رواية جديدة لؤلؤة الليث لإيمي عبده - الفصل 30 - الخميس 17/10/2024
قراءة رواية لؤلؤة الليث كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية لؤلؤة الليث
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة إيمي عبده
الفصل الثلاثون
تم النشر يوم الخميس
17/10/2024
أنكست رأسها بخزى، فهى من تبدأ بإزعاجه بالفعل، ولا تفهم لما؟! ولكنها كلما رأته، تشعر بتوتر غريب، ويزداد نبض قلبها، فتحاول إبعاده بإزعاجه، وحاولت تناسى إضطرابها، وخزيها، فتقدمت بحذر إلى جواره، تنظر إلى الحصان بقلق، وتمتمت بحذر.
- أنا أحب الخيل كثيراً، ولكنى أخشاهم بشده.
ساير تغييرها للموضوع، ونظر إلى الحصان، ودون أن يدرى أمسك بكفها، ووضعه على خصلات الحصان الناعمه، ثم أنزل كفها، يتحسس رقبة الحصان، فإبتسمت بحماس، جعله حين ترك يدها، تظل كما هى، تتلمس رقبة الحصان، وتتأمله بسعاده، ثم إستدارت تنظر إلى رسلان بإمتنان، وهمست ببسمه خجوله.
- لطالما وددت أن أفعل هذا.
لسبب لا يعلمه أحس بالفرحه لرؤية بسمتها الخجولة تلك، فبادلها بأخرى محبه، فلمعت عيناها بنظرة دافئه خصته بها، مما جعله يشعر بإضطراب، ورغبة كبيرة فى الإقتراب منها أكثر، لكن ليان ظهرت من اللامكان تصرخ بحماس، وتخبرهما كم هى سعيدة بالطفل القادم، وأنها ستكون أخت كبيرة رائعه، وظلت تثرثر فضاعت اللحظة الحالمه، حينها حملها رسلان وعاد إلى الداخل، وتبعته سيا، تشعر بالحرج، وحين دخلا، وجد أُسيد يبتسم، وهو ينظر لوالدته.
- لقد قررت أن أتزوج.
تعالت أصوات التهنئة، ومباركة الجميع له، ولكن لم يكن ذلك شىء بجوار صياح نجمة الغير مصدقه، وفرحتها التى جعلت أُسيد يشعر بالندم؛ لأنه أحزنها فى الأيام السابقه، حتى هتفت بسعاده.
- وأخيراً لن تغادر.
- أمى لدى عملى هناك! كما أن عائلتها هناك أيضاً.
- يمكنهم أن يأتوا لزيارتها هنا!
تدخل رسلان ببسمه مرحه: هل تريدين أن يقتله العم سلمان، أم ماذا عمتى؟
نظرت متفاجئه نحو سلمان، وزاد تفاجؤها بنظراته الحادة نحوها: ماذا هناك سلمان؟!
تمتم من بين أسنانه بسخط: أتركيه يذهب نجمه، فلم تعد لدى طاقة لتحمل عشقك الجارف لتقبيله كل دقيقة.
إتسعت عيناها بدهشه: ماذااا؟! هل جننت إنه إبنى!
- وقد شب وأصبح رجلاً! وقد مللت الصمت عما يحدث هنا.
تدخل رسلان، فقد بدأ الوضع يتفاقم، فعلى ما يبدو أن سلمان إنتهت باقة صبره، وسينفجر بنجمه، لذا جلس بجواره، ووضع كفه على كتف سلمان، وتمتم بجديه.
- عماه، من الأفضل أن يظل هنا، فعدم غيابه لن يجعلها تشتاق له كثيراً، وتقبله كل دقيقه.
إعترضت نجمه بإنزعاج: إنه إبنى! لا أفهم ما المشكلة بتقبيلى له، وإحتضانه!
لم يبالى بإعتراضها سلمان، بل هتف بأُسيد آمراً: ستتزوج، وتظل هنا، أفهمت؟ إما هذا أو لا زواج.
زوى أُسيد جانب فمه بضيق: ولكن...
قاطعه رسلان سريعاً: لا داعى للتفكير طويلاً، موظفينا موثوق بهم، ويمكننا متابعة العمل من هنا، والذهاب هناك كل فتره للإطمئنان على وضع العمل برمته، وقد أثبتنا نجاحنا بعيداً عن عائلتنا، لذا يمكننا الآن العودة هنا، ومباشرة أعمال العائله، وترك آبائنا يستعيدون أمجاد عشقهم الجميل.
- رسلان!
