رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 2 - 1 - الإثنين 9/9/2024
قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قلب نازف بالحب
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل الثاني
1
تم النشر الإثنين
9/9/2024
بينما هي مُنشغلة بالنظر إليه بدون حساب هكذا رُغمًا عنها، وجدت جوزً من العيون ينطلقون نحوها كأنهم أسهم نارية، وبالطبع دون تخمين "نادر" عينيهِ كادت تخترقها كُليًا، توترت ثم مثلت أنشغالها بالطعام اللذي لم تأكل منه سوي لُقيمات صغيرة جدا، خشيتًا أنه قد لاحظ أنها اطالت النظر إلي "مُراد"......
بعد عدة دقائق أرتفع رنين جرس المنزل، فتقدمت الخادمة سريعًا تفتح الباب، ثواني وظهر، من خلف الباب، أكثر وجه لاتودُ رؤيتُه علي الأطلاق،ليسَ وقتها البتّة،قائمتها المُخصصة لكتابة ضحياها تلوح أمام عينيها الآن،لقد جائت بأقدامها للهلاك....... ، أغلقت الخادمة الباب تبعهُ صوت كعب أنثوي تعرفه جيدًا، ألتفت الجميع ينظرون إلي هوية الطارقة، مُبتسمين لها بإتساع، بينما تقدمت هي بأبتسامتها المعتادة والتي تكرهها" رضوي "للغاية، أن أتينا للحق هي تكره الإبتسامة وصاحبتها أكثر من أي شيء، أكثر من" نادر "السَمج، وحتي أكثر من كلمة" عمو"التي تُجبر علي قولها لـ "مُراد".......
كانت ومازلت جالسة بمكانها مُمسكة بسكينة صغيرة بيد، وباليد الأخري شوكة، ثبتت نظرها علي ردة فعل" مُراد"، تود أن تستشف ردة فعله هل كان سعيدًا لرؤيتها اليوم، بالطبع وأكثر، دليل، أنه منحها إبتسامة كبيرة مُرحبًا بها، وما أن أقتربت منه نهض يحتضن إياها بكل بساطة وإرياحية ...... أحدكم يُسدل الستار كفا إلي هنا.......
نغزت السكينة بقطعة اللحم المسكينة أسفل يديها بغلٍ وغيظ، كادت تكسر الطبق، مُتخيلة أن تلك الحيزبونة مكان قطعة اللحم، أليسَ يقولون أن القتل عند الغيرة حلالٌ حلالُ حلال ٌ، إذًا لِمَ هي جالسة مكانها هكذا، فالتنقضُ عليها وتنحر رقبتها الجميلة تلك المُزينة بعقد لؤلؤي أبيض...
_"مُفجأة مش كده.... ".
نطقت بها" نانسي"، إبنة أخ الحاج "عبد الحميد"، وبالتالي، أبنة عم" مُراد"، فور أن فصلت عناقها مع "مُراد"، كانت توجه حديثها له هو فقط، وكأن الجميع غير مرئيين بالنسبة لها، أبتسم لها يومأ برأسهِ قائلاً:
_" وأحلي مُفجأة كمان، جيتي إمتا؟ ولي مقولتليش أجي أخدك؟! ".
فالنُضيف" مُراد"إلي قائمة من تود قتلهم اليوم، تعلم تعلم أنه يوم مشؤم كانت تشعر مُنذ الصباح،أصتبحت بوجه "نادر"ماذا تتوقع بعد؟، ظلت تُتابع مُحادثتهم بنظراتها النارية التي أطلقتها صوب "نانسي" التي أجابتهُ تهز كتفيها العاريتين ، بفعل أنها ترتدي كنزة بأكتاف رفيعة:
_"قولت أعملهالكم مُفجأة، أنا يادوب وديت الشُنط الفندق وجيت علي هنا علي، طول".
هُنا تحدث السيدة "حنان" ، قائلة بإستنكار:
_"فُندق! فُندق أي يا بنتي وبيت عمك موجود؟؟ ".
التفتت لزوجة عمها تُجيبها قائلة:
_" معلش محبتش أتقل عليكم ".
