-->

رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 3 - 1 - الإثنين 9/9/2024

  

قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية قلب نازف بالحب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي


الفصل الثالث

1

تم النشر الإثنين

9/9/2024




لم تجلس لخمسة دقائق فقط، ووجدت صوت "مُراد" المُرتفع يصرخ بأسم الخادمة، وقد سمعت أيضًا أصوات "نانسي" التي كانت تتلوي  من شدة الألم، وقفت من مكانها وقد وقعَ قلبها بين قدميها من شدة خوفها لِنتائج فعلتها الشنيعة التي فعلتها بدافع غيرتها ولم تحسب حسابًا لأي شيئًا آخر، وجدت الخادمة تهرول بوجهِ شاحب، و قد أجتمع المنزل بأكمله يهرول الي المكتب، بينما هي ظلت ملتصقة بالأرض لا تقوى علي الحركة.......... 


خرج "مُراد"، من المكتب يفتح الباب بعصبية، وقد قابلَ الخادمة أمامه بوجهها الشاحب من الخوف، وهي بالفعل لا تعلم ما الذي حدث ليصرخ عليها هكذا، كانت قد برزت عروق رقبتهِ النافرة، وهذا يدلُ علي شدة غضبهُ الآن مما جعل المسكينة الأخري تكاد تقفز الدموع من عينيها خوفًا بالرغم من أنها تعلم أنها لم تُخطئ فشيئًا، سألتهُ والداتهُ بقلق من تلك الجلبة التي أحدثها: 


_" في أي يا مُراد أي إللي حصل؟ ". 


لم يُجيب عليها، بل نظر إلي الخادمة بنظرة نارية يسألها ضاغطًا علي أحرفهٍ بأسنانه: 


_"مين إللي عمل القهوة إللي دخلت مكتبي من شويه؟ ". 


بلعت ما بجوفها بتوتر بالغ، وقد بدأ العرق ينساب علي جبهتها، فقالت بتردد: 


_" أنا... بس! بس مالها؟ ". 


_" عملتيها أزاي حطيتي فيها أي؟! ". 


وهنا ذاد توترها أكثر كادت تسقط مُغشية عليها، لم يكن" مُراد"، يومًا شخصًا قاسيًا أو جافيًا، بل بالعكس أنه شخص هادئ مُتفاهم وليّن الطبع، وبما أنه في كامل غضبهِ بهذهِ الطريقة التي ولأول مرة ترآها منهُ مُنذ أن جائت للعمل هنا، من حوالي ثلاث سنوات مضّت، وأيضًا يسألها هذا السؤال الغريب للغاية، بالطبع حدثت مُصيبة ستقع فوق رأسها الأن بللت شفتيها بتوتر، ثم قالت بصوتٍ مُنخفض: 


_"عملتها أزاي؟ أزاي، مش فاهمة؟ ". 


الجميع يقف يُتابع عاقدين حاجبيهم ينظرون إلي بعضهم البعض يحاولون أن يفهموا ما الذي حدث، وما الذي يحدث، بينما فالخلفية هناك صوت متألم يأتي من الداخل، أرجعَ هو خُصلات شعرهِ السوادء إلي الوراء يتنفس بعصبية، يحاول أن يكبح غضبهِ، حيث أنه يتحدث إلي سيدة بمثل عمر والداته، ومهما فعلت، ليسَ من أخلاقهِ رفع صوتهِ علي من هم أكبر منه سنًا...... 


لذا تنهد تنهيدة طويلة، قائلاً يُنهي الموضوع بأكمله بعدة كلمات كي لا يضطر إلي المشاجرة أو رفع صوتهِ ولا يعلم ماذا سيحدث أيضًا، من الممكن أن تمتد يديهِ فحين أنه لا يعرف كيف يسيطر علي عصبيتهِ، وهذا بالطبع غير لائق ولا يود حدوثه بتاتًا: 


_" تأخدي حسابك وتتوكلي علي الله ملكيش أكل عيش تاني هنا. ". 


__" أي إللي بتقوله ده يا مُراد، متفهمنا". 


قالتها والداته المُنصدمة من أفعاله المجهول سببها بالنسبة لهم: 


_"لو سمحتي يا أُمي، أنا عارف أنا بعمل أي محدش يناقشني". 