إعترضت ورده بخجل، بينما إنتشرت قهقهات المرح بين الجميع، ولكن بعد أن هدأوا سأله أُسيد متعجباً.
- ولما لا تذهب أنت لمتابعة العمل؟!
لمعت بعقله فكرة ماكره، ليتأكد من خلاله من ما تخفيه سيا حقيقةً من مشاعر لأجله، أم أنه موهوم.
- ألا حق لى أن أتزوج أنا أيضا؟!
خيم صمت وصل حد أنه لو ألقى أحدهم بإبرة على الأرض لصدع صداها بالأرجاء، لقد ظن أن أُسيد ميؤس منه، لكن وعلى ما يبدو هو من فقدوا الأمل به تماماً، ولم يكسر هذا الصمت سوى صوت أُسيد المندهش.
- هذه كلمات غريبة على أذنى، صديقى.
- وغريبه على لسانى أيضا.
- حسنا! متى قررت هذا؟!
- الآن فقط.
- وهل تراك ستخبرنا، من هى، أم ماذا؟!
نهضت فيروز ببسمه خجوله، تستأذن منهم، ولكن بعد عدة خطوات سمعت رد رسلان الحاد.
- لا تعرفها.
تجمدت فيروز بأرضها، وإستدارت تنظر إلى ظهر رسلان بغضب، وقد لاحظها رسلان بإنعكاس المرآة المعلقة على الحائط، لقد ظنها كفت عن أفكارها الحمقاء، ولكن لا فائدة منها، كما لاحظ أيضا وجه سيا المضطرب، وخيبة الأمل بادية بوضوح عليها، ورغم سعادته بأنها بالفعل تُكن له نفس المشاعر، لكن ملامحها الحزينة جعلته يكف عن إحزانها، فتابع بلا مبالاه.
- أنا أفكر فقط بالأمر، لكنى لم أقرر هوية العروس بعد.
زوى أُسيد جانب فمه بسخريه: أتعلم؟ ظننتك جاد.
- أنا كذلك، لكنى لم أجد الفتاة المناسبة بعد.
الإرتياح الذى بدى على وجه سيا أسره، بينما غادرت فيروز إلى الحديقة، تفكر بما سمعته، ماذا ستفعل لو رسلان أحب إحداهن بالفعل، وقرر الزواج منها، وفكرت بأن تواجهه بمشاعرها، ولكنها لا تملك الشجاعة لذلك.
ظل خيم على رأسها، فرفعت عيناه لتراه مجدداً، فإتسعت عيناها بدهشه، وإعتلى ثغرها بسمة عدم تصديق، وفرحه عارمه، لم تتخيل أنها ترغب برؤيته إلى هذا الحد إلا حين رأته الآن، فهتفت بذهول.
- أنت؟!
إبتسم بود: حسنا.. أخبرينى لما كلما آراكِ أجدكِ حزينة على مقعد بالحديقة؟!
رفعت حاجبيها متفاجئه: هل تتذكرنى؟!
- بالطبع، أولستِ قطرة الندى؟
قالها وكأنها الكلمات الأبسط فى الحياة، وكأنه إعتاد مناداتها به، لقد وصفها بالمرة السابقه بأنها ندى، وهذه المرة مازال مصراً على رأيه بها، ولازال صادقاً بحديثه دون رياء.
- من أنت؟!
مد يده لها: أنا عرفان، طبيب المزارع هنا.
رفعت حاجبيها مندهشة من وصفه لعمله، ولكنها علمت من يكون، ومدت يدها تبادله السلام، وسرت رجفة دافئة بأوصالها ما إن لمست يداه، إحساس ممتع لم تجربه من قبل، ولا حتى مع رسلان، فسحبت يدها بخجل، فتابع متسائلاً.
- هل هذا الثوب من المرة السابقة، أم أننى إختلط علي الأمر؟
نظرت إلى ثوبها متفاجئه: لا إنه مختلف تماماً فى تصميمه!
- ولكنه نفس اللون على ما أعتقد.
- بلى ، فأنا أعشق هذا اللون، وكل حاجياتى منه.
- ماذااا؟! هل تمزحين؟!
قضبت جبينها متعجبه: لا، لما؟!
- يا فتاة لا بأس باللون، ولكن كثرته تؤلم العين، وتزعج من يراه بإستمرار، فالتغيير سنة الحياة، ألا تضجرين منه؟!
- لا، فأنا جميلة به.
