-->

رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 11 - 1 - الأربعاء 18/9/2024

  

قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية قلب نازف بالحب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي


الفصل الحادي عشر

1

تم النشر الأربعاء

18/9/2024



بعد جلسة دامت لأكثر من ساعتين، قصّت فيهم "رانيا" كل شئ، أخرجت كل الذي بقلبها، و"إسراء"ووالداتها كانوا يستمعون إليها بتركيز،وقد تأثرو كثيرًا، حتى أن "إسراء"بكت عندما بكت" رانيا" لحظة سردها لتلك اللحظة التي خانها "محمود" عندما وجدتهُ صُحبة أحدي الساقطات في سريرها وفي غرفة نومهم، مجرد أن تتذكر تشعر برغبة في البُكاء لأن الأمر يؤلمها حقًا...... 


هتفت "إنعام" بحزن كبير عليها: 


_"يا حبيبتي يا بنتِ كل ده حصل لك وشايلة في قلبك وساكتة؟ ". 


أرتفعت شهقاتها المصحوبة ببكائها: 


_"مكانش عندي حد أتكلم معاه يا طنط، لحد ما نسيت أزاي أفضفض أو أطلع إللي جوايا، أنا عشت أسوء تلات سنين عدو عليا فحياتي، أتخانت أكتر من المرة مية، وببقا عارفة وساكتة، علشان مخربش بيتِ وعلشان أبني العيل الصغير، لكن توصل أنه يجيب واحدة في بيتي وعلي فرشتي وكمان أبني فالبيت، هنا مقدرتش أسكت وقولت لبابا ووقف جنبي لحد ما طلقني منه!.". 


_"طيب أبنك دلوقتي فين؟ ". 


_"مع أبوه، ماهو مكنش عايز يطلق غير لما أتنازل عن حضانة الولد الأول،كان بيلوي دراعي بيه. ". 


هنا شهقت "إسراء" قائلة بدهشة: 


_"وأنتنازلتي؟ طيب لي مجرجرتهوش في المحاكم وطلعتيهم علي عنيه، مش بتقولي كان بيضربك والضرب معلم فجسمك؟؟ ". 


_"بابا مكانش عايز الموضوع يوصل للمحاكم، هو قولت إني مش مستعدة أشيل مسؤلية ياسين،وبس كده، وبابا وعدني أنه هيرجعهولي في أقرب وقت أن شاءلله!؟ ". 


ربتت علي فخذيها بحنان قائلة قبل أن تنهض: 


_"أن شاءلله يا حبيبتي ربنا هيبرد قلبك.... أنا هقوم أعملكم غدا، وأنتِ يا إسراء خدي رانيا يا حبيبتي وأدخلوا جوه أوضتك خليها ترتاح... ". 


مسحت دموعها بأطراف أكمام ملابسها، قائلة: 


_"لا متتعبيش نفسك، أنا عايزة أنزل أنا وإسراء أجيب شوية حاجات ده بعد أذن حضرتك طبعًا؟ ". 


_"عادي يا حبيبتي، بس بعد ما تأكلوا موحشكيش محشي طنطك إنعام ولا أي يابت.. ". 


ضحكت بخفة بينما تجفف دموعها: 


_"لا طبعاً أزاي وحشني طبعاً كل حاجة وحشتني والله العظيم... ". 


غادرت وتركتهم بمفردهم، فـ مالت عليها"إسراء"تسألها قائلة: 


_"أحنا هنروح فين؟ ". 


_"هنروح نشتري لبس ". 


رفعت حاجبيها بتعجبٍ،غير مُصدقة لمَا تسمع : 


_"بتهزري، لبس اي دلوقتي؟ أنتِ يـ بت مش لسة مطلقة أمبارح ولا أنتِ لا تُبالي،هو أي نعم كان خاين وواطي بس بردو؟ ". 


أرتفعت ضحكاتها، قائلة: 


_"هننزل نشتري لبس كتير كتير ونلف علي المولات زى زمان... ". 


ثم أضافت بحماس، بينما كانت تتحسس شعرها الطويل: 


_"وكمان عايزة أغير لون شعري؟ ". 


_"أنتِ بجد ولا جرافك، فين الأحمر يا ولية، مفيش من الأحمر خالص خالص؟؟". 


