-->

رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 16 - 1 - الإثنين 23/9/2024

  

قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية قلب نازف بالحب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي


الفصل السادس عشر

1

تم النشر الإثنين

23/9/2024



بخطوات هادئة تقدمت من حيثُ المطعم الذي دعاها إليهِ" مُراد "لتناول الغداء، كان المكان هادئًا وعلي ما يبدو أنه خالي من أي إناس، أرتفعت أصوات رنة كعب حذائها علي الأرضية الرُخامية من أسفلها، فـ أفتعلت صوت رنان يشق السكون والهدوء من حولها، ما أن أقتربت من باب المطعم الخارجي، توقفت لعدة دقائق، تتفقد مظهرها وتُلقي نظرة علي زينة وجهها في مرآتها الصغيرة التي تصتحبُها معها في كل مكان، أخذت تضبطُ من تسريحة شعرها بالرغم من أنها مُرتبة بالأساس، وآخر شئ نظرت إليه قبل أن تدخل، فُستانها أسود اللون، والذي كان يصلُ إلي ما بعد رُكبتها بأكتاف عريضة يتناسب مع نحالة جسدها....... 


ما أن دلفت إلي الداخل، أخذت تُلقي نظرات مُتفرقة علي المكان من حولها، فكان المكان خاليًا تمامًا كما خمنت، الأضواء خافتة للغاية، فقط أضاءة حمراء مُنخفضة تُضئ المكان، وقفت في نصف المكان، وقد وقعت عينيها عليهِ، أنهُ يقف بعيدًا عنها بعدة سنتميترات قليلة، إنفرجت شفتيها بإبتسامة كبيرة ومُشرقة، تُطالع المكان من حولها بأنفاس محبوسة وإنبهار، للتو قد فُتحت الأضواء وأصبح كُل شيء واضحًا... 


الطاولة الكبيرة المُزينة بعناية بالورود الصغيرة من مُختلفِ الألوان، وقالب الكعك الكبير الذي يتوسط الطاولة، أقتربت منهُ وإبتسامتها الواسعة مازلت تُزينُ شفتيها المطلية بطلاء الشفاه باللون الأحمر الداكن، كان يقف هو يُبادلها نفس الأبتسامة المُتسعة، وقد وصلت أبتسامتهُ إلي عينيهِ، قدم لها باقة الورد الكبيرة التي كان يحتضنها للتو، برقة وخجل أخذتها منهُ قائلة بإنبهار: 


_"كُل ده علشاني أنا؟؟ "


أحتضنت باقة الورد وكأنها تحتضنُ صاحبها، بينما مال هو يلتقطُ كفها بين يديهِ، ثم طبع قُبلة حنونة، مُرتفعًا مرة آخري بأنظارهِ إلي عينيها الخضراء قائلاً بحُب: 


_"كُل سنة وأنتِ طيبة يا حياتي! "


_"وأنتَ طيب، تعبت نفسك!. "


سحبها من يديها يتقدمون إلي الطاولة، قائلاً بينما هم يسيرون: 


_"تعبك راحة، لو مكنتش هتعب لمراتي حبيبتي هتعب لمين؟ "


أكتفت بإبتسامة خجولة زينت محياها، سحب لها كُرسيها بطريقة رُومانسية كلاسيكية، أخذت تنظر إلي قالب الكعك الموضوع عليهِ رقم" 21"، أيّ أنها اليوم أتممت عامها الواحد والعشرون، وهذا أحسن عام بالنسبة لها، لأنه بجانبها ومعها، أخرج من جيب سروالهِ عُلبة مُستطيلة الشكل، مخملية باللون الأزرق، ثم قربها منها يفتحها لها قائلاً: 


_"عُقبال مئة سنة وأحنا مع بعض!. "


شهقت بإنبهار ودهشة، أخذت تُطالع السلسلة الماسية التي قدمها لها، بفاهٍ مفتوح، حقًا كانت مُبهرة ورائعة، خطفت قلبها بثانية، دمعت عينيها ببريق الحُب الخالص لهُ وحدهُ، قائلة بإمتنان وشُكر: 


_"الله دي حلوة أوي أوي، تسلملي بجد روعة، زوقك عمره ما فشل يبهرني"


_"تتهني بيها، أستني ألبسهالك بنفسي"


نهض من كُرسيهِ، وتقدم ناحيتها، لملمت هي شعرها ووضعتهُ علي جانبها الأيسر، أقترب هو يضع لها السلسلة حول رقبتها، ما أن أنتهي أمسك يديها يدعوها إلي الرقصِ، فنهضت معهُ سريعًا، أخذها وتقدمو إلي ساحة الرقص الخالية عدا منهم، أشارَ هو بيديهِ لشاب ما كان يقفُ بعيدًا عنهم علي ما يبدو أنهُ أحدي العاملين هُنا ويقف في خدمتهم، أرتفعت أصوات المُوسيقي الهادئة، أحتضن خصرها يُقربها منهُ، وقد بدأو يتمايلون بإنسجام مع نغمات الموسيقي، وكأنها مُحلقة في السماء الآن، لِمَ لا وهي الآن زوجتهُ التي يُدللها ويغدقها بحنانهِ المُفرط عليها كم تذوبُ بهِ عشقًا..... 


