدخاخني

للكاتبة أسماء المصري


قراءة رواية حارة الدخاخني

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة أسماء المصري


الفصل الخامس

1


تم النشر يوم الأربعاء

3/9/2024

من أجمل خيارات المرء أن يختار شخص يحبه ويحبك، ولكن إن كان عليك أن تختار ما بين من تحبه ومن يحبك فأختر من يحبك وعلم قلبك أن تحبه؛ فالحب من طرف واحد ذُلة وألم لن يعرف مدى قساوته سوى من مر به وعاشه بمره، فلا وجود لحلوه بتلك المعادلة.


فعندما تسير على درب الحب الضائع تفقد نفسك وإن وجدت من ينتشلك من الضياع فقل له أهلا واحمل غصة ألمك بداخلك وعش، عش حياتك كما تمنيتها ولكن مع من اختارك وتغاضى عن عيوبك.


خاطرة بقلمي أسماء المصري


أوصلها لمنزلها وقبل أن تترجل نظرت له بعيون خجلة والتفتت ﻷخيها الأصغر تطلب منه الصعود لمنزلها ففعل الأخير وهنا فقط بدأت تتحدث معه بقلق وتخوف:

-حسن.


التفت ينظر لها:

-انزلي يا سهر عشان أشوف امي مالها.


بللت شفتيها بطرف لسانها وتحدثت بتوتر:

-هو اللي حصل بينا ممكن يسبب حمل؟


ضحك رغما عنه فباله مشغول فصراخ والدته الصام للآذان ورد بقلة حيلة من برائتها:

-حمل ايه يا سهر هو انا دخلت عليكي؟


ارتبكت وتحدثت بتلعثم:

-مش ده نفس اللي حصل في فيلم أسرار البنات حصل كده وطلعت حامل!


مسح على وجهه براحته مستسلما:

-يا بنتي ولا واحد فالمليون، وكده كده أنا أخدت بالي، متخافيش ويلا انزلي عشان قلقان على البيت عندي.


هزت رأسها عدة مرات متتالية وترجلت فقاد فورا متجها لمنزله وصف السياره ووقف ينادي على صاحبها:

-يا عماد.


نظر له الأخير من النافذة فألقى له مفاتيحها:

-تشكر على الواجب يا زميل.


ابتسم له وهنئه:

-ولا يهمك يا ابو على وألف مبروك.


تحرك صوب مدخل بنايته ولكنه استمع للأصوات العالية الخارجة من نافذة منزل ملك القريب من الشارع فهرع للداخل بعد أن ميز صوت والدته وأخيه وقد علم أن المشكلة تخص جيرانهم.


دلف سريعا فوجد الباب مفتوح وأخيه يصيح بيوسف:

-وأنت لما تدخل نفسك في حاجه زي دي مكنتش عارف اللي ممكن يحصل؟ بدل ما كنت تتكلم مع ملك وتوصيها تعمل ايه بعد ما المعلم رشوان يقتلك فكان أولى بيك تعرفنا احنا اخواتك اللي متربيين سوا واحنا نتصرفو بس تدخل اختك العيلة الصغيره في الحوار واحنا ولا عندنا علم بحاجه.


صاح به وهو لا يعطي احدا فرصة للتحدث:

-وآدي آخرة شغل العيال، وقعت اختك ووقعت نفسك ووقعتنا كلنا مع راجل لا بيرحم ولا بيعمل حساب لحد.


التفتت والدة حسن فورا على صوته الهادر:

-في ايه اللي بيحصل؟


صرخت فورا تخبره القصة كاملة:

-الحقنا يا حسن وشوف المصيبه اللي وقعت على دماغنا.


قصت له أحداث الواقعة وهي تبكي بحرقة وكأن ملك فلذة كبدها ووالدتها تجلس أرضا تضرب على صدرها بحزن:

-الراجل الناقص اللي اد ابوها قال ايه عايز يتجوزها، شوفت الخيبة يا بني.


صر على أسنانه والتفت ليوسف غاضبا:

-أنت حمار ياض؟ ازاي توقع نفسك وتوقع اختك مع الراجل ده؟


حاول الرد ولكن جاء صوتها المعقب:

-ملوش فايده الكلام ده، انا موافقة واديت المعلم كلمة ومش هرجع فيها.


هشم فكه من ضغطه عليه وهو يقترب منها بخطوات بطيئة ووقف قبالتها يتحدث وهو مطبقا أسنانه:

-وهو من امتى العيال الصغيره لها رأي أو كلمه؟ انتي تسكتي خالص وتسيبي الرجاله تتفاهم معاه.


ردت بقوة وهي تركز نظراتها بتلك الحمرة التي علقت بعنقه:

-وأنا مش هضحي بأخويا عشان انتو تحسو نفسكم عملتو اللي عليكم، محدش منكم له دخل طالما أنا واخويا اصحاب الشأن وموافقين.


