-->

رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 7 - 1 الجمعة 13/9/2024

  قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 




رواية حارة الدخاخني

للكاتبة أسماء المصري


قراءة رواية حارة الدخاخني

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة أسماء المصري



الفصل السابع

1


تم النشر يوم الجمعة

13/9/2024

❈-❈-❈

وإذا تشابهت الأيام هكذا فذلك يعني أن الناس توقفوا عن إدراك الأشياء الجميلة.

باولو كويلو


تشابهت أيامه بشكل أثار ضغينته بعد أن كان يومه مليئ بالأحداث والوجوه التي يراها يوميا، أصبح طريح الفراش لا يرى سوى والدته وأخويه وأحيانا تمر عليه خطيبته عندما يسمح لها والدها بذلك.


ولكن ما أثار حزنه هو اختفاء تلك التي شغلت عقله وربما قلبه عن أنظاره فهو لم يرها منذ ذلك اليوم الذي يعلم أنه فقدها به تماما، ولكن كيف لها أن تختفي هكذا عن أنظاره ونافذته معلقة أمام نافذتها؟


تعمد يوميا أن يقف لساعات بالنافذة ينتظر أن تخطئ وتفتح خاصتها لتدلف أشعة الشمس لداخل غرفتها ولكن لم يحدث.


انتظر أن يراها وهي تذهب للمدرسة لربما يلمح خصلاتها الشاردة بفعل الهواء وهي توليه ظهرها حتى لن يهم ويكفي أن يلمحها فقط، ولكن لم يحدث.


تمنى من قلبه أن يستمع لصوتها تنادي والدتها كما اعتاد دائما أن يستمع لصدى صوتها من خلف جدران المنزل، ولكن الغريب هو ذلك السكون الآتي من الطرف الآخر وكأنه أصبح بيتا مسكونا بالأشباح يسمع وقع خطواتها فقط ولكن لا يرها ولا يسمع لها صوتا.


كان هذا حاله بتلك الأيام المنصرمة حتى شفائه وعودته للعمل كمحاولة منه استعادة زبائنه الذين خسرهم وخسر معهم الكثير والكثير من الأموال:

-ايه اللي نزلك بس يا حسن وأنت لسه تعبان؟


كان هذا صوت أخيه المتذمر فرد بعصبية:

-هفضل قاعد في البيت زي الولايا يعني والمحل بيخرب وبيتنا بيتخرب معاه!


علق عليه حسين مربتا على ظهره:

-غُمه وهتزول إن شاء الله.


جلس على المقعد الخشبي ونظر أمامه للأسماك المتراصة ومع توقف حركة الشراء تكدست أمامه بلا طائل:

-أنت بتعمل ايه كل يوم في السمك اللي بيفضل؟


أجابه حسين بعد زفرة قوية:

-بخلي الصبيان تسويه وببعته على دار الأيام اللي عند قصر الأنفوشي.


هز رأسه مستحسنا تصرفه وأغلق عينيه يسحب نفسه عميقا فاستمع لصوتها أمامه تبتسم له:

-حسن.


فتح عينيه فورا ونظر لها مبتسما ومتعجبا لوقوفها أمامه هكذا:

-انتي ايه اللي منزلك؟


ردت وهي تقترب منه:

-شوفتك من البلكونه قولت أنزل اسلم عليك.


اقتربت منه أكثر وهمست بعد أن صافحته برسمية مصطنعة:

-أصلك وحشتني اوي.


ابتسم بزواية فمه ساخرا:

-لو كنت واحشك يا سهر كنتي جيتي زورتيني، مش بشوفك صدفه.


زمت شفتيها للأمام معقبة:

-ما أنت عارف تحكمات بابا يا حسن، ده زودها اكتر من بعد كتب الكتاب بحجة إنه خايف عليا.


سألها ممتعضا:

-وسايبك تنزلي ليه دلوقتي؟


ردت وهي تلتفت لتنظر لشرفة منزلها:

-ده أنا نازله في الخباثه، أمي بتجهز الغدا وبابا أخد سامح وراح يجيبله هدوم العيد وأنا مفهمة أمي اني هشتري حاجات لجهازي.


هز رأسه عدة مرات متمتما:

-ده العيد قرب والواحد معهوش حتى يجيب دبيحه يوزعها ع الغلابه.


علق عليه أخيه من الخلف وهو يقترب منهما يحمل صينية بها أكواب من الشاي:

-ما احنا من الغلابه يا حسن، أنت عارف احنا علينا كام لتجار السمك؟ حتى أجرة الصبيان اللي شغاله في المحل، مكسور علينا 3 يوميات بس هم صابرين عشان شايفين الظروف.


لم يعلق عليه ومد راحته متناولا كوب الشاي وبدأ بارتشافه فجلست سهر بجواره تربت عليه:

-هتفرج إن شاء الله، بكره ربنا يحلها من عنده.


وقفت وتحركت من أمامه:

-انا كنت قايله لامي اني رايحه اشتري شويه فوط وحاجات لزوم الجهاز فهروح فـ السريع كده عشان متأخرش.


