رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 30 - 1 - الخميس 31/10/2024
قراءة رواية حان الوصال كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الثلاثون
1
تم النشر يوم الخميس
31/10/2024
ساكنة هادئة، لا يتوقف فمها عن التبسم اليهم، تجاهد لإخفاء ما بداخلها، ولا تدري انها مكشوفة حتى امام عائشة الصغيرة والتي كانت تتابعها الاَن من نافذة الغرفة التي تجمعها هي وجنات، تتمعن النظر بها وهي جالسة على الارجوحة بتلك الحديقة الصغيرة خاصتهم، لتعبر عما تشعر به نحو شقيقتها:
- هي بيبو فيها ايه يا شروق؟ معقول قعادها من الشغل مأثر فيها كدة؟
تحركت جنات بالفرشاة التي كانت تمشط بها شعرها لتتوقف خلفها، وتطالع الجهة التي تنظر بها، فتُشاركها هي الأخرى حيرتها:
- والله ما اعرف يا عائشة، بس هي أكيد عشان اتعودت
على الحركة والاختلاط بزملأها، بالظبط كدة زي الجامعة عندي، لما اغيب كام يوم بشتاق لاصحابي اوي، دا تخميني يعني.
عقبت عائشة على كلماتها؛
- طب ولما هي بتحب الشغل اوي كدة، سابته ليه فجأة؟ ايه اللي بخلي بني ادم يسيب الحاجة اللي بيحبها؟...... أكيد في حد ضايقها؟
مطت جنات شفتيها، لتتوقف فجأة عن لملمة شعرها الذي كانت على وشك ان تعكصه كدائرة قبل ان ترتدي
الحجاب وقد ظهر على ملامحها القلق:
- هي قالت انها عايزة تستريح بعد ربنا ما وسعها علينا شوية، لكن مجابتش سيرة ان حد ضايقها..... ولا يمكن موقف أبن عمك السبب لما اتخانق.
- اكيد يا جنات، ولا انتي ناسية انها سابت الشغل من يوميها؟
قالتها عائشة لتزفر الأخرى بضيق وغيظ:
- منهم لله في اي حتة يحطو فيها رجليهم يجيبولنا الفقر
❈-❈-❈
اما عنها، وقد كانت في هذا الوقت تنظر لهاتفها الذي يصدح بجوارها بنغمة اتصاله بها، بجمود تام، لم تعد تحسب العدد او حتى تكلف نفسها بغلق الهاتف، تكتفي فقط بكتم الصوت وتتركه حتى يتوقف.
رغم اشتياقها الموجع اليه، ولكن نفسها العزيزة تأبى التنازل، لقد قررت وانتهى الأمر، وعليه هو ان ينهي الاتفاق.
سحبت شهيقًا طويلا بعد انتهاء محاولاته الصباحية في الاتصال بها، فرغم القوة الزائفة التي تتحلى بها، إلا أنها لا تنكر ضعفها، الابتعاد عن محيطه هو اسلم الحلول لها وأحسنها، فإن كان هو يتعذب في هجرها مرة، تتعذب هي اضعاف .
انتبهت ترسم ابتسامة جميلة على محياها، فور ان ابصرت خروج أشقائها من المنزل واقترابهم منها، ليبادرها ايهاب بغزله المعتاد:
- الجميل اللي قاعد على المرجيحة ومستكنيص، يا جامد انت يا رايق .
زاد اتساع ابتسامتها كي تجاريه:
- اه يا عم وما روقش ليه؟ فاضية بقى، لا شغل ولا مذاكرة ولا جامعة .
قالت الأخيرة متوجهه بنظرها نحو جنات التي بادلتها الابتسام، اما عائشة فقد خطت نحوها لتجاورها الجلوس على الارجوحة، وتضمها دون استئذان تعبر بعاطفتها:
- ما تيجي معانا الكافيه تهيصي وتشغلي نفسك، بدل القعدة هنا لوحدك
ضحكت بارتباك، لتقبل اعلى رأسها وقد شعرت بشيء من الحزن في نبرتها:
- يا بنتي ما انا باجي عندكم، بس مش لازم اقعد اليوم كله، ما انتي عارفاني محبش الدوشة.
- ايوة بس الوحدة مش كويسة عشانك
للمرة الثانية تربكها، اللهذه الدرجة هي مكشوفة امامهم:
- يا قلبي مفيش وحدة وانا معاكم وانتو مالين الدنيا عليا، جيبتي منين الكلام الكبير ده بس؟
كالعادة حولت الحديث إلى مزاح معهم، تدعي ان امورها بخير ولا ينقصها اي شيء، وهم يتصنعون التصديق.
❈-❈-❈
اما عنه وقد خرج من غرفته متوجهًا إلى مائدة الطعام ، حيث كانت والدته تتحدث وتضحك مع نبوية ، اثناء تتناولها الطعام بشهية، وكأنها عادت في العمر عشر سنوات للخلف، ولم تمر بتلك الفترة القاسية ولا ذهب عقلها من الاساس ثم عاد، فلم تنتبه لوجوده او انها كانت تقصد ذلك لا يعلم.
