رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 13 - 1 - السبت 21/9/2024
قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قلب نازف بالحب
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل الثالث عشر
1
تم النشر السبت
21/9/2024
صوتها كان عاليًا، وجهها أصبح أحمر مختنق بالغضب، بينما الأخري وضعت كفها مكان الصفعة تتحسسهُ بصدمة، والداتها رفعت يدها عليها، لأول مرة مُنذ صغرها، لطالمَا كانت الفتاة التي تتلقي الدلال من قِبَل الجميع وعلي رأسهم والداتها، طالعتها بنظرة مُنكسرة وبخذلان، لم تلين لها الأخري بل ظلت علي جمودها، الأمر بدي غير طبيعيًا تكاد تُقسم أنه هناك سر، وسر خطير لا تعرفه هي، غريزتها الأمومية تُخبرها بأقتراب الخطر علي أبنتها، ولكي تحميها يجب أن تندفع متحولة إلي امرأة شرسة تُدافع بكامل قوتها من أجل سلامة أبنتها..... أبنتها الأقرب لقلبها، التي اعتبرتها صديقة لها قبل أن تكون أبنتها، وبداخلها شئ خفي اعتبرها أُمها، وليست هي التي أمها......الأمر مُريب ليس طبيعي من حقها أنّ تخاف وتقلق
خرجت الحروف متحشرجة من فَمها نتيجة تحجر الدموع بعينيها وبحلقها:
_" أنا مُش صغيرة يا ماما.... بطلي تُبصيلي علي أنّي عيلة صغيرة وأنتِ إللي بتقرري بالنيابة عنها، أنا كبرت".
_"لا ماهو واضح أنّك كبرتّي، لدرجة أن مُراد إللي مربيك زيك زي ولاد أخوه، بقا شايفك بنظرة تانية، شايفك زوجة ليه؟ للمرة التانية هسألك أي بينكم يا رضوي؟ ".
أرتبكت نعم، لكن برعت في أخفاء أرتباكها تحت نظرة الجمود التي أحتلت عينيها، وأجابتها بثبات:
_" مكانش فيه حاجه بينا قبل كده زي ما حضرتك قُولتي كان بيعاملني علي أني عيلة بالضفاير زيّك بالضبط، هو من كام يوم طلب أيدي مني أنا الأول وأنا وافقت ولمّا وافقت جه كلمكم النهارده أهو".
_"المفروض أصّدق أنا كده، بت أنتِ، قسمًا برب العزة أنّ ما قولتي في أي؟ هتشوفي وشي التاني يا رضوي".
أندفعت ناهضة من مكانها تقول:
_"هو في أي يا ماما هو تحقيق، إلي حصل قولتهولك، أي اجابة سؤال تاني أطلبيها من مُراد مش منِّي أنا لأنّي معنديش أجابة أصلاً، وأنا مُش مضطرة أكذب عليكِ وكفاية بقا معاملة كأنّي عيلة ".
_" وليه مقولتليش من الأول، من أول ما كلمك؟؟ ".
_"منا بقولك أهو ".
أبعدت عينيها عنها تقول:
_" هحاول أصّدقك،عالعموم أنا كده كده أصلاً مُش هوافق ".
وقعَ قلبها بين قدميها كنايةً عن ما شعرت بهِ من رعب عقب سماع جُملة والداتها، هتفت بشفاة مُرتعشة:
_" ليه يا ماما؟ أيّ إللي يمنع؟! ".
_" أنا شايفة أنّه مينفعش، أنتِ مش واخدة بالك أنه أكبر منك بييجي عشر سنين أو أكتر، ده لو كان أتجوز بدري شويّة كان خَلِفْ طولك، ثُم أنّي مش داخل دماغي كل اللي بتقوليه ومُصممة أن فيه حاجة أنا معرفهاش ومسيّري أعرفها ".