وهنا قاطعها" مُراد"، قائلاً:
_"أنتِ عبيطة يا نانسي، بيت عمك زي بيتك بالضبط، أنتِ مش هتمشي من هنا هتقضي الاجازة هنا كلها معانا ".
كانت" نانسي" تمكث في مدينة الأسكندرية، وتعمل مع "مُراد"، في شركتهم الخاصة بالأستيراد والتصدير، مُنذ ما يُقارب السنتين، حيث كانت" نانسي"متفوقة دراسيًا، وعندما تخرجت تدربت فالشركة، من ثم بعد فترة قصيرة أثبتت كفائتها، تم تعيينها فورًا ومُنذ ذالك الحين و"مُراد"لا يستغني عنها، معه خطوة بخطوة فالعمل نظرًا لأنها متفوقة في عملها جدًا كما يثرثر هو عنها دائمًا، تأمل أن يكون لهذا السبب فقط، حتمًا أن كان هُناك سببًا آخر، ستتصدر العناوين، شاهد فتاة أُلقت بالسجن بسبب أنها قتلتت إحداهم بمبرد الأظافر، وهنا يمكنكم تحديد من هي إحداهم.......
أكمل "مُراد" حديثهِ يؤكد عليها:
_"أنا هبعت السواق يجيب حاجتك من الفُندق، أوضتك جاهزة وزي ما سبتيها آخر مرة! ".
_" حاضر،هقضي الأجازة هنا ".
وقد كان هذا مُرادها من البداية، وها هي حصلت عليهِ، فمنحته أبتسامة دلال، وقد نطقت بكلماتهِا الاخيرة بنبرة أكثر رقة عن ذي قبل
لماذا لماذا؟، هي لا تود رؤيتها أمامها مُطلقًا، حتما سترتكبُ جناية، خاصةً وأنها تشك لا لا بل مُتأكدة أن" نانسي"تكنُ المشاعر تجاه "مُراد"، ويُمكن أن نقول أنها تُحبه بالفعل، وهذا يظهر بوضوح مهما حاولت هي أخفاء ذالك خلف شخصيتها الهادئة والرزينة، هي مفضوحة حتمًا، علي الأقل أمام" رضوي".......
نهضت من كُرسيها بعصبية، أحدثت جلبة وضجيج، وكاد الكرسي التي كانت جالسة عليه أن يرتد إلي الخلف، بسبب نهوضها بهذهِ الطريقة العدوانية، حتي أنتبه لها الجميع، ووجدت جميع الأعين موجه صوبها عاقدين حاجبيهم بإستغراب، أبتسمت لهم بسماجة، من ثم استأذنت قائلة:
_"الحمدلله شبعت، أنا هروح أقعد فالجنينة شويه لحد متخلصوا، عن أذنكم! ".
أنهت جُملتها من ثم توجهت إلي الخارج سريعًا، دون حتى سماع أجابة من أحد،علي أساس أنها كانت تنتظرُ أصلاً......
❈-❈-❈
جلست في نهاية الحديقة التي تُحيط بالمنزل من الأربع جهات، حديقة حرصت السيدة" حنان"، علي الأعتناء بها جيدًا، ودومًا ما تزرعُ بها النعنان والقُرنفل، والورود لذا رائحة الهواء هنا مُنعشة، ورائحة الجو مُختلطة ما بين الثلاثة مزروعات، تُعطي هدوئًا كبيرًا للنفس، مرت علي جلستها تلك ربع ساعة تقريبًا، لم تفعل شئ سوى اللعب في أظافرها، والتفكير.....
ولنكون صُرحاء، ليس تفكيرًا بل تخطيطًا، ترسمُ خطة، خطة لإبعاد تلك الحيزبونة عن طريق "مُراد"، تتحدث وكأنها بالفعل تملك القدرة علي فعل ذالك، نعم لا تملك، لكن يكفي شرف المُحاولة، هي أن أستطاعت إبعادها عنهُ وهي هنا، لن تسطع بالطبع أبعادها عنه بالعمل، أنها تتبعه مثل ظلهِ، يثق بها جدًا، دومًا ما يمدح عقلها وذكائها و قدرتها الفائقة علي حل جميع المُشكلات، كانت تستشعر من نبرتهِ فالحديث عنها أنه فخورً بها، وبما تفعله من تقدم......
