-->

رواية جديدة رواية في فبضة فهد لهالة زين - الفصل 4 - الخميس 24/10/2024

  

 قراءة رواية في قبضة فهد كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية في قبضة فهد

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هالة زين


الفصل الرابع

تم النشر الخميس

24/10/2024



أغلقت عزة الهاتف بسرعه وهي تضع يدها علي فمها من حديث هذا الوغد سمير المراقب ليمان ويزن داخل الرحله السياحيه بفرنسا الذي أخذ مبلغ طائل من المال مقابل ذلك ....كانت قد إنتظرت لبرهه عندما وصلها صوت رساله واردة من هاتفها لتفتحها فتجد صورة ميلا .


لتشهق بفزع وهي تتخيل كل السيناريوهات المفزعه التي ممكن أن تتعرض لها علي يد يمان عندما يعلم أنها من عطلت مكابح سياره زوجته المتوفيه وتسببت في وفاتها عندما كانت ذاهبه تقابل  والد ميلا الذي إكتشف الحقيقه الصادمه بالفعل 


لتمسك بهاتفها مره أخري وتهاتف زينب وهي في قمه توترها لتجيب الاخري بكل برود 

زينب : خير يا بت المصري 

لتجيبها الاخري بغضب أعمي 

عزة :وهو أنتوا بيجي من وراكم خير يا ولاد العماري ....

زينب :قصري يا عزة وقولي في إيه يا مرة إنتي 


عزة :بنت أخوكي بتعمل إيه مع يمان في فرنسا يا زينب

ضربت زينب  علي صدرها بفزع من الصدمه 

زينب :وآه....بنت أخوي مين ...أوعي تقصدي بنت الخوجايه ...هو عتر فيها ولقاها المحروج دة في فرنسا ولا اايه 


عزة :لا ياختي ..دي مسافره معاه من هنا ...بنت أخوكي ما سابتش مصر هي وأمها من الاساس  طلعت مش سهله يا زينب ...إنها تروحله برجليها يبقي  عارفه حاجه ونويالنا علي شر ...إتصرفي يا زينب بدل الفاس ما تقع في الرآس ونرجع نقول ياريت اللي جري ما كان ونروح كلنا في داهيه بسببها 


زينب : ما تخافيش يا بت  المصري وإجمدي إكدة ...وحياه مقاصيصي دي  أنا ماعخليهاش ترجع واصل بت الفاجرة من بره ...بس عاوزاكي تتوكدي من حاجه إكدة ...

عزة :حاجه إيه تاني يا زينب 

زينب : هل بنت خوي لوحديها ولا أخوها الصغير لساته عايش

عزة : إنتي هتجننيني يا زينب إنتي مش قلتي إن أمه الخوجايه دي قالتلكم إنه مات وبعتتلكم جثه عيل صغير دفنتوه جنب أبوة .

زينب : أتوكدي بردو يابت المصري ...الاحتياط واجب ...علشان لوكان عايش هتبقي المصيبه اتنين وإنتي أكيد عارفه هي مصيبه ليه 

عزة :وأي مصيبه ....دة لو يمان عرف إننا  بدلنا  العيال في المستشفي وعملنا إختلاط أنساب وابنه إتسجل بإسم العماريه ....  هنتمني الموت ولا إننا نقع تحت إيده ..إنتي ما تعرفهوش.

زينب : إكتمي حسك يا محروجه إنتي ..ما أسمعكيش تقولي الكلام دة تاني مابينك وبين نفسك حتي ..قال ماشافمهمش وهما بيسرقوا شافوهم وهم بيتقاسموا ...

عزة :أعمل أيه يا زينب ...أنا هموت من الرعب من ساعه ما شفت صورة بنت أخوكي وإتأكدت إنها هي ...أكيد يمان قرب يوصل للحقيقه وساعتها هيهد الدنيا علي دماغي ودماغ اللي يتشددلي 

لتتحدث الاخري بفحيح أفعي وهي تحذرها 


زينب :أعقلي يا عزة ماتوديش نفسك في داهيه ...توترك دة هيخليكي تنكشفي قدامهم ..أنا حذرتك .. يمان مايعرفش بنت أخوي ومرت أخوي ولا عمرة شافهم وهو ماعاوزهمش من أساسه ...هو كان عاوز أخوي علشان إنتي حطيتي في دماغه إن مرته خانته معاه ...وخوي مات دلوقت ..فماتوقعيش نفسك في غلط علشان لو انكشفتي ساعتها هبيعك وما أعرفكيش ...إنتي اللي بدلتي العيال علشان تثبتي إن مرات يمان فاجرة ...وإنتي اللي خربطتي فرامل العربيه بتاعتها وخليتها تموت بالحادثه  وهي رايحه لأخوي علشان يتوكدوا من نسب الاطفال وإتهمتي أخوي بقتلها  وخليتها طار يين العيلتين ...ولولا يمان كان مسافر كان قتلك لو قالتله علي عملتيه.


لتجن علي الاخير وتصرخ بأعلي صوت لها 


عزة :أنا فعلا عملت كل كدة بس إنتي اللي قاتلتي أخوكي يا زينب ...لما عرف أنك بدلتي معايا العيال معايا  في المستشفي  علشان تثبتي إن مراته الاجنبيه خاينه وتجوزيه بنتك ...وجبتوها في عيله الفهد ...وبقي موضوع الطار دة علي هواكي من ساعتها .... بس إيف  كانت أذكي منك وخدت عيالها وهربت منكم وسابتلك الجمل بما حمل...فمتهددنيش يا زينب لأننا في مركب واحدة هتغرق بينا احنا الاتنين لو ما إتفقناش علشان المركب اللي ليها ريسين بتغرق .

زينب :طب إقفلي يا بت الفرطوس دلوقت علشان ألحق اتصرف في المصيبه اللي هتطبل فوق  دماغتنا دي .



❈-❈-❈

وصلت السيارة السوداء الفخمة إلى بوابة الفندق الفاخر، ووقفت بهدوء تحت أضواء المساء الخافتة المشهورة بها باريس فخرج يمان أولاً، ثم فتح الباب لها بطريقة رسمية وكأن ما فعله مجرد تصرف طبيعي لا يستحق التوقف عنده.


