رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 9 - 1 - الثلاثاء 17/9/2024
قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قلب نازف بالحب
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل التاسع
1
تم النشر الثلاثاء
17/9/2024
أبتسمَ بتعجبٍ، يبحث عنها بعينيهِ قبل أن يراها تخرج من المطبخ بالمريول الأسود وبرأسها ربطة رأس حمراء بها زهرة صغيرة علي الجانب، كانت تحمل صنية بين يديها، ولم تلاحظ وجوده إلا بعد ثواني، حيثُ شهقت بخضة لثواني، ثم أبتسمت بلطافة تتقدم من موقعهِ......
رائحة الطعام الشهية تسللت إلي أنفهُ تداعبهُ، تلعب علي أوتار معدتهِ الفارغة من الصباح عدا من كوب قهوتهِ الذي تناوله بالشركة.....
_" اتأخرت ليه؟ ميعاد الفطار عدي، داخلين علي غدا أهو".
_"أنتِ إللي عملتي الأكل ده؟؟ ".
وضعت الصنية أولاً علي الطاولة الصغيرة أمام المطبخ المفتوح علي الظراز الأمريكي، ثم قالت:
_" معروفة يعني مفيش كلام علي الأكل، أدخل أغسل أيدك وبسرعة علشان المكرونة مش هتبقي حلوة لو بردت ".
أبتسم رُغمًا عنه، مضيقًا عينيهِ الرمادية،اومأ لها دون تعقيب، دقيقتين وكان قد غير ثيابهِ بسرعة، وغسل يديهِ، وها هو يسحب الكُرسي أمامها وجلسَ، ينظر إلي الطعام، مدت يديها له بالطبق، وكانت قد نزعت المريو......
دني برأسهِ للأمام دون حديث، يبدأ بتناول الطعام بهدوء، رفضَ عرض" نانسي"لتناول الغداء سويًا بدون أدني أهتمام، والآن يأكل بنهم وراحة طعام أعدتهُ هي، رفعَ رأسه يمنحها أبتسامة ودودة، بينما هي كانت تنظرُ لهُ بطفولة، نظرة حماسية ممزوجة ببعضِ القلق تنتظر تعليقهُ علي ما صنعت، فهمَ هو نظراتها، فتركَ الشوكة جانبًا، ثم ربعَ يديهِ علي الطاولة، وقد ظهر فجأة علي ملامحه أنه لم يعجبه، قضبَ جبينهُ بأمتعاض:
_"مين إللي عمل المكرونة دي؟! ".
في ثانية تحولت ملامحها للهلع فجأة، تسألة بقلق:
_" أي وحشة صح؟ ".
قلب عينيهِ، وقسمات وجههُ لازالت مُمتعضة، ثم هتفَ:
_" بصراحه يعني.... بس متزعليش".
_"وحشة أنا عارفة، كان لازم أطفي النار عليها بدري بس أنا أتلخمت فالتلفون كنت بكلم ماما... وانـ".
قاطعهَا ضاحكًا علي مظهره وكأنه مقبلة علي الأنفجار في البكاء، عقدت حاجبيها بيعدم فهمٍ علي ماذا يضحك؟، لم يتركها تفكر كثيرًا، فهتف قائلاً وقد أمال يُكمل أكلهِ:
_"حلوة جدًا جدًا، تسلم أيدك".
تهللت أساريرها، وقد لمعت عينيها، تسأله بحماس:
_"بجد حلوة".
_"آه والله، لدرجة أني هخلص طبقي كُله ".
بعد عشرة دقائق، كان قد أنتهي من تناول طبقهِ كاملاً، ونهض يغسل يداه، منحها أبتسامة مُشجعة قائلاً قبل أن يرحل:
_" تسلم إيدك! ".
بادلتهُ الإبتسامة، وما أن أختفي بداخل المرحاض، أقترب من طبقها الذي لم تأكل منه شيئًا حتى الآن، تزوقت ملعقة واحدة، من ثم رمت الملعقة فورًا، وألتقطت بسرعة كوب المياه تتناولهُ جُرعة واحدة، كان الطعام مالحًا، لم تتحملهُ علي لسانها، فتحت عينيها بخضة، أنه أكل الطبق كاملاً دون التعليق أنهُ مالحًا، أكلهُ حتى لا يحُزنها....... أبتسمت داخليًا تستند علي الطاولة....
