رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 30 - 3 - الخميس 31/10/2024
قراءة رواية حان الوصال كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الثلاثون
3
تم النشر يوم الخميس
31/10/2024
مقيدة اليدين والقدمين، حتى فمها لا تقدر على إخراج صوت منه، وقد كمم بلاصق يمنع شفتيها حتى عن التحرك ، لا تملك الا ان تزوم بفمها، تحاول المقاومة ، بالضرب بكفيها الاثنان الموثقان في ذلك المكان الضيق الذي انحشرت به، داخل سيارة قديمة الطراز على ما يبدو من هيئتها وطريقة السير على الطريق التي اتعبت ظهرها.
لا تدري كيف أتت إلى هنا، ولماذا؟ تتذكر فقط خروجها بالسيارة صباحًا بتأنقها المعتاد لتذهب إلى عملها ، وقد قطعت معظم الطريق، ولم يتبقى الا جزء قليل، يفصله عن المصنع سوى شارعين تقريبًا، وقد اضطرت للتوقف في احدهم، حينما تعطلت سيارتها فجأة وبدون سابق انذار ، فترجلت كي تعلم السبب في ذلك الوقت، لتكتشف انفجار إحدى إطارتها وكأنه نتج عن عمل تخريبي، كادت ان تعلمه، لولا تلك الذراع الغليظة التي طوقتها من الخلف، وقبل ان يخرج صوتها بالصراخ كانت هناك يد كبيرة تحط على انفها بمادة غريبة اخترقت حواسها، فلم تعي بشيء بعدها، سوى بعد وقت طويل لتجد نفسها في هذه المساحة الضيقة، وأحد ما او ربما أكثر، يقودن بها الى جهة ما لا تعلمها.
ليتها تجد هاتفها لتتصل بأحدهم لنجدتها، او ربما يشعر بغيابها الآخر، فيأتي وينقذها، يا ليت
❈-❈-❈
انتهت من أعمال المنزل، بعدما رتبت الغرف وأعدت الطعام لإخواتها، ولم يبقى شيء سوى الذهاب الى المرحاض كي تنعش نفسها بالمياه، قبل ان ترتدي ملابسها وتخرج إلى اخوتها بداخل محل الكافيه، تذهب بالطعام وتقضي معهم بقية اليوم، كما يحدث يوميا منذ آن اتخذت قرارها بترك العمل وكل شيء يربطها به حتى إشعار آخر.
اتجهت إلى الخزانة لتخرج منها الملابس التي سوف تبدل بها، وما همت بتناول إحدى القطع حتى صدح صوت جرس المنزل، لتقطب باستغراب، فهذا ليس ميعاد اخوتها ولا احد يأتي من المجموعة التي تعرفها سوى بعد الاتصال اولا .
لتتناول حجابها تغطي على شعرها، متجهة لاستكشاف هوية من يزورهم في هذا الوقت، وما ان وصلت لباب المنزل وشرعت بفتحه حتى توسعت عينيها بإجفال، لتهم بغلقه مرة اخرى، ولكن الاَخر لم يسمح لها فقد أوقفه بكف يده:
- عايزة تقفلي في وشي يا بهجة؟
تشبثت تمنع اندفاع الباب للداخل مبررة:
- اصلك بصراحة فاجأتني، دا غير ان مينفعش اصلا تيجي، حد من خواتي لو طب دلوقتي، ساعتها هقوله ايه؟
جاء رده بانفعال:
- بلاش حوارات وكدب، اخوتك التلاتة حاليًا ف الكافيه، ومستنينك تروحيلهم بالغدا، وتقضي باقي اليوم معاهم.
اترتخت يداها وقد فاجأها بمعرفته الدقيقة لتفاصيل يومها، لتعبر عن اعتراضها:
- يعني انت بتراقبني يا رياض؟
استغل هفوتها ليدفعها للداخل ويلج معها، ثم يغلق الباب عليهما، فخرجت شهقتها برعب:
- ايه اللي انت عملته ده؟ انت ازاي تقفل علينا احنا الاتنين، عايز تعملي مشاكل يا رياض؟
لم يتمكن من الرد، وقد تشتت برؤيتها ونسي كل وعيده، يتمعن النظر اليها باشتياق قاتل، ترتدي ملابس اقل من العادية، عبارة عن بيجامة قطنية بنصف كم ، وشعرها المعكوص في دائرة اعلى رأسها غير مرتب، وقد تبعثرت خصلاته على وجهها ورقبتها، كيف لامرأة بهذه الهيئة، وغير مهندمة على الإطلاق ان تسلب عقل رجل مثله؟ ولكن الإجابة واضحة، فهي بهجة، من تمكنت من تغير كل خططه ويبدو انها غيرته هو شخصيًا.
- هتفضل باصصلي كدة كتير وانت ساكت؟
تمتمت بها بأنفاس لاهثة، فحالها هي ايضًا لم يكن اقل منه، ولكنها تدعي القوة حتى لا تضعف امامه وهو خير من يستغل ذلك.