خرجت ميلا  من السيارة وهي تشعر بتوتر خفيف يسري في جسدها. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تذهب فيها إلى فندق فخم مع مجموعة سياحية، لكنها بالتأكيد كانت المرة الأولى التي تجد نفسها فيها مع يمان وحده، بعيدًا عن الفريق.


نظرت إلى واجهة الفندق اللامعة، ثم عادت بنظرها إلى يمان. ميلا : شكراً على التوصيلة المريحه دي ..أنا مارضيتش أكسف حضرتك .. بس إحنا لازم نرجع للمجموعة. أنا هنا كمرشدة سياحية ومكاني بينهم .


ابتسم يمان تلك الابتسامة الغامضة التي طالما كانت تثير توترها، ثم قال بنبرة هادئة: 

يمان :أنا كنت عارف  إنك هتقولي كدة، بس مفيش مشكلة إننا ناخد شوية وقت بعيد عن الزحمة، كلنا بنحتاج كده كتغيير كل فتره .


وضعت ميلا حقيبتها على كتفها ونظرت إليه بجدية أكبر.

ميلا : يمان بيه  أنا مقدرة إنك بتحاول تكون لطيف، بس ده شغلي، ومش هقدر أخرج عن حدود دوري. وجودي هنا معاك بعيد عن الفريق مش هينفع ولو حضرتك مصر ممكن نبدل الادوار... انا هروح لأستاذ يزن ويزيد وهبعت لحضرتك سمير . إما كدة  أو نرجع للمجموعة ونبقي كلنا مع بعض  ودة آخر كلام عندي "


رفع يمان حاجبه قليلًا وكأن حديثها قد أثار استغرابه.

يمان:  إنتي مش واخدة بالك إنك مكبره الموضوع شويه  وواخدة الأمور بجدية زيادة عن اللزوم ؟ هدي نفسك إحنا  في رحلة والمجموعة مش هتضيع لو غبنا عنهم كام يوم 


توقفت لثوانٍ، ثم قالت بنبرة حازمةمغلفه بسخريه  


ميلا : كام يوم ...ثم  مش موضوع إني واخدة الأمور بجدية أو لأ. أنا هنا بشتغل ...يعني  بنفذ قوانين شركتي، والقوانين دي بتقول إنهم  مسئوليتي وإني أبقى معاهم طول الوقت. ولازم نلتزم بالبرنامج، وأنا مش هقدر أعمل حاجة خارجه  عن البرنامج اللي الشركه لزماني بيه 


وقف يمان للحظة، ينظر إليها بصمت وكأنه يقيّم ما تقول. ثم، بابتسامة نصفية

يمان : ماشي  لو ده اللي إنتي عاوزاه أنا موافق علشان ماتبقيش مغصوبه .


شعرت ميلا  بالارتياح وهو يوافق أخيرًا بعدما شعرت أنه لن  يتقبل الرفض أبدا فأردفت براحه

ميلا :ده اللي كان  لازم يحصل  من الاول...أنا بعتذر منك  ..يلا نرجع بعد إذنك للفندق اللي فيه الحجز الخاص بالشركه. 


أشار يمان للسائق بتنفيذ أوامرها  ليعودا الي فندقها المفضل .

بعد بضع دقائق أخري فتح لهما السائق باب السيارة 

وقد أشار يمان بيدة الي مدخل الفندق بضيق 


يمان :هوه دة الفندق اتفضلي ، الفريق  كله جوة   ..ما تخافيش مش معني إني كنت عاوزك مرشده سياحيه خاصه  لكام يوم يبقي  هخطفك علي فكرة .


دخلت ميلا بخطوات سريعة نحو مدخل الفندق وهي تبتسم بإنتصار  علي حديثه الذي بدا سخريه منه  فشعرت بالراحة لأنها أعادت الأمور إلى نصابها الصحيح. أما يمان، فقد تبعها بصمت، دون أي اعتراض.


دخلت ميلا بهدوء إلى بهو الفندق الفاخر، وقد بانت على وجهها علامات الإرهاق البسيط بعد يوم طويل من السفر 


كان الفندق مضاءً بألوان ذهبية دافئة، والأرضية الرخامية تلمع تحت أقدامهم. أفراد المجموعة كانوا خلفها، يتبادلون الأحاديث بصوت منخفض، ويبدون إعجابهم بالتصميم الراقي للمكان.


توقفت ميلا أمام مكتب الاستقبال، حيث كان الموظف ينتظرها بابتسامة مهنية لتبادله الابتسامه وتردف بعمليه 

ميلا : مساء الخير، الحجوزات باسم المجموعة السياحية من شركه (......) لو سمحت هل كل  الكروت جاهزة؟" 


قال الموظف وهو يقدم لها كومة من كروت الغرف المغلفة.

الموظف : أيوة، الكروت  كلها جاهزة بالفعل. تفضلي يا فندم اتمني لكم إقامه سعيده " 


استدارت ميلا نحو المجموعة، وابتسمت ابتسامة خفيفة لتبدو أكثر حيوية مما تشعر به في الحقيقة. 


ميلا : طيب يا جماعة، دي الكروت بتاعت الغرف، كل واحد ياخد الكارت بتاعه ويطلع يرتاح شوية. عندنا شوية وقت نبدل هدومنا ونجهز نفسنا للعشا."


بدأت توزع الكروت بهدوء، وتشرح للجميع أماكن الغرف:


ميلا :  "كل الغرف موجودة في الدور الرابع والخامس. ممكن تطلعوا بالمصعد اللي هناك." وأشارت نحو المصعد الموجود على يسار اللوبي.


كان الصغير يزيد أكثر من نال منه التعب فسأل يزن مبتسمًا وهو ينظر لاخيه متجهم الوجه فقد فطن أن الفتاه لن تخطع له بسهوله كالفتيات الاخريات الذي  يعرفهم 

يزن : آنسه ميليا  عندنا قد إيه وقت قبل العشا؟ علشان يزيد عاوز ينام ساعة كده."