متي يحين موعد تخرجها، لكي تعمل معهم وتثبت له أنها جديرة أكثر منها وذكية أيضًا و... وتُحبهُ، تنهدت بأنزعاج شديد، مُجرد التفكير فقط بأنه من المُمكن أن يكون يكن لها مشاعر الحُب المتبادل، تشعرُ بالأختناق الشديد،وأنعدام الهواء من حولها،فلتذهب للجحيم .....
ولِمَ لا، أنها أبنه عمهِ، تربت معهُ مُنذ الصِغر، وغير كل هذا أنها بالفعل يوجد بينهم توافق فكري كبير، فـ هي شخصية هادئة رزينة عاقلة لأبعد حد، تُقدس العمل كأنه كل حياتها، ذكية، مثقفة، والأدهي أنها تُقاربهُ فالعمر، فكانت تبلغ الثامنة والعشرون من عمرها بينما الآخر واحد وثلاثون، ثلاث سنوات فقط لا غير، بينما هي تصغرهُ بعشر سنوات كاملين....
وبعد كل هذا، نُضيف أنها جميلة بالفعل، تملك جسد أنثوي ممشوق تعتني به جدًا، طويلة بشعر أسود فحمي وعيون سوداء واسعة مُحاطة بأهداب كثيفة، ببشرة خفيفة السمّار، حقا كانت تضج بالفتنة، لكنها تراها عكس ذالك، لا تراها سوى ضُفضع أخرق ليس له أي فائدة فالحياة.....
أخرجت النُوتة الصغيرة من جيب سروالها، ومعها قلمها، وبدأت تكتبُ عدة كلمات بخطٍ مُنمق، وبينما هي مُنشغلة فالكتابة، تقدمت إليها كُلاً من "ليلي" تأتي بصُحبة "نانسي".......
ها نحنُ لقد أتينا بسيرة الضفضع جاء يقفز، التفتت لهم القت علي" نانسي"نظرة مُتعالية بطرف عينيها، من ثم عاودت الأنشغال بما كانت تعمل بهِ، جلستا الأثنين بجوارها،لكنها لم تعيرهم اهتمامًا، بل ظلت تنكسُ رأسها في دفترها الصغير.....
هتفت "ليلي"، قائلة:
_" أي يا ريري عجبتك القعدة هنا ولا أي؟".
رفعت رأسها، ترد عليها:
_"أه عجبتني جدا... ".
ثُمَ تابعت تنظر إلي" نانسي "من الأسفل إلي الأعلي بقرف:
_" أصل الجو جوه فجأة كده بقي يُخنق وكتمة ".
_" عندك حق علشان كده جينا نقعد هنا جنبك فالجو الحلو ده.... ".
نطقت بها" نانسي"، وبداخلها مُستغربة للغاية كره تلك الفتاة لها، أنها لم تفعل لها شيئًا، لا تتذكر أصلاً فالمرات التي كانت تجلس هنا بهم، أنها تحدثت إليها أو حدث بينهم أي شجّار أو شيئًا من هذا القبيل......
لاحظت "ليلي" توتر الأجواء بينهم، فهي تفهم جيدًا لمَ تكرهها "رضوي"، نعم" ليلي"علي دارية، بشأن حب "رضوي"، لـ" مُراد"، لذا تحدثت إلي "رضوي" تسألها:
_"وريني كده بتكتبي أي؟...".
ثم تابعت توجه حديثها إلي الجالسة بجوارهم:
_"رضوي بتعرف تكتب حلو جدًا، موهوبه وشاطرة في، كتابه الخواطر والأشعار.... "
_"بجد طيب مُمكن أبص علي إللي بتكتبيه يا رضوى؟ "
لا لا، لا يُمكنها أن تكون لطيفة هكذا،أستسلمت لها، ثم مدت يدها بدفترها الخاص اللذي،تكتب به جميع الرسائل التي تبعثها لـ "مُراد" سرًا...... التقطتهُ هي تعبث بهِ تلقي نظرة علي المكتوب بداخل الدفتر، ثم منحتها أبتسامة قائلة:
_"أنتِ بجد إللي كاتبة الحاجات دي؟ ".
