-->

رواية جديدة سلسلة رغبات ممنوعة قصة الثائرة على المجتمع لخديجة السيد - الفصل 4 - 2 - الخميس 26/9/2024

  

قراءة رواية سلسلة رغبات ممنوعة قصة الثائرة على المجتمع كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



سلسلة رغبات ممنوعة 

قصة الثائرة على المجتمع 

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل الرابع

2

تم النشر يوم الخميس

26/9/2024

في محطه القطار مرت ساعات طويله وها هي أمينة مكانها لا تعرف الى أين تذهب! لكنها من المستحيل ان تعود لجدتها بعد الان، بدات تراقب ركض الاطفال الأبرياء حولها وهي تتذكر طفولتها هي واختها البريئه التي فقدتها نتيجه عادات وافكار مجتمع ساخط!


كم كانت أختها أميرة بريئه وتحب الحياه لكنها ذهبت ضحيه الغدر، ماذا فعلت حتى يحدث لها كل ذلك؟ تتذكر بالماضي كان يلعبون ببراءه وبروح طيبه وامنيتهم ليكبرون ويصبحون جانب بعضهم البعض.. لكنها خانت الوعد و رحلت... لقد اخبرتها بها سابقآ ليتهم لم يكبروا اذا كانت هذه هي الحياه التي كانت تنتظرهم في المستقبل! 


وهنا كأنها أدركت بأن الحلم الوحيد الذي حققته هو أنها كبرت مثلما كنت تتمنى!


اختنقت عبراتها لكنها امتصتها سريعا وهي تغلق جفنيها سريعا لكن سرعان ما فتحتهما عندما تفاجات بتلك عامله النظافه تقترب منها لتسالها باهتمام 


= انتٍ قاعده مستنيه حد يا بنتي؟ كذا قطر عدي وانتٍ سرحانه، هو انتٍ قاطعه تذكره ايه

ليكون فاتك القطر 


هزت رأسها بالايجاب دون رد، انتظرت رحيل تلك السيده لكنها مازالت واقفه لتخبرها بنصيحه وهي تقول متشدقه بتهكم 


= طب ركزي حواليكي القعده هنا وحشه واحنا بالليل، والناس هتبتدي تمشي! ودخلي شعرك ده جوه الطرحه شويه احسن كله باين ولا اقلعي الطرحه و ريحي نفسك طالما مش طايقاها أوي كده.. هو ده اسمه حجاب؟!. 


لم تعطيها اهتمام وصارت تتوجه بحقيقتها نحو المرحاض، وقفت أمام مراه المرحاض قليلاً قبل ان تخرج هاتفها وتتحدث مرددة بلهجه غريبه عنها.


= ازيك يا استاذ أيمن مستغرب ان انا بتصل بيك طبعا، بس انا عايزه اقول لك ان انت كنت صح العالم ده عشان اعيش معاه لازم ابيع نفسي وما فكرش الا في مصلحتي واستغل اي فرصه تجيلي، ايا كانت الطريقه بقى مش فارقه.. بس خلاص اديني خسرت زي ما انت برده قلت عاوزة منك خدمه عارفه اني ضيعت فرصتي.. بس في طلب أو حاجه محتاجاها أوي، عاوزه اتنقل لفرع تاني وتكون محافظه بعيده عن هنا المهم اني ابعد و خلاص.. تقدر تعملي الخدمه دي ولا لا؟. 


بعد فتره اغلقت الهاتف وظلت تنظر الى نفسها عده دقائق مطولاً قبل أن تجذب حجابها من اعلى رأسها وتضعه في حقيبتها، وبدأت تبعثر خصلات شعرها الثأر... 


وعندما خرجت بلا حجاب قابلت نفس تلك السيده التي كانت تنصحها قبل قليل اذا كانت لا تعرف كيف ترتدي الحجاب الشرعي فتزيله افضل، لكنها همست بلهجة باترة بتلقائيا


= يا نهار ابيض هو انتٍ قلعتي الطرحه خالص مش كنتي محجبه من شويه!!. 


هزت رأسها بسخرية مريرة وهي لا تفهم طبيعه ذلك المجتمع حقا؟ أليس كان عكس حديثها قبل قليل والان فقط اعترفت بانها كانت محجبه، لكنها لم تهتم لحديثها ورحلت فبذلك الحديث كأنها أكدت لها وجهه نظرها وأنها في الإختيار الصحيح هذه المره.


❈-❈-❈


بـعـد مـرور سـنـتـيـن..