ضحكت ميلا بخفة  وهي تنحني وتقرص وجهه بمداعبه ثم تقبل وجنتيه  وقالت

ميلا :  "مفيش نوم طويل، يا  أستاذ يزيد. معانا ساعة بس. نآخد شاور ونغير هدومنا ....النوم دة ننساه ونفوق إحنا جايين نتفسح مش ننام ...ثم نظرت للجميع بمهنيه ...هنقابلكم في المطعم اللي في الدور الأرضي بعد ساعة بالظبط عشان العشا، ماشي؟"


أماء لها يزن الذي كان يقف بجوار يزيد يسانده و، أضاف مازحًا: سامع يا زيزو مافيش نوم والا هنتحرم من الاكل وانا كدة هضطر اتحول لزومبي وأكلك 


ابتسمت ميلا إبتسامه هادئه  وقالت مازحه ليزيد الذي يغلب النعاس علي وجهه 

ميلا : بالضبط كده يا أستاذ يزن .وانا كمان هتحول معاه لو منزلتش يا زيزو .. وياسيدي أوعدك بعد العشا هنرجع أوضنا ننام علطول علشان نستقبل بكرة بنشاط ...ثم أشارت الي يزن والجميع  ووجهت الحديث إليهم  

ميلا : بعد العشا هنتكلم شوية عن البرنامج بتاع بُكرة عشان نبقى كلنا عارفين إيه اليوم بكرة هيبقي ماشي إزاي 

ليومئ لها بالأيجاب مبتسما ويحمل الصغير وينصرف 


في هذه اللحظة، لاحظت ميلا وجود يمان يقف على الجانب، ينظر إليها بصمت وكأنه يراقب كل حركة تقوم بها. شعرت ببعض التوتر لكنها تظاهرت بعدم الاهتمام. ووزعت الكروت المتبقية، ثم رفعت صوتها لتسمعها المجموعة بأكملها: "طيب، دلوقتي عندكم ساعة للراحة، وبعدها نتقابل في المطعم زي ما قولت. البرنامج بكره هيكون طويل شوية، هنزور أكتر من مكان، فاستعدوا."


هز الجميع رأسه بالموافقة، وبدأوا في التحرك نحو المصعد.  وقفت ميلا  لوهلة تراقبهم، وهي تشعر بالارتياح لأنهم استجابوا لها بسرعة. لكنها لم تستطع تجاهل الشعور المتزايد بالتوتر كلما وقعت عيناها على يمان....ليسير إليها سمير بعصبيه مفرطه

سمير : إيه اللي عملتيه مع يمان بيه دة ...إنتي مش عارفه هو مين ؟ نظرت له بغضب أعمي


ميلا :لا عارفه كويس أوي بس أنا ما إتعدتش حدود وظيفتي..وأظن انا مش مطلوب مني أكتر من الشغل هنا ...وهو لو عاوز حاجه تانيه زي اللي في دماغك ودماغه فباريس مليانه بيوت دعاره إنت نفسك عارف عناوينها كويس ..ممكن تبقي تساعده وتديهاله 

ليهمس لها ببرود مخيف 


سمير : إنتي بتقولي ..إهدي يا ميلا أرجوكي ووطي صوتك ليسمعنا...وعدي الرحله دي علي خير ..يمان بيه راجل مهم لشركتنا ...فحاولي تجاريه لحد الرحله ماتنتهي ونخلص 


ربعت يدها فوق صدرها بغضب 


ميلا :بس أنا مش مجبره إني أجاريه ...ليقاطعها بنفس نبرة الغضب متغلفه بتهديد 


سمير :لا مجبره ...علشان ده عميل مهم فأكيد الشركه مش هتسمي عليكي لو خسروه بسببك

ميلا :أكيد لما يعرفوا سلوكه هيعذروني...ضحك سمير ساخرامنها علي سذاجتها 


سمير :يابنتي الدنيا كلها عارفه مين هو يمان الفهد ...والستات هي اللي بتجيله لحد عنده وبيترموا تحت رجليه ..وعلي فكرة بقا الشركه عارفه كل حاجه...تحب أقولك كام مرشدة معانا في الشركه كانت نفسها تكون مكانك ولولا بس إنك شاطرة و عارفه باريس كويس ولفه شوارع حواريها قبل شوارع  مدنها ما كانوش أختاروكي .


ميلا : مش عاوزة أعرف ...ولا أتمني إني أكون منهم ..والحمد لله إنك إعترفت بنفسك  إنهم إختاروني علشان خبرتي في شغلي  ...ولو إنت خايف سيبني  مني ليه وأنا هتصرف معاه....ثم إنصرفت دون الانتظار لإستماع  باقي حديثه 


وداخلها كانت تعرف أن الليلة قد تحمل بعض المفاجآت، لكنها كانت مصممة على أن تبقى مركزة على عملها وألا تدع أي شيء يعكر صفو اليوم.


بعد ساعه 


جلس الجميع في المطعم الفخم، حيث تملأ الأضواء الناعمة المكان بجو هادئ ومريح. كان ديكور المطعم كلاسيكيًا أنيقًا، مع طاولات مغطاة بمفارش بيضاء نظيفة وأوانٍ فضية لامعة. جلست ميلا وسط المجموعة، تتبادل الأحاديث الخفيفة معهم وتبتسم، محاولَة الحفاظ على الجو العام مريحًا ومسليًا بعد يوم طويل من السفر 


قال يزن وهو يتحدث بحماس مع رؤوف ويزيد 

يزن :  الأكل هنا هايل يا جماعة، جربوا السمك، طعمه فريش وطهوه ممتاز!" 

ابتسمت ميلا بفخر  وقالت

ميلا :كويس إن الأكل عجبكم،   الفندق هنا  ممتاز  علشان  كدة بترشحه الشركه  top vip guest   فدايما بنختاره لأنه شامل كل الخدمات اللي يقدر  أي geust يستمتع فيها بكل راحه "


بينما كانت تتحدث، شعرت بنظرات يمان المتكررة تجاهها، نظراته لم تكن عادية، كانت مليئة بتلك الثقة الزائدة والمكر الخفي. كان يجلس على الطرف الآخر من الطاولة، بعيدًا عن الأنظار، لكنه استطاع أن يلفت انتباهها بطريقة غير مريحة.


سأل أحد أفراد المجموعة، محاولًا كسر صمت اللحظة.

رؤوف : عندك فكرة لو في حاجة حلوة بعد العشاء؟" 


التفتت إليه ميلا بلطف: 

ميلا : أه طبعاً، في قسم الحلويات هنا ممتاز، ممكن تختاروا اللي تحبوه."