وافقها دون تعقيب فتحركت حتى خرجت من الحارة وأوقفت سيارة الأجرة متجهة لوجهتها فهتفت بصوت عال:

-على جنب هنا يا اسطا.


توقفت سيارة الأجرة فنزلت ودلفت للمحل تبحث يمينا ويسارا عنه فوجدته يجلس كعادته خلف مكتبه يرتدي جلبابه الواسع واضعا قدم فوق الأخرى ويمسك بخرطوم أرجيلته يدخنها باستمتاع:

-ازيك يا معلم.


رد سلامها تاركا ما بيده ووقف يرحب بها:

-وعليكم السلام يا ست البنات، اتفضلي يا سهر واقفه ليه؟


جلست أمامه فعاد هو للجلوس ممسكا بخرطوم أرجيلته مرة أخرى وسحب منها نفسا وطرد دخانه أمامها وتكلم معتذرا:

-لموآخذه، لو بتتضايقي من المعسل أنا ممكن اطفيه.


نفت وتكلمت معه دون مقدمات بصوت قوي:

-ده مكانش اتفاقنا يا معلم، حسن الديون قسمت وسطه والمحل بيغرق.


رافعا حاجبه الأيسر أجابها:

-هو احنا كان في بينا اتفاق لا سمح الله؟


صرت على أسنانها تعلق عليه:

-هو أنا لما بلغتك إن يوسف وملك ناويين يهربو بعد الامتحانات مش ده كان عشان تبعد عن حسن ومتأذيهوش؟


أومأ فتابعت:

-طيب يبقى كان في بينا اتفاق اهو.


ابتسم بسمة مقتضبة:

-وأنا عند اتفاقي، انا مجتش ناحيته من يوم اللي حصل.


تضايقت من تلاعبه بها فصاحت بحدة:

-يا معلم أهل الحارة بطلو يشترو من عنده وطبعا ده عشان...


قاطعها ساخرا:

-هو أنتي متخيله اني لفيت على بيوت أهل الحارة بيت بيت وقولتلهم متشتروش من حسن؟ أكيد انتي عارفه اني اكبر من كده.


وافقته وتابعت:

-أيوه يا معلم بس الناس برده لا بتشتري وبتاكل من عنده واكيد هم عاملين خاطر ليك فلازم نلاقي حل للموضوع ده وإلا حسن كده بيته هيتخرب، وبيته هو بيتي طبعا عن قريب إن شاء الله.


غمز لها مؤكدا:

-خلاص يا سهر اعتبريها محلوله، بس قوليلي متعرفيش أي اخبار تانيه؟


أجابت وهي تنظر بشاشة هاتفها خوفا من أن تتاخر فيشعر والدها أو حتى زوجها المستقبلي بما تحيكه من خلف ظهره:

-ولا أي حاجه، حبيبة أخت حسن بتقولي إن ملك مبقتش تخرج من اوضتها خالص ولا حتى بتروح المدرسة ولا الدروس.


ابتسم بزاوية فمه وكأنه فاز بمباراة للكأس ولكنه تصنع عدم الإهتمام قائلا:

-قوليلي حاجه معرفهاش، أنا أكيد عارف إنها مبتروحش المدرسة.


عصرت عقلها لتخرج له بمعلومة مفيدة وعندما لمعت الفكرة برأسها فكرت بالاستفادة منها فهتفت:

-طيب هقولك بس بشرط.


ضحك مستهزئا:

-هو أنتي فاكره عشان ما بتعامل معاكي بهدوء ومش بوريكي وشي التاني فتقدري تساوميني على حاجه؟ انا بعمل اللي انا عايزه وبس.


ارتبكت خوفا ولكنها تحدثت بالنهاية:

-طيب اسمع الشرط الاول يمكن يعجبك.


هز رأسه عدة مرات فبللت شفتيها وتحدثت بارتباك ملحوظ:

-أنا زيك بالظبط حاسه باللي بيحصل بين حسن وملك وزي ما كل اللي حواليهم حاسين، بس انا كنت مفكره الموضوع من ناحية ملك وبس.


دمعت عينيها وهي تضيف:

-بس يا خسارة، حتى حسن بعد السنين دي كلها طلع هو كمان جواه حاجه من ناحيتها.


بكت رغما عنها:

-انا في الأول كنت مصدقه انه بيحبها زيها زي حبيبة بس الحقيقة وضحت ليا لما وقفلك بالشكل ده واخوها اللي من دمها خاف منك.


بللت وجنتيها وتابعت:

-أنا بحب حسن أوي ومستعده عشانه أعمل اي حاجه بس يشيلها من تفكيره وانت هتساعدني على ده.


استمع لها منصتا:

-امتحانات الثانوية العامة بعد العيد والله أعلم يكونو مخططين لايه بعد كده! عشان كده انت لازم تكتب عليها في أسرع وقت وقبل الامتحانات وأنا هساعدك على ده.


راقه حديثها فظل ينظر لها باهتمام:

-بس شغل حسن يرجع زي ما كان والديون اللي عليه للتجار تدفع كلها، قولت ايه يا معلم؟


ابتسم بزاوية فمه هازً رأسه فتحركت من أمامه لتعود لمنزلها بعد أن أتمت مهمتها بنجاح.

الصفحة التالية