رواية جديدة رواية في فبضة فهد لهالة زين - الفصل 9 - 2 - الخميس 31/10/2024
قراءة رواية في قبضة فهد كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية في قبضة فهد
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هالة زين
الفصل التاسع
1
تم النشر الخميس
31/10/2024
كانت داليدا تقف عند النافذة، تنتظر بلهفة من ملك قلبها، تتأمله وهو يقف بين الرجال بعينين متلألئتين بشغف لا يعرف حدودًا. وعندما إستدار آدم باحثا عنها بعينيه في الأفق، شعرت بدقات قلبها تتسارع، وكأنها لأول مرة تراه بهذه الطريقة.
رفع آدم نظره نحوها، وفي تلك اللحظة، تلاقت عيونهما بنظرة حب صافية وصادقة. بدا وكأن العالم كله توقف من حولهما، ولم يبقَ فيه إلاهما. للمرة الأولى، سمح لمشاعره بالظهور، وشعرت داليدا بعشقه واضحًا في عينيه، دون حاجة إلى كلمات.
لكن، بعد لحظات، تغيرت ملامحه. تلاشت ابتسامته الدافئة، وحل مكانها حزن عميق وهو يدير وجهه عنها، ليخفي ما في داخله. قرر أن يكتم مشاعره، لأنه يعلم أن خطبته على ابنة عائلة الفهد ستعلن قريبًا، وأن قلبه لن يستطيع الجمع بين الحب والمسؤولية تجاه أبناء أخته .
شعرت داليدا وكأن شيئًا تحطم في داخلها، فقد رأت الحب في عينيه، ولكنها لمست أيضًا الألم في تصرفه.
بعد لحظات دخل الرجال إلى الدوار، وركضت ميلا نحو خالها، متلهفة لمعرفة ما حدث. ولكن قبل أن تصل إليه، ناداها جدها بصوت هادئ، وطلب منها أن يتحدث معها على انفراد. سارت خلفه الي جوار خالها إلى غرفة الضيوف، وهي لا تزال مترددة بين القلق والفضول.
جلسا سويًا، وبصوت حنون، بدأ جدها يشرح لها نتائج الجلسة العرفية، وكيف أن العائلتين قررتا أن تتصافيا أخير بعد سنوات من الصراع ولكن بالطبع هي من ستكون الثمن وذلك من خلال ارتباطها بيزن الفهد، بشرط موافقتهم على زواج آدم من أميرة الفهد. تجمدت ميلا في مكانها، وتداخلت في عقلها مشاعر مختلطة.
شعرت بالدهشة تتملكها؛ هل تحزن لأن هناك مكان ما في قلبها يحمل مشاعر مختلطه نحو يمان وكان يريده هو وليس يزن رغم ذلك ....أم تحزن لصديقتها داليدا، التي ستنكسر روحها عندما تعلم أن آدم سيتزوج فتاة أخرى؟ كان القرار ثقيلًا عليها، ولم تعرف كيف تتعامل مع هذا الحمل المفاجئ، وكأن أحلام الجميع تتعارض مع أحلامهم .
يحيي: قولتي إيه يا بتي
إبتلعت غصتها بصعوبه وهي تنظر إلي آدم بحزن
ميلا :اللي تشوفه يا جدي .
نظر لها آدم بأريحية وربت علي كتفها
آدم :طب يلا إجهزوا علشان هنسافر ورانا طريق طويل
يحيي: ليش يا ولدي أنا لسه ما شبعتش منيها
قبل آدم رأس العجوز بإحترام وأردف
آدم :ما أقدرش اسيبها هنا بعد اللي حصلها يا حاج وخصوصا وأنا شاكك أن في حد هنا جاسوس لعيله الفهد وبينقلهم كل تحركاتها...وأوعدك إننا هنيجي تاني علي الأربعين علشان لو حصل نصيب نعمل الخطوبه هنا .
يحيي: ماشي يا ولدي اللي تشوفه
خرجت ميلا من الداخل وقد بدت على ملامحها علامات التوتر والانكسار، وكأنما كانت تحمل همًا يفوق قدرتها على التحمل. عندما التقت بعيني داليدا، شعرت بالثقل يزداد، فقد رأت في عيني صديقتها الألم والصمت الموجع. وأيقنت من نظراتها المنكسره أنها علمت كل شيء من معالم وجهها المتجهمه ودموع عينيها الحبيسه .
حينها، تقدمت ورد نحو داليدا وأمسكت بيدها برفق، محاولةً أن تمنحها بعض السكينة وتخفف عنها الحرج ونظرات الجميع الفضولية. كانت نظرات ورد تحمل طمأنينة وحنانًا، وكأنها تخبرهما أن الأمور ستتحسن، وأنها ليست وحدها في هذه المعركة.
دخلا معا للغرفه فظلت داليدا صامتة، متجهمه وهي تجهز أمتعتها هي وميلا استعدادًا لمغادرة الصعيد. كانت غارقة في أفكارها، تكتم آلامها بصمت، إلى أن شعرت بيد دافئة تمسد كتفها برفق. التفتت لتجد ورد تنظر إليها بحنان، وابتسامة صغيرة من ألمٍ قديم ترتسم على شفتيها.
