رواية جديدة للذئاب وجوه أخرى 5 لنورا محمد علي - الفصل 53 - 1 - الجمعة 18/10/2024
قراءة رواية جديدة للذئاب وجوه أخرى5 كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية للذئاب وجوه أخرى5 رواية جديدة قيد النشر
من قصص وروايات
الكاتبة نورا محمد علي
الفصل الثالث والخمسون
1
تم النشر يوم الجمعة
18/10/2024
❈-❈-❈
كانت تجلس معه على احد الموائد في ذلك المطعم الراقي، لكنه اختار ركناً يكاد يكون منعزلاً كان ينظر لها و أبتسامة على وجهه تجعلها تشعر أن هناك شيء تغير فيه، أين ذلك الحاد الجاد الذي كان يتكلم في العمل من لحظات.. هل أختفى تبدد اصبح شخص آخر! شخص يستطيع بنظرة عينيه الدافئة التي تشبه موج البحر؛ تدرج ألوان السماء ان يدغدغ مشاعرها..
ويحولها إلى شيء هش ضعيف.. فهل تنساق خلف ما تشعر به؟ هل تترك قلبها ينجرف ام تسبت في مكانها؛ علها تحافظ على البقية المتبقية منه، ولكن لما تشعر ان ما تكنه لأحمد مختلف؟ لما تشعر ان هناك فرق شاسع بين ذلك الاحساس الواهي الذي شعرت به حينما كانت قريبه من ذاخر؟ هل كان ما تشعر به مجرد انبهار بأستاذ في مجالها، ولكنها ما أن اقتربت من الصورة، حتى تهشمت وتحطمت الى شظايا، كادت ان تجرح روحها وتفتت قلبها وجدت نفسها تشعر بالخوف من مجرد الذكرى، فرجعت الى الواقع، علها تلملم نفسها وهي تبتسم له وتسأل:
_من امتى؟!
لم يدعي انه لم يفهم السؤال لم يحاول ان يظهر غباء لا يعد من خصاله، فهو رجل ذكي عجنته الأيام وعلمته الليالي، ولكنه لا زال نقيا ذلك الذي لم ينخرط في علاقات متعددة ولا نزوات ماجنة لم يسمح لنفسه ان ينسى تعاليم دينه التي علمها له والده..
والده! نفس الشخص الذي ينطبق عليه القول يخلق من ظهر الفاسد عالم، فلقد ألم بعلوم الدين منذ كان طفلاً يستمع الى والده يرتل له القرآن..
رغم أن والده الذي لم يحظى بتلك النشاة السوية إلا أنه ساهم في ان يجعل أبنائه اسوياء يخشون الله، يمشون على تعاليم دينهم بتلك الوسطية المتسامحة، فذلك البيت الذي نشأ فيه أحمد بكل ما فيه يعد شبكة كخيوط العنكبوت، يملك الجدة مسيحية وزوجها وابنتها على نفس الدين.. وعلى جنسية أيطالية
والاب كان لا يؤمن بدين معين، وها هي النتيجة شخص يخشى ان يحتسي كأس خمر حتى لا يلوث فمه، ويبدد حسناته، حتى لا يرتكب ذنبا يضاف لصحيفته، ولكنه نظر لها بابتسامه تغلغلت في روحها، وهو يقول:
_مش عارف بالظبط؛ من أول مره شفتك فيها في الكمبوند كنت عاملة فيونك حمرة لابسة فستان لونه ابيض، بورد احمر صغير تقريبا كنت في ابتدائي وأنا اكبر سنتين أو أكثر ووقفت قدامك لفترة مش عارف اقرب او أبعد..
نظرت له بدهشة فأكمل بأبتسامة:
_انت آه بنت أونكل ادهم اللي يعتبر عمي بالظبط، بس انت طول عمرك بعيدة، انت واختك كان ليكم ركن لوحدكم..
_فعلا..
_ وقتها بصيتي لي بخوف ودخلتي كنت عايز أقرب منك واقول لك ما تخافيش، مش انا اللي ممكن يأذيكي..
نظرت له بدهشة وعقلها لا يصدق أنه أحبها من ذلك الوقت.. انتبهت له وهو يقول:
_ بس يمكن وقتها ما كنتيش هتفهمي اللي أنا بحسه لأن أنا نفسي ما كنتش فاهم، بس كنت عارف اني لما أطيلي النظر ليكي برتكب ذنب.. انت ذنبي الوحيد اللي اتمنيته، انت الذنب الوحيد اللي قبلت اعمله، وانا بقول لربنا بين صلاتي ونفسي خليها من نصيبي، اكتبها لي قررت أستنى تخلصي عشان أقدر أتكلم، بس في لحظة خُفت أتاخر ويمكن أكون اتاخرت فعلاً…
نظرت له بصدمة فأكمل:
_ انا ما بفتحش في حاجة انا بس بقول لك الواقع، وقتها حسيت اني بموت حاجه بتضغط على قلبي وكأنها بتغرز جواه خنجر حاد، أول مرة أحس بالوجع ده.. انت وجعي وعشقي وروحي انت الوحيدة اللي حلمت بيها عمري اللي فات وبتمناها لعمري اللي جاي، عارفة يعني ايه واحد بيخاف من ربنا، بيخاف يعصيه ويتربى على انه يستفتي قلبه ولو أفتوه الناس، يقبل انه يرتكب ذنب يقبل انه يطيل النظر ليكي..
تلون وجهها بخجل وهي تحاول ان تواري عينيها عنه، او بمعنى اصح عن عينيه التي تقتحمها لكنه لم يترك لها الفرصة، مد يده على الطاوله يعتصر كفها وهو يقول:
_انا بعد الثواني؛ عشان تكوني في حضني..
شعرت بالصدمة من كلماته التي تتسم بالجرأة، ونظراته التي تعد مقتحمة ولكن حينما رفع كفها إلى شفتيه يقبل راحتها من الداخل، يهمس بكلمة واحدة:
_ بعشقك..
كانه لخص الحكاية، وهل تريد المزيد؟ ذلك الإحساس الذي نبت بداخلها، تلك الرجفة التي عزفت بين نياط قلبها، جعلتها تشعر بالخوف ليس منه بل مما تشعر به، أنه يتوغل فيها بسرعه، لم يمر شهر على أعترافه بمشاعره وها هي سميت على أسمه، ولن يمر شهر آخر حتى تكون في بيته فماذا بعد؟ همست بخجل:
_احمد انا..
_ قلب احمد.. انت ايه؟!
_ انا خايفة..
ضحكه بصوت عذب بنبرة مرتفع الى حد ما، حتى انه لفت نظر البعض، إلا انه لم يهتم، وهو يقرب نفسه من الطاولة حتى يكون قريباً منها أكثر وكأنه يتمنى أن يزيل الفواصل والحدود بينهم، وهو يقول:
_ مني؟! انا عشت عمري كله احمك من نفسي؛ اخاف عليك من بصتي.. من لهفتي.. من شوقي وجنوني؛ حبيتك في كل مراحل عمري، طفولة مراهقة.. شباب.. كنت بتعامل في حياتي على انك موجوده فيها، كنت برفض أقرب من اي حد لمجرد ان ده ممكن يزعلك، اللي بين ضلوعي ده بيدق ليكي انت وبس، وبيكي انت وبس، أنا أكره نفسي لو سببت ليك الخوف واقسوا عليها لو وجعتك..
ماذا تفعله بعد كل هذا؟ هل رآت من قبل شيء كهذا؟ هل هو نفس الشخص الذي كان معه منذ ساعة في أجتماع يقوده بمهاره لينصاع له الجميع..
يعري نفسه امامها يبوح بمشاعره بكل صدق، وكانه لا يشعر بالخجل من أن يظهر ضعفع وكأنه يقول لها أنتي قوتي وضعفي، ولكنه تراجع ما أن اقترب النادل ليضع ما طلبوه امامهم..