- من أخبركِ بهذا إما أنه أحمق، أو لا يحبك، لون بشرتكِ تتناسب مع ألوان مغايره تماماً، لونك البرونزى من إثر شمس المملكة القويه يلزمه ألوان تبرز جماله، لا تجعلك متفحمة داخل ثوبك، الفتيات السمراوت أو البيضاوات، لا يرتدين ثياب تخالف طبيعة بشرتهن، كما أنه لابد وأن تحاولى التغيير، لأجل نفسك.
ترقرت الدموع بعينيها: هل تظن أننى بشعة بهذا الثوب؟!
لاحظ أنها أوشكت على البكاء، فلوح بيده سريعاً، يرفض إتهامها: لا لا عيب بالثوب، إنه رائع، ولكن المشكلة باللون، إنه فاقع جداً، ومزعج للنظر.
مسد رقبته بحرج، ولكنه قرر المتابعة: صدقينى أنتى جميلة جداً، ولكن لابد أن تفهمي أن لون الثوب لا علاقة له بجمالك، فهناك ألوان ستزيدك روعه، واخرى لا، هل فهمتى مقصدى؟
أومأت بضيق، فإبتسم لها، وجلس بجوارها: أنتِ أقوى من هذا.
رفعت عيناها له، فتابع موضحاً: لا يجب أن تبكى لأننى أنصحك، لا تجعلي البكاء وسيلتك للإعتراض على أى شىء، لقد خلقكِ الله جميلة رائعه، فزينى روعتك تلك بالحكمه، والحكمة تقتضى منكِ أن تستمعى أكثر ممن حولك، وتفكرى بالحديث جيداً قبل ان تحكمى، ومن ينبهك لأى خطأ فهو يساعدك على تحسين صورتك وحياتك، لا من يسايرك بخطئك، فهذا لا يهتم لكِ حقاً.
كلماته كانت بلسماً أنساها ضيقها، وجعلها تبدأ فى التفكير بكل ما تريده من جديد، وتفعل ما تراه صحيحاً، وفيه سعادتها، لا ما يريده منها الآخرين، وأولهم والدتها، التى يجب أن تستوعب أنها ليست دمية تلعب بها وقتما تشاء.
ظلا يتحدثان طويلاً حتى المساء، وبعد أن نهضت تريد العودة إلى العائلة ، رغم أنها لا تريد حقا تركه، لم يستطع أحد أن يجعلها تجلس معه طيلة هذا الوقت دون أن تضجر منه سواه.
سألها عن إسمها، فأجابته بخجل، لكنها لم تخبره عمن تكون، تريده أن يكون معها بلا قلق، فقد كان حديثه عن الأثرياء كأنه ينفرهم؛ لأنهم بإعتقاده لا يشعرون بغيرهم، ولكنه لم يكن مخطئاً كليا، فهى أكبر دليل على هذا، منذ متى إهتمت لأحد سوى نفسها، وإذا حدث وإهتمت فمؤكد أحداً من العائله، ولا خلاف لهم، خدمها حتى لا تهتم لمعرفة أسماؤهم، فأحست بضئالتها وخجلها من نفسها.
تركته ودخلت إلى القصر تصحبها نظراته الهائمه، وقد كان الجميع منشغلاً حتى أنهم لم ينتبهوا لغيابها، وهى من ظنتهم سيوبخونها على إختفائها هكذا، ففكرت ولأول مره بمدى أهميتها بين أفراد أسرتها، ووجدت أنها بلا أهميه مطلقاً، كما فكرت وهى تتأملهم جميعاً، تتسائل ماذا لو إختفت من هنا؟! وصعقتها الإجابة برأسها، فأحست بالضيق من نفسها.
❈-❈-❈
بعد أن غادر الجميع إلى منازلهم، رفضت سيا أن يرافقها رسلان إلى مزرعة والدتها، كما قررت ألا تعود لزيارة أسرة عابد طالما رسلان هناك، وأحس رسلان بإنزعاج لرفضها مرافقته، وإصرارها على هذا، مما إضطُر والده لمرافقتها، وفشلت محاولته الماكره فى حثها على إفشاء ما تفكر به بشأن رسلان.
❈-❈-❈
مرت عدة أيام، كان قد أرسل أُسيد فيها خبراً إلى رينا لتحدد له موعداً ليأتى مع والديه لخطبتها، ولنقل أنها كانت بذهول تام حتى أنها ظلت شاخصة العينين لعدة لحظات لا ترى أمامها، ولم تستوعب ما أرسله لها.
لقد رحبت عائلتها بأُسيد صهراً لهم، وتقرر الموعد، وذلك بعد أن أرسلوا لأخاها الكبير ليأتى.