مال عليها، وأقترب من أُذنيها يهمسُ لها بنبرة رخيمة حنونة: 


_"رضوي"


همهمت بخفوت، ومازالت تحت تأثير ما يفعلوا بها من سحر لقلبها وعقلها بأفعالهِ الحنونة، أبتسمَ بخبثٍ يُكمل حديثهِ بنفس ذات النبرة الحنونة: 


_"أنتِ طالق يا حياتي". 


❈-❈-❈


صوت إرتطام جسدًا ما علي الأرضية المصقولة، تبعتهُ صرخات أنثوية مُتألمة، وضعت "رضوي "، يديها أسفل ظهرها بحركة تلقائية، تتأوه بألم آثر أرتطام جسدها بالأرض علي حِين غُرة، جعدت ملامح وجهها بإنزعاج، ثم أخذت تُطالعُ المكان من حولها، أنها هي غُرفتها، نفس السرير خاصتها ونفس مكتبها ونفس كل شيء، أذًا كانت تحلمُ، زفرت بغيظ مكتوم قائلة بعد أن تذكرت أحداث حُلمها الوردي الذي تحول بالنهاية لكابوس طبقَ علي أنفاسها...... 


نهضت من علي الأرضيّة تعود لفراشها مرة أخري، جلست بوهنٍ أحتلها لثواني، تُفكر في ذاك الحُلم الغريب، نفس ذات الحُلم يتكرر معاها للمرة الرابعة علي مدار هذا الأسبوع وهي تتغاطي عنهُ...... 


يبدأ الحُلم بأشياء طالمَا تمنتها أولهم حُب" مُراد "لها وأمتلاكها قلبهُ، ثُم ينتهي تدريجيًا ويتحول إلي كابوس مُفزع يجعل نبضات قلبها متسارعة تدقُ برعبٍ، تشعر بشئ غريب، وأحساس طفيف من الرهبة والخوف، بالتأكيد تكرار هذا الحُلم ليسَ عبثًا بالمرة..... أنه يُشير إلي شئ لكن ما هو لا تعلم، حاولت أن تفهمه لكن دون جدوي، بالبداية حاولت أن تطمئن نفسها أنه مجرد حلم، فقط لأن عقلها الباطني مُنشغل وقلِق لمَا سيحدث بالأيام القادمة، وتقصد زواجها.... 


لذا نسج لها هذا الحُلم الغريب، لكن مع تكراره باتت تشك بأن هناك خطبٍ ما، هناك شئ خطأ، هذا الحُلم ينمُ عن حدوث شئ سئ قريبًا...... أنتفض قلبها بهلعٍ عند هذه النُقطة، خوفًا من أن يحدث شيئًا يُعيق إتمام هذا الزواج.... زفرت بضيق، تنهض من مكانها تتوجه ناحية المرحاض للأستحمام تحاول نفض تلك الأفكار السوداوية عن مخيلتها........... 


❈-❈-❈


أستيقظت باليوم التالي، بعد أن نامت لساعات طويلة نظرًا لأنها مُنذ يومين كانت مُنشغلة مع"إسراء"في ترتيبات حفلة تخرجها، أول شئ قامت بهِ فورَ أن نهضت، أنها أتجهت سريعًا إلي القائمة الخاصة بالتواريخ المُعلقة علي الحائط، أتسعت إبتسامتها الراضية، من ثم أخرجت من درج مكتبها القديم، قلمًا باللون الأحمر، وقد خطت برسمة علي يوم مُعين، يوم مولدها، اليوم أتمت الثانية والعشرون من عمرها، أثنين وعشرون ربيعًا......... 


تنهدت بحماس، وبداخلها طاقة كبيرة في جعل هذا اليوم مُميزًا قدرالأمكان، اليوم أنتهت سنة من عمرها وبدأت أخري، أول شئ نوت علي فعلهِ هو عدم التفكير بالماضي، ولا بأي ذكرة مُتعلقة بهذا اليوم، لأنها حتمًا ستُخرب اليوم، وهي تود أن تكون هذهِ السنة مميزة جدًا، بعيدًا عن تميزها بأنها نالت حُريتها، الحياة هكذا تروقها بشدة، هي بالفعل كانت من المفترض أن تكون هكذا في هذا الوقت...... 


