رواية بعد الاحتراق After Burn لغادة حازم - الفصل 24 - 3 - الثلاثاء 22/10/2024
قراءة رواية بعد الاحتراق - After Burn كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية
بعد الاحتراق - After Burn
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة غادة حازم
الفصل الرابع والعشرون
تم النشر يوم الثلاثاء
22/10/2024
-3-
ربما مر على الجميع وقت خال فيه أن الحياة ليست عادلة، دوما ما تمنحنا سعادة ناقصة لابد من أن تختزل من جزء يبقي مرارة في حلقنا كلما ابتسمنا.. لكنها مؤخرا قد ودعت هذا الشعور، وبدأت تظن أن سعادتها على وشك الاكتمال.. فها هي تجلس في مقعدها في الصف الأول لتحضر الخطاب الأول لأدهم كعضو رسمي في مجلس الشيخ للولاية بعد فترة انتخابات عصيبة مرت عليهما..
فبعد موافقتها على منحه تلك الفرصة، قضت فترة كانت متخبطة كثيرًا في مشاعرها.. فكل يوم كانت تمضيه معه، تكاثفت مشاعرها في حبه وتضاءلت الاسباب أمامها في منع ذلك.. سألت نفسها كثيرًا عما يمنعها عن حبها، لما عليها أن تحتفظ بمشاعر كراهية ماضية وتدفعها لتدمر مستقبلها أيضا؟
ألم تكتفي من الكراهية والغضب والاكتئاب بعد
ألا يكفيها كل ما فعله في سبيل استعادتها وتوفير الحماية لها.. في سبيل استرضاؤها لن تنسى أبدا لحظة أن ركع لها أدهم العظيم على ركبتيه وتذلل طالبا للغفران وما تلاه ليحتفظ بحياتها مقابل حياته وتلك الرصاصة بصدره التي لازال أثرها لما يشفى تذكرها كلما نست..
لم يكن غافلا عنها إنه يهيم بها وهي كذلك بل الأكثر تحتاج حبه ليكون بوابتها للخروج من كل تلك المعاناة.. إذا لما تكابر وتختار المعاناة عن الحب؟!.. اقتنعت بكل ما قال؛ حقا إنها تبالغ في ردة فعلها وتتمسك بدورها كضحية في القصة لا تريد أن تغادر هذه الزاوية وترى الحياة أمامها خاصة وهي الطرف الأكثر احتياجًا هنا وقد صار كل ما تملك في هذه الحياة بعدما تخلى عنها اناسا من دمها..
كانت تعرف أنه من الصعب عليها ذلك، لكن عليها أن تواجه نفسها بالحقيقة وتعترف مصيرها مع أدهم ليس بذلك السوء ربما ليس الشخص الافضل لها ولكنه ليس الأسوأ أيضًا.. هو حرفيا لا يدخر جهدًا في توفير كل شيء تمنته أو لم تتمنى او حتى قبل أن تتمنى.. يكفي أنه الشخص الوحيد الذي يفهمها ويهتم لأمرها كما لم أحدا من قبل.. يمكن هو أكثر شيء تمنته وحصلت عليه
ودفعت ثمن ذلك مقدما.. إذا لما لا تحصل على المزايا التي يقدمها بالنهاية ليس هناك شيء مثالي لن تحصل على كل شيء بالحياة يجب أن تتنازل قليلا وتقبل بما تمنحه لها
لذلك قبلت بعرضه السخي في تعويضها واصلاح ندوبها
ربما ينجح..