قال كلماتهِ بنبرة صارمة، ثم تركهم تأكل من رؤسهم الطير، إلي الآن لا يفهم احد شيئًا، عدا منها هي، هي وحدها من كانت تعلمَ سبب كل هذا، وكادت بالفعل تبكي ندمًا لِمَ فعلتهُ بأندفاع دون تفكير، فقط لأنها تغار، لم تكن تعلم أنها ستتسبب في قطع عيش أحدهم وهو لا ذنب له، كل الذنب عليها هي، وهي المُذنبة الوحيدة هنا، نعم "نانسي" تستحق، لكن ما ذنب تلك المسكينة التي قُطعَ أكل عيشها اليوم بسببها.....؟ 


أبتعدت الخادمة منكسة الرأس وقد شبه فهمت ما الذي يجري، وما أن وصلت إلي "رضوي" التي كادت أن تُشيح بوجهها للجهة الأخري، لانها تعلم أنها فهمت أنها هي من فعلت هذا، لكن الخادمة نظرت لها بنظرة كادت تحرق الآخري، نظرة متخاذلة مذلولة وكأنها تُعاتبها علي ما تسببت لها بفعلهِ دون الشفقة عليها، نظرة كانت كفيلة بجعل "رضوي" تود لو تهرول الآن وتعترف بفعلتها الشنيعة..... لكنها لم تقوى علي الحراك، ثواني وخرجَ "مُراد" يحملُ بين يديهِ "نانسي" المُغشية عليها بين أحضانهِ، شهقات الواقفين المنصدمة، افقاتها من شرودها...؟ 


سألتهُ والداتها هي بقلق: 


_"أي ده مالها نانسي.... "


_"أنتو شايفين أي؟.... "


صاحَ بها بعصبية، من ثمَ وجهَ حديثهِ إلي "طارق" يصيحُ بهِ هو الأخر: 


_"طارق قدامي عالعربية يلا، بسرعه أتحرك". 


_"حاضر، حاضر! ". 


❈-❈-❈


بأقدام كالهلام، صعدت هي إلي حيثُ شقتهم، فتحت شقتهم، من ثم دخلت إلي غرفة نومها، مباشرةً، جلست علي سريرها، تضعُ رأسها الذي كاد ينفجر بين يديها بضيق شديد، الندم يتآكلها حرفيًا..... صرخت صرخة مكتومة بغيظ كبير، أنانية، أنانية ظلت تلك الكلمة تُلاحقها كـ طنين ذبابة مزعجة، زفرت بقوة من ثم أرتمت بظهرها بمكانها تنظر إلي السقف، ونظرة" أم محمد "تتراقص أمام عينيها لتذيد من شعورها بالندم الشديد، ظلت علي وضعيتها تلك لعدة دقائق تفكر في حل لتلك المشكلة.... حتى أستمعت إلي طرق علي باب غرفتها، علمت فورًا أنها" ليلي"من طرقاتها المُميزة، فسمحت لها بالدخول ومازالت علي نفس الوضعية... 


من أن دلفت "ليلي"، نظرت اليها بغضب، تُربع يديها أسفل صدرها بتحفز، تسألها: 


_" أنتِ إللي عملتي كده صح؟ ". 


نهضت تمثل الجهل ترد عليها: 


_" عملت أي؟ ". 


" حطيتي لـ نانسي أي فالقهوة يا رضوي ". 


حسنًا حسنًا لا داعي للأنكار، فَـ" ليلي" تعرفها أكثر من نفسها، وهي بالفعل مُتأكدة أنها المسؤلة عن ما حدث، لذا زفرت بأحباط قائلة: 


_"أيوه أنا إللي عملت كده، حطتلها بهارات وحاجات كده معرفش أي هي أصلا لقيتهم فالمطبخ". 


وهنا أنقلبت الطاولة، وأصبحت "ليلي" هي الكبيرة الناصحة، و"رضوي"هي التي تتلقي النصائح والتوبيخ، لكنها متقبلة ومستعدة لأي توبيخ، حتمًا تستحق أكثر من مجرد توبيخ، هتفت "ليلي" بعتاب ولَومٍ: 


_"أنا مش هسألك عملتِ كده ليه لأني عارفة!، أنا عايزة أعرف بس أنتِ مفكرتيش خالص فأضرار ولا نتايج تهورك ده، وأدي النتيجة، مُراد قطع عيش الست اللي ملهاش أي ذنب، ده مش محرك جواكِ حاجة". 