ليتحمحم بخشونة وضيق، يلفت انتباه السيدتين اليه، فاستقبلته هي بابتسامتها الرائقة:
- صباح الفل يا رياض، عامل ايه يا قلبي .
طالعها صامتًا باندهاش ثم توجه إلى نبوية متوجهًا لها بلطف:
- معلش يا دا دة ممكن تخلي حد من الشغالين يعمل لي فنجان قهوة.
- من عنيا يا حبيبي.
قالتها نبوية وتحركت على الفور، ليسحب هو أحد المقاعد يجلس عليها بتجهمه وانعقاد حاجبيه، يحدق بها بصمت ابلغ من الكلمات، فتحدثت هي تدعي عدم الفهم:
- القهوة على الريق غلط على صحتك، كلك اي حاجة تسند بيها نفسك احسن .
تهكم بضيق لا يخفيه:
- كتر خيرك يا نجوان هانم، انا تقريبا اتعودت على كدة بقالي سنين
- غريبة، مع انك كذا مرة تفطر معايا في الايام اللي فاتت .
- كان مزاجي رايق، اما دلوقتي بقى هيجي منين المزاج؟
كادت ان تبتسم ولكن استطاعت التمالك لتواصل تناول طعامها ببرود زاده حنقًا، ليلطم بكفه على سطح الطاولة فجأة بنفاذ صبر:
- على فكرة بقى انا محدش يلوي دراعي، وعايزك بس تبلغي الحلوة اللي انتي معصياها عليا انها تعمل ما بدالها، لأني اخر ما هزهق هسيبها ومش هسأل فيها تاني، عشان تسوق الدلال براحتها.
- تحلت بالثبات الانفعالي حتى لا تستجيب لاستدراجها من قبله، تعلم تمام العلم كذب كل حرف ينطق به، والاثبات هو حرقته في الحديث، لتعقب هذه المرة ببرائة:
- انا شايفة انك متحامل جدا على فكرة، انا ايه دخلني بينك وما بينها، انا اخري اتصل على البنت عشان اطمن عليها وعلى صحتها وبس كدة، مليش انا دعوة بالامور الشخصية اللي تخصكم.
- يا سلام
تمتم بها بعدم تصديق ليردف:
- طب سؤال بقى، مادومتي مبتدخليش في الأمور الشخصية اللي ما بينا، بتتصلي عليها ليه ولا تروحي بيها على الدكاترة؟ هي مش سابت الشغل عندك؟
- وانت ناسي انها مرات ابني؟
قالتها سريعًا بمكر يطل من عيناها، لينفث دخان من فتحتي انفه واذنيه يجر المقعد للخلف وينهض بغضبه من امامها، فلم تعد لديه طاقة كي يتحمل مراوغتها .
❈-❈-❈
في منزل مجيدة والتي كانت تهدهد الطفل الصغير بحنان يثير الاندهاش نظرا لحزمها المعروف في تربية ابناءها، ولكن يبدو ان الأحفاد لهم وضع اخر ، هذا ما شعر به ابنها الأكبر فور ان وقعت عينيه عليها بعد خروجه من غرفته ليشاكسها كعادته:
- يا صباح الفل على حضرة الناظرة اللي حتة عيل مطلع عنيها.
التفت اليه عابسة قائلة:
- وماله يا حبببي، يطلع عيني براحته وعلى قلبي زي العسل، حبيب سته ده.
قالتها لتطبع قبلة كبيرة على الوجنة المكتنزة لتستفزه هو الاخر ويأخذ نصيبه من الصغير بالقبلات والمداعبة:
- ستو بس، وعمو كمان، دا الباشا بتاعنا ده.
فرحت مجيدة لتربت على ظهره مرددة:
- حبيبي ربنا يخليلك بنتك انت كمان، وتخاووهم انت واخوك ، انا عايزة البيت يتملي عيال، ومعرفش اعدي من وسطيهم .
قهقه ضاحكًا:
- ليه يا ماما، هو احنا هنعمل فريق كورة، ما تهدي على نفسك يا ست مجيدة، انتي ملاحقة على الجوز دول عشان نجيبلك تاني.
- ملكش دعوة الاحق ولا ملاحقش، انت عليك تخلف وبس.
- اخلف وبس.
قالها يقبل جبهتها، ليعطيها الطفل ثم تسائل:
- امال ابوه وأمه فين؟ مش شايفهم يعني.
عدلت من وضع الطفل على ذراعها تجيبه:
- راحو يقابلو المسؤول في شركة جاسر الريان عشان الشغل الجديد ما بينهم، ربنا يوفقهم يارب ويفتحلهم باب رزق .
تناول كف يدها يقبل ظهرها، مرددًا بإعجاب:
- حبيبتي يا ماما، وانتي ربنا يكرمك دايما على روحك الحلوة دي، والله انتي حما مفيش زيك .
- يا خويا في زيي كتير مين قال بس، المهم انت مراتك مصحيتش لسة تيجي تفطر معايا؟
جاء صوت لينا من الخلف بهيئة ناعسة:
- لا يا ماما انا صحيت، بس هفطر معاكي وارجع تاني لسريري، عشان هموت وأنام، بنت ابنك طلعت عيني والله.