لكن قبل أن تكمل، لاحظت حركة صغيرة من يمان. تحت الطاولة، كان يمد قدمه برفق ليلمس قدمها دون أن يلاحظ أحد. كانت الحركة خفيفة، وكأنها صدفة، لكنها شعرت بها بوضوح. نظرت إليه بسرعة، محاولة أن تقرأ ملامحه لتفهم ما كان ينوي فعله....ولكنه كان مبتسم  فقط ووجه خالٍ من أي تعبير يوحي بما فعل، أشار لها بعيونه وكأنه لم يحدث شيء. ثم بدأ حديثه مع الجالسين بجواره وكأنه مندمج تمامًا في الحوار.


شعرت هي  بالارتباك الشديد. حاولت أن تتجاهل ما حدث وأن تبقى محترفة، لكن الأمر كان صعبًا. كانت تعرف أن يمان يحاول التقرب منها بطريقته الخاصة، تلك الطريقة المليئة بالتحدي والثقة المفرطة الي أن تحدث بتحدي وصوت منخفض وينظر  داخل مقلتيها بهمس 


يمان :  إيه رأيك اعزمك علي نوع  الحلويات اللي بتحبيه؟" قالها  يمان فجأة وهو يشير إلى القائمة، متظاهرًا بالاهتمام بموضوع العشاء.


نظرت إليه بجمود، تحاول أن تبقى متماسكة أمام محاولاته المستمرة. 

ميلا : لا، شكرًا. أنا هكتفي بالعشا علشان أقدر انام"


ابتسم يمان بهدوء وقال بنبرة خافتة تكاد تكون همسًا: "مش لازم تبقي رسمية طول الوقت، استرخي شوية...relax."


شعرت ميلا بالضغط يتزايد، لكنها لم تظهر ذلك للجميع. نظرت سريعًا إلى باقي أفراد المجموعة، الذين كانوا مشغولين بحديثهم وضحكاتهم، ثم عادت بنظرها إلى يمان

ميلا :. "أنا مرتاحة كده، شكراً."


كانت تتوقع أن يتوقف، لكنه أكمل بنفس النبرة الهادئة

يمان :على فكرة المكان هنا رومانسي جدًا...علشان كدة هستناكي في أوضتي الليله  .. عاوز  منك شويه تفاصيل علشان عاوز أعمل مفاجأه لحد قريب مني وغمز لها بمكر محبب.ولكنه خبيث.


نظرت إليه بغضب مكتوم، وقالت بصوت منخفض حتى لا يسمعها الآخرون

ميلا : "يمان بيه  لو سمحت.... خلينا نركز على العشا دلوقتي وإنشاء الله زي ما بلغتك أنا هبقي مع الجروب وحضرتك تقدر  تطلب اللي إنت عاوزة كله من سمير هو هيبقي تحت امر حضرتك .


ضحك بخفة، وكأنه لا يعير كلامها أي أهمية، ثم قال

يمان : هنسي إني سمعت الكلام اللي قوليته دلوقت ، و فكري في كلامي كويس واللي طلبته يتنفذ ...كاد أن يقوم بتهديدها ولكنه آثر أن ينتظر قليلا ويتمهل معها ويدعها تتدلل قليلا قبل أن يمتلكها فغير لهجه التهديد خاصته وأردف بهدوء ..

يمان : علشان المفاجأه دي لازمها إستشاره نسائيه..وأكيد سمير مش هيفهمني 


أدركت ميلا أن هذا الرجل لن يتوقف عن محاولاته بسهولة. كانت تعرف أنه مغرور، معتاد على أن يحصل على كل ما يريده. لكنها لن تسمح له بأن يتحكم بها وأن يغزو مشاعرها مهما فعل .


عندما انتهى العشاء وبدأ الجميع في التحرك للمغادرة، وقفت ميلا بسرعة وقالت بصوت عالٍ

ميلا : "شكرًا يا جماعة على العشا اللطيف. هنرجع دلوقتي نرتاح عشان عندنا يوم طويل بكرة. أتمنى تكونوا مستعدين."


الجميع وافق بحماس، بينما كان يمان يراقبها بصمت. لم يقل شيئًا آخر، لكنه كان واضحًا أن محاولاته للتقرب لم تنتهِ بعد


اما يمان ظل في غرفته  ساهرا الليله بأكملها  ينتظرها وهو يعلم تمام العلم أنها لن تأتي فهي حقا مختلفه وتستحق الصبر .حتي يستطيع أن يظفر بها بالاخير 


❈-❈-❈

في الصباح 


كان الجو مشمسًا ودافئًا، والسماء صافية، مما أضفى جوًا مريحًا على الجولة السياحية التي كانت ميلا تقودها ببراعة. كانت المجموعة تمشي بين شوارع المدينة القديمة، تستمع إلى شرحها  المليء بالحماس والاهتمام بالتفاصيل، تروي لهم القصص التاريخية والمعلومات الثقافية عن المعالم التي يمرون بها.


قالت ميلا وهي تشير إلى القصر العريق بجانبهم، بينما كانت المجموعة تنصت بانتباه.


ميلا : وهنا، في القرن الـ 18، تم بناء هذا القصر ليكون مقرًا لأحد أهم الشخصيات في تاريخ فرنسا ..." 

لكن لم يكن كل من في المجموعة منصتًا بالشكل المطلوب. فيمان الذي كان يسير بجوارها مرتديا نظارته الشمسيه  كان يبدو وكأنه غير مهتم بما تقوله عن القصر. كان يوجه إليها أسئلة مختلفة، بعيدة تمامًا عن موضوع الجولة ليتحرك ببطئ بجانبها هامسا بنبرة هادئة لكن مع اهتمام واضح في صوته.


يمان : إنتي بتشتغلي في المجال ده بقالك قد إيه؟" 

نظرت إليه ميلا بسرعة، محاولة أن تبقى مركزة على عملها.


تنهدت بقله صبر فهي تعلم أن يقاطعها قاصدا ليوترها 


ميلا : حوالي تلات سنين، بس يا ريت نركز على الجولة دلوقتي يا أفندم ، عشان المعلومات دي مهمة للجميع وحضرتك بتضيع وقتك ووقتي علي الفاضي "


ابتسم يمان وقال بتلك النبرة الواثقة: 

يمان : أكيد، أكيد هركز ..بس لما تسمعيني الاول ، إنتي مش شايفة إنك تستحقي أكتر من مجرد مرشدة سياحية...إيه رأيك في شركه سياحيه بإسمك.


شعرت ميلا بأن هذا الحديث لن يتوقف بسهولة، لكنها حاولت أن تبقى مهذبة ومحترفة للنهايه .