_" لا يا ماما أنا فاهمة أنتِ رافضة ليه، أنتِ مش رافضة مُراد لشخصه، أنتِ رافضة فكرة الجواز أصلاً، خايفة أنّ أمُر بنفس تجربتك وأفشل فيها؟ ".
صمتت، لم تقل شئًا بل ظلت تنظر لها بهدوء وغضب في آننٍ واحد، ثُم هتفت بهدوء مُريب:
_" أنا أكبر منّك ومريت بالتجربة وعارفة كويس، أنتِ لسه صغيرة وجوازك من راجل أكبر منك بالشكل ده هيبني فارق رهيب بينكم في طريقة التفكيّر وطريقة التعامل والنظرة للحياة، أنتِ مش شايفة كم الأختلافات بينكم، هو من جيل وأنتِ من جيل تاني خالص، لو وافقت علي المهزلة دي، يبقي بدمر حياتك الجايّة بأيدي، علاقة محتومة بالفشل قبل ما تبدأ، نهايتها مُطلقة ومعاها طفل مشتت اتولد في أسرة مشتتّة بين أب وأم مشتتين مش قادرين يفهموا بعض بسبب فرق سنهم وحاجات تانية كتير......... ".
_" أنتِ كأنك بتحكي حكايتك يا ماما، أنا مش زيّك ومُراد مُش زي بابا، أنتو إللي كان أختياركم من الأول قائم علي أُسس غلط في غلط، جوازكم كان مجرد مصالح يا ماما، أنا مش صغيرة وفاهمة كويس أوي، أنتِ أتجوزتي بابا لسبب ولمّا خلاص مبقتيش محتاجة السبب ده نظرتك ليه أتغيّرت وبقيتي مش عايزاه"
تنهدت تُكمل:
" بس بعد فوات الآون ولمّا أتخلقت روح تانية أتكتب عليها تبقي تايهة ما بينكم، قررتي أنك تكملي علشاني، وماكنتيش حاسة أنك بتبوظي آخر حاجة حلوة ما بينكم أو أحتمالية أنكم تنفصلوا وأنتو لسه فيكم الود والأحترام" لبعض"...
فتحت عينيها بصدمة هذهِ المرة، مُنصدمة، أبنتها الصغيّرة ذات الجدائل، كبرت فجأة وأصبحت تقفُ أمامها وجهًا لوجهٍ، أصبحت ناضجة تتحدث كالسيدات الأكبر سنًا، وتتحدث بحكمة أيضًا، جزء بداخلها رأي أن ما قالته صحيح تمامًا، لكن جزء أخر أنتفضَ بهلع، كيف لها أن تُلقي جميع اللوم عليها مَن؟ مَن فهمها هذا؟ من قال لها؟....بالتأكيد هو، نعم من سيكون غيرهُ له مصلحة علي تشويه صورتها أمام أبنتها
صاحت تهدرُ بها بقوةٍ وأنفعال:
_"هو إللي فهمك كده صح؟ هو إللي عايز يشوه صورتي قُصادك ويبين لك قد أي أنه مظلوم وأنّ أنا السبب فأنك تبقي عايشة فأسرة مشتتة كل واحد في ناحية، عايز يبقي هو بس إللي تترمي في حُضنه، عايز يكرهك فيا؟ ".
هُنا إنهارت" سهام"باكيّة، عندما وصل حد تفكيرها إلي هذهِ النُقطة، لعبَ بعقلِ صغيرتها لـكي تتمرد عليها وتكرهها، ولا تود البقاء معها، يُريد أن ينتقم منها في أخذ طفلتها من أحضانها عنوةً، ودليل علي كل ذالك وقوفها أمامها هكذا وقول ما قالت، أبنتها التي تعبت بتربيتها وضحت بكل شيء من أجلها ضحت بسنوات عدة من عمرها عاشتهم عنوة وبالغصب مع زوجها السابق فقط لتنشأ أبنتها بين أسرة ليست متفرقة الأب في ناحية والأم في ناحية، أرادت أن توفر لها حياة مستقرة آمنة في كنف أسرة هادئة طبيعية كي لا تتعقد..... وبالنهاية جزائها أنها تُلقي اللوم عليها بكل ثقة في كونها هي المُخطئة الوحيدة.......