كانت زاهية تحمل عده حقائب ثقيله وهي تحث الخطى للخارج تقف على الشارع العام تنتظر الاتوبيس العام وعندما توقف امامها بالفعل وقبل ان تصعد تفاجات باحد يصطدم بها بقسوة ولم يهتم واكمل صعود، هتفت بتبويخ 


= يا ابني بالراحه في ايه ملهوف على الطلوع كده ليه؟ مش شايف في ناس قدامك هتوقعني. 


هز رأسه بعدم مبالاة وهو يقول بخشونة


= لا مؤاخذه يا حجه اصل مستعجل على الشغل وسعيلي كده بس اصل انتوا خطوتكم بطيئه مش زينا، مش لسه هنمشي تاتا تاتا


عقدت حاجيبها للاعلي باحتقار و في حين تحركت لتجلس قبل ان يصعد الاتوبيس، تهالك جسدها على كرسي وهي تتنهد بتعب.. وبدات تجر الحقائب للداخل حتى لا يصطدم احد بها، ويكسر العاب حفيدتها زينة التي طلبتها منها في الصباح..


التفتت نحو الإمام بعدم مبالاة وسرعان ما شعرت بالاشمئزاز وهي تشاهد ما يحدث بالكرسي الامامي، فكان ذلك الشخص الذي اصطدم بها بوقاحه ولم يساعدها او يعتذر باسلوب مهذب حتي، كان يقترب من فتاه في عمر الخمسة عشر عاماً تجلس جانبه وهو يضايق عليها المسافه بكل جرأة، وهي ولا حول ولا قوه منها.. قالت فجأة زاهية مستنكرة بانفعال طفيف 


= ما تحترم نفسك ياض انت مالك لازق في البنت كده ليه؟ وسع شويه ما المكان واسع ولا هي قله ادب وخلاص.


لوي شفتاه باستخفاف وتحدث بلا حياء


= جري إيه يا حجه انتٍ تاني ما تخليكي في حالك المكان زحمه.. وبعدين هي كانت قريبتك ولا اشتكيتلك ما هي قاعده ساكته اهي .


ضغطت تلك الفتاة الصغيرة علي يديها برعب قبل أن تنهض من جانبه بقلق، وهتف بسرعه بوقاحه 


= الله رايحه فين يا حلوه انتٍ هتعومي على عمها ما تخليكي، سكتك لسه ما جتش .


عقدت حاجبيها وتجعد جبينها باستنكار فوري وهي تتساءل بحده 


=وانت يا اللي ما عندكش دم عارف مكانها نازله فين اوعى جيل ما يعلم بيه الا ربنا و عيال ناقصه تربيه.. انا نازله انا كمان هنا استنى يا اسطى .


اقتربت زاهية من الفتاه الصامته بقله حيله ثم امسكت يدها بحماية لتنزل معها وهي تردد بحنان


= تعالي يا حبيبتي نتسند على بعض ونمشي، قوليلي انتٍ عاوزه تركبي ايه؟ و انا مش همشي الا لما اطمن ان انتٍ ركبتي 


ركبت زاهية تلك الفتاة بالفعل واطمئنت عليها وقبل ان ترحل هي الأخري تفاجأت بذلك الشاب كان خلفها كما توقعت! ضغط علي أسنانه مغتاظًا وهو يقول بحنق 


= لو نبطل شويه حشريه ونخلينا في حالنا والله هنريح ونستريح، ارتحتي انتٍ كده لما ركبتيها عامله فيها شجاعه السيما أصلي 


تمتمت زاهية من بين أسنانها بغل شاتمة إياه


= ما هي الاشكال اللي زيك ما ينفعش معاها الا كده قله ادب بصحيح هي البجاحه وصلت انك زعلان اني مشيت البنت اللي عاوز تتحرش بيها يا سافل، والله لو كنت اقدر كنت خليتها ترفع عليكي قضيه تحرش وانا شاهده على كده؟ عشان تتربى وتتعلم تعامل بنات الناس كويس . 


اتسعت عينا بغضب شديد واقترب منها لدرجه اشعرتها بالقلق! وهي لا تفهم هذه الوقاحه الذي بها فهو تحرش بفتاه وايضا يعاتبها لانها دافعت عنها، فصاح بصرامة 


= احترمي نفسك عشان ما مدش ايدي عليكي انا ساكت عشان انتٍ ست كبيره لكن ما تخلينيش اعملها معاكي وحطي لسانك في بقك، قال قضيه تحرش قال.. ولا تقدري انتٍ ولا هي سواء عملت ولا ما عملتش؟ اخركم تزعقوا وتمشوا زي ما جريت كده وهي خايفه وما وقفتش تحاسبني حتى.. عشان جبانه.