توجهت سريعًا إلي المرحاض لكي تستحم أولاً، قبل أن تخرج، بعد دقائق كانت قد أنتهت، خرجت مُلتفة بروب الإستحمام، وبعدها أتجهت إلي خزانة ملابسها، وقفت لدقائق تُلقي نظرة شمولية علي ما تحتويه الخزانه بأكمله، هي تريد شيئًا مميزًا اليوم، ليس فُستانًا بالتأكيد لكن تود شئ ينضم إلي قائمة المُميزات في هذا اليوم...... 


وقعت عينيها علي سُترة باللون الفيروزي، ألتقطتها سريعًا مع بنطال أبيض اللون وشرعت في أرتدائهم سريعًا......... وقفت أمام المرأة تنظر إلي أنعكاس صورتها بنفسٍ راضية، كم بدت أنيقة ورقيقة في هذه الملابس، باتت تشعر أنها عادت للحياة مرة أخري، بينما سابقًا كانت قد دُفنت، دُفنت وحُرمت من جميع مُتع الحياة، لم تكن تطلب شيئًا مُستحيلاً، بل كل ما كانت تطلبه هو أن تعيش حياة طبيعية، لمثل من في عمرها، تعيش فترة الشباب تلك كما تود هي، ليس كما يُفرض عليها........ 


تركت شعرها القصير منسدلاً بحُرية، هكذا تبدو أفضل، وضعت أحمر شفاه لونهِ هادئ  خفيف وبعض الكُل رسمت بهِ عينيها السوداء، طلة بسيطة لكنها هادئة ورقيقة..... ألتقطت حقيبتها البيضاء بعد أن أرتدت حذائها الرياضي، وخرجت من الغُرفة، وجدت والداها، يجلس يقرأ جريدة في صالة منزلهم..... 


فأتجهت له أولاً، تُلقي عليه تحية الصباح بكل حُب وأشراق، وأقتربت تُقبل خديهِ، هتف"حمدي"قائلاً : 


_"صباح الورد علي أحلي وردة فالبيت،أي رايحة فين كده بدري.... "


أجابتهُ قائلة: 


_" مفيش، لقيت اليوم عندي فاضي النهاردة قولت أما أنزل نلف شوية أنا و إسراء....."


_"ماشي يا حبيبتي، بس أي الحلاوة دي، وشك منور النهاردة مشاء الله، ولا ده علشان النهاردة مش أي يوم..... ". 


أبتسمت بخجل، قائلة تتقمص الجهل،بينما بداخلها مُتأكدة أن أبيها لم ينسي ذالك اليوم المُميز : 


_" مُش أي يوم أزاي؟!." 


غمز لها بطرف عينيه، قائلاً بمشاكسة: 


_"مش أي يوم! مش أي يوم، ده أجمل يوم وأجمل تاريخ في حياتي، اليوم إللي ربنا رزقني بأحلي وردة، الوردة إللي نورت عليا دُنيتي!. "


إبتسمت بسعادة، إذًا كما توقعت لم ينسي يوم مولدها، أنه الوحيد الذي يتذكره كل عام، حتى هي نفسها كانت تنساه أحيانًا،إذًا لا داعي لتقمص الجهل، فهتفت بسعادة: 


_"كُنت مُتأكدة إنك فاكر! "


_"طبعاً هو ده يوم يتنسي؟ كل سنة وأنتِ طيبة يا حبيبتي!." 


أحتضنته قائلة: 


_"وأنتَ طيب يا حبيبي"


سألها "حمدي" قائلاً: 


_"ها تحبي بقا هديتك تبقا أي؟!. 


أتسعت إبتسامتها قائلة: 


_"أي حاجة منك حلوة يا بابا، كفاية أنك فاكر يا حبيبي!. "


_"حِيس كده بقا أنا عاملك مُفجأة حلوة أوي أنا مُتأكد أنها هتعجبك جدًا جدًا!. "


لمعت عينيها بحماس، قائلة تسأله بفضول، حيثُ أن دائمًا هدايا أبيها خصيصًا تأتي غير مُتوقعة: 


_"لا قول أي؟ أنا تحمست، قول بسرعه!. "


_"تؤ تؤ مفجأة بقولك!." 


_"طيب ما النهاردة عيد ميلادي أهو هنستني أي يعني!". 


_"طيب بُصي أحنا رايحن النهاردة عند أخوكِ تامر أنا وأمك ولما نرجع هقولك علي طول، أتفقنا.... "


_"أتفقنا ماشي، يعني هفضل مُتحمسة كده لبليل! "


_"معلش أستحملي، تعالي علي نفسك شوية....."


الصفحة التالية