-->

رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 6 - 1 الجمعة 6/9/2024

  قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 




رواية حارة الدخاخني

للكاتبة أسماء المصري


قراءة رواية حارة الدخاخني

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة أسماء المصري


الفصل السادس

1


تم النشر يوم الجمعة

6/9/2024

أصبحت أحب الصمت لا أعلم هل ماتت كلماتي أم مِتُ أنا!


استيقظت على تلك الأصوات بالخارج فجلست تفرك عينيها تحاول أن تستعيد يقظتها بعد أن غفت ساعات قليلة جداً بالساعات الأولى من النهار، وها هي تستمع لصوت والدتها تتحدث قهرا:

-آه يا ميلة بختك يا بنتي، يا رب نجيها هي ويوسف يارب.


اعتدلت على فراشها وخرجت لتجد والدتها تنظف المنزل تنظيفا عميقا وترفع الأثاث لتعدل من وضعيته فجعدت جبينها وتسائلت:

-انتي بتعملي ايه يا ماما؟


ردت الأخرى وهي منشغلة بما تفعله:

-بنضف البيت عشان الناس اللي جايه بعد الصلا.


ضحكت ضحكة مكتومة تسخر منها:

-هم الناس اللي جايين ضيوف مرحب بيهم اوي كده؟ ده انتي عماله تشتمي وتدعي على المعلم من امبارح.


تركت ما بيدها ورمقتها بنظرة مغتاظة:

-بدل ما أنتي قاعدة تقطمي فيا تعالي ساعديني عشان خالك ومراته جايين هم كمان.


هزت رأسها موافقة وتحركت تساعدها بفرش الأرضيات ووضع المفارش النظيفة على الأثاث حتى انتهت وجلست على الأريكة بجوارها تربت عليها:

-متزعليش يا امي، أنا راضيه بقسمتي ونصيبي.


بكت والدتها رغما عنها:

-مين أم ترضى لبنتها واحد زي المعلم رشوان؟ متجوز 3 ومخلف عيال اكبر منك وتاجر ممنوعات وأد ابوكي، دي وكسه ما بعدها وكسه بس هقول ايه ملناش ظهر ولا سند يقف لنا، حتى خالك لما رسيته ع الحوار قالي مقدمناش حل غير نوافق عشان ده راجل شراني.


ربتت عليها وهي تسخر بقرارة نفسها من وضعها المزري، أليس من المفترض أن يواسوها هي لا العكس:

-خلاص يا ماما بقى انا صليت أمبارح استخارة لربنا ودعيت إن لو في شر ربنا يبعده عني من غير ما حد منكم يتأذى.


تنهدت والدتها بحزن ولكنها التفتت فجأة ترمقها بنظرة جادة وكأنها تذكرت للتو:

-ألا قوليلي صحيح، حصل ايه امبارح مع حسن لما طلعنا بره كلنا وقعد اتكلم معاكي؟


شردت بلحظتها بما حدث بينهما أمس عندما أعلن لها حبه فظلت هي صامتة ترمقه بنظرات حزينة فأضاف:

-عارف اني اتأخرت اوي عشان اقولها ويمكن تكوني شيفاها ملهاش معنى في الوقت ده، بس انا حبيت تعرفي اللي جوايا من ناحيتك بعد اللي حصل.


أطرقت رأسها وبكت فتابع:

-يمكن تكون الرصاصة هي اللي فوقتني وعرفتني إن الدنيا صغيره اوي وفي لحظه ممكن منكونش مع بعض، عشان كده مش هقدر أخبي عنك ولا اضحك عليكي بالكلام اللي قولتهولك قبل كده.


رفعت وجهها وهمت بالحديث ولكنه لم يمهلها وقتا فأكمل حديثه:

-ارتباطي بسهر كل السنين دي خلاني مسحور جوه علاقه شايف انها مناسبه ليا وعاوزها، وانتي في الوقت ده كنتي عيله في اعدادي يا ملك مكنتش شايفك غير اختي.


عض شفته ليكتم غصته وأضاف:

-كل الوقت ده بقول لنفسي كده بس من جوايا عارف إن مشاعري اكبر من مشاعر اخ لاخته بس مش قادر لا أكبرها ولا ابينها ليكي وللعالم، ولا قادر اخفيها جوايا واتعامل انها مش موجوده.


عقبت عليه بنبرة حزينة وصوت متهدج من إثر بكائها المستمر:

-وسهر مكانها ايه في الكلام ده يا حسن؟


غص حلقه وهو يجيبها:

-بحبها ومش عارف ازاي الواحد يقدر يحب اتنين! عشان كده كنت ببعدك عني بس لما توصل انك تتجوزي شوال البطاطس ده يبقى لازم اعمل المستحيل عشانك.