وقبل ان تتحدث ابعدها من امامه بقسوة ورحل يهتف بعنف


= اوعي كده من وشي.


سقطت أرضا من شده الدفع وهي تطلع إليه بألم وصدمة وشعرت بالإهانة من قبل هذا الشاب الوقح! فكرت قليلاً بحديثها للتو فكانت تتحدث وكانها أمينه بالفعل، لذا لم تستطيع السيطره على نفسها وهتفت زاهية على الفور بانفعال ودفاعية


= انت اللي مفروض تخاف مش هي على فكره هي ما عملتش حاجه غلط ولا تتكسف منها، ايه يعني لما ترفع قضيه تحرش على الاشكال اللي زيك؟ وكمان بتقل ادبك على واحده ست كبيره.. حسبي الله ونعم الوكيل


خرج منها نفس عميق قبل أن تنفرج ملامحها لأخرى ساكنة وتشرد عينيها في ظلال الماضي بندم ثم همست بأسي 


= كان معاكي حق يا أمينه يا ترى انتٍ فين؟. 


❈-❈-❈


في مكان آخر بعيد، جلست أمينة على المقعد في العمل الجديد وفتحت إحدى الملفات تخرج منها الملاحظات، ليدخل ذلك الشاب مرددا 


= عرفتوا أن في موظفين جدد جايين النهارده، مش عارف يعني هي ناقصة ما كفايه احنا 


تطلعت أمينة بوجه بلا ملامح وهي تقول


=وانت زعلان ليه اهو يشيلوا الشغل عننا شويه، عشان نعرف نخرج ونروح ونيجي براحتنا .


عقد حاجيبة باستغراب وهو يرد بتفكير


=تفتكري ما يمكن صحيح اللي جايين يعملوا فيها بتوع شغل أوي..و انتٍ عارفه حماس بقى الناس الجدد وكده .


اقتربت صديقتهما الثالثة وهي تردد بمرح 


= ومين قالت ان اللي جايين جدد دول هيتنقلوا من فرع لفرع تاني انا سمعت كده المدير وهو بيتكلم.. اهو نشوف اشكال جديده بدل الاشكال اللي قاعده في وشنا دول .


زم شفته بضيق قبل أن يغمغم بحده زائف 


=الله يسامحك يا عزه ليه بقي مش عاجبك اشكالنا للدرجه دي.. طب يا رب اللي يجيوا يطلعوا عينيك انتٍ بالذات، المهم هنسهر المره دي فين حد عنده مكان جديد؟ 


هزت أمينة رأسها بالايجاب وهي تردف بنبرة حماسية 


= عرفت مكان ديسكو جديد هيعجبكم أوي نبقى نروح بعد ما نخلص شغل على بالليل..


❈-❈-❈


وقفت أمينة بالخارج وسط العملاء ثم أشعلت سيجار وبدأت تنفخ الدخان وهي تشعر بالاستمتاع من نظرات الجميع حولها، لكنها لاحظت بانه المديرة الخاصه بها تنظر إليها مطولاً بامتعاض، زفرت أمينة نفسا ضائقا وهي تسألها ببرود 


= في حاجه يا استاذه منال تاخدي نفس! اصل ملاحظه عينك في السيجاره.. لو عايزه تجربي ما تتكسفيش ؟!. 


شهقت بصدمة كبيرة من وقاحتها وسرعان ما أردفت بصرامة حاده


=اجرب ايه لا طبعا الحمد لله انا ست محترمه انا مش عاجبني منظرك ده أصلا خفي شويه اللبس الضيق والمكياج اللي بتحطيه في وشك ومش اول مره احذرك، ونفسي السيجاره دي تفارق ايدك شويه يا ستي حتى طالما مش قادره تستغني عنها اشربيها في مكان متداري مش لازم قدام الناس.


عقدت حاجيبها باستغراب وهي تسألها ببراءة مستفزة


= ومال السيجاره ومال الاحترام طب لما هم اللي بيشربوا سجائر قليله الادب ليه بتوظفوا موظفين بيشربوا سجاير؟ ولا آه عشان هم رجاله فعادي انما البنت تؤ تؤ ما يصحش! 


نفخت مستاءًه منها الأخري وهي تردد بحزم


=لا يا ام لسان طويل الاثنين غلط عشان بتدمر الصحه و ربنا يتوب عليكم منها بس طول عمرنا عارفين ان البنت عيب تعمل كده! مش هتيجي انتٍ على اخر الزمن تغيري المجتمع وعدتنا.. وبعدين تشربي ما تشربيش انتٍ حره انا بقول لك بلاش قدام الناس مش شايفه عمالين يبصلك ازاي ومستغربين جرأتك دي هتخليهم ياخدوا عنك فكره غلط وانك واحده مش محترمه .