خلال تلك الفترة، تيقنت من شيئا واحد وهو أنها تحتاجه بشده وما عادت ترى شيئًا عداه، لدرجة تدفع كل مشاعرها السابقة تجاهه لقاع روحها وأغلقت عليها ثم ألقت المفتاح في غياهب جب ورغم أنه قد اعطاه هذه المرة فرصة أخيره لتقرير مصيرهم إلا أنه كانت قد حسمت أمرها قبل ان يغادرا
ما عادت تريد أن تشعر بالبؤس في حين يمكنها أن تحيا بسعادة
لا تريد أن تعرف شيئًا عما يفعل في الخفاء لا تريد أن تعرف شيئًا في العموم كان جهل الحب نعيم وهي ترغب العودة له فلتدعه يتولى حياتها ويقودها بل يقودها هي شخصيا لن تمانع طالما سينتهي هذا الأمر بسعادتها لا تريد أن تتأذى او تحزن بعد الآن مجرد تذكر الشعور وحده يجعلها تفكر في الانتحار من الان على ان تشعر كذلك مرة اخرى.. وليس عليها أن تدمن لتتلافى ذلك الشعور يكفيها أن تكون غبية فقط ولتوها أدركت أنه لما النساء الأغبياء يكونوا أكثر سعادة
وإذا كان لا بد لها أن تدمن شيء ا فلتدمن الطريقة التي يحبها بها..
ولما لا فقد نجح وخدر بها ذكاءها وحدسها من قبل ولم ترى حقيقته فلتدعه يخدرها بها من جديد ولا تعتقد أنه سيعارض إدمانها هذه المرة
لم يكن عليها أن تفعل شيء بعدها، الحقيقة أنه ليس عليها ان تفعل شيء معه، كل ما هنالك أنها فتحت له المجال وتركه يتولى زمام السيطرة
وهو سيد من يعشق السيطرة!!
وذلك ما حدث بالفعل، فمنذ عودتهما لكاليفورنيا وهو صدق وعده معها.. ساعدها على تجاوز محنة اعتمادها على المهدئات بدون أعراض انسحاب قوية هذه المرة، من خلال الاستعانة بالطبيب (مايك) ووصفة الأدوية الجيدة التي وصفها لها.. كذلك احترم عدم رغبتها في بدء العلاج النفسي حاليًا، فقط اكتفى بالعلاج الدوائي كمرحلة أولية وأشرف على إعطائها الدوا يوم بيوم.. وكان لذلك تأثير إيجابي كبير على نفسيتها وروحها.. فقد خفت كوابيسها كثيرًا واصبحت تزورها على فترات متباعدة وحتى حينما يحدث هذا، جسدها كان يندفع نحوه في كل مرة بحثا عن الأمن والسكينة.. أصبحت أكثر إشراقًا وتفاعلًا معه.. بدت متقبلة لكل لمساته بل ومرحبة بها، كل مرة ينتهز فيها الفرصة في قبلة أو مداعبة غير بريئة اصبحت تتفاعل معها إلا إنه كان دائمًا يعرف حدوده.. لم يتعدى الامر بينهما ذلك.. حتى مع اصراره من أول يوم لهم هنا على نومها معه في فراش واحد، لم يسمح لنفسه أن ينخرط معها ويتجاوز مرحلة المعاكسات والمداعبات.. ورغم خوفها الشديد من ذلك إلا إنها دائمًا كانت تتساءل في نفسها.. لماذا؟!
أدهم لم يكن أبدا بالرجل الصبور أمام ذلك الشيء بالتحديد معها.. ولم تكن عمياء للتغافل عن استثارته الواضحة في كل مرة يلمسها فيها.. دائما ما يحدث له شيء ويجعله يتوقف وينسحب.. ما هذا الشيء؟!.. افكارها السوداوية كان تجرفها لأماكن تفقد فيها ثقتها في انوثتها أمامه.. تجعلها تتساءل ذلك السؤال السام في كل مرة.. اين ذهب شغفه بها؟؟.. ألم يعد شغوفًا؟!.. مضى عليهم هنا نحو ثلاثة أشهر ولم يحاول مرة أن يكمل الأمر رغم المجهود الذي تبذله في تهيئة نفسها كل مرة لذلك.. إلا إنه كان يتركها دوما عالقة في رغبتها لها!!
أيتقزز من شكل جسدها؟!
