-->

رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 8 - 2 الأربعاء 18/9/2024

قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 




رواية حارة الدخاخني

للكاتبة أسماء المصري


قراءة رواية حارة الدخاخني

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة أسماء المصري



الفصل الثامن

2


تم النشر يوم الأربعاء

18/9/2024

غفوة إجبارية أخذها جسدها بعد أن تناولت الطعام بشهية مغلقة فبالكاد تناولت ما يبقيها على قيد الحياة، ولكنها استيقظت عندما ظل عقلها الباطن يكرر عليها محادثتها معه حتى أثناء نومها فاعتدلت بجسدها على الفراش تزفر بضعف وقلة حيلة وهي تتذكر ردها القوي عليه بعد عرضه المتأخر:

-تتجوز مين؟ أنت بتقول ايه يا حسن؟


وقف قبالتها مركزا نظراته بحدقتيها المحتقنتين:

-هتجوزك يا ملك.


سألته وهي تلتفت لوالدتها التي بدت مترددة بشأن ما تسمعه:

-والمعلم رشوان؟


أجاب بقوة وثقة لا تعلم من أين جائته:

-أعلى ما في خيله يركبه.


أفرجت عن نصف ابتسامة باهتة وتوجهت للأريكة لتجلس بعد أن شعرت أن أطرافها قد انسحب منها الدماء فارتعشت أوصالها:

-منين جايب الثقة دي؟ ده أنت مش عارف تبيع سمكايه من يوم اللي حصل، وأخويا مش لاقي شغل في أي دكانه حتى، ده غير تهديده بقتل يوسف، كل ده بالنسبة لك مش مهم لمجرد أنك اكتشفت فجأة أنك عايز اللعبة دي ليك!


حديثها أثار حيرته وهي تضيف بقوة لا تناسب سنها:

-أنا لو روحي فيك يا حسن مستحيل أقبل اتجوزك وأنت قلبك وعقلك مع واحدة تانية، واحده أنت كاتب عليها وبقت مراتك رسمي بس هو عرق الرجالة اللي فيك...


صمتت لتصحح كلماتها بحنق:

-اقصد عرق الطفاسه اللي في كل الرجاله وانت من ضمنهم خلاك تفكر فيا وإزاي أبقى لغيرك.


ضحكت ضحكة مكتومة تحاول بها إخفاء نبرة بكائها القادمة لا محال:

-أصلك كنت مطمن إن ملك موجوده ومش هتروح في حته، ولما تخلص لعب بسهر وتشبع، ملك هتفضل موجوده مش كده يا حسن؟


حاول الرد عليها ولكنها لم تمهله الفرصة:

-أنت جاي عايز مني ايه؟ سيبني في حالي ومصيري، واللي ربنا شايله ليا هشوفه مهما حاولنا نهرب منه.


بكت بالرغم من محاولاتها الدئوبة لكتم عبراتها وحزنها:

-سيبني في حالي يا حسن عشان أقدر أعيش، سيبني وأبعد عشان لو جرالك أو جرا ليوسف حاجه أنا هموت نفسي، ولو فضلت تعمل عمايلك دي أنا هتعب أوي ومش هقدر أكمل.


زاد بكائها وأطرقت رأسها فخرجت حروفها خافته وضعيفة:

-لو بتحبني بجد زي ما بتقول يبقى سيبني وأبعد.


عادت من شرودها وهي تحرك رأسها لنفض تلك المحادثة التي علقت بعقلها وخرجت لتجد أخيها يتحدث بالهاتف هامسا فلم تستمع لكلماته ولكنها علمت من شكله أنها صديقتها فسألته لتتاكد:

-دي ورد؟


أومأ فأشارت تطلب محادثتها:

-اديهالي.


ناولها الهاتف فوضعته على أذنها لتتكلم دون سلام أو مقدمات:

-اقنعيه يبطل تفكير في حلول للهرب عشان ابوكي مش هسيبه وطلع عارف بكل حاجه بتخططو لها، وساعتها هيقتله قدام عنيكي.


