رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 6 - 1 - الجمعة 18/10/2024
قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية تائهة في قلب أعمى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة زينب سعيد القاضي
الفصل السادس
1
تم النشر السبت
19/10/2024
رواية تائهة في قلب أعمي.
زينب سعيد القاضي.
الفصل السادس .
❈-❈-❈
"العجز ليس مجرد مرض يصيب جسدنا ، بل شعور يجتاح من حولنا ، فإذا كان العجز والفقدان أصابني وجعلني أشعر بالنقص ، فالشعور لدي من حولي سيكون عجزهم عن مدواتي وعدم إشعاري بأني عاجزاً ، أو حملا ثقيلاً علي عاتقهم "
توقفت سيارة أمير أمام فيلا كبيرة من التراث الحديث يحيطها الحرس من كل إتجاه فور رؤيتهم لهوية من بالسيارة تم فتح البوابة علي الفور وتوقف أمام الباب الداخلي.
رفع نظارته الشمسية فوق رأسه واستدار إلي رفيق دربه:
-وصلنا.
أومأ بتفهم:
-تعالي معايا ننزل وحضرتك خليكي هنا يا ماما.
تنهدت بقلة حيلة وقالت:
-حاضر يا حبيبي.
هبط أمير من السيارة واتجه إلي الباب الخلفي وقام بفتح وساعد ياسين أن يترجل من السيارة وتحرك به بحذر متجهين إلي الداخل.
وضع يده على زر الجرس وفتحت الخادمة بعد قليلاً من الوقت أدخل أمير ياسين بحذر وساعده أن يجلس علي أقرب مقعد وجلس هو في المقعد المقابل له.
بعد ما يقارب النصف ساعة هبطت من غرفتها وهي تزفر بضيق وجوارها والدها.
وقفت أمامه مباشرة وتحدثت بإقتضاب:
-حمد الله علي السلامة يا ياسين .
إرتسمت إبتسامة ساخرة علي ثغره وتحدث متهكما:
-أظن حمد الله على السلامه يا حبيبتي أظن متتقالش هنا كانت تتقال أول ما أفتح عيني في المستشفي وأنتي جنبي…
بتر جملته وأسترسل بإيضاح:
-أوبس نسيت أني بقيت أعمي ؟ علي أقل أسمع صوتك تطمنيني إنك جنبي ؟
زفرت بحنق وألتفتت إلي والدها بضيق الذي تحدث بوضوح:
-حمد الله علي سلامتك يا أبني ياسين أنت وفريدة ما بقاش ينفع تكملوا سوا.
إبتسم ساخراً ولم تصل الإبتسامة إلي عينه وتحدث بأسي:
-بنتك مش حابة تفضل معايا عشان بقيت كفيف وحضرتك بدل ما تعقلها بتشجعها علي كده ؟
هتفت بنفاذ صبر:
-ياسين لو سمحت مدخلش بابا في حاجة الموضوع ده خاص بينا أحنا وأنا عايزة أطلق.
نهض بضعف مستنداً بيده علي يد أمير وتحدث ببرود:
-أنتي طالق بالتلاتة يا فريدة.
ألقي جملته وتحرك بضعة خطوات وتوقف دون أن يلتف لها ويتحدث بثقة:
-لو الوضع كان اختلف مكنتش هتخلي عنك يا فريدة أنا مش زعلان علي إلي حصل معايا بالعكس أنا فرحان جداااا جدااا كمان ربنا حرمني من نعمة البصر بس غربل ليا مين الي يستحق يكون جنبي.
تحرك بخطي سريعة وأمير يجاوره ويسايره في سرعته ساعده علي الركوب السيارة وصعد هو الآخر وبدأ في القيادة.
إستدارت سلوي إلي ولدها وجدت دموع تسيل من عينيه أتسعت عيناها وحاولت أن تتحدث لكن أوقفها أمير بإشارة من يده أن تتوقف وتتركه يخرج مكنون ما بقلبه .
❈-❈-❈
دخلت مكتبها صافعة الباب خلفها بعنف وجدت نور تجلس تلتهم الشطائر عضت علي شفتيها بغيظ كأنها وجدت ضالتها التي ستخرج بها غضبها اليوم.
إقتربت منها وخطفت الطعام من يدها وصاحت بعصبية:
-أنتي أيه مفجوعة ردي عليا بس عندك فجع ؟ كل شوية أشوفك بتأكلي جبت لينا مصيبة خليتي الراجل يفتكر إنك بتأكلي كبدة بني أدمين وياريت علي كده وبس لا الهانم ولا فارق معاها ده كله وقاعدة تطفحي هنا لا وفي مكتبي كمان.
خطفت منها الشطيرة وضعتها في فم واحد مما جعل صفا تشهق بصدمة:
-يخربيتك يا شيخة أنتي أيه هتشليني هو ده بوقك ؟ أنا حاسة إنك بلاعة وأنفتحت يا شيخة .
أشارت نور بيدها بأصابعها الخمسة في وجهها:
-خمسة في عينك خمسة عليا من العين.
رمقتها صفا شذراً وأشارت لها بتوعد:
-قدامك خمس ثواني بالظبط وتخرجي من هنا لو فضلتي قدامي بعدهم متلوميش غير نفسك.
ركضت سريعاً إلي الخارج وتهاوت صفا علي مكتبها تتنفس بعصبية شديدة كيف له أن يعاملها بهذه الطريقة الفظة ؟ ألي هذا الحد يحب تلك المدعوة زوجته لكن صدقاً هي لا تستاهل هذا الحب من الأساس أليست هي من تركته بمحنته تلك وإبتعدت عنه ؟ ولا يكفي ذلك يريد أن ترفد من عملها ؟ من يظن نفسه هذا المغرور يظن أن بماله يستطيع أن يدير الكون أسفله لكن لا ليست هي من تكسر أو تذل سحقاً لقلبها الذي بدأ ينبض في طريقه لعشق هذا المخلوق.
❈-❈-❈
تمدد علي فراشه بمساعدة والده ورفيقه بضعف شديد ولم ينطق بكلمة واحدة منذ وصوله.
إقتربت منهم الممرضة بحذر وقالت:
-مواعيد الأدوية بتاعته يا فندم.
ما أن إستمع إلي صوت هذه الممرضة حتي تجعدت ملامح وجهه وصاح بعصبية:
-مين دي ؟
تراجعت إلي الخلف بخوف من نظراته رغم أنه لا يراها لكن نظراته كافية أن تدب الرعب داخل أوصالها.
تحدث والده بهدوء:
-دي ممرضة يا حبيبي هتكون مرافقة هنا وتديك أدويتك.
-تمشي وفورًا.
تطلع أمير إلي زوج خالته بحيرة وتدخلت والدته في الحديث:
-تمشي أزاي مش هينفع تمشي مين هياخد باله منك ؟
عند هذا الحد ولم يستطيع أن يظل صامتا أكثر ذلك ونهض من علي الفراش غير عابئ بتعبه ولا جراحه ولا عدم رؤيته من الأساس…..
❈-❈-❈
عند هذا الحد ولم يستطيع أن يظل صامتا أكثر ذلك ونهض من علي الفراش غير عابئ بتعبه ولا جراحه ولا عدم رؤيته من الأساس حاول أمير الإقتراب منه لكنه صاح به بجنون:
-إبعد عني أبعدوا كلكم عني مش عايز حد جنبي.
نهض من الفراش وبدأ يتحرك بعشوائية وهو يكسر بيده كل ما يقع تحت يديه .
تحت نظرات والديه المنصدمة وصديقه الذي يحاول أن يسيطر عليه دون فائدة.
صاح أحمد بالممرضة التي تقف مكانها لا تحرك ساكناً:
-أنتي هتفضلي واقفة كده أتصرفى هديه.
ركضت سريعاً وبدأت في إعداد حقنة مهدئة وتحدثت بلهفة:
-حاولوا تثبتوه لو سمحتم .
إقترب أحمد وأمير منه وبدأوا بتقييده بصعوبة فبنية ياسين قوية تفوق والده ورفيقه أضعافاً.
إقتربت منه الممرضة سريعاً ووضعت الإبرة داخل أرودته وهو مازال يسب ويلعن بها ولكن ما أن بدأ مفعول الدواء يسير داخل أوردته سقط في ثبات عميق .
وضعه أمير برفق علي الفراش وعدل من وضعية رأسه علي الوسادة ، اتجهت والدته إليه وجلست جواره ودموعها تسيل بغزارة علي وجنتيها.
تحدثت الممرضة بأسف:
-أسفة يا فندم أنا بعتذر مش هقدر أكمل هنا في الوضع ده أنا عندي عيال بربيهم.
رفع أحمد حاجبه بعدم فهم وتسأل:
-نعم يعني أيه ده مش شغلك ؟ هو ده في اه أو لأ شغلك هنا معاه إجباري.
حركت رأسها نافية وعقبت:
-لأ يا فندم حضرتك ده وهو جوه المستشفى لكن هنا ده شغل إضافي وأنا مش هقدر بعد إذنكم.
غادرت الممرضة سريعاً تفر من هذا المجنون أن يصيبها في المرة القادمة بشئ مما يكسره.
مسح أحمد علي وحهه بضيق وتسأل:
-وبعدين ؟
داعب أمير لحيته الخفيفة وقال:
-كلم المستشفى وبلغ الدكتور نشوف هيعمل أيه ويبعت لينا دكتورة تانية وأنا هفضل هنا معاكم .
تنهد بقلة حيلة وتسأل:
-صحيح انتوا كنتوا فين ؟ ازاي أنا وصلت قبلكم هنا ؟
رد أمير بإختصار:
-ياسين راح لفريدة.
أتسعت عينيه وتسأل بفضول:
-طيب وايه إلي حصل ؟
تنهد بأسف وأجاب:
-طلقها.
زفر بنفاذ صبر وقال:
-تمام أنا هروح أكلم الدكتور وأرجع ليكم.
غادر أحمد وجلس أكير جوار رفيقه مربتا علي يده برفق وألتف إلي خالته وتحدث بحزن:
-هيخف يا خالتو هيخف مسألة وقت وبس ويرجع زي ما كان بإذن الله أمير أوي وهيقدر يتخطي المحنة بإذن الله.
نظرت له بأمل وقالت:
-يارب يا أبني يارب.