كل مرة تجد نفسها أمام ذلك الاستنتاج.. كانت في عذاب من تلك الفكرة كلما وصلت لها، حاولت في مرات عديدة أن تسأله مباشرة لكن كبرياؤها اللعين منعها من معرفة الحقيقة.. خصوصا وهي بالآصل فاقدة الثقة في نفسها منذ أمد طويل.. صورة شكلها مشوهه أمام نفسها، فآنى لها أن تتحدث في هذا الأمر معه.. هذا إذا تغاضينا عن أنه بالأساس سبب فقدان ثقتها في نفسها..
ومن جديد تجد نفسها أسيرة تلك الحيرة..
أيعقل أنه يبحث عن راحته بين أحضان امرأة أخرى؟!
لكن كيف وهو كل الوقت تقريبًا معها.. حتى في عز انشغاله في التحضير للانتخابات كان يصطحبها معه، فمتى وأين سيخونها؟!.. والأمر حقا فادها كثيرًا فقد عمل على جعلها مشغولة دوما، اشركها في كل الخطط والترتيبات، حتى خطبه كانت هي من تعدها له.. الأمر كان مرعب في البداية لكنه اخبرها أنه يثق بها خاصة وأن الأمر بالنهاية جزء من تخصصها وهو ما يسمى ب(علم النفس السياسي)..
لا تعرف ماذا فعل بها.. لقد أعاد اشعال فتيل حياتها من جديد.. كانت تتعافى في كل مرة تنجح خطبته ويرن صداها في الاعلام ومواقع التواصل وتتصدر الحديث لأسابيع.. شعور بأن لها جدوى وقيمة كان يداوي شيئا داخلها لم يعالجه الدواء.. وعلى ذكر الدواء، كان يشرف بنفسه على جرعات دوائها وكأنها واجب مقدس ويتأكد من أنها قد بلعت الحبوب في كل مرة.. اللعين لم ينسى أبدا ما فعلته على المركب عندما لم تتناول الحبوب وجمعتها لتنتحر..
لكنها كانت تحاول تجاهل تلك الجزئية، نوعا عقلها طور نوع من البلادة تجاه تلك الاحداث الصادمة.. كان يحاول محاصرتها بأسوار عالية وحجزها خلفها.. وللمفارقة كانت فريدة تحفزه على ذلك في اعتقاد منها أنه السبيل الوحيد لنجاتها في الوقت الراهن.. كانت تحتاج لهذا، أن تتجاوز كل ما مضى وتبني حياة جديدة معه لذلك لا مفر من نسيتن ما مضى وهذه المرة بإرادتها.. لذلك تهربت من جلسات العلاج النفسي التي كان مصرا على أن تخضع لها من أول يوم ومع بعض التحايل والالحاح تقبل الفكرة ورضخ لرغبتها بالأخير..
لم يكن ليتجاوز عن ذلك.. ولكن واضحا انه يحاول معها لتكون راضية معه، لم يرد أن يجبرها على شيء خاصة تلك الخطوة.. الحقيقة أنه يحاول كما وعدها.. حتى تركيزه على عمله وتغيير مساره الخطر الذي كان يسلكه أكبر دليل .
لذلك هي أيضًا تحاول..
أفاقت من شرودها عندما سمعته يهتف باسمها.. برقت عينها بسعادة خالصة بينما يخصها بعبرات الشكر في آخر خطابه كونها كانت أكبر داعم له تلك الفترة.. حينها، شعر بفخر واكتفاء أنه زوجها.. ملكها هي.. وكأن انجازه هو انجازها هي.. تعالت دقات قلبها بشكل مؤلم ولذيذ لم تستشعره منذ مدة طويلة، وعرفت في تلك اللحظة أنه قد قُضي عليها من جديد في عشق ذلك الرجل.. حينما همس لها على مرأى من الجميع وهو يُنهي خطابه بينما يمنحها غمزة من عينه..
”أحبك“
❈-❈-❈
-
مجددًا..
نكرر شكرنا لك سيد أدهم على منحنا هذه الفرصة في الانفراد بهذا اللقاء اليوم من
منزلك الخاص..