ميلا : : أنا مبسوطة بشغلي جدًا، وده كفاية بالنسبالي..." ثم رفعت صوتها قليلًا لتكمل شرحها للمجموعة بعدما أخذت حديثه بلامبالاه وأردفت 

ميلا : وده كان سبب في تحوّل كبير في تاريخ البلد وقتها..."


لكن يمان لم يكن ينوي ترك الموضوع. اقترب منها قليلًا وهو يمشي بجانبها، وقال بهدوء:

يمان :  "طب ما فكرتيش إنك تجربي حاجة مختلفة؟ يعني، زي إنك تاخدي وقت لنفسك بعيد عن الشغل ...إللي أعرفه عنك إنك مش مرتبطه "


توقفت ميلا  عن الكلام للحظة، ثم التفتت إليه بنظرة حازمة. ميلا :يمان بيه  أنا هنا عشان أشتغل، وده شغلي. لو سمحت، خليني أركز مع المجموعة."


ضحك يمان بخفة وكأنه رجع بالعمر ١٠ سنوات للخلف كمراهق يطارد فتاته لدرجه إنه لفت إنتباه الجميع وكأن إثارة حنقها قد أثارته وقرر الاستمرار والمشاغبه

يمان : علي فكره أنا مش بحاول أضايفك ، أنا بس بحاول  أتعرف علي الناس اللي حواليا وخاصه الناس اللي برتاح لهم .


لم ترد ميلا، وأكملت حديثها مع المجموعة بحزم أكبر، وهي تحاول تجاهل كل محاولاته للتقرب منها. لكنها لم تستطع تجاهل الشعور المتزايد بأن يمان لا ينوي التوقف.


بعد دقائق، عندما كانوا يمرون بجانب مقهى صغير، توقفت لدلوف الصغير يزيد لدورة المياه وفي هذه الاثناء مال اليها يمان فجأة وقال بابتسامة

يمان : "إيه رأيك نشرب قهوة هنا بعد الجولة؟ المكان شكله مريح جدًا."


نظرت إليه ميلا بنفاد صبر وقالت بنبرة حاسمة: "يمان بيه ، ده مش وقته ولا مكانه. لو سمحت، خلينا نخلص الجولة الأول، وبعدين كل واحد حر يعمل اللي هو عايزه."


أدرك يمان من نبرة صوتها أنها لا ترغب في الاستمرار بهذا الحديث، لكنه لم يفقد تلك الابتسامة الهادئة التي لم تفارق وجهه.

يمان : "ماشي، زي ما تحبي."


أكملت ميلا الجولة وهي تشعر بمزيج من الحيرة والانزعاج. كانت تعرف أن يمان يحاول التقرب منها، لكن ما لم تكن تفهمه هو لماذا يستمر في هذه المحاولات رغم أنها وضحت موقفها أكثر من مرة.


وفي نهاية الجولة، بعدما أوصلت المجموعة إلى الفندق، التفتت إليه أخيرًا وقالت: 

ميلا : "يمان بيه  أنا عارفة إنك بتحاول تبقى لطيف، بس لو سمحت، خلينا نحافظ على المسافه بينا  أنا هنا كمرشدة سياحية، وده دوري وشغلي خليني أقوم بيه علي أكمل وجه ما اتعودتش إني أقصر فيه ..لا أنا من نوع البنات اللي أنت بتحاول تقضي معاهم وقت لطيف ..ولا إنت من النوع الرجاله اللي أقدر أستأمن نفسي معاه.


ابتسم يمان وقال بهدوء

يمان : أنا فاهمك ..ومقدّر أنك خايفه مني ..بس شايف إن مفيش مشكلة إن الواحد يحب يتقرب من الناس اللي معجب بيهم .


نظرت إليه بعمق، ثم قالت بنبرة هادئة لكنها واضحة: "اللي إنت بتعمله ده مش طريقة مناسبة للتقرب. وأنا هنا مش عشان أعمل  علاقات، أنا هنا عشان أشتغل وبس "


في تلك اللحظة، أدرك يمان أنها كانت جادة تمامًا. وأمام هذا الحزم الواضح، لم يجد سوى أن يبتسم ابتسامة خفيفة ويقول

يمان :: "تمام، زي ما تحبي. أنا هحترم رغبتك للآخر"


ثم ابتعد عنها بخطوات هادئة، تاركًا ميلا تشعر ببعض الراحة، لكنها أيضًا تعرف أن هذا لن يكون آخر محاولة منه.


كان يزن ورؤوف يجلسان في ركن هادئ من الفندق، بعد انتهاء العشاء. كان الجو هادئًا، لكن حديثهم كان مليئًا بالضحك والمرح. جلسا على الأرائك المريحة، يتبادلان الحديث عن مغامرات اليوم، لكن سرعان ما تحول الحديث إلى موضوع بدا أكثر إثارة للاهتمام.


رؤوف، بابتسامة خبيثة، مال باتجاه يزن وقال:

رؤوف : "بصراحة يا يزن، أنا شايف إن أخوك يمان بقا  عامل زي  الفهد  الجريح."


ضحك يزن بصوت عالٍ وقال

فهد : فهد  إيه بس يا رؤوف؟ دا بقاعامل زي القط اللي بيحاول يصطاد حمامة، بس الحمامة مش عايزة تعرفه أصلاً!"


ضحك رؤوف بصوت أعلى وقال: "فعلاً، ميلا مش سايباله أي فرصة. كل ما يقرب منها، هي بتصده بكلمتين ترجعه في مكانه تاني "


هز يزن رأسه وهو يحاول تقليد صوت ميلا:


يزن  : يا يمان بيه ، لو سمحت أنا هنا عشان أشتغل. ماعنديش وقت لحاجات تانية."


