-->

رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 18 - 2 - الأربعاء 25/9/2024


قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية قلب نازف بالحب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي


الفصل الثامن عشر

2

تم النشر الأربعاء

25/9/2024



هرولت سريعًا إلي الشُرفة بعد أن أرتدت بأستعجال شال قصير علي كتفيها، كونها كانت ترتدي منامة بأكتاف رفيعة تُظهر نصف جزعها العلوي، تفقدت جيدًا أن الجميع نيام، وبين الثانية والآخري تنظرُ خلفها تتأكد أن لا أحد يراها ،ضحكت بخفة علي نفسها،أهي تتسلل مثل اللصوص الآن.... فتحت الشُرفة، لفحتها نسمة هواء باردة قليلاً، طلت برأسها للأسفل تعضُ علي شفتيها بخجل...... 


وجدتهُ بالفعل بالأسفل ولم يكن يستفزها فقط، يقف مُستندًا علي سيارتهِ البيضاء في هذا الوقت المُتأخر من الليل، الساعة قد تخطت الواحدة بعد مُنتصفِ الليل، ظلت تنظر له فقط، وبداخلها هناك دغدغة لطيفة بكامل معدتها، كان ينتظرها، وينتظر نزولها لمُقبالتُه، حيث أتصل عليها قبل دقائق يخبرها أنه أسفل البناية ويود رؤيتها ضروريًا..... 


ظنت أنه يمزح فقط ليسَ إلاَ، لكنه أكدَ أنه بالفعل ينتظرها بالأسفل فـ ها هي هرولت للشرفة لكي تتأكد، رفعَ هو بصرهِ للأعلي بعدما كان مثبتًا علي مدخل البناية، حينما شعرَ بها، وجدها بالشرفة بالفعل، فرفعَ هاتفهُ يتصلُ بها..... 


دقَ هاتفها بين يديها، فتحت بسرعة، تِجيبهُ بغيظٍ: 


_"ده بجد بقا، أنتِ بتعمل أي عندك يا طارق دلوقتي أنتَ مش عارف الساعة كام دلوقتي؟". 


علي الطرفِ الآخر قد أبعدَ الهاتف عن أُذنيهِ لتفادي صراخها ذاك، وبعد أن أنتهت أعاد الهاتف يُجيبها: 


_"أي راديو مش بيفصل، أديني فُرصة أتكلم طيب". 


زفرت بنفاذ صبر تقول بينما تصكُ علي أسنانها: 


_"أتفضل". 


_"أنزلي طيب عايز أشوفك مُمكن؟ ". 


جائته أجابتها سريعة بعد أن أنتهي فورًا وكانها كانت قد حضّرت ردها 


_" لا مُش ممكن، وأتفضل أمشي بقا وبلاش فضايح". 


الأسلوب اللين لن يأتي معها بنتيجة، لذا، صاح بها محذرًا: 


_"هو هيبقي فيه فضايح بجد لو منزلتيش دلوقتي حالاً يا رانيا، أنا مجنون ومُمكن أطلعلك أنا! ". 


_" خلاص خلاص نازلة هُما خمس دقايق بس". 


أغلقت الهاتف، تبعهُ أغلاقها للشرفة، وقد سارت ببطء حتى وصلت للباب فتحته بتروٍ، وتركتهُ موارب، لأنها لا تملك المفتاح، هتفت بصوتٍ مسموع بينما هي بطريقها للأسفل: 


_"مجنون أقسم بالله مجنون! ". 


بعد دقيقة كانت تخطو خارج البناية، تُربعُ يدها حول صدرها بتحفز، وما أن رآها هو أبتسمَ بأتساع، مما ذاد من غيظها، أقتربت منه تهتف بعصبية مفتعلة: 


_" نعم أفندم..... في أي؟ ". 


فشلَ في كتمِ ضحكتهِ علي مظهرها وهي متقمصة الغضب هكذا، قائلاً من وسط ضحكاتهِ: 


_" مُش لايق عليكِ التكشيرة دي علي فكرة". 


قلبت عينيها تنظر له بسأمٍ، قابلها هو بنظراتهِ التي تحولت إلي نظرات جادة، متنهدًا ثُم قال: 


_"أنا مسافر بكره الصُبح". 


للحظة شعرت بغصة طفيفة بقلبها لا تعلم سببها، غصة تُشبه غصة القلق والأضطراب، هذا كان ردها علي ما قال، ويزيد عن ذالك، أمتعاض وجهها، لكنها حمحمت تقول بهدوء: 


_"فين؟ للشُغل؟ ". 


أستندَ علي السيارة من خلفهِ يقول: 


_"لا مُش شغل، أنا نازل المنصورة فرح عمي بكره". 


رفعت حاجبيها بأستغراب: 


_" عمك؟ ". 


_" أيوه أي مالك.. عمي مُراد هيتجوز بكره ولازم طبعاً أبقي موجود ". 


رفعت أصبعها السبابة بوجهِ مردفة بتحذير: 


_" أوعا تكون تقصد أن عمك ده راجل بتاع نسوان وكل شويه يتجوز واحدة من سن عياله ويعمل فرح وبعدين يطلقها". 


نظرَ لها بصدمة، لقد ألفت سيناريو خياليًا بأقل من ثواني، تصلح مؤلفة، لكن مؤلفة فاشلة، أبعدَ أصبعها التي كانت تصوبهُ نحو وجههِ بتحدٍ، وقابلَ نظراتها بنفس التحدي من قِبلِ نظراته قائلاً: 


_"في ثواني طلعتي عمي بتاع نسوان وراجل تافه، أحب أقولك أن أفكارك العبقرية دي غلط... عمي مُراد أول جوازة ليه! ". 


