-->

رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 15 - 1 - الأحد 22/9/2024

  

قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية قلب نازف بالحب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي


الفصل الخامس عشر

1

تم النشر الأحد

22/9/2024




توقفت السيارة أسفل البناية التي يقطن بها "مازن"، كانت المنطقة هادئة، المكان يظهر عليه الرُقي وأرتفاع مكانة سُكانه، هبطت الفتايات من الخلف، بينما بالأمام خرج" طارق" مُغلقًا الباب خلفهِ، ثم توجه الناحية الأخري مكان تواجد "مازن"، وساعدهُ في السير، بينما توقف الأخر مُنحنيًا بجزعهِ يُخرج مفاتيح شقتهُ من جيب سروالهُ الچينز، ثم ناولهُ لـ" سلمي "قائلاً: 


_" أسبقي أنتِ أفتحي الباب....". 


أخذت منه ميدالية المفاتيح، وأسرعت في مشيتها قليلاً، وصعدت هي أولاً، وما أنّ وصلوا إلي شقتهِ بالطابق الثالث، وجدوها في أنتظارهم وقد فتحت لهم باب الشقة بالفعل، وأضائت الأنوار.... كانت الشقة ذات أثاث عريق ومهندم كل شئ مُختار بعنايّة تدلُ علي زوق من أختارها العالي والرفيع، لكن بالطبع شقة شاب أعزب كيف ستكون ناهيكُم عن الأثاث وجماله.... بالطبع تعمُ بالفوضة في كل رُكن، ملابس مُلقاه في كل ناحية وعلي الأرآكِ، جوارب، أحذية، الصالة أنقلبت خزانة ملابس فوضوية، بواقي طعام جاهز، أطباق كثيرة، أكواب حقًا تعمُ بالفوضة كيف له أنّ يعيش بمثل هذه الفوضة........ 

دخلوا بحذر، بينما توجه"طارق"يسحب الأخر يجعله يجلس علي أقرب مقعد، وقد أتت "سلمي" لهم بعُلبة الأسعافات الأولية، تُضمد جروح وجههُ وأنفه، وقبل أن تنتهي أبعدها هو عنه متذمرًا بملل، ثم أخرج سيجارة من جيب سروالهِ وشرعَ في شُربها....... 


كل هذا وكانت "رانيا" و "إسراء" يقفون علي جنبٍ، بينما "طارق" يتابع تصرفات أبن خالتُه بعبوس وضيق من طيش أفعالهِ الصبيانية المتهورة، شعرت"رانيا"بأن الشقة كُلها تُطبق فوق رئتيها، بفعل دُخان السجائر، والتي تتحسس منها، وتجد صعوبة في التنفس بأنتظام في حضرة أي أتربة أو دخان سجائر..... 


سعلت بأختناق، مُعتذرة منهم وقد بدأت في الأختناق حرفيًا بسبب الدخان الكثير، فـ "مازن" كان يُطفئ سيجارة ويُشعل الأخري ورآها مباشرةً ينف هكذا عن غضبهِ، هتفت تسأل عن مكان  الشُرفة: 


_"فين البلكونة هنا يا سلمي، خلاص ريحة الدُخان هتُخنقني مش قادره أتنفس". 


أشارت لها بصمتٍ علي مكان الشُرفة، فتركتهم وتوجهت تفتحها وتدخل بها سريعًا بعد أن قالت لصديقتها أن تنادي عليها عندما يغادرون، أخيرًا أستنشقت هواء نقي، عادت أنفاسها للأنتظام مرة ثانية، تابعت بعينيها تشاهد البنايات المرتفعة من حولها، منطقة راقية كل شئ بها هادئ حتى الشوارع........ 


تشعر بالأختناق لتواجدها هنا، تود أن تغادر فورًا، يكفي هكذا اليوم، طلت برأسها إلي الأسفل وقد كانوا بالدور السابع او الثامن تقريباً لم تكن تعرف، لانهم صعدوا بالمصعد في ثواني، المسافة بين هنا والأرض طويلة جدًا، شعرت بأرتعاش أطرافها وقد دبّ الرعب أوصالها، من صُغرها وهي تخشي الأماكن المرتفعة، لا تعلم لمَا أصّرت علي مد جزعها العلوي للأمام أكثر تتفقد المسافة متخيلة نفسها تقع وملقاه بالأسفل غارقة بدمائها، حاولت ان تصمد طويلاً في وضعيتها تلك لتتغلب علي تلك الرهبة...... أهي جُنت أهذا وقت علاج فوبيتها بحق السماء؟؟ 


_"حاسبي".