ضحكت أمينة ضحكة عجيبة وهي تجيب بصوت أجش ساخر


=يااه كل ده عشان بشرب سيجاره قدام الناس عادي، والله انتم مجتمع غريب وما ليكوا كتالوج ولا حد عارف بتفكروا ازاي.. يعني افهم من كلامك ان عادي البنت تعمل حاجه غلط زي الولد بس في الدري عشان يتقال عليها محترمه انما لما تعملها قدام الناس عيب وست مش محترمه ولا كويسه.. والله انتوا ناس غريبه وبتضحكوا أوي.


توترت منال قليلاً ثم أجابت بجدية


= انا ما قلتش كده بس مش عاوزه حد ياخد عنك فكره غلط و بكره هتندمي على اللي انتٍ بتعمليه ده، انا بنصحك يا امينه عشان انتٍ قد ابني..ويا ريت كمان الخروجات اللي بتخرجيها مع الولاد والديسكوهات تخفيها هي كمان اظن مش محتاجه اقول لك دي ولا تتعمل في الخفي ولا في الظاهر عيب وغلط .


مطت شفتاها للإمام بملل ثم أردفت بتهكم


=قلتلي من شويه ان عندك ابن قدي صح؟ على كده هو بيشرب سجاير ويخرج اماكن زي كده ولا انتٍ مش فارق معاكي عشان هو ولد.. استاذه منال ركزي معاه احسن السن ده خطر وانا اكثر واحده عارفه.. وشكرا على النصيحه اللي اوعدك مش هعمل بيها 


ضغطت على شفتيها بضيق شديد ويأس منها وقبل ان ترحل وجدت شخص ما كان يقف يراقبهم من الواضح، فسألته منال باستغراب 


= انت مين و واقف هنا كده ليه؟ انا ملاحظه وجودك من الاول وعماله اقول شويه و هتمشي ولا مستني حد ولا ايه وقفتك هنا دي ليه .


ظهر بسواد حدقتيه طيف خيبة أمل وهو يقترب منهما، ولم يعرف كيف تمكن من الابتسام الباهت المرير وهو يعقب بنبرة خافتة


= مساء الخير حضرتك استاذه منال انا كنت بدور عليك عشان انا اللي اتنقلت مع الموظفين الجدد .


التفتت أمينة له بعدم مبالاة لكن سرعان ما اتسعت عيناها بصدمة وهي تقول ببطء 


= مصطفى هو انت اتنقلت هنا .


أظلمت ملامحه وهو يتابع مظهرها الجديد حتى صارت عيناه أكثر عمقًا وألمًا لا نهاية له.. ثم تحدث أخيراً بصوتٍ فاتر أجوف 


=من ساعه ما شفتك عمال اشبه عليكي شكلك اتغير أوي.. ازيك يا أمينه عامله ايه 


❈-❈-❈


غادر النادل بعد أن أخذ طلباتهما الاثنين فبدأ مصطفي بتجاذب الحديث معها متسائلاً بفضول حقيقي 


= ما توقعتش ان انا ممكن اقابلك بصراحه ولا حد ممكن يتنقل زيي كده من مكان لمكان بعيد، اظن كمان شغلك وعيشتك وحياتك كلها هناك ايه اللي خلاكي تنقلي.


لف الضيق صوت أمينة وهي تقول بعناد 


=طب ما هو السؤال برده ليكي مش شغلك وحياتك كلها كانت هناك واهلك ليه ببساطه سبتيهم كده؟ 


عاد مجدداً يتسائل بعتاب صريح


= بس انتٍ اختفيتي فجاه وكلنا استغربنا لما عرفنا انك اتنقلتي ومن غير حتى ما تسلمي علينا ولا تقوليلنا على قرار النقل ده.


بدت تعابير أمينة له غير مفهومة وهي تتعمق أكثر بالخوض في غمار ماضيها.. وكأنها ترى نفسها لأول مرة هكذا منذ فترة فتمتمت بشرود 


= كل حاجه جت بسرعه، انا طلبت اصلا من استاذ ايمن الطلب ده وكنت خلاص بحجز التذكره وماشيه وكده اريح ما بحبش بقى جو الوداع وكده.


أجابها بخشونة وجدية


= طب ما حاولتيش ليه تتصلي بينا وتقوليلنا انتٍ نمرتك غيرتيها كمان مش كده .

الصفحة التالية