_" وأي إللي مقعده لحد دلوقتى؟ أي كان مترهبن عن الجواز بعد ما حبيبته القديمة أدتله علي قفاه؟ ". 


ضربَ كفً بكفٍ، يقول : 


_" لا حول ولاقوة الابالله، أنتِ مالك يا رانيا النهارده؟ ". 


_" أنتَ اللي مالك، منزلني فنصاص الليالي علشان تعرفني علي العيلة.... وعمك المترهبن ده ". 


_" أخنقك طيب وأخلص،عمي ده سِنُه صغير، أصغر عمامي، تقدري تقولي جدي جابه علي كَبر شوية". 


_"ده مش شويه ده شويتين تلاتة.... واضح أن جدك كان خلبوص؟ ". 


هنا ضربها بخفة علي مقدمة رأسها، قائلاً: 


_" ما تقفلي البلاعة دي يارانيا بقا، أهدي يا ماما..... أنا أصلا غلطان إني جاي لحد هنا فالوقت ده علشان أسلم عليكِ قبل ما أمشي ". 


ضيقت عينيها بعبوس تسألهُ: 


_" أي ده أنت‌َ هتمشي دلوقتي؟ ". 


_" أيوه، وكُنت عايز أشوفك قبل ما أمشي، لأن شكلي مطول شوية هناك". 


_"تروح وتيجي بالسلامة". 


قالتها بهدوء، بينما بنبرتها حزن خفي، سلمت عليهِ بيدها تودعهُ، وقد أطالت النظر له رغمًا عنها، وكأن فعلته تلك جائت لا ارادية من حواسها التي تريد أن تشبع منهُ قبل رحيلهِ.... 


كادت ترحل لكنه أوقفها حينما قال: 


_"رانيا ". 


_" أي؟ ". 


_" هتوحشيني علي فكرة ". 


❈-❈-❈


أغلقَ الباب بعد رحيل أصدقائهِ، بعد أن أنتهت سهرتهم الليلية، عاد بخطوات غير مُتزنة إلي حيثُ الأريكة الكبيرة التي تتوسط صالة الشقة، ازاحَ زجاجات الخمر بعيدًا قليلاً لكي يجلس..... 


أرتمي علي الأريكة بجسدٍ مُخدر، عينيهِ شبهِ مغلقة، مازال عقلهِ مغيب تحت تأثير ما تجرعهُ قبل قليل، المكان من حوله في فوضة عارمة، زُوجاجات خمر فارغة متناثرة بكل زاوية بعشوائية، رائحة المكان مُقززة، تختلطُ ما بينَ الخمرِ، والسجائر...... تلك السجائر الغير بريئة بتاتًا المُلقي بواقيها علي الأرضية بأهمال........... 


رجعَ برأسهِ للوراء منتشيًا ومازال تحت تأثير تلك السموم التي بأوردتهِ، والتي تجرعها برضا تامٍ منه، حتى أنه هو صاحب السهرة الماجنة التي أنتهت قبل قليل، بعد ساعات قضوها في السُكْر والتدخين..... وقعت يداه علي لفافة تبغ غير مستهلكة، فأمسكها يضعها بين شفتيهِ ويقوم بأشعالها، ثواني وأنتشر دُخانها المصاحب لرائحة قوية مقرفة........ 


عينيهِ علي السقف فوقهِ، مر شهرين أو أقل علي مكوثهُ هنا، شهرين منذ أن رحلَ بعد تلك الليلة، وقد قضاهم هنا غارق بين كومة السموم هذهِ، وكأنها ينتقم من نفسه، أو يعوض تلك الأيام التي أمتنعَ فيها عن ممارسة هويته المفضلة، خوفًا من أبيهِ وعمهِ..... 


قفزت إلي مُخيلتهُ، مُعذبة قلبهِ، أبتسمَ بضياع وصورتها الملاكية تلوحُ أمامه مختلطة بسراب الدخان من حولهِ، غدًا سيعود لها، سيعود يُجني ثمار ما فعلهُ قبل رحيلهِ، أو بمعني أصح هروبهُ كالفأر..... 


ما يزيد عن الشهر ونصف، لم يسمع بأن شيء حدث، يُحدث والداتهُ يوميًا بهدف أن يعرف ما من جديد، لكن لا شئ، حتى تيقنَ أن فريستهُ الحبيبة قد وقعت بالفخ، الطبخة التي بذلَ كثيرًا لتسويتها، الآن نضجت وحان الوقت لتناولها بنهم وتلذذ......... 


الأوضاع الهادئة تلك لا تدل سوي علي أن "رضوي" لم تنطق بأي شئ، وأنها خائفة، أذًا يحين هنا دورهِ، ويذلها أولاً متلذذًا بضعفها أمامه ثأرً لرفضها لهُ، من ثم يعطفُ عليها ويتزوجها بالطبع بعد أن ينتقم أنتقام يرضيه...... 


غدًا سيعود، يكفي هكذا، أبتسمَ بأتساع، أبتسامة خبيثة ماكرة، بنفث دخان سيجارتهُ بشراهة يتخيلها مذلولة أسفل قدميهِ تترجاه أن يرحمها ويتزوجها، ستنقلب الأية، سابقًا هو من كان يركض خلفها، الآن هي من ستركض خلفه زاحفة علي قدميها......  يقرر هو متى يرأف بحالها......


الصفحة التالية