❈-❈-❈
بأيدي مُرتعشة وقلبٍ مُرتجف فتحت باب غُرفتها المُوصد، من ثم هرولت إلي الداخل سريعًا، أطلقت العنان لدموعها الحبيسة لفترة بداخل جفونها، وقفت في وسط الغُرفة، لم تُحرك ساكنًا، أطرافها بالكامل أصبحت مُثلجة بالرغم من أنّ الجو مُعتدل وليسَ باردًا، قلبها ينتفضُ بين أضلعها بعنفٍ، ظلت تنظر حولها بضياع، للحظة شعرت أن قلبها سيتوقف عن النبض وبأنها غير قادرة علي التنفس بشكل طبيعي مُنتظم ، فكت ألتصاق قدميها بصعوبة، ثم توجهت بخطوات مهزوزة إلي النافذة المُتواجدة في نهاية غرفتها، فتحتها سريعًا، ليصتدم وجهها بنسمات الهواء الباردة قليلاً، لفحتها البرودة بالرغم أيضًا من أننا بفصلِ الصيفِ،لكن جسدها أستقبلَ الهواء من حولها يحولهُ من دافئًا إلي باردًا لبرودة أطرافها، ولكنها لم تكن تشعر بأي شئ حينها، فقط كل ما تشعر بهِ أن قطعة من روحها قد سُلبت منها، لا بل تنازلت هي عنها بمحض أرادتها، نعم هي من وافقت وتنازلت برضا تام........
حتى القمِر مُنطفئ، وحزين هِذه اللِيلة، ظلت بمكانها لعدة دقائق، حتى أنتظمت أنفاسها، وأخيرًا شعرت بالبرودة في أطرافها، فأبتعدت عن النافذة خطوتين ليس إلا، وتركتها مفتوحة، أفكار كثيرة تدور برأسها، لم يرحمها عقلها بتاتًا وظل يُعيد علي رؤياها ذالك المشهد الذي طالما حيت لن يُفارق رأسها، ستظل تتذكرهُ، لأنه تركَ ندبة كبيرة بداخلها ندبة، لن تُمحى مهما جاء عليها الزمن.....
أنتفضت إنتفاضة بسيطة، ما أن فُتحَ الباب فجأة بقوة، وأرتطم بالحائط من خلفهِ من شدة الدفعة، تبعهُ دخول والداتها، بوجهٍ مُكفهر غاضب، لا يُبشر بالخير أبدًا، ما أن وقعت عينيها عليها، حتى أنهالت عليها دون هوادة بسيل كلماتها الجارحة:
_"أرتاحتي يا رانيا؟ أرتاحتي لما عملتي إللي فدماغك ورميتي عيالك، أنتِ أي يا شيخة جايبة الجبروت ده كله منين؟ "
شهقة قوية، مصحوبة ببُكاء مرير، خرجت من تلك المسكينة، لم تشفق علي حالتها المُزرية أمامهاج، والتي تدل علي أنها حقًا تتألم وبشدة، لا بل أكملت ألقاء كلماتها السّامة تجلدها بدون رحمة:
_"مبسوطة دلوقتي؟ مبسوطة لما خدتي لقب مُطلقة!؟ أبنك ده ذنبه أي في كل ده؟؟ "
أنفرجت شفتيها المُرتعشة، قائلة بصوتٍ مُنخفض أثار بُكائها المُستمر:
_"ذنبه أنه أبوه!."
_"لا ده ذنبه أن أمه واحدة مُستهترة زيك، معندهاش ذرة إحساس بالمسؤلية، مع أول مشكلة رمته ولا كأنها خلفته وتعبت فيه....... عمل لك أي الراجل، ما كان مسّتتك وبيتمنالك الرضا ترضي، ومش بيأخر عنك طلب أفتريتي عليه ليه؟ "