ابتلعت ريقها وأكلمت:

-لو بتحبيه بجد خافي عليه وبلاش تقويه على أفكاره دي.


حاول يوسف الاعتراض:

-يابنتي أنا خلاص ظبطت حاجات كتير و...


قاطعته تصر على أسنانها:

-كفايه بقى، كل تصرف غلط منك أنا اللي بتحمله يا يوسف فأبوس ايدك كفايه.

❈-❈-❈


ماسحا على وجهه يحاول العودة لحالته التي لطالما كان عليها وهي عدم الإكتراث لمشاعرها، ولكنه فشل تلك المرة فشلا ذريعا وسحبته كما يسحب الصياد شبكته وهو عالق بداخلها.


وضعت سهر أمامه كوب الشاي وجلست تسأله بهمس حتى لا يستمع والدها لها:

-مالك يا ابو علي.


رمقها بنظرة مغتاظة ولم يكتم صوته وكأنه أراد أن يسمعه:

-في حد وصل للمعلم رشوان الكلام اللي اتقال في المستشفي، وبما إن مكانش في حد غيرنا يبقى مين؟


انتبه أنور الجالس بجوار ابن أخته يدردش معه فوقف فورا صارخا:

-أنت قصدك ايه يا حسن بتلقيح النسوان ده؟


وقف الأخير بدوره ورد بنفس النبرة الحادة:

-انا مبلقحش يا عمي، محدش كان موجود غير صحاب المشكلة واحنا، يبقى مين اللي وصل للمعلم؟


صر أنور على أسنانه فأمسكه حمزة يحاول تهدأته ولكنه ثار بوجه حسن:

-أنت اتهبلت ولا ايه؟ أنا هروح أقول للمعلم اننا بنخطط نستغفله؟ وبعدين تعالى هنا قولي ايه حكايتك؟


رفع شفته للجانب بشكل ممتعض وسأله:

-أخدت رصاصه منه عشان بنت فتحي ودلوقتي واقفلي بالند برده عشانها! ايه الحكاية فهمني؟


ارتبك فورا ولكنه استطاع إخفاء ارتباكه:

-عشان دي اختي اللي مربيها على ايديا زي حبيبه بالظبط، أنت عايزني اسيبها تتجوز واحد اد ابوها؟


حرك كتفيه بعدم اكتراث:

-أصحاب الشأن موافقين، مالك انت بيها؟


صر حسن بغل:

-يبقى تخميني صح، وأنت اللي بلغت المعلم ب...


قاطعه رافضا:

-يا بني أنا لا بلغته ولا نيله، هو أنا عبيط هحط نفسي تحت ضرسه، شوف هو عرف منين ومش بعيد يكون عرف من بنت فتحي بنفسها، متنساش أنها عيله واكيد خافت منه.


تنفس بحدة ووقف مطرقا رأسه فربت أنور على كتفه:

-أخوها راضي وهي راضيه، ابعد انت عشان حالك اللي وقف وحياتك اللي في خطر دي.


انهى كلماته والتفت ينظر لحمزة:

-يلا اجهز عشان تروح تبات مع حسن في بيته والصباح رباح نكملو كلامنا بعدين.


هز رأسه ونظر لحسن يسأله:

-بيتك بعيد يا حسن؟


نفى الأخير بعد أن زفر زفرة يأس:

-آخر الحارة، خطوتين من هنا، يلا خلينا نوصولك عشان ترتاح.


نزلا سويا ووصلا لمنزل الأخير ودلف فوجد أخيه يجلس بالصالة ممسكا هاتفه فسأله مجعدا جبينه:

-أمك راحت لحبيبه؟


أومأ فعاد لسؤاله:

-عربنت على العربية النص نقل عشان نقلة بكره؟


رد مقوسا فمه:

-ﻷ، هجيبهم في ملاكي الحكاية مش مستاهله، انا حاجز طاولتين سمك مفيش غيرهم.