قالت المذيعة المحاورة هذا ليمنحها
أدهم ابتسامة متكلفة بينما يجلس على الاريكة أمامها بأريحية يحتضن فريدة بذراعه
ويرتدي ملابس بدت انها متواضعة، فقط كنزة صوفية خفيفة بيضاء اللون وسروال من القماش
رمادي اللون ليحرص بذلك على أن يكون اللقاء اجتماعي وحميمي لأقصى حد.. كذلك فريدة
ارتدت كنزة صوفية بيضاء ذات عنق طويلة مع سروال قماشي أسود اللون واكتفت بترك
شعرها الذي استطال أكثر ببساطة على كتفيها..
-
أخبرني
سيد أدهم شيء حصري في لقائنا من مخططاتك القادمة كبداية في المجلس..
-
أنوي
تأسيس جمعية خيرية كعمل تطوعي يصلح كبداية لمؤسسة خيرية كبيرة تتوالى العديد من القضايا
الهامة وبالتأكيد ستساعدني فيها فريدة.. الحقيقة هي من ستتولاها لأنها صاحبة
الفكرة بالأساس.. هي دائما ملهمتي!!
-
حقا.. هذا خبر رائع.. اخبرينا المزيد عنها، سيدة فريدة، وعن المجالات
التي تتناولها..
تفاجأت فريدة، فهو لم يخبرها عن هذا
حتى هذه اللحظة، وكل ما قاله الآن كان كذبًا.. نظرت له ليمنحها نظرة عابثة وينهض
ليحضر مشروبًا ما في الخلف.. لتعود للمذيعة التي لازالت تنتظر اجابتها بلهفة..
فقالت متهربة من السؤال:
-
ربما لاحقا،
فانا لا احب التحدث عن شيء قيد الإعداد..
-
ونحن في
انتظار هذا بالطبع..
لتتابع المذيعة محاورة فريدة:
-
بعد نجاح
سيد أدهم باكتساح في الانتخابات، وقد عرفنا خططه بالنسبة للولاية.. هل يمكن
مشاركتنا بالخطط الشخصية؟؟.. أعني ماذا عن خطوة الانجاب والاطفال؟؟. هل فكرتما بهذا؟؟
تصلب ظهر أدهم وتوقفت يده وهو يفرغ
قرص الدواء الخاص بفريدة بكوب الماء، فقد حان موعده وهو لم يكن يتوقع أن يطيل
اللقاء إلى هذا الوقت.. التفت بسرعة لفريدة التي بدت وكأنها لا تعاني من هكذا
سؤال.. فقد اجابة المذيعة وهي تحتفظ بابتسامة هادئة بينما تستريح في جلستها أكثر:
-
بالنسبة
لي، هذا ما كنت أحلم به منذ زواجي من أدهم.. طالما حلمت أن أكوّن معه بيت صغير
ندفئه بأطفالنا بعيدًا عن صخب الحياة.. لكن..
توقفت لتتوقف انفاس أدهم، وهو يقف
خلفها ويتابع ما ستقول بتلهف وتأثر.. لقد كانت نبرتها صادقة جدًا ومؤلمة كذلك،
لتعيد له مجموعة من الذكريات لم يكن مرحب بها، فما بالك هي؟!.. لكنها افتعلت ضحكة
مرحة وهي تشير بيدها له بينما تتابع:
-
لكن ماذا
أفعل؟! هو دائم الانشغال كما ترين.. امنحيني الفرصة فقط وسأخطفه في جزيرة منعزلة
وانفذ حلمي..
وضحكت مرة أخرى ليضحك كل العاملين،
وهنا حمل الكوب وعاد لكادر التصوير مرة أخرى.. وقف خلفها ليحتضنها وهو يضع الكوب
بين يديها في لفتة حميمة صادقة مقبلًا رأسها.. ثم عاد وجلس جوارها ممسكًا بيدها في
قوة وهو يمازحها منسجمًا معها في تلك اللحظة:
-
هل
تتهمين بالتقصير في حقوقك الزوجية، سيدة فريدة بينما كنت أعد لكِ كوبا من القهوة؟؟
-
كلا.. لا
أجرؤ.. شكرًا لك أيها السيناتور..