صرير أسنانه أخافها فعادت للوراء وهو يصيح بيوسف:

-سكت اختك بدل ما هتلاقي قلم نزل على وشها نططلها عنيها بره وشها.


انحنى لتلك الجالسة على الأرض تنتحب:

-متخافيش يا خالتي، أنا من زمن الزمن لما عم فتحي سابكم وأنا قولتلك انتو بقيتو مننا واحنا منكم وعمري ما هخليكم تحسو انكم لوحدكم في الدنيا دي.


وقف ناظرا ﻷخيه وهز رأسه بمعنى هل أنت معي فأومأ موافقا وخرجا مسرعين فلحقت بهما والدتهما تصيح:

-انتو رايحين فين؟


رد حسن:

-هروحله يا امه.


هرع من أمامها فضربت صدرها خوفا وهلعا:

-يارب جيب العواقب سليمه احسن ده راجل شراني ويتخاف منه.


ظلت ملك جالسة بمكانها تنظر للفراغ ووالدتها تبكي وتتمتم بحرقة:

-آه يا حرقة قلبي على ولادي الاتنين، يارب نجيهم يارب.

❈-❈-❈


تحركا صوب منزله وتبعهم يوسف الذي وقف أمامهما يحاول إرجاعهما عما يحاولاه:

-بلاش يا حسن تقف له، في حاجات كتير انت متعرفهاش.


رمقه الأخير بنظرة غاضبة:

-أنت من امتى بقيت عيل خيخه كده ياض انت؟ هتسيب اختك تتجوز راجل داخل ع الستين؟


انتبه حسين لتلك الحمرة بعنق أخيه فمد راحته يمسحها له حتى لا يراها غيره وهو يعلم انهم بتلك اللحظة سيجتمعون برجال الحارة لحل تلك الأزمة.


وصلوا أسفل البناية ووقف حسن يناديه بصوت جهوري وغاضب:

-معلم رشوان، يا معلم رشوان انزل كلمني.


صوته العالي جعل بعض السكان ينظرون من شرفهم ومن ضمنهم عائلة سهر بعد أن ميزوا صوته ونبرته الغاضبة وهو يستمر بمناداته:

-أنت يا كبير الحارة، أنزلي كلمني راجل لراجل.


خرج رشوان من شرفته ينظر له متجهم الوجه:

-في ايه يا عريس مالك؟ في حد ينادي على حد في الوقت ده برده؟


سخر منه ضاحكا:

-لاااا معاك حق مش أصول، بس اللي أنت طالبه من يوسف مش أصول برده، فايه رأيك تنزل نتكلمو راجل راجل بدل الفضايح قدام أهل الحارة.


تجمع بقية أهالي الحارة بعد تلك المحادثة منهم بالشارع وغالبيتهم بنوافذ منازلهم ووقفوا يشاهدون العرض المسرحي المقام بشارعهم دون التدخل سوى بالهمهمات الجانبية الفضولية:

-نازلك يا حسن.


دلف ليرتدي جلبابه فوقفت زوجته ترجوه:

-بلاش تعادي الكل يا رشوان وسيب البت في حالها، ده انت مربيها زيها زي بنتك حرام اللي بتعمله ده.


دفعها بعيدا عنه وتحرك نازلا الدرج ووقف قبالة حسن وثقته زادت أكثر عندما حاوطهما رجاله ممن يقطنون بنفس الحارة فالتفت حسن ينظر لهم وهو لم يخف عليه أن أكثرية سكان الحارة يعملون لديه إما بتجارته القانونية أو المشوبهة، وحتى الذين لا يعملون لديه فإما يقطنون بمنازلهم التي هي ملك له بالأساس مقابل إيجار رمزي أو يؤجرون منه محلاتهم التجارية بكافة الأنشطة، فحتى محل الأسماك الذي يُعتبر ملك لحسن وأخوته هو بالأساس محل مؤجر ورشوان هو مالكه الأصلي.


ابتسم رشوان فورا بعد أن وجد ذلك الدعم التلقائي من أهالي منطقته حتى قبل أن يطلبه؛ فسحب نفسا عميقا وطرده بقوة وسأل حسن بصوت هادئ:

-خير يا عريس.


أخرج حسن ظرف النقود الذي أعطاه له سابقا بعقد القران ووضعه براحته:

-خد ده الأول عشان نعرفو نتكملو مع بعض راس براس.


ابتسم رشوان بسخرية والتفت يعطي الظرف ﻷحد رجاله الواقفين بجواره وعاد ينظر له بمعنى هيا هات ما عندك، ولم يكن من الصعب عليه التكهن بأساس الموضوع الذي سيتحدث به:

-خلينا نتكلمو على جنب أحسن يا معلم.


غامزا غمزة رفض:

-ليه؟ مش انت جاي فاتح صدرك وعامل سياح في الحارة كلها! يبقى نتكلمو هنا قدام أهل الحارة اللي اتلمو على صوتك يا حسن.


الصفحة التالية