ضحك رؤوف بشدة وقال: "والله، وأنا شايف يمان بيبص لها كأنه مش مصدق! يعني الراجل ده متعود إنه أي واحدة تقوله آه من قبل ما يفتح بوقه، وميلا بتمثل معاه فيلم رعب 


ضحك يزن هازئا وقال:

يزن :  "بص هي العلاقه بينهم كدة عارف لما تبقى راكب عربية فخمة جدًا ومش عارف تشغلها؟ أهو ده يمان أخويا  مع ميلا! البنت خلته بيلف حوالين نفسه...دة حذرني ادلعها وأقولها يا ميلا ياعم "


مال رؤوف  للأمام وكأنه يحكي سرًا وقال بنبرة هازئة: "

رؤف : بصراحه أخوك دة مغرور أوي، يعني هو فاكر إن مجرد إن اسمه يمان الفهد  وصاحب اكبر توكيلات سيارات في الوطن العربي تقوم البنت هتقع في حبه على طول. بس لا  البت  ميلا دي عاملة زي الحائط. صدّ!...هتربيه وتخليه يقع علي بوزه ...وزي ما شفنا  كل مرة يحاول يقرب منها، ترد عليه بكلمتين يخلوه يرجع مكانه مطيع وهادي  زي يزيد إبنه كدة بالظبط 


قهقه يزن  وقال: "فعلاً، هو متخيل إنه بمزاجه يخلّص كل حاجة. ما يعرفش إنه بيحاول مع واحدة فاهمة دماغه. بصراحة، ميلا دي جامدة، مش بتسيب له أي فرصة ..اتمني إنها تحبه هي كمان ونخلص منه كدة 


رؤوف أضاف ضاحكًا:

رؤوف  "آه ياريت ..نفسي أفرح فيه وأشوف واحدة بتقدر تمشي كلامها عليه بدل ماهو شايط فينا كلنا كدة ..إنت عارف إيه اللي عاجبني فيها 


يزن :إيه يا فيلسوف عصرك 


رؤوف : إنها بتعمل كل ده بكل هدوء وثقة...من غير ما تعمل شوشرة ..بت رجوله كدة خايفه علي سمعتها ..يعني ما تلاقيهاش بتتوتر أو بتخاف أدامه هي أصلاً بتتعامل معاه كأنه حد عادي، مش واحد بيحاول يبهرها....فين ليل تيجي تتفرج علي النسخه المعدله من الروبوت يمان ...


مال يزن  على الكرسي  وقال هازئا 

يزن : شوف ياخي الفرق آهي ليل دي بتقدم فروض الولاء والطاعه وتتمني بس كلمه حلوة منه ...أما ميلا ....وهنا قد ضحك بصوت عالي لدرجه انه لفت نظر الجميع لهم  وأولهم أخيه المصفوع المصعوق من هذه الشرسه الرافضه له الذي يرتشف قهوته بعيدا عنه وهو يتحدث بالهاتف  ..ثم  أكمل بهسيس 


يزن : طب والله صعبان  عليا وأحيانا بفكر أروح أكلمها وأقولها تحنن قلبها عليه ...يا شيخ مش قادر أنسي منظره  وهو بيحاول يعمل رومانسي كان يضحك أوي ...شوفته وهو جايبلها ورد ومستنيها الليل بطوله إمبارح ده أخويا فاكر نفسه بطل رواية حب. بس ميلا بتموته في كل مشهد يا عيني ! أنا متوقع إنه في يوم من الأيام هيقول لها: خلاص، أنا استسلم!"


قال  رؤوف ضاحكًا: 

رؤوف : لا يا راجل؟ استسلام وأخوك ما بيجتمعوش في جمله واحدة ...الراجل ده ما يعرفش يعني إيه استسلام. هيكمل وراها لحد ما تزهق وتقول له: خلاص، هسيبك تقرب لحد ما تجرب وبعدين تاخدة علي المأذون 


هز رأسه وهو يبتسم: "لو ميلا وافقت في يوم، هتبقى معجزة. بس بصراحة، أنا مبسوط إنها بترد عليه بالطريقة دي. يمان محتاج يتعلم إن مش كل حاجة بتيجي بالفلوس ..يمكن يقدر يكمل حياته ويحبها ويتجوزها زي ماقلت بقا 


قهقه رؤوف  وقال: "فعلاً، وأظن إننا قاعدين بنتفرج على فيلم كوميدي طول ما هما الاتنين موجودين في نفس المكان بس أنا حاسس انه آخرتها المأذون وأبقي قول رؤوف قال .


في تلك اللحظة، انفجر الاثنان في الضحك، وكأن فكرة يمان وهو يحاول التقرب من ميلا، ثم يتم إيقافه كل مرة، كانت أفضل نكتة سمعوها طوال الرحلة.


❈-❈-❈

.

بعد انتهاء يوم طويل من الجولات السياحية، عادت ميلا إلى غرفتها في الفندق وهي منهكة تمامًا. ألقت بنفسها على الفراش  وقررت أن تأخذ قسطًا من الراحة قبل أن تخلد إلى النوم. لكن فجأة، رن هاتفها، وكانت شاشة الهاتف تضيء باسم "داليدا". بسرعة أجابت وهي تتنهد:


"أخيرًا يا داليدا! بقالك يومين مختفية، قفلة موبايلك، وأنا قلقانة عليكم مش عارفه أطمن علي ماما ويوسف . إيه اللي حصل؟"


من الجانب الآخر، جاء صوت داليدا المتوتر والمشحون بالغضب:

داليدا :  "إيه اللي حصل؟! اللي حصل إن الدنيا اتشقلبت عندي،  الدنيا كلها اتحطت فوق دماغي!"


جلست ميلا  سريعًا على الفراش ، وقد شعرت أن الأمر جدي. "طب اهدي، إحكيلي إيه اللي حصل؟


داليدا بصوت منفعِل: "

داليدا :أحكيلك إيه بس ومش عارفة أبدأ منين! علي العموم خالك ياستي، الراجل دة كان عاوز يتربي وأنا ربيته وإتجننت عليه وغزيته ...!

ميلا : غزتيه ...غزتيه وإنتي بتحبيه وبتموتي فيه أمال لو ما كنتيش بتحبيه كنتي عملتي فيه إيه .

داليدا :والله هو اللي إستفزني ..ووقف قصادي مفكرني من الرخاص اللي بيقضي معاهم ليالي حمرا... تخيلي يا ميلا الواطي كان عاوز يطلع بيا رحله  ... ولما حاولت أرد عليه وأسيبه وأمشى منعني ...فخرجت شياطيني  عليه..هو اللي بدأ والبادي أظلم.

ميلا : المهم هو عامل إيه علشان إنتي عارفه إنه مش هيعدهالك .


داليدا، وهي تحاول أن تسيطر على نفسها: 

داليدا : الجرح مش جرح كبير. مجرد جرح سطحي، بس طبعًا هو قلب الدنيا وقرر إنه يحتجزني في البيت زي السجينة قال إيه علشان يربيني ابن الشمري  قفل عليا كل حاجة حتي الموبايل أخده منه .