ضربتها في كتفها بخفة: 


_"تصدقي فكرة، أنا ممكن أصبغ شعري أحمر هيبقي جميل صح أي رأيك؟!. ". 


_"هتشل، هتشل والله العظيم؟ ". 


ثواني وأنفجرتا ضاحكتين بقوة معًا، لا يصدقون أن أحاديثهم وخروجاتهم قد عادت، وزعت "رانيا" نظراتها هنا وهناك، من ثم سألتها قائلة: 


_"أومال أم نص لسان فين، مش باينة، أنتو قتلتوا البت ولا أي... ". 


_"لا يا ختي ده الثانوية العامة هي إللي هتقتلها قريب، ماهي السنة دي ثانوية عامة، خلاص كبرت مبقتش أميرة اللي كنت بتشوطيها برجلك لما كانت في أولي أعدادي..... ". 


_"وحشتني والله، هي فين طيب مش باينة من ساعة ما جيت؟ ". 


_"عندها درس باين! ".


❈-❈-❈


بعد لف دام لأكثر من أربع ساعات، أخيرًا أنتهوا من شراء جميع ما تريده "رانيا" أشترت ملابس كثيرة جميلة تتناسب مع سنها الشبابي، فـ هي مازلت لم تُتم عامها الثاني والعشرون، وركزت في أختيارتها علي أختيار الألوان الفاتحة الجريئة، سحلت "إسراء" معها اليوم بمعني الكلمة، فكانت علي وشك أن تنقضُ عليها تفصل رأسها عن جسدها، ومعها حق، فـ حقًا قد أتعبتها معها باللف كثيرًا هنا وهناك.... صدق من قال إذا أردت أن يكرهك أحدهم أصتحبهُ معاك وأنتَ ذاهب للتسوق وشراء الملابس. 


كانتا جالستين ينتظرون دورهم في أحدي صالونات التجميل، أمسكت "رانيا" بمجلة صغيرة قد أعطتها لها الفتاة العاملة هنا لكي تختار منها الوان الشعر، مالت علي "إسراء" التي كانت مندمجة مع مجلة مثلها، لكن بها أشكال لتقليم الأظافر وترميمهم، مازالت تعشق الأظافر وتعشق الأهتمام بهم، ولم تتغير أبدًا، قائلة تأخذ رأيها في اللون الذي نالَ أعجابها: 


_"أي رأيك في اللون ده، هيليق عليا؟!. ". 


دققت النظر تتأمل اللون، من ثم هتفت مُعارضة: 


_"لا ده فاقع أوي مش هيبقي لذيذ خالص! بصي ممكن اللون ده مش غامق أوي ولا فاقع أوي، وأظن هيبقي جميل عليكِ خصوصًا أن بشرتك بيضا؟ ". 


تأملت اللون قليلاً، ثم أطرقت برأسها بإقتناع قائلة بأبتسامة: 


_"خلاص هعمل ده، ولو مطلعش حلو نغيره هو أحنا ورانا حاجة... ". 


ضحكت بصخب تقول: 


_"لا، أحنا ناس فاضية تمامًا، مش لسة متطلقين أمبارح ولا حاجة؟ ". 


_"صح، طيب وريني أقتنعتي بحاجة معينة لضوافرك؟ ". 


رفعت المجلة تجاها، قائلة بينما تشير إلي شكل معين أعجبها : 


_"بصي دول شكلهم لُذاذ أوي، أعملي معايا أنتِ كمان، ضوافرك منتنة؟ ". 


_"منتنة، ده الملافظ سعد يا شيخة، بس ماشي هعمل وكمان عايزة أعمل جلسة تنظيف بشرة وبصي دلعيني بقا أنا عايزة أتدلع النهاردة،مفيش حاجةغير الدلع وبس .. ". 


_"من عنيا". 


_"وأنتِ مش عايزة تعملي حاجة في شعرك إللي شبه المقشة ده، ده أنا خايفة منه والله، حاسة إنك مربية حاجة جواه.... "


لكزتها بمرفقها، قائلة بغيظٍ : 


_"مقشة، أنتِ أيش عرفك أنتِ في الموضة يا مقشة أنتِ، وبعدين أنا بقالي سنين  علشان يوصل لنتيجة المقشة دي، قصدي للنتيجة الواو دي!ومش عايزة أبوظه، هعمل بس غسيل وتنظيف مش أكتر". 


_"ماشي يا واو، قومي يلا المكان فضي أهو يلا اتحركِ.....". 


نهضوا من مكانهم مُتوجهين إلي حيث مكان تصفيف الشعر أولاً، جلست كُلٌ منهما علي مقعد، مالت العاملة علي "رانيا" تسألها بعملية: 


_"ها يا مدام اختارتِ أي؟ "


أشارت لها علي اللون الذي أختارته مع "إسراء"قائلة بإبتسامة كبيرة: 


_" عايزة نفس اللون ده ونفس الدرجة بالضبط". 


أجابتها بذوقٍ ورقة: 


_" من عنيا حاجة تانية؟. ". 


تنهدت، من ثم قالت بشجاعة تتحسس خصلاتها الطويلة وكأنها تودعهم : 


_" آه، عايزة أقص شعري". 


❈-❈-❈


مُسطحة علي السرير تنظرُ إلي السقف فوقها، عينيها مُعلقة علي نقطة معينة بالسقف لكن رأسها بعالم أخر بالتأكيد، صامتة من بداية اليوم لم تتحدث إلا قليلاً، دخلت الغرفة فالصباح، ولم تخرج منها سوى مرة واحدة حينما نادها "مُراد" لتأكل قُرب الظهيرة، تناولت الطعام دون شهية فقط لأنها جائعة فعلاً، كان غداء صامت لم يتحدث أيٍ منهم، هي فضلت الصمت والغرق بأفكارها، بينما هو أحترم رغبتها في عدم الحديث، يريدها أن تتعافي ذاتيًا، تُعالج نفسها بنفسها كما قالت له الطبيبة سابقًا، لكن لابد من وجوده يطمئنها فقط، لا يحدثها عن ما يدور برأسها، هي ستتعامل مع أي فكرة متمردة تضايقها.... هي قوية!. 


ومن بعدها وهي جالسه هنا دون فعل شيء، تتأمل فقط، ثم تتنهد، تنهيدات ثقيلة طويلة تحتاج رئة أخري لتسعفها أكثر، رغبت ان تتقيئ كل ما سَمعتهُ ووجعها، 

أن تقيئ ما شعرتُ به حينها، كم هو مُتعب أن تكون للروح أيضًا مَعدة تضطّرب، يأس...... يائسة بائسة......


حاولت أن تُخفف عن نفسها، وتكتب كل مشاعرها لتفرغ طاقتها كما كانت تفعل سابقًا عندما تحزن أو تفرح، لكن كانت محاولة فاشلة، كما قالت سابقًا الأمر أشبه بحشر البحر في زُجاجة صغيرة، لا يوجد كلمات، أقتنعت بأن هناك أشياء لا تُكتب، إنها تظل عالقة في حلقك إلى حد الاختناق، تَدفعك للشعور بأن روحك علي وشك مغادرة جسدك في أي وقتٍ........ 


حتمًا لن تنساها، لن تنساها تلك الليلة التي كبرت بها عمرًا فوقَ عُمرها، ونضجت فيها من شدة ما كان آذاها عميقًا مُتوغلاً بروحها، ليشكل ندبة لن تفارقها، وستظل علامة تذكرها كلما سهت عن ماضيها...... 


فاقت من شرودها علي صوت طرق خفيف علي الباب، تبعهُ صوت "مُراد" يقول: 


_"رضوي جهزي نفسك نص ساعة وهنتحرك ". 


_" حاضر". 


بأقل من نصف ساعة كانت تقف علي عتبة الغرفة، بملابسها الداكنة، سترة سوداء مزركشة بخيوط رفيعة من اللون الرصاصي، مع بنطال رصاصي رياضي كعادة ملابسها....... تأملها ببطءٍ عندما رآها، ثم اومأ برأسهِ بهدوء يسيرُ أمامها، بينما تبعتهُ هي، ولثواني لفت رأسها تودع المنزل لا تعلم هل ستعود له يومًا، بقيت به لأسبوعٍ فقط، وكأنه أصبحَ منزلها الثاني أصبح لها به زكريات، حتى وأنّ كانت قليلة......وحزينة.


الصفحة التالية