ضحكت ضحكة خفيفة:

-يعني مشكلتك اني اتجوز المعلم رشوان وبس! لو حد غيره كنت هتقبل عادي!؟


ابتلع ريقه فهزت رأسها متفهمة لحالته وتكلمت وكأنها فتاة تخطت العشرين من عمرها:

-ﻷ يا حسن مينفعش، انا مش قابله مشاعرك ولا اعترافك اللي جه في وقت غلط ولا حتى قابله تفسيرك بإن كلامك كله ملوش غير معنى واحد بس.


وقفت أمامه تتابع:

-انك بتحب سهر بس خايف عليا من جوزاي من المعلم عشان كده بتحاول تحشرني جواك عشان تبرر لنفسك اي تصرف غلط هتعمله في حق سهر او حقي او حتى حق نفسك.


ظلت نظراته معلقه بها لا يصدق نضج حديثها، هل من تقف أمامه هي ملك ذات الثامنة عشر من عمرها:

-أنت متخيل سهر لو سمعت كلامك ده ممكن يحصل فيها ايه؟ وبعدين حتى لو قبلت أو رفضت انا مكاني هيكون فين بينكم؟


صمته جعلها تطلق زفيرا محملا بالكثير من المشاعر المتألمة:

-أنا بعترف اني بحبك يا حسن وكان حلمي اننا نكون لبعض بس الظروف وقفت ضد الحلم ده فأنا عشان متوجعش أكتر من كده لازم افوق من الحلم وأقف في الواقع وانت لازم تساعدني مش تشتتني بالشكل ده.


توجهت صوب الباب وانهت حديثها معه قبيل مغادرتها:

-أنا وافقت على جوازي من المعلم رشوان مش عشان انت اتجوزت، أنا وافقت عشان انقذ اخويا اللي مليش غيره وضحى بحياته وتعليمه وكبر قبل أوانه عشان بس ميحسسناش بنقص وجود بابا وده ابسط رد للجميل بتاعه.


مسحت عبراتها بظهر يدها:

-بلاش تقف قصاد المعلم رشوان عشان مضطرنيش اقف بينكم، ﻷن للأسف لو ده حصل هكون في صفه مش صفك يا حسن.


عادت من شرودها ووالدتها تنبهها:

-يا بت سرحتي في ايه؟


ردت تخبرها بإيجاز:

-مفيش يا ماما، حسن كان عايز يهربني زي ما قال بس هنروحو فين كلنا وهنعيشو ازاي.


هزت رأسها مرات متتالية تصدق على حديث ابنتها:

-معاكي حق يا بنتي، ده راجل واصل ولو حاولنا نهرب منه هيلاقينا وساعتها يا عالم يعمل في اخوكي ايه!


أيدتها تتنهد بتململ:

-يبقى بلاش هري كتير في الحكاية دي واللي رايده ربنا هيكون.

❈-❈-❈


ارتدت ملابسها بعجالة وهتفت تستدع والدتها:

-يلا يا ماما زمانهم على وصول.


خرجت المعنية من غرفتها ترمقها بنظرة محذرة:

-يا بنتي اصبري لما ابوكي ييجي من الصلا مش عايزين مشاكل معاه.


نفخت هواءً غاضبا:

-ما هو عارف اللي فيها، هو لازم اي حاجه عشان اتضايق وخلاص.


استمعت لصوت والدها الذي دلف لتوه:

-ايه يا سهر، هي مش الأصول برده تاخدي إذن ابوكي؟


ردت مطرقة رأسها خجلا:

-أنا مقصدش يا بابا بس حضرتك عارف اننا رايحين لحسن عشان زمانه طلع من المستشفى وأكيد حماتي هتكون تعبانه ومش هتقدر تعمله لقمة ياكلها.


هز رأسه موافقا وأشار لها بالخروج:

-روحو ومتتأخروش عشان محدش يتكلم علينا من أهل الحارة.


عقبت زوجته عليه:

-ده مش بعيد اهل الحارة كلهم يروحو يزوره يا أنور، ما انت عارف الناس كلها بتحبه.


ضحك ساخرا:

-المعلم رشوان علّم عليه وخلى الكل شهد باللي هو عايزه، ولو قالهم محدش يزوره ولا يشتري منه سمكايه واحده فالكل هيسمع كلامه ومش بعيد يفلس وميلاقيش ياكل بعد يومين.


عقبت عليه رافعه راحتها أمامه:

-فال الله ولا فالك يا اخويا، بلاش الكلام ده احسن يتحقق.


عقب عليها بزفرة قوية:

-ما المصيبه إن شكله هيتحقق، المحل تحت بينش وحسين واقف مكان أخوه بس السمك قدامه مرطرط ولا حد اشترى ولا باع سمكايه توحد ربنا.


ضربت براحتها على صدرها:

-يا لهوي، طب وبعدين هنعملو ايه يا انور.


رد بحيرة:

-العمل عمل ربنا، يقوم حسن بالسلامة وهنشوف الدنيا هتمشي ازاي.


صاحت سهر بنهاية حديثهما:

-طيب يا ماما يلا بينا زمانهم روحوا من بدري.

الصفحة التالية