حاولت  ميلا تهدئتها ومواساتها 

ميلا : طب اهدي، مش لازم الموضوع يتطور . إنتِ عملتِ حاجة خطيرة ولازم تعترفي بكدة يا  داليدا.بس ازاي بتكلّمني دلوقتي وهو أخد منك الموبايل ؟"


داليدا ضحكت ضحكة خفيفة لكن مليئة بالسخرية: 

داليدا :جدتك ساعدتني ..مش عارفه إزاي  الست الجميله الراقيه دي  تبقي أم الغول دة  


تنفست ميلا  بعمق، وهي تحاول أن تفكر بما حدث  

ميلا :  بصي طالما تيته جميله إتدخلت هو مش هيقدر يقربلك ...اطمني ..هو بيخاف منها وبيحترمها وبيعملها ألف حساب و إعتبار 


داليدا بامتعاض

داليدا : "أيوة أنا عارفه وواثقه فيها  بس هي حبستني  في البيت هنا.  ومنعاني من الخروج ومن الشغل وممنوع أتكلم مع حد غير  معاها هي وأمي علشان أطمن علي طنط ويوسف  .


فكرت  ميلا للحظة ثم قالت 

ميلا :إسمعي يا داليدا.إنتي  لازم تكوني هادية دلوقتي وتفكري في الخطوة الجاية. يعني إنتِ في مشكلة كبيرة، وأول حاجة لازم تعمليها إنك تهدي وتفكري بعقل. ماينفعش تواجهي الموضوع بعصبية وتسمعي كلام تيته لان لو خالي لقاكي مش هيرحمك .


وعلي سيره أخيها ووالدتها قد ترقرقت الدموع  في  عينيها بقلق وصمتت لتتنهد داليدا وكأنها فهمت صمتها 


داليد : أنا عارفة إني ما وفتش بوعدي ليكي...إني أخلي بالي من طنط  بس والله الموقف اللي أنا فيه مش سهل..ويوسف كويس وبياخد الدوا بتاعه في ميعاده ..لسه مكلمه ماما ولسه مطمناني عليه .


ميلا بهدوء: 

ميلا :طب وماما 

داليدا:  جدتك لسه مكلماني وقالتلي إن حالتها مافيش فيها جديد ..وهي إتكفلت بكل المصاريف ولو في أي  حاجه هكلمني علطول .

ميلا :ماشي يا حبيبتي وانا هكلمك بردة بكرة علشان أطمن عليكي.لتوقفها داليدا بإستفسار

داليدا :ميلا طالما جدتك بتحبكم كدا ليه بعاد عنها ؟


ميلا : دي مش جدتي يا داليدا ..مش أم والدتي ..جدتي روز هنا في فرنسا .


داليدا :مانا عارفه يا ميلا ..بس أصلها طيبه أوي 


ميلا :عارفه والله  ... طب تصدقي إن جدو اتجوز تيته روز  علي تيته جميله علشان ما كانتش بتخلف ..ولما خلفت ماما ... ما إتحملتش العيشه في مصر وانفصلت عنه ...بس ربنا عوضهم بخالو آدم بعد ٢٧ سنه جواز يعني  قبل ما جدو يموت بحوالي ٤ سنين ...وبعدين خالو بقا اصلا يخلي الواحد يكرة نفسه ويكرة أي حد من ناحيته .

داليدا : عندك حق والله  ...خلاص هقفل بقا علشان سيرته بتقشعرني ... وهكلمك بكرة أطمنك انشاء الله 


أغلقت ميلا الهاتف وهي تشعر بالقلق على صديقتها، لكنها كانت متأكدة أن داليدا قادرة على تجاوز هذا الموقف، خصوصًا وأن  جدتها تدعمها فيما فعلت ...هي تعلم أن القادم قد يكون صعبًا، لكن على الأقل، كانت هناك فرصة لإصلاح الأمور.


❈-❈-❈


في تلك الليله كان آدم ينتقل  بعصبيه مفرطه بأرجاء القصر 

عينيه تشتعلان بالغضب ،وصدرة يعلو ويهبط من الغضب وكأنه علي وشك الانفجار لانه إكتشف مؤخرا أن والدته هي التي ساعدت داليدا علي الهرب حتي بعدما علمت أنها قامت بطعنه وتسببت له بجرح غائر قد أوشك أن يكون مميت.


لم يستطع السيطرة علي حاله أكثر وتحكم به غضبه فدخل الي غرفه والدته كالعاصفه وهو يصرخ عليها


آدم :إزاي تعملي كدة ..إزاي تساعديها بعد ما عملت فيا كدة؟


كانت جميله تجلس علي الاريكه بهدوء ولكن وجوم ملامحها تعكس الخوف والقلق علي أبنها 

رفعت نظرها بهدوء وحدثته بخوف علي حالته الصحيه

جميله : آدم إهدي اللي عملته البنت هو الصح ..ولو اي بنت دمها حر في مكانها كانت عملت أكتر من كدة...دي كانت مرعوبه منك و

قاطعها هو بصوته الغاضب الرخيم 

آدم : صح ...صح إيه .. إنتي بتقولي إيه يا أمي ...البت دي حاولت تقتلني ..وإنتي ساعدتيها تهرب 


حاولت جميله الحفاظ علي هدوئها ..

جميله : هي ما كانتش تقصد تأذيك ..هي بس كانت بتحاول تدافع عن نفسها غير إنها بتساعد  أختك وبنت أختك اللي بيمروا بوقت عصيب ..وأنت ضغطت عليها في وقت غلط 


زاد إنفعاله ودرجه بحه صوته 

آدم  : مايهمنيش هما بيمروا بإيه ...ولا هي بتمر بإيه ..المهم انها كانت هتموتني ..وأنا مش هسيبها تفلت باللي عملته..وهتشوف هنتقم منها إزاي 


إقتربت منه جميله في محاوله منها لمواساته وتقليل انفعاله وإمتصاص غضبه

جميله :إنتقام ..إنت بتتكلم عن داليدا ...البنت الصغيره اللي مش فاهمه حاجه في الدنيا  غير شغلها زي الرجاله في ورش الميكانيكيه

صدقني يا حبيبي مش هو دة الصح ولا هي دي الطريقه اللي تعاملها بيها 


ابتعد عنها بعدما نتر يديها التي كانت تربت بها علي كتفيه بغضب 

آدم :لو أنتي ما كنتيش ساعدتيها ...كان زمانها في مكانها الطبيعي تحت رجليا دلوقتي في مكانها اللي تستحقه ...