احتست من الكوب وقد عرفت محتواه على
الفور بينما رفع يدها وطبع قبله دافئة هناك.. ليلتفتا بعدها للمذيعة وهي تطرح
عليهما سؤالا آخر:
-
الحقيقة أرى
أنكما من أكثر الازواج تفاهما وانسجاما.. فقد تجاوزتا معا كل ما حدث معكما قبل
أشهر، أعني أمر الاختطاف ومحاولة الاغتيال وما...
قبل أن تستكمل كلامها، كان أدهم أشار
للمسؤول الاعلامي الخاصة به، والذي تدخل على الفور، وذكرّ المذيعة بأن ما طرحته الآن
من الاسئلة الممنوعة في هذا اللقاء.. فالغرض من هذا اللقاء واضح، وهو زيادة شعبية
هذا الثنائي، وتلميع السيرة الاجتماعية لأدهم الشاذلي السيناتور الحالي الأكثر جدلًا..
ومع اشارة أخرى من أدهم انتهى اللقاء لينهض مصافحًا المذيعة والمخرج ويصحب فريدة
معه إلى الحديقة..
نظرت فريدة حولها، حتى الآن لا تصدق
أنها حظيت بنهايتها السعيدة معه.. مَن كان يصدق أنها وأدهم يمشيان هكذا بهدوء في
حديقة منزلهما كأي زوجين طبيعيين.. فقط هو وهي والهدوء.. لا حرب.. لا دماء.. لا
دموع..
على ذكر المنزل، فلم يعودوا إلى ذلك
القصر اللعين عكس ما توقعت.. فقد آتى بها إلى منزل آخر صغير نوعًا ما ومريح، جميع
طلائه من تدرجات اللون الابيض بتصميم عصري يشعرها بالألفة، ولا تنكر لقد أحبته..
رأت كلبها بلوتو وهو يجري بالجوار بسعادة يحاول لفت انتباههما مما جعلها تبتسم
بسعادة، وهي تتنفس بصدر رحب مستمتعة بالطقس الخريفي الهادئ ودفئ احضان أدهم
حولها..
ومجددًا شعرت بأنها تحلم..
-
إذا تريدين
خطفي بجزيرة معزولة ها.. أظنني قد فعلتها قبلك!!
ضحكت هذه المرة بصدق من مناوشته
وعبثه معها.. فقد علمت أنه يقصد تلك المرة التي خطفها فيها في المحمية الخاصة به..
لا تنكر، لم يترك لها شيئا تفعله، حتى في احلامها..
تابع وهو يقبض بقوة على يده بينما يجلس
ارضا على العشب ويسحبها معه لتسقط على مصطدمه بصدره:
-
أتعرفين،
لا أمانع خطفك مجددًا.. ربما نستطيع انجاب الاطفال حينها..
توترت ملامحها، وهذا كان غايته من
السؤال.. أراد أن يعرف شعورها الحقيقي حول الأمر بعد كل ما حدث، وليعرف هل اقترب
من غايته أم لازال أمامه الكثير كما يقول دكتور مايك في كسب ثقتها.. فهو هنا يحترق
للمسها بالكامل، وفي كل مرة يتوقف وينسحب ما إن يجعلها تثور بالرغبة.. لم يريدها
فقط راغبة به، بل تحترق شوقا له.. حتى لا يكون هنا مجالًا للتردد أو الندم، وحتى
يمحو من ذهنها أي ذكرى تعيسة قد تؤرق علاقتهما.. لقد تعهد أن يُعالج كل جرح قد
تسبب فيه لها، وهو يتبع في ذلك خيطا رفيعا جدًا بأي لحظة قد يتمزق ويُعيده لسابق
عهدهما
وهذا ما لن يتحمله..!!
ركز في تعابيرها التي ازدادت انزعاجًا،
وهي تعتدل لتكون جالسة بجانبه ثم حجبت خصلة خلف اذنها، في حين بدت نبرتها مختلفة
عما كانت واختفت أي راحة بها وراحت عينيها تنظر بعيدا جهة كلبها التي تمزق أحد
عيدان الزرع:
-
أعتقد أن
هذا الأمر يتوقف عليك أنت!!
-
أنا؟!
هتف بها أدهم في سخرية لا تخلو من
المفاجأة، لتحدق به فريدة هذه المرة وقد انعكست الشمس على عينها فجعلتها كجزءً
منها:
-
نعم.. هل
يمكن أن تخبرني لما تتهرب مني في كل مرة نكون قربين؟!
شرد مأخوذًا بنقاء عسل عينها، وود لو
يأخذها الآن على العشب لتعرف إجابته.. وعندما أطال الصمت ابتلعت فريدة ريقها وهي
تعض على فمها من الداخل حتى تمنع نفسها من التأثر ومن ثم البكاء:
-
لا داعي
للتفكير.. اجابتك قد وصلت!!
-
تعالي
هنا.. أي إجابة؟!
أمسك بها قبل أن تنهض وتتركه ليُعيدها
مرة اخرى جواره.. ليواجه انفعالها لأول مرة من شهور، فمنذ أن بدأت في دوائها
الجديد ولم تظهر عليها أي علامات انفعال وهذا غريب.. هدرت وهي تكافح لتستجمع كلمة
واحدة سليمة دون أن تمنعها غصة البكاء:
-
حقيقة
أنك لم تعد ترغب بي.. تشمئز مني وتقرف من لمساتي.. ربما تنسى هذا وتتقرب مني
أحيانًا، لكن ما إن تنتبه حتى تبتعد.. في كل مرة تفتعل شيء وتتركني!!.. يا إلهي،
أنا فقط ظننت أن الأمور يمكن أن تعود لطبيعتها بيننا وأنني.. اننا
-
أننا
ماذا؟؟
سألها أدهم بتلهف وهو يتابع انهيارها
اللحظي.. لتزفر مخرجة كامل الضغط الطابق على صدرها قبل أن تستجمع كلماتها وتقول
بنبرة يملأها اللوم الاحباط:
-
اننا
يمكن أن نحظى بأطفال ونكون أسرة معا..
أغمض عينه ليستمتع بلذة تلك اللحظة
أخيرًا.. يا الله.. إنها ترغبه.. فريدة ترغبه.. بل وترغب في اطفال منه.. وكأن
العناية الإلهية بدأت تنظر له بعين الرحمة.. ودون وعي منه كان قد التهم شفتيها في
قبلة عاطفية يبثها فيها كل إجابته حرف حرف.. ناويًا أن ينفذ لها حلمها الآن، وحالًا،
لكن حال دون هذا رنين هاتفه الملح.. ليبتعد عنها رغمًا عنه، وهو يرفع الهاتف يرى
المتصل ومن ثم التفت لها واضعًا قبلة حميمية سريعة على شفتيها بينما يغمغم بلهاث:
-
إياكِ أن
تتحركين من مكانك.. سأنهي المكالمة وأعود حالًا لتنفيذ كل أحلامك أيتها الأميرة..
هزت رأسها بلا فائدة في حين ابتعد
عنها مسافة كافية رد على الهاتف قائلا بنبرة خشنة:
-
نعم،
حضرة الكابو
جاءه صوت روبرت:
-
احسنت
أدهم.. لقد نفذت أول مهمة بنجاح ونجحت في تلميع سُمعتك من جديد وفرض سيطرتك أكثر
على أنحاء الولاية.. لتوي رأيتك وزوجتك في ذلك اللقاء.. هذا بالضبط ما أريده منك..
أنا فخور بك بُني.. لقد اصبحت الولاية في قبضتك.. هِمتك في القادم أيها الشبل، أنا
اثق بك..
رد أدهم على الفور دون تردد:
-
وأنا
سأكون رهن ثقتك!!
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة غادة، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..