احتدت تعابيره وصرخ به:

-طاولتين بس؟ ده بكره الجمعه يا بني آدم.


وقف حسين بعد أن ألقى الهاتف بجواره بإهمال وصاح هو الآخر:

-هو يعني كان في حد بيشتري، التجار عايزين فلوسهم ومحدش هيرضى ينزلك فرشة سمك إلا لما تدفع اللي عليك.


ضغط على أسنانه وصاح يكمل:

-أنت عارف أنا شوفت إيه انهارده عند المعدية؟ أنا روحت حجزت السمك عند مراكب عيد الصغير عشان المعلم عطيه مرضاش يديني فرشة سمك، ومعرفتش ادخل ولا مزاد لان معييش فلوس.


انتبه حسين أخيرا للضيف الواقف فقوس حاجبيه متسائلا بتعابيره الواجمة فهتف حسن يعرفه عليه عندما وجده يحدق به:

-حمزة ابن عمة سهر، هيبات هنا انهارده عشان لسه راجع من السفر، انا مبلغ أمك.


هز رأسه ومد راحته:

-اهلا يا حمزة، حمدالله ع السلامه.


صافحه وجلس يحاول الانخراط بالحديث:

-اسمحولي اتدخل، انا فهمت من خناقتك مع خالي وكلامكم دلوقتي إن في حد حاطك في دماغه ومش مخليك عارف تبيع، اسمه رشوان باين؟


أومأ حسين موضحا باستفاضة:

-ده مش حد، ده كبير الحارة والكبير والصغير بيسمع له وبيعمل له ألف حساب.


فهم المعضلة فالتفت يحدث حسن بحيرة:

-يعني أفهم من كلامكم إن حتى لو جبتو سمك بكره برده مفيش بيع؟


عقب حسين مؤكدا:

-لو بعنا 3 ولا 4 كيلو في اليوم طوله يبقى كتر خير الدنيا.


نظر لحسن الصامت فتسائل بفضول:

-هو شغلته ايه المعلم رشوان؟ جايب منين يعني القوة اللي تخلي أهل الحارة كلها تسمع كلامه؟


أجاب حسين ولا زال حسن صامتا يدخن سيجارته:

-جايب قوته من فلوسه أولا وطبعا نص الحارة ملكه ومأجرها، حتى الدكانه بتاعتنا إيجار، ده غير أن نص رجالة الحارة بتشتغل عنده.


فهم حمزة المعضلة فرمق حسن بنظرات مطولة جعلت الآخر يتعجب لاهتمامه بمعرفة بواطن الأمور ولكن صمته لم يطل كثيرا وهتف أخيرا:

-أنا شايف انك تنزل رصة سمك محترمة بكره ولو متباعش تسويه كله وتبعته هدية ﻷهل الحارة وبكده تكون قدمت السبت زي ما بيقولو.


بدا وجهه رافضا للفكرة بعد أن رفع شفته للجانب ممتعضا وهتف معترضا:

-ﻷ طبعا، أنا بكده كأن بقول للناس أنا سلمت ورفعت الراية البيضا والنبي تعالو اشترو من عندي وده مستحيل أقبله، ده غير إن مفيش فلوس أصلا عشان اجيب بيها السمك.


هتف حمزة على الفور:

-متشيلش هم الفلوس أنا هديك اللي تحتاجه.


رد وهو رافعا حاجبه الأيسر باندهاش:

-وده ليه إن شاء الله؟


أجابه مبتسما بسمة هادئة:

-اعتبرني بستثمر فلوسي يا سيدي أنت متضايق ليه؟


عقب عليه بعد أن ألقى عقب السيجارة ودعس عليها بقدمه لتنطفئ:

-تستثمر في شغلانه خسرانه! أنا مش موافق ع العرض ده يا زميل.

الصفحة التالية