-->

رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 10 - 1 - الثلاثاء 17/9/2024

  

قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية قلب نازف بالحب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي


الفصل العاشر

1

تم النشر الثلاثاء

17/9/2024



خرجت من المرحاض بعد أن ارتدت ملابسها الخفيفة، المكونة من بيچامة زرقاء من قُماش القُطن، وقفت أمام المرأة تُصفف شعرها، ولكن ما أن لمست الفُرشة فروة رأسها، شعرت بألم فظيع لم تشعر بهِ أسفل المياه، علي ما يبدو أن والداتها كانت تنوي خلع خصلاتها، لم تقدر علي تكملة تمشيط شعرها، فتركته هكذا، وأتجهت إلي دولابها، فتحتهُ بهدوء، من ثم أخذت تُطالع ملابسها، ملابسها القديمة، حيث كانت كلما جائت إلي بيت أبيها للمبيت يومين طوال الثلاث سنوات زواج الماضيين، كانت تترك ملابس لها لكي ترتديهم كلما أتت...... 


وبما أنها رفضت أن تأخذ أي ملابس لها من دولابها في شقة الزوجية، لا تريد شيئًا يذكرها به حتي ولو كانت ملابسها هي، لذا هي الآن سترتدي تلك الملابس، لحين أن تشتري أخري جديدة...... 


التقطت أسدال صلاة كان لوالدتها لا تعلم ما الذي أتي بهِ إلي دولابها، لكن لا يهم، أرتدته سريعًا، وهمت بفرش سجادة الصلاة، وبدأت في تأدية صلاة الفجر، طالت صلاتها لنصف ساعة، كانت كُلما سجدت تنهار باكية ضعيفة وكأنها ليست هي من كانت تقرر منذ دقائق أنها ستكون قوية، لكن الضعف أمام الله لا يُحتسب ضعفًا، ظلت تدعي بقلبٍ مُترجي مُرتجف...... بَكت كمَا لم تفعَل من قبل، طَمست حَواسها الأربَع ، وتَركت عينيها تخرج كلّ شَوائبها، القَديمَة مِنها وَالحديثَة لم تكن تبكِ ، بل أَمطَرت. 


أنتهت من صلاتها بعد دقائق، تربعت بمكانها، وقد شعرت براحة كبيرة تجتاحها بعد الأنتهاء، تشعر أن الله قد ربتَ علي قلبها وألهمها الطمئنينة، ‏ثم رفعت يدها في جوف الليل مقهورة تدعو على من ظلمها وحطم قلبها قائلة : 


_لا سامحك الله هلكت قلبي، لا سامحك ولا عفا عنك ولا تقبل منك توبة، واخذك منك صحتك وسعادتك، وأذاقك الله الشعور بذات الشدة وذات الطريقة، وأطال عمرك لترى مصائب الأرض حلت على جسدك ولا دمت سالمًا.... 


نهضت من مكانها، بعد أن طوت سجادة الصلاة، وأتجهت إلي سريرها، سريرها الصغير، الذي طالما أحتواها سابقًا، أرتمت بتعب ‏أُغمضت عينيها في محاولةٍ للنوم، لكنّ ثقلاً يضغط على صدرها، يجعلها منتبه مشدودة مثل وتر، تنهدت تنهيدة طويلة، وأغلقت عينيها مرة أخري ظنًا منها أنها هكذا ستنتهي الحرب........ 


❈-❈-❈


بعد ليلٍ طويل وكئيب، أخيرًا حل الصباح، وتوهجت الشمس في السماء لتُضئ عتمة الكون مرة أخري بعد أختفائها لساعات، أمتلئت الغُرفة بالنور الطبيعي من خلال نافذة الغُرفة، والتي لم يكن عليها ستارة، فقد أزالتها ليلة أمس، تغلغل الضوء إلي عينيها ليُداعب عينيها المُغلقة، تقلبت بمكانها بتأفأف لا تود النهوض، لكن الضوء من حولها يُزعجها، أغمضت عينيها بقوة، قائلة بتأفأف: 


_"عايز أي يا ياسين دلوقتي،سيبني أنام لسة بدري .... ". 


فتحت عينيها فجأة، من ثم جلست نصف جلسة بمكانها، تتفقد المكان حولها، وجدت أنها ليست بشقتها، وأنها بغرفتها بداخل منزل أبيها، وأن طفلها ليس بجانبها الآن، شعرت بغصة مريرة في حلقها، من ثم تنهدت بتعب، وأزاحت الغطاء، من فوقها. 


وأول شئ جاء ببالها، ونوت فعلهُ، هو أن تنهض الآن وتبحث عن النوت الصغيرة التي كانت تكتب بها جميع أرقام أصدقائها القدماء، وتحتفظ بها هنا، نعم أصدقائها، أول شئ تود تصليحهُ في بداية حياتها الجديده هي عودة علاقتها بأصدقائها، أصدقاء المدرسة، الذي قطعت علاقتها بهم تمامًا بأمر من زوجها بعد الزواج،وأيضًا بحكم أنها لم تُكمل دراستها الجامعية فقط أكتفت بالمرحلة الثانوية،وبعدها تمت خطبتها،ثم بعدها بسنة زواجها ... 


فتحت خزانتها، تعبثُ بين محتواياتها، حتي عثرت علي تلك النوت الصغيرة، أبتسمت بسعادة ما أن وجدتها، وضمتها إلي صدرها بحب، من ثم جلست علي السرير مرة أخري، وبدأت تبحث عن الرقم المنشود.... 