_"محرك والله العظيم محرك وهموت من الندم، أنا بجد مفكرتش فالنتيجة، كل اللي فكرت فيه هو إني انتقم منها وبس". 


نظرت لها بنصف عينٍ، مُعلقة علي ما قالت: 


_"آه الغاية تُبرر الوسيلة يعني، ثم تعالي هنا، عايزة تنتقمي منها علي أي هي عملت أي أصلاً". 


طالعتها الأخري بعيون حزينة: 


_"يعني مش عارفه.... مش عارفه أنها بتتلزق كل شويه في مُراد زي اللزقة، وبتتمايص عليه كمان ". 


_" علي فكرة بقا ده في دماغك أنتِ وبس، أنا شايفة أنّ تصرفاتها عادية جدًا، بحكم أنهم قريبين من بعض بحيث القرابة وكمان بينهم شغل". 


نهضت من مكانها بعصبية تصيح بها بتحذير، وقد رفعت أصبعها السبابة في وجهها: 


_"بس متقوليش قريبين من بعض بس، أنتِ كده بتزيدي الطين بلة علي فكره، وهتخليني أروح أضربها بسكينة دلوقتي ".


_" مأڤورة أوي بصراحه". 


نظرت لها بغيظ تود لطمها علي خديها الآن لغبائها اللعين،وهي الآن بحالة ندم، يكفي ذالك عليها، لذا دفعتها من ظهرها تجاه باب الغُرفة الموارب قائلة: 


_"أمشي من وشي أحسن لك، ويُستحسن مشوفش وشك النهاردة تاني ماشي ". 


زجتها خارج الغرفة، ثم أغلقت الباب سريعًا، مستندة عليهِ بظهرها تتنهد بصوتٍ مسموعٍ، من ثم كرمشت وجهها بحركة طفولية تذمُ شفتيها الوردية، تود الأنفجار بالبُكاء الآن.......


❈-❈-❈

_" عاملة أي دلوقتي مش أحسن". 

قالها"مُراد"مُلتفتًا برأسهِ تجاه "نانسي" الجالسة لجوارهِ في سيارتهِ، مُربتًا علي يديها بكفهِ، أجابتهُ بنبرة مُتعبة بينما كانت تستندُ برأسها علي الكُرسي من خلفها: 

_"الحمدلله أحسن بكتير". 

_"الحمدلله، تِحبي نقف فأي مكان تأكلي حاجة أنتِ مأكلتيش من ساعه ما جيتي". 

أبتسمت لهُ إبتسامة مُتعبة لكنها سعيدة، سعيدة جدًا بأهتمامه الكبير بها، وبخوفهِ وهلعهِ عليها بهذهِ الطريقة، لو كانت تعلم أنه سيفعل معاها كل هذا لكانت القت بنفسها أسفل سيارة مثلاً، فقط لتُطمئن قلبها أنه مازال هُناكَ أمل وأنّ يظلَ علي عهدهِ، أجابتهُ بهدوء ومازالت البسمة تعتلي ثُغرها المطلي بأحمر الشفاه داكن اللون: 

_"لا أنا عايزة أروّح أنام بس، ماليش نِفس ". 

_" مفيش الكلام ده، أول ما نوصل هخليهم يحضرولك الأكل... ". 

أنهي كلماتهِ، من ثم صبّ تركيزه علي الطريق أمامه، ومن حينٍ إلي آخر ينظر إليها نظرة خاطفة يطمئن أنها بخير، وكان ذالك يجعل قلبها يتراقصُ فرحًا، سعيدة كسعادة طفل بثياب العيد الجديده، نعم أنه ودود ويعاملها بطريقة لطيفة جدًا تعلم ذالك، وأحينًا تشعر أنهُ يُحبها وأحينًا لا، لكن اليوم خوفهِ الصريح عليها بتلك الطريقة، نوعًا ما أثبتَ ولو لخمسون بالمئة أنه يُحبها........ رجعت برأسها أكثر إلي الكرسي من خلفها تبتسم مُغمضة عينيها بأنتشاء لِمَ جالَ برأسها الآن.... 

بينما فالخلف، كان يجلس" طارق" يشعر وكأنهُ كالعزول بين أثنين من العُشاق..... 

❈-❈-❈

أخذت حمامًا دافئًا أستعدادً للنوم، فالساعة قد تخطت الواحدة مُنتصف الليل، وهي مازالت مُستيقظة، فالحقيقة كانت تنتظر علي أحر من الجمر عودة"مُراد"، لا تحبذَ أن يكون مع تلك الحيزبونة في مكانٍ واحد حتى وأنّ كانت مريضة، لكن لا بأس فـ "طارق" معهم، لذا هي باتت مُرتاحة قليلاً، لكن.... لكنها لم تكف عن الشعور بالغيرة، تغّارُ لأبعد حد غيرة عمياء،لم تكن يومًا هكذا، لكن مُنذ ما يُقارب الأربعة أشهر عندما سمعت السيدة "حنان" تتحدث إلي زوج والداتها، بأنها تود أن تزوج"مُراد"، وأنهُ يكفي هكذا وأن العُمر يمر سريعًا، وكباقي الأمهات تود أن تري أبنائهِ وأشياء من هذا القبيل........ 

كل ذالكَ ليس مُهمًا البتة، ما أفزعها أنها رشحت لهُ عروسًا، ولم تكن سوي"نانسي"، منذ ذالك الحين وهي أصبحت حساسة من ناحيتها بطريقة فظيعة تغار حتى من ذِكر أحدهم لإسمها أمام "مُراد"، وتتمني أن تكون والداتهُ لم تُفاتحُه فأمرها وتُرشحها لهُ حتمًا ستكون جنت علي نفسها وتستحق ما ستفعلهُ بها تلك السيدة.......... 

أنتهت من أرتداء بيچامة نومها القُطنية القصيرة، من ثم توجهت إلي طاولة الزينّة، تُمشط خُصلاتها الطويلة، بعد أن جففتهم أولاً..... أنتهت منهُ، ثم أخذت كمية لا بأس منها من مُرطب الوجه تضعهُ علي بشرتها قبل النوم، وتوجهت بعدها صوب سريرها، اغلقت الأنوار في محاولة منها لجلب النوم أسرع، لكن ظلت علي وضعيتها تتقلب فالسرير بملل، تبًا يبدو أن النوم أيضًا يُعاقبها علي فعلتها الشنيعة ..... 

نهضت مرة واحدة، تزفر بتأفأف بصوتٍ مسموع، تُمسكُ بالغطاء، تضغطُ عليهِ بغيظ تزفر بغضب مكتوم.....بينما هي هكذا أستمعت إلي صوت سيارة تُميزها جيدًا أنها سيارتهُ هو، أزاحت الفراش سريعًا تركض إلي شُرفة غُرفتها، تفتحها سريعًا ولم تُبالي لكونها للتو قد خرجت من المرحاض ومن الممكن أن تمرض، لا يهم لا يهم.... 

طلت برأسها إلي الأسفل، وجدتها بالفعل سيارتهُ، تقف في مُنتصف الحديقة، ويهبطُ هو منها، ثم توجهَ إلي المقعد الثاني فالجهة الأخري، وقد خمنت وكما خمنت"نانسي"، هي التي تجلس فالمقعد الأمامي بجوارهِ، ساعدها فالخروج من السيارة يمسكها من يديها، أشتعلت عينيها بالغضب لقربهم بهذه الطريقة الحميمية والتي أن رآهم أحد سيظن أنهم عُشاق...... 

‏تود أن تضع قلبها تحت صنبور مياهٍ بارد ليهدأ ويخفُ من حرارتهُ، فكاد يذوب من شدة غيرتها، وما ذاد الأمر سوءً، حين أنحني هو يحملها بعد أن كادت تسقط، تُقسم أن تلك الحرباء، تعمدت فعل ذلك...... حملها بين يديهِ متوجهًا بها صوب الداخل، بينما لفت هي ذراعيها حول رقبتهِ كحية تلفُ ذيلها علي فريستها......