داليدا : في حاجه يا طنط ورد !
قالت ورد بصوت هادئ، كمن يقدم نصيحة نابعة من تجربة أعوام ثقيله
ورد : في كل خير يا قلب الورد ...خديها نصيحه مني يا بتي الحب من طرف واحد مؤلم، ومتعب للنفس...هياخد روحك ويقطع حسك مش هيفضل منه غير وجع القلب."
توقفت لوهلة، ثم أردفت، وكأنها تفتح جرحًا دفينًا في قلبها
ورد : بصي عليّ أنا... فضلت طول عمري متعلقة بحب ولد خالي ، رغم إنه مكانش ليا. ضاع عمري وأنا مستنية حاجة مش هتيجي أبداً...وفي الآخر كيف مانتي شايفه.. وحيده بين جدران الدوار البارده ..مافيهوش حد يواسيني في عز حزني ولا يطببني في عز مرضي ولا يراضيني وقت زعلي ...إللي باعك بيعيه وما تبصيش وراكي يا قلب الورد وهو اللي خسران لا هيلاقي اللي تحبه زيك ولا تهتم لأمره كيفك.
شعرت داليدا بأن كلمات ورد اخترقت قلبها، وكأنها نصيحة من روح عاشت نفس الألم.فأشارت الي قلبها وقد خانتها دموعها .
داليدا : طب والوجع هنا هيروح إزاي ؟
إقتربت منها ورد وأزالت دموعها بإحدي أصابعها ثم عانقتها
ورد : هيروح يا حبيبتي إنتي قويه وروحك قويه ...والوجع بياخد وقته وبيروح ...وهتنسي ...وهتحبي تاني وهتعيشي حياتك علشان ماينسرقش عمرك منك كيف ما عملت الورد من قبلك ..وبكره أفكرك و تقولي ورد قالت .
رأت ورد نظرات الحزن بعيون ميلا الشارده الواقفه بعيدا تستمع لوجع كلتاهما وتبكي لا تعلم ماذا تفعل لتخفف ألمها وألم كلتاهما ..حتي فتحت لها ورد ذراعيها لتنضم إلى هذا العناق الثلاثي الحزين وينعما ببعض الحنان الأموي من هذه الورد ذات القلب الرحيم .
❈-❈-❈
اشتعلت زينب غضبًا عندماهاتفت عزة ووجدتها ما زالت بالقاهره جالسه بمنزلها بكل أريحيه فأخبرتها عزة بعدم قدرتها على القدوم إلى الصعيد، وأخبرتها بقبولها التام لعرض النسب المقدم لابنتها. زاد من جنون زينب أن عزة باتت لا تهتم بشيء سوى المنافع والمزايا التي سيجلبها هذا الزواج لابنتها ولها.
زينب :أفهم إيه من حديتك الماسخ ده يا بت المصري ؟!
وضعت عزة قدما علي الاخري وأوضحت بكل غرور وهدوء
عزه : بصي يا زينب إحنا خرجنا للطريق ده سوا ..إنتي أخدتي كل حاجه إبن أخوكي اتقتل ومراته سابتلك البلد وهجت وإنتي كوشتي علي كل حاجه ...وأنا ما نابنيش الا شويه الملاليم اللي بيدهملي يمان انا وبنتي كل شهر ...فما فيهاش حاجه إني أدور علي مصلحتي انا وبنتي شويه وأنتي عارفه كويس إني كنت عاوزة يمان لاميره مش علشان خاطر عيونه ولمكانته، ولكن علشان فلوسه دة غير إنه شاركنا فططي ورث جوزي الله يرحمه .
وهنا أدركت زينب أن عزة ترى في آدم فرصتها الذهبية، فهو يملك ثروة مماثلة لثروة يمان، ولا يملك أخًا أو ابنًا يرثه، مما يعني أن ثروته بالكامل ستؤول لابنتها وحدها.
اختتمت عزة كلامها بنبرة واثقة، موضحة لزينب أنها ترى في آدم الرجل الأضمن لمستقبل ابنتها، فهو كريم وغني، ومستقبله معها مضمون أكثر من يمان .
زينب : ماشي يا بت المصري علي كيفك ..بس إعرفي إني لو وقعت مش هقع لوحدي .
❈-❈-❈
خرج الجميع الي الخارج مودعين العائله بينما أصر آدم علي قياده السياره بنفسه بعدما رفضت داليدا السفر معه بالطائرة...فقام بقياده السياره بتركيز شديد بينما يرمقها بنظراتٍ مليئة بالحنين والندم عبر مرآة السيارة، بينما داليدا جالسة بالمقعد الخلفي تلتزم الصمت. تنظر من نافذة السيارة إلى الطريق الفارغ، ويغمر عينيها الحزن، تتنهد بهدوء ولكنه نابع من الوجع من وقت لآخر، وكأنها تُحاول كبت مشاعر مختلطة، فيما تظهر على ملامحها آثار الأسى...فهي لا تريد إظهار ملامح الضعف أمامه...وتحبس دموعها لحين إشعار آخر... فهي غير مستعده لرؤيه نظرات الشفقه بداخل مقلتيه.