تقدم خطوة ارتدت لها خطوتين للخلف، ليهتف بها بحنق:
- يا سلام، عفريت بقى ولا حرامي هيخطفك
- لا دي ولا دي، بس برضو انت ملكش داخلة هنا جيت ليه يا رياض؟
على صوتها في الاَخيرة حتى استفزته ليباغتها بقطع المسافة الفاصلة بينهم بخطوتين فقط، فيدفعها للخلف نحو الجدار الذي ارتطم ظهرها به، لتجد نفسها محاصرة بين ذراعيه، بملامح غاضبة، لكن وهج بندقيتيه ترى بهما عكس ذلك، فخرج صوته بتحشرج:
- عايز اعرف دلوقتي اخرة البعاد دا ايه؟
بصدر يصعد ويهبط بتسارع الأنفاس بداخلها تمكنت ترد بتحدي:
- قول لنفسك.
مال مقربًا وجهه منها حتى لفحت انفاسه بشرتها الرقيقة:
- قصدك ايه يا بهجة؟ وضحي اكتر
تبًا له، يعلم بحجم تأثيره عليها، ولكنها ابدًا لن تضعف لتبتلع ريقها قائلة:
- مش محتاجة تفسير، من بعد آخر موقف وانا قررت انها خلصت على كدة، اتفاقنا خد اكتر من وقته كمان .
همس غير مباليًا:
- انتي خدتي القرار لوحدك يا بهجة من غير ما ترجعيلي، يعني مفيش اتفاق بيتحل الا بموافقة الطرفين.
وبرد فعل غير متوقع، دفعته فجأة بكفيها على عظام صدره تبعده عنها، وقد آثار بكلماته جنونها:
- لأ بقى ينفع...... ولا انت فاكرني هقعد تحت امرك ومزاجك ساعة ما تعوزني تلاقيني وبس على كدة، وعشان ما انت اشتريت في البداية، ابقى انا جاريتك العمر كله.
قالتها بقصد واضح وصل اليه، تذكره بحديثهما القاسي داخل غرفة مكتبه، لتتغضن ملامحه باستياء من نفسه؛
- دي كانت لحظة عصبية يا بهجة، وانا بعترف اني غلطت بس كمان انتي مقولتيش ولا فهمتيني حقيقة اللي حصل، اي واحد في مكاني أكيد كان هيتجنن.
- وانت ادتني فرصة
قالتها بأعين التمعت فيها الدموع تردف بألم:
- انت خدتني غسيل ومكوى، تعرفني مكاني كويس اوي في حياتك...
- انا اسف
تمتم هامسًا بها بصدق وضح جليًا في نبرته، ليقترب منها يكوب وجهها بين كفيه ويقبل اعلى رأسها عدة مرات، جعلت تلك العبرات تنساب من مقلتيها، وتخونها الشجاعة الزائفة بضمة حانية منه.فيشدد عليها بذراعيه يغمرها بدفئه، يعيدها إلى موطنها الرحب، وتعيده هو إلى انسانيته التي لا يشعر بها الا معها.
طال العناق وتعددت القبلات على رأسها ونزولا إلى بشرتها حتى تبقى فقط ثغرها والذي ما انا لامسه بشفتيه حتى انتفضت تصدح برأسها اشارات الخطر لتنزع نفسها عنه، ترفض الخنوع امام سطوة عشقها له، وفي لحظات بسيطة ملكت زمام أمرها لترمقه بغيظ قائلة:
- رياض امشي
تجمد محله بعدم استيعاب بعدما فاجئته بفعلها، لتعيد عليه الأمر مرة اخرى:
- رياض بقولك امشي، ليه رافض تقدر موقفي، كل ده بيضرني، حس بيا يا أخي
زفر يطرد دفعة كبيرة من الهواء المشبع بإحباطه ، فقد عادت به إلى نقطة الصفر مرة ثانية بعدما شعر بقرب الوصول إليها.
- ماشي يا بهجة همشي دلوقتي، بس ممكن لما اتصل بيكي بعد كدة تردي عليا .
اومأت تجيب بمراوغة تعكس ردها بوضوح:
- ماشي هشوف
- ماشي هشوف
ردد بها من خلفها بيأس، لا يريد الضغط عليها، مقدرًا غضبها منه، ولكن اقدامه لا تطيعه على التنفيذ، ليجفلها بقوله:
- طب ممكن طلب قبل امشي .
قلبت عينيها بسأم:
- اطلب يا رياض، ولو في أيدي مش هتأخر أكيد .
- هو في ايدك طبعا يا بهجة، دي حاجة بسيطة خالص، انا من الصبح ما حطيتش لقمة في بقى، كل الاكل طعمه وحش وانتي مش معايا، نفسي في اي حاجة من ايدك، وحشني اوي اكلك يا بهجة.
- نعم
تفوهت بها بعدم استيعاب، ليقابل قولها ببرائة:
- جعان والله ما بهزرش
❈-❈-❈
استيقظ منتفخًا بغبطة تغمره، بعد قضاءه ليلة أخرى ممتعة مع زوجته الجديدة، خالية من الازعاج، بدون اطفالها ولا والدتها ولا اي فرد من عائلتها، لقد كانت له وحده ولم يتكلف حتى ربع المصروفات التي دفعها المرة الماضية.
- ايه رأيك بقى يا خمسينو يا روح قلبي، مبسوط؟
تمتمت بها زوجته العزيزة بعدما اجلسته حول طاولة الطعام، ليتناول معها وجبه الإفطار التي اعدتها منذ دقائق.