هزت رأسها بنعم، بينما هتفت" ليلي"، بدلاً عنها بحماس:
_"بقولك موهوبة جدًا! ".
_" آه فعلاً، براڤو عليكِ بتكتبي حلو فعلاً... "
أخذت منها الدفتر، وضعته بمكانه بداخل جيب بنطالها الأبيض، ثم نهضت قائلة:
_"أنا داخلة، لحسن الجو هنا برضو بقي خنقة مرة واحدة،والهوا تقيل كده؟ ".
❈-❈-❈
لم تود أن تجلس بصُحبتهم الآن مزاجها مُتعكر لأبعد حد، فقط تود الأختلاء بنفسها، أو النوم، نعم النوم، هو الحل الوحيد للهروب من أفكارها السوداوية تجاه" نانسي"، وبما أنها تود الاختفاء عن اعينهم بدلاً من أستغلال أن اليوم هو عطلة"مُراد"، وتود أن تشبع منه بقدرٍ كافي، هي لا تشبع منه من الأساس، فأنها الآن وصلت إلي أقصي درجة في أنزعاجها، لذا أقتربت من أول غرفة قابتلها بابها مفتوح، وقد كانت غرفة السيدة"حنان"، دخلت ترتمي علي الفراش بإرهاق، زفرت بغيظ من ثم أعتدلت حيث أصبحت مُمدة بإرياحية، تنظر إلي السقف.......
وقد كانت تلك عادتها، عندما تود النوم تنظر إلي السقف لمدة حتى تجد نفسها تخوص بنومٍ عميق، وقد إعتادت علي فعل ذالك دومًا، نهضت تنزع عنها سترتها، لأنها شعرت بالحر قليلاً، وبقيت فقط بالتوب القصير، والذي يُغطي منتصف جسدها من الأعلي، دقائق وكانت قد ذهبت فالنوم ترحم عقلها من كثرة التفكير.........
لا تعلم كم من الوقت نامت، لكنها كانت بالفعل مُرهقة أثر سهرة ليلة أمس، ولم تنم سوى بضع ساعات قليلة جدًا عن معدل ساعات نومها، لذا لم تشعر بنفسها، سوى شعرت فجأة بيد تُداعب بشرة وجهها البيضاء، تململت بأنزعاج تتأفأف بضجر لكنها لم تفتح عينيها بعد، أنتقلت اليد إلي خُصلات شعرها التي أنفكت عُقدته وأصبح مشعث قليلاً علي وجهها.......
أنتفضت من مكانها بقوة كمن لدغتُه عقرب، أرتد "نادر" إلي الخلف أثر نهوضها المُفجأ ويديهِ التي كانت تُداعب خصلات شعرها مازلت معلقة فالهواء، نظرت لهُ بذعر، من ثم شدت الغطاء عليها بعصبية، وقد فلتت أعصابها، تصرخ بهِ:
_"أنتَ أتجننت يا نادر، أزاي تُدخل عليا كده؟، أنتَ دماغك دي مالها".
_"في أي مالك أتسرعتي ليه كده، ولا كأنك شوفتي عفريت".
_"أنيل، والله العظيم أنيل".
للمرة الثانية في نفس اليوم تُلقي عليه نفس الكلمات، وللمرة الثانية في نفس اليوم أيضًا يبتسم هو لها بتلك الإبتسامة السمجة أثر، كلماتها وكأنها تلقي عليه كلمات العشق والغرام، وليس سبًا......
ظلت تتنفس بصوتٍ مسموع وتسبُه بأفظع الشتائم بداخلها، أنه لن يرتاح حتى يجعلها تموت بأزمة قلبية بيومٍ، لا تفهم ماذا يُجدي حِيال ما يفعلهُ بها هذا الأخرق، وضعت رأسها بين يديها تشعر أن الغرفة تدور بها، بينما هو ظل يُتابعها بنظراتهِ، رفعت رأسها تصيح بهِ بأنزعاج:
_"عايز أي يا نادر، هو كل شويه هلاقيك فوق دماغي، عايز يعني تموتني بسبب الخضة من أفعالك دي؟! ".