سمعت صوت من خلفها بعد أن كانت قد تمادت ومدت جزعها للأمام أكثر حتى كادت تسقط، أفزعها فرجعت للخلف فجأة تصيح بهلع، بعد أن وعت لما كانت تنوي أن تفعل، أصتدمت بهِ شاهقة بخوف وكادت تسقط، لولا ذراعيهِ أحتواتها بقوةٍ ملتفة حول خصرها يجذبها ناحيتهُ، ثانية، لا بل ثواني، ظلت فيهم علي وضعيتهم تلك، هي شبه في أحضانه تلهث بتوتر وخوف، وهو مُثبت عينيهِ علي كل أنشٍ من وجهها..... جعل الحُمرة تتدفق لوجهها تلقائيًا، عينيهِ السوداء الحادة تلمع ببريق غير مفهوم بها لمعّة لا تفهم معناها، عينيها هي متوترة، ترمشُ بأهدابها بعشوائية..... 


عينيه ظلت مُركزة عليها وكأن جفنهُ نسي كيف يرمش وثبت علي وضعهِ، يفترس وجهها، نفس القوة الخفية بداخله تدفعه لإطالة النظر لها أكثر، يتسأل ماذا بها مميز لكي تجذبه ناحيتها كالمُنوم مغنطيسيًا دون حتى جهد منها هي شخصيًا ودون أن تنتبه، يقسم أن هناك شئ خاطئ..... خاطئ وخطر هو علي وشك الغرقِ..... 


حمحمت هي تخلص نفسها من حصارهِ قائلة بتعلثم: 


_"شُكرًا، ما أخدتش بالي ". 


أفاقته من سرحانه علي صوتها الهادئ المُتوتر، أبتسم لها رغما عنه، يقول بنبرتهِ الرخيمة: 


_" ولا يهمّك، أبقي خلي بالك بعد كده أنتِ كُنتِ هتُقعي تحت ". 


تبًا لقد رآها وهو تحاول علاج فوبيتها الغبية، لا بل هي التي غبية ماذا كانت تنوي فعله بحق السماء، أين كان عقلها: 


_" أنا.. أنا أصلاً عندي فوبيا من المُرتفعات". 


_"وطبعًا كُنتِ بتتخيلي شكلك وأنتِ ميتة وغرقانة فدمك بعد ما وقعتي". 


فتحت عينيها بصدمة، ثم أحمر وجهها خجلاً، كيف له أن يعلم ما تفكر به: 


_"أيوه فعلاً أنا تخيلت كده.... بس أنتَ عرفّت أزاي؟! ". 


أقترب للأمام يسند بيديهِ علي حافة السور يقول ببساطة: 


_" أنا كمان زيّك عندي فوبيا من المُرتفعات، وكُنت بتخيل نفسي زمان كده برضو". 


أنهي كلماتهِ وهو ينظر للأسفل بكل أرياحية وعدم رهبة أو خوف، لذا سألتها بفضول: 


_"وأتعالجت منها؟ ". 


_" أيوه أتعالجت من فترة طويلة ". 


أقتربت تستند هي أيضًا علي السور بجانبهِ وهي تخشي النظر طويلاً للأسفل، قائلة تسألة مرة ثانيّة: 


_" عند دكتور؟؟ ". 


_" لا عالجت نفسي بنفسي". 


عقدت حاجبيها تنظر له بينما تقول: 


_"أزاي ده؟ "


التفتَ لها قائلاً بهدوء: 


_"عاجلت نفسي بالتعود، بقيت اتعود علي أني أكون في مكان مرتفع، زي أني أشتريت شقة فالدور الـ12". 


شهقت بصدمة: 


_"الدور الـ12مرة واحدة؟! ". 


ضحكت بخفةِ علي ملامحها المنصدمة يُكمل قائلاً ببساطة وكأنه يتحدث عن شئ عادي: 


_" أيوه، منا بقولك لازم اتعود ساعتها هتختفي الفوبيا، خصوصًا أن الشركة بتاعتنا برضو مرتفعة، أخترت مكتبي فآخر دور وليه حيطة ازار كده بتُطل علي تحت، لحد متعودت ومبقتش بيجيلي دوخة من أي أماكن مرتفعة ". 


ظلوا علي جلستهم تلكْ لنصف ساعة يثرثرون حول أمر الفوبيا وكيف نجح فالتغلب عليها، وبدأ يشرح لها حلول بسيطة تناسبها لكي تتخلص منها هي الأخري دون الحاجة إلي اللجوء إلي طبيب، كانت تتحدث معه بكل أرياحيه وسلاسة، كأنه كان يسحب منها الحديث بسلاسة دون جهدٍ منها، ضحكت كثيرا عندما قصي عليها حوادثه الكارثية والمضحة في آنن واحد عندما كان صغيرًا مع هذه الفوبيا، كلما كانت تضحك،كان وجهها يُضيئ أكثر ويُشرق أكثير، تجعله لا أراديا يتابعها بعينيه، يتابع حركاتها العفوية.........


الصفحة التالية