❈-❈-❈
بينما كانت ليان غاصبه منزعجه من غياب سيا، ولا أحد ينصت لتذمرها، فالجميع منشغل بنفسه، ولا أحد يهتم بها ، لذا حين فاض بها الكيل بأحد الأيام، كان الجميع حول مائدة الفطور، فنظرت ليان إلى رسلان بغضب، وهتفت بسخط.
- إرحل خالى.
نظر إليها متفاجئاً: ماذا؟!
إحتد صوتها أكثر: عد إلى عملك.
إبتسم مازحاً: لما؟ هل ضجرتى وجودى؟
- نعم.
لقد ظنها تچاكره، لكنه وجدها جاده، فإستنكرت ورده تصرفها: ليان، ما هذا؟!
فأوضحت لها بسخط: لقد كانت سيا تأتى كل يوم هنا، تلعب معى، وتهتم بى، ومنذ عاد كفت عن المجىء، وأنا أريدها.
نعم ، هى محقه، ولقد لاحظ هذا، وأغضبه الأمر كثيراً، فإن كانت تُكن له أى مشاعر كما ظن هو، لما إبتعدت هكذا، وفكر أن يعود إلى عمله، فهناك سيجد سلواه.
- حسنا ليان، سأغادر.
نهض، فأوقفته والدته سريعاً: إنتظر رسلان، إنها طفله، لا تعى ما تقوله.
إزداد عبوس ليان، فإفتغر ثغر رسلان عن بسمه هادئه، وأجاب والدته بهدوء: أنا لدى عمل بالفعل أمى، ومادامت ليان بخير، فلا داعى لقلقى، أو تواجدى هنا، لقد اتيت بالأساس لأجلها، ولكنها باحسن حال، وحان وقت العوده.
- ألم تقل أنك ستظل هنا.
- كنت أمزح.
- ولكن هاله..
رفع حاجبه: ما بها أمى؟! إنها حامل، هل من المفترض أن أظل هنا طوال أشهر حملها، أنتظر حتى تلد؟! ثم ما بالى أنا بهذا؟! هذا شأنها وشأن زوجها.
- حسنا، لا تغضب، لكن لا ترحل.
نظر بجانب عينه نحو الفتاة: وليان أمى؟!
- خذها أنت إلى سيا.
لما قلبه الاحمق ينبض بتلك السرعة، والقوة، حين علم أنه سيراها، إنها لا ترغب برؤيته، هل أصبح أحمقاً أم ماذا؟! وللحظة نظر إلى والدته متسائلاً بضيق.
- وإذا ما صرخت الأنسة سيا بوجهى، أو ركضت كالبلهاء تستغيث بلا سبب، وصنعت جلبة من أجل لا شىء ككل مره.
- لن تفعل.
أجابته بثقة مزيفه، فهى لا تثق بسيا فى هذا، ولكنها تريدهما أن يلتقيا، وتريد أن تسعد ليان، كل هذا وعابد يتابعهما بصمت، بينما علق رسلان بسخط.
- بل ستفعل، حمقاء وستفعل.
تدخل عابد أخيراً: كن جيداً رسلان، وأطع والدتك، وإن أنهيت طعامك، خذ ليان، وغادرا.
قفزت ليان فرحه: هل سأرى سيا حقا؟!
فأومأ رسلان مؤكداً: نعم أيتها القردة الصغيره.
❈-❈-❈
إصطحب رسلان ليان إلى مزرعة ليندا، وكان مهذباً للغايه مع السيدة ليندا، بينما ليان تركض وتمرح، حتى تظهر سيا، فقد أخبرته ليندا أنها تهتم بأعمال هامه بالمزرعه، فهناك بقرة تلد وحالتها متعثره، فظل جالساً معها، وعيناه تبحث هنا وهناك، عل سيا تظهر، حتى ظهرت بالفعل، ولكنها ليست وحدها، فهناك شاب يسير بجوارها، يجفف كلا منهما يديه المبتله، وبدى أنهما منسجمان، يتضاحكان، ليست ملامح الشاب بغريبه، لكنه لا يتذكره، حتى إقترب أكثر، فأدرك أنه الطبيب عرفان، ذاك الذى اجهشت سيا بالبكاء على كتفه، حين كانت منزعجه منه، وتسائل رسلان، هل هناك شىء ما يجمع سيا وعرفان؟! ألهذا هى منزعجه من مشاعرها نحوه؟! لأن قلبها فى صراع بين رجلين؟! وعند هذا الحد من التفكير، والتساؤلات الصامته، ودون إعتبار لأى