رجعت إلي الوارء تجلس بوهنٍ علي حافة السرير من خلفها، تمسك رأسها بين يديها بصدمةٍ، تهز رأسها بعنف تطرد فكرة أن ما فعلته راحَ هباءً منثورًا، وبكت بصوتٍ مسموع أنفطرَ قلب "رضوي" لمنظر والداتها الباكي، قلبها آلمها لكونها السبب، قست عليها بكلماتها، لم يكن يصح أن تقول لها مثل هذه الكلمات وتجرحها خاصةً أنها تعلم أن والداتها تحزن وبشدة عند ذكر هذا الموضوع، لكن رُغمًا عنها فعلت،ما أن تعلق الأمر بزواجها منهُ وإحتمالية أنتهائه وتحويل كل آمالها لسراب، وجدت نفسها تقول ما قالت تدافع عنه...... وتنقذ أخر أمل لها.....
هرولت إلي والداتها تجثو أسفل ركبتيها تُشاركها البُكاء، مُحتضنة قدم والداتها بكلتا يديها بقوةٍ، مُستندة برأسها علي فخذيها، قائلة بندمٍ:
_"أنا آسفة يا ماما، حقّك عليا، والله العظيم ما كُنت أقصد، حقّك عليا بالله عليك متعيطي علشان خاطري، والله العظيم ما في حد لعب في دماغي ولا في حد قالي حاجه وبابا ولله العظيم ما بيجيب سيرتك غير بكل خير والله، علشان خاطري بلاش تعيطي، أنا آسفة، أنا بحبك أكتر من أي حد فالدنيا دي، أنتِ اللي مربياني وأكتر حد بيحبني وحنين وبيخاف عليا، والله مقصد أجرحك أنا كنت بحاول أفهمك بس...... صدقيني ماليش غيرك ومش عايزة يبقي ليا غيرك أنا أختارتك أنتِ وفضلت معاكِ أنتِ أبوس أيدك متزعليش مني".
ختمت حديثها تلتقط كفها تقبله لكن الأخري سحبت كفها سريعًا تمنعها من تقبيلها، ثم أشاحت بوجهها بعيدًا عنها، قالت مترجيّة:
_"لا علشان خاطري يا ماما متعمليش فيا كده، أنا مقدرش علي زعلك، وحياتي عندك سامحيني حقّك عليا، أوعدك مش هقول كده تاني أوعدك مش هجيب سيرة، ولو مش عايزة تجوزيني مُراد أنا موافقة والله بس بالله عليكِ متزعلي مني ولا تاخدي علي خاطرك، مستعدة أعمل كل إللي تُطلبيه مني، إللي أنتِ شيفاه صح ولمصلحتي أعمليه، أنتِ أمي وأكتر حد عارف مصلحتي، وآه أنا لسه عيلة بضفاير عيلة محتاجة حنانك وحمايتك وهفضل طول عمري مهما أكبر برضو عيلة محتاجكِ جنبها في كل خطوة تمشيها عمري مقدر أستغني عنك، أو أعمل حاجه أنتِ مش راضية عنها....... ".
أنتهت لاهثة من كم الكلمات التي ذرفتهم دفعةً واحدة دون توقف، متشبثة بوالداتها أكثر، كالقط الصغير الذي يرغب بحماية والداتهُ من العالم من حولهِ، شعرت بيد والداتها تسحبها لتجعلها تقف أمامها ثم أخذتها بين أحضانها، وذاد بُكائها.......
همست بين أحضانها بأمتنان حقيقي:
_" وأنا والله العظيم بحبك أوي"