رقم أقرب صديقة لقلبها، أيام الدراسة، رفيقة سنوات الأبتدائية والأعدادية والثانوية، التي كانت بمثابة شقيقة لها واكثر، "إسراء مجدي" أول فتاة تعرفت عليها في أول يوم لها بالصف الأول الابتدائي، كلما تذكرت كيف تخلت عنها وقطعت علاقتها بها بأمر زوجها، وأيضًا والداتها، التي أتفقت مع رأي زوجها السابق، قائلة بأن الصداقة تكون صداقة دراسة ليس إلا وأن بمجرد زواج الفتاة يجب أن تقطع علاقتها بأصدقائها لأنها أصبحت زوجة وسيدة منزل، لديها مسؤليات واولؤيات،  وليست متفرغة لتراهات الفتيات تلك، تشعر بالضيق من نفسها 


عثرت علي الرقم أخيرًا، فألتقطت هاتفها فورًا تكتب الرقم، وضغطت علي زر الأتصال، وبداخلها تتمني أن تكون لم تغير رقم هاتفها، بعد أنتظار دام لثواني، أتاها صوت "إسراء" الناعس، نعم أنه صوتها، أنها تحفظه عن ظهر قلبٍ، وتستطيع أن تُميزه حتي بعد مرور سنوات، فهما الأثنين كانتا يتحدثان سويًا ليلاً مع نهار.... 


_"الوو؟ ". 


تحدثت بها "إسراء" التي أستيقظت للتو علي رنة هاتفها برقم غير مسجل، لكنها لم تنتبه وردت دون الأكتراث من المُتصل، أدمعت أعين الآخري علي الطرف الآخر، فكررت "إسراء" كلماتها قائلة بأستغراب: 


_"أيوه، مين معايا!؟". 


لم يأتها ردٍ، فـ كانت"رانيا"تخجل من التحدث، تخجل وبشدة، أنا تخلت عنها سابقًا، وغدرت بها، بعد أن كانتا صديقتين مقربتين للغاية، فكررت حديثها للمرة الثالثة وقد أثار فضولها أن تعرف من المُتحدث: 


_"ألوو، مين؟... هتقول مين ولا أقفل؟". 


_"لا أستني يا إسراء!!. ". 


للحظة تصنمت "إسراء" بمكانها، ونهضت سريعًا تعتدل في جلستها بعد أن كانت متسطحة علي السرير، لا تُصدق أنها هي، تبًا نعم أنها هي، هذا هو صوتها، لم تنساه بالمرة مازال مميز في أذنيها، هتفت بشفاة مُرتعشة: 


_"رانيا!؟ ". 


أنفرجت شفتيها قائلة بإشتياق كبير: 


_"وحشتيني أوي يا إسراء، وحشتيني جدًا يا جذمة... ". 


_" أنا بجد مش مصدقة أنتِ رانيا بجد ولا أنا لسة نايمة وبحلم ولا أي يا نهار أزرق.... ". 


هنا ضحكت "رانيا" أنها مازالت مرحة كما هي لم تتغير منذ أربع سنوات مضّت، فصاحت بها بمرح: 


_"نهار أزرق تاني يا إسراء مش قولنا نبطل نشتم أيام ربنا ولا أي؟!.". 


لم يأتها رد، لم تسمع سوى صوت أنفاسها فقط، فنادت عليها بإستغراب: 


_"إسراء أنتِ سمعاني.... يا بت أنتِ روحتي فين؟ "


_"والله العظيم ما مصدقة؟ وحشتيني أوي يا رانيا، أنتِ أختفيتي فين كل ده وأي إللي فكرك بيا دلوقتي، أنا مش مستوعبة بجد؟؟". 


إبتسمت بمرارة قائلة: 


_"لا دي حكاية طويلة أوي، لما أشوفك هحكيلك كل حاجة أنتِ مش متخيلة أنتِ وحشاني أزاي، أنا عايزة أشوفك؟!. ". 


_" أنتِ لسة في أسكندرية؟ أنا فكرتك سافرتِ ولا حاجة؟..". 


_" في أسكندرية أيوه، أنتِ إللي لسة عنوان بيتكم زي ماهو ولا غيرتوه ولا أتجوزتي ولا أي؟ ". 


جائتها ضحكات الآخري، وهي مازالت غير مصدقة: 


_" لا متجوزتش، لسة عنوانا زي ما هو هنروح فين يعني؟ ". 


_"طيب أديني ساعتين بس وهتلاقيني قدام بيتكم، وهفهمك كل حاجة....". 


_" مع إني لسة مش مستوعبة! بس ماشي هستناكِ متتأخريش ". 


أغلقت معها المُكالمة، وقد شعرت بالسعادة تغمرها هكذا مرة واحدة، "إسراء" رفيقة دربها وحبيبتها وصديقة الطفولة، لا تصدق أنها أخيرا ستُقابلها، وترآها بعد أربع سنوات، يا تُري كيف سيكون شكلها الآن هل تغيرت أم مازالت كما هي بالتأكيد تغيرت أنهم أربع سنوات........ 


نهضت بحماس كبير ونشاط وهرولت إلي المرحاض تريد الأغتسال، وأرتداء ملابسها سريعًا، والذهاب إليها في أسرع وقت ممكن، تريد أن تطير إليها بطائرة..........

الصفحة التالية