بس من الواضح انك إخترتي الطرف اللي هتسانديه وهتقفي ضدي كالعادة 

شعرت بنغزه ألم في صدرها من حديث ولدها الوحيد ولكنها وقفت بشموخ واردفت 

جميله : أنا مش واقفه في صف حد ..أنا واقفه مع الحق .داليدا مش ملاك بس هي بردو ما تستحقش اللي عملته فيها ..هي بنت ناس ومتستحقش معاملتك دي ليها وكفايه اللي بتعمله مع اختك وبنتها..ده المفروض جميل تشيلهولها مش كل ما تشوفها تقلل منها وتهنها كدة ولو فعلا هي بنت مش كويسه كانت جات معاك سكه من زمان وبقت واحدة من حريمك الشمال .

إقترب منها آدم بعيون مليئه بالحقد والوعيد علي هذه الدليده 


آدم :أنا هعرف طريقها بمعرفتي ...وهعلمها الأدب بطريقتي..وهخليها تندم علي اليوم اللي فكرت تمد ايديها علي أسيادها 


رفعت جميله وجهها  ونظرت إليه  بحزم 

جميله :لو فكرت تنتقم منها ...هتبقي بتنتقم من نفسك .عمر العنف ما كان حل .وافتكر إن إنت اللي غلطت في حقها الاول 


نظر إليها وهو يضع يديه علي الدماء التي لوثت ثيابه من الجرح نتيجه فرط الحركه والغضب

آدم :أنا اللي هقرر يا أمي ...إنه حل ..ولا لا وما حدش هيقدر يوقفني لا إنتي  ولا غيرك.

ترك الغرفه غاضبا تاركه والدته خلفه وهي تحاول  معرفه حجم الانفجار الذي حدث بينها وبين ولدها ...فهي تعلم ولدها جيدا أنه عندما يغضب دائما ما يقودة هذا الغضب الي طريق الانتقام الذي لا عودة منه .


في غرفته الفاخرة بالفندق، كان يمان يجلس على الأريكة، مسترخياً قليلاً بعد يوم طويل. لكن ذهنه كان مشغولاً، وعينيه تتنقلان بين نافذة الغرفة وهاتفه المحمول الذي وضعه بجانبه، منتظراً مكالمة مهمة. كان الوقت يمر ببطء، وكل دقيقة كانت تزيد من توتره. فجأة، رن الهاتف، وبسرعة التقطه ليجد اسم الشخص الذي ينتظره على الشاشة.


يمان بنبرة جادة: "أيوة، قول لي وصلت لإيه؟"


جاء صوت الرجل من الجانب الآخر، صوت واثق لكن مزيج من الحذر والجدية يتخلله

عاطف : مساء الخير يا باشا. أنا لسه مخلص التحريات النهارده، وعندي أخبار ممكن تهمك."


هب يمان   واقفاً، وقد ازدادت ملامح وجهه تركيزاً: "إيه اللي عرفته؟ اتكلم."


عاطف : "زي ما قلتلك يا باشا ، كثفت البحث عن الشخصيات اللي كانت قريبة  من إيفلين وجوزها  في  فرنسا، ولقينا طرف خيط مهم جداً...


يمان بشيء من الاندهاش والاستعجال

يمان :إنت هتنقطني ...ماتتكلم 


قال الرجل بإيضاح 

عاطف : دي أم إيفلين ، ست فرنسية الأصل عايشة في باريس. إتجوزت مصري وخلفت ايفلين في مصر بعد كدة رجعت فرنسا تاني ..ماإستحملتش العيشه في مصر يا باشا 


يمان بصوت حاد: 

يمان :طيب، وعرفت عنها إيه تاني ..وهل إيفلين دي عندها ولا لا ؟ هي موجودة فين دلوقتي؟"


عاطف : "هي لسه عايشة في باريس، وعندها بيت صغير هناك. الست دي معروفة في منطقتها، وبتحب تساعد الناس حواليها، ومش سهلة في التعامل. بس لو قدرنا  نقرب منها، ممكن توصلنا للي إحنا عايزينه."


جلس يمان  مرة أخرى، يفكر بعمق، ثم قال

يمان : طيب، أنا عايزك تراقبها كويس، وتعرف كل حاجة عن تحركاتها. الست دي ممكن تكون المفتاح ليا وألاقي عندها إجابات لكل الأسئلة اللي بدور عليها."


عاطف : "تمام، يا باشا. هكمل متابعة وهبلغك بكل جديد. بس يا باشا ، الموضوع مش هيبقى سهل، والست دي مش هتثق فيا  بسهولة."


يمان بابتسامة خفيفة تعكس تصميمه

عاطف : "أعمل كل اللي تقدر عليه ..انا عاوز قبل ما أرجع مصر  تكون الست دي جبت أرارها واعرف طريق بنتها فين ، المهم إننا نوصل قبل السفر . استمر في الشغل، وأنا هتصرف من ناحيه تانيه بطريقتي..تقدر توصلني لحاجه "


أغلق يمان الهاتف ووضعه على الطاولة أمامه، وهو يشعر بأن هذا الاتصال قد فتح له باباً جديداً نحو أسرار عائلة العماري التي تتهمه بمقتل إبنها الذي وضعت زوجه عمه الشك في عقله إنه كان علي علاقه بزوجته  الراحله وخانته معه وكان هو السبب الرئيسي بمقتلها. 

شعر يمان أن  هذه المعلومات هي الخطوة الأولى في رحلة طويلة، لكنه  عازماً على الوصول للنهاية، مهما كانت الصعاب. فنظر إلى المدينة المضيئة من نافذته، وكأنها تذكره بأن اللعبة قد بدأت للتو، وكل خطوة نحو الحقيقة أصبحت الآن مسألة وقت ليس إلا.....فملس علي ذقنه قليلًا متذكرا تلك  الشقراء الناعمه فإرتدي مأزرة وخرج من الغرفه متجها الي غرفتها طارقا بابها فجأئه الرد الناري من داخل  الغرفه  عندما استمع لصوت رجل ما في الداخل ....تري ماذا ستكون ردة فعله ؟؟..


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة زين، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة