-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 22 - 1 - الإثنين 9/9/2024

  


قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثاني والعشرون

1

تم النشر يوم الإثنين

9/9/2024 



كم يتعبنا الصراع ما بين القلب والعقل 

الاول يندفع مباشرة نحو العاطفة حتى لو أدى بنا إلى الهلاك 


والثاني يُحجم، ويمنع، حتى لا نقترب ونتأذى، ربما هو بذلك قد يحمينا، ولكن شيئا ما من المغامرة واتباع المتهور،  قد يأتي بالسعادة التي نرجوها....... حتى لو كانت منقوصة


#بنت_الجنوب 


بوجه مشرق، وابتسامة تزين محياها الجميل، دلفت لداخل المبنى الذي تعمل به، وكأنها ترى العالم بصورة اخرى، غير تلك تعرفها،  


فبعد ليلة الأمس،  وما فعله من أجلها، حتى يراضيها ويخفف عليها من الحزن الذي كاد يوقف قلبها كمدا، ليأتي هو ويسمعها ويغدق عليها من حنانه، حتى كانت على وشك ان تنطقها بوجهه مباشرةً وتخبره بها، تلك الكلمة التي كانت تصرخ داخلها، ولكن الخوف من القادم هو من اللجم اللسان حتى يظل محله ولا ينجرف الى التهور.


ولكنها حسمت الأمر بداخلها،  ان تعيش اللحظة كما يخبرها دائمًا، تريح هذا العقل عن التفكير قليلًا، على الاقل تحتفظ بذكريات تعيش عليها بعد ذلك.


ولجت لداخل المصعد في طريق ذهابها الى مكتبها في الطابق الاعلى، لكن وقبل ان يتحرك للصعود تفاجأت بتلك المتعجرفة تنضم اليها، تلهث بعض الشيء وقد بدا انها جاءت مهرولة ربما لتأخرها، فما تعلمه هو انها تأتي باكرا عن الجميع. 


صمتت بهجة تدعي عدم الاهتمام تجنبًا لها، ولكن الأخرى لم تفعل ، فقد تركزت ابصارها بها فور ان التقطت انفاسها، لتطالعها من الأسفل الى الأعلى والعكس بتقيم اثار استياء بهجة واستغرابها ايضًا، وقد رأيت بوميض عينيها نظرة غامضة لم تفهمها ، حتى عبرت هي بلسانها :


- هو انا ليه حاسة انك متغيرة؟

ردت بهجة باستهجان لهذه النظرات المتفحصة لها:

- متغيرة ازاي يعني؟ مناخيري متحركة من مكانها الطبيعي مثلا.


سمعت منها لورا لتسخر بضحكة خافتة:

- دمخك خفيف، لأ وصدقتي نفسك كمان .


كتمت بهجة زفرتها تقلب عينيها بملل:

- لا حول ولا قوة الا بالله يارب،  امال عايزاني ارد عليكي بإيه بس؟


- لا ترودي ولا تزفتي، انا اصلا غلطانة اني بصيتلك من أساسه. 

تمتمت بها بقرف لتشيح بوجهها نحو باب المصعد في انتظار وصوله، وتغمغم بهجة من خلفها:

- لا اله الا الله، طب حد كان كلمها دي يا ربي؟


بعد لحظات توقف المصعد ، لتهرول بهجة كي تغادر وتتنفس هواء نظيفا،  غير ذلك المشبع برائحة العطر الثقيل لهذه المتعجرفة.


ولكن وما ان تطلعت امامها حتى وجدت المصعد المقابل لها من الناحية الأخرى يفتح على مصراعيه، ويخرج هو منه، فتتقابل ابصارهما في ذلك التواصل الجميل، فينسى نفسه ويبتسم لها باتساع فرحًا لرؤيتها،  وهي تبادله بخجل ذاهبة في طريقها المعاكس له، 


غافلين عن تلك التي كانت خلفهما، وقد جمدتها المفاجأة،  رياض الحكيم، ذلك المغرور المتكلف، والذي 

يعمل الف حساب لهيبته مع الأشخاص العاديين، فما باله بالموظفين لديه، ينزل من علوه فيتواضع مع هذه الفتاة! بل وتظل ابصاره معلقه بها حتى اختفت من امامه نحو وجهتها، تقسم داخلها ان قدميه كانت على وشك ان تغير مسارها لتلحق بها، هذا ما شعرت به


هزهزت رأسها لتستفيق، تغمغم بتساؤول والحديث مع نفسها:

- دا حتى مخدتش باله مني وانا وراها؟ لدرجادي يا رياض؟!...... 


❈-❈-❈


بوجه متجهم وملامح، مكفهرة واصل طريقه بذلك المشفى الحكومي، يبحث بعيناه عن ذلك الاحمق ابنه الأكبر، مصدر همه وتعبه، والذي استيقظ قبله ليسبقه الى هنا 


وصل الى الردهة المجاوره لغرف الحضانات ، وجده جالسًا واحد من مقاعد الانتظار،  متربع الذراعين بشرود .