وما أن تحرك حتى عاد لكلامه مرة اخرى اشار لها الى الطعام وتكلم عن بعض الأشياء التي يحبها كان يعرفها علىه، يخبرها مقدار تفوت في شخصيته فهو مزيج ما بين الحدة والغضب وفي بعض الأحيان العناد، ولكنه يتسم بشيء قد يميل الكفة الى صفها، هناك شيء قد يجعل كل ذلك يتبدد يكفي ان تكون هي في الصورة حتى يهدأ..
ابتسمت وهي تقول:
_ معنى كده اني مش هشوف الشخص اللي شفته في الاجتماع النهارده..
ضحك بخفه وهو يقول:
_ للأسف هتشوفيه كثير، هو ده الشخص اللي هيعيش معاكي على فكره، انما اللي أعتراف بضعفه قدامك ده لازم اخبيه، حتى لو مش قدامك يبقى قدام الناس، لازم تعرفي كويس ان اللي يدير امبراطورية زي A.A Group اللي بديرها لازم يكون قوي ما يكونش ليه نقطة ضعف بس انت نقطة ضعفي الوحيدة، ومع ذلك هحولها لنقطة قوتي…
_ ده غرور
_لا دي ثقة، انا عمري ما كنت مغرور بس واثق في نفسي، عارف انا مين.. افضل حاجة في رحلة حياتك كلها، تعرفي انت مين؟ ناس بتدخل الدنيا وتطلع منها من غير ما تعرف هي مين!
_ انت معروف أوي يا أحمد قبل ما يكون لنفسك للي حواليك..
_ ده شيء افتخر بيه الراجل هو اللي يسيب بصمة وعلامة في الدنيا، مش اللي الدنيا تعلم عليه..
_ يا رب اللي يسمعك يقول مش خريج جامعة باريس الدولية..
_ الدراسه دي وراثة، دكتور عادل اتخرج من جامعة باريس الدولية، باشمهندس أمجد العايدي اتخرج من نفس الجامعة..
_ ملاحظه انك بتقول له لقبه في التعليم مش سموه
_ الموضوع مش كبر على اللقب، هو في نفس المكان بالظبط، انت لو جيتي تدوري على 7A هتلاقي انهم ملوك الإقطاع الجديد، احنا ملوك على امبراطوريات ميزانياتها بتعادل ميزانيات دول، يبقى ليها حس بالنقص لان مش عندي لقب، مش محتاج اللقب كفايه اسمي اللي بيهز السوق ويقلب البورصة..
_ مش بقول لك كفاية انك تعرفي انت مين..
_ بتتكلمي على أساس انه مش بكلمه منك بتوقفي مشاريع، انت بتمشي كلمتك على شركة كاملة انت قويه اوي يا دانا، حتى لو انت مش واخده بالك من ده..
انتهى الطعام الذي تخلله احاديث متفرقه عنهم اعترافات متبادله بينهم، رغم أن دانا إلى الآن لم تستطع ان تنطق تلك الكلمة التي بدأت تشعر بها، ولكنه تحرك معها إلى حيث سيارتها وقف معها حتى ركبت، وهو ينحنى على الباب كأنه لم يكتفى بوجوده معها في المطعم وهو يقول:
_ هتصل بك بالليل
_بعد ما ترجع من السهرة
_ قعده الصحاب ما بتتعوضش خصوصا ان كل واحد فينا في بلد، فين وفين على ما بنشوف بعض، هحاول اتصل برحيم ممكن يكون فاضي..
_ انجوي
_ المتعة في وجودك في المكان وأني اتنفس نفس الهوا متعة، اعترافي ليكِ بالعشق متعة نظرة عيني لدبلتك وانا متاكد اني اسمي مكتوب عليها متعة، أنا بحبك يا دانا من قبل ما اعرف معنى كلمة حب..
اتاه أتصال فأشار لها لتتحرك، إلا أنها انتظرت ان يرد رفع حاجباً واحد وهو يتساءل هل هذه بوادر غير؟ ام ان الموضوع اكبر.. رد على الأتصال الخاص بالعمل بكل هدوء وتمكن مما جعلها تنظر له بصدمة، فأشار لها لتتحرك بينما هو يتحرك الى سيارته الفارهة يقودها بعد أن وضع الأتصال على السماعة الداخلية..