تقدم ليجلس بجواره يغمغم بحنق:

- يعني مهنش عليك تستناني على ما اصحى واجي معاك، طب اديك وصلت بدري عملت ايه بقى؟ اكيد مدخلوكاش اساسًا؟


زفر سمير يخرج كلماته بنبرة متعبه :

- على الاقل حصلت الدكتور وسألته عن حالة الولد، لكن انت زعلان ليه بقى؟ مكنتش حافظ عنوان المستشفى ولا غريب عن البلد؟


لكزه خميس بقبضة يده بغيظ قائلا:

- لا دي ولا دي يا خويا، انا كان نفسي بس تعمل بأصلك وتحضرلي اي لقمة افطر بيها، بدل ما اصحى ع العيش الفينو اللي نشف في الهوا ومعدتش ينفع يتاكل.... انزل على لحم بطني واقعد ادور ساعة على عربية فول افطر عليها،  وجع قلب .


بسأم شديد تطلع اليه سمير يعبر عن اعتذاره:

- معلش يا بويا  امسحها فيا المرة دي، نزلت وانا مش مركز. 


عبس بوجهه غافلا عن ذلك الحزن الذي غلف ملامح ابنه العابث، يردف بسخط:

- امسح ايه ولا ايه؟ عن الوكاله اللي سايبها من امبارح في ايد اخوك الحمار، ولا على المرمطة اللي واقع فيها من امبارح مع سعادتك، حد يصدق اني انا ابات ليلتي في لوكاندة درجة تالتة هنا، عشان ملقتش حتة تاويني،   بعد  ما كان نسايبي بيشلوني من ع الارض شيل، اوضة اخر راحة واكل معتبر ميبطلش طول ما انا قاعد عندهم، وكل ده ليه؟ مش بسبب استهتارك، ورميتك لبتهم في عز ازمتها،  خليت الناس كرهونا وانا وشي بقى قد السمسة قدامهم.....


- ما خلاص يا بابا الله يرضى عنك .

صرخ بها في وجهه بعدم احتمال، حتى يكف على تأنيبه، وهو الذي لا يعلم بما اصابه منذ الأمس،  بعد رؤية ابنه على هذه الحالة الضعيفة، وكأن الله يجازيه على الاهمال نحوه. 


ارتفعت عيناه فجأة نحو تلك الاصوات التي صدحت بالقرب منهما بمدخل احدى الغرف، ليجدها امامها تخرج بحالة من الانهيار والبكاء، مسنندة على ذراعي امرأتين ، يقمن بسحبها الى الخارج وشقيقها قد اتى فجأة من العدم، ليتلقفها منهما، ويصبح هو سندها.


- براحة على نفسك يا ختى مش كدة.


انتفض سمير بنغزة على خصره من ابيه الذي غلبه الفضول:

- دي مراتك اللي خارجة من الحضانات، ايه اللي قومها من سريرها وهي تعبانة وبالحالة دي؟

اغمض عينيه يجيبه على مضض:

- وصلت عشان ترضع الواد يا بابا، استغفر الله العظيم يارب.

غمغم بالاخيرة لينهض يتبعها وخلفه لحق به والده:

- اسراء 

التفت اليه بوجه مغرق بالدموع تخاطبه:

- عايز ايه؟ وايه اللي جابك اساسًا؟ انا قولت من الاول محدش يتصل بيك، عملوها ليه؟

توجهت في الاخيرة بنظرة عاتبة نحو اخيها، الذي تنهد بتعب لحالتها، فقال سمير :


- ميتصلوش ازاي يعني؟ لهو انا مش ابوه؟ انتي بتقولي ايه؟

ضحكت بسخرية تردد خلفه:

- ابوه! كتر خيرك والله انك قولتها،  على العموم ريح نفسك، الواد حالته متسروش وممكن يروح فيها، اهو تبقى اتخلصت من الخيط اللي رابطك بيا وتخلص مني بالمرة، اكيد دي دعوتك من جواك دلوقتي، انا قلبي حاسس 


صارت تردد بها لتزداد انهيارا ثم فقدت الوعي، فتقدم هو من اجل ان يراها، ولكن شقيقها نهره بغضب:

- اقف عندك،  وفر على نفسك، انا دراعي شديد واختي اشيلها في عيني لحد اخر يوم في عمري. 


قالها ليرفعها عن الأرض بين ذراعيه،  ثم بركض بها، امام ابصار زوجها،  الذي غمغم بسبه، ثم هرول بخطواته خلفهما.


اما والده فقد تيبست اقدامه امام تلك الجميلة التي كانت تحمل اشياء زوجة ابنه حقيية اليد وحقيبة المولود، تمصمص بشفتيها مرددة كلمات الأسى:


- يا عيني عليكي يا بنت عمتي، غلبانة وحظك قليل من يومك. 

همت لتتبعهم،  ولكنه تصدر امامها يوقفها معرفًا عن نفسه:

- انا حما اسراء، جيت على ملا وشي لما عرفت باللي حصل، الا انتي تبقيلها مين، اصل دي اول مرة اشوفك. 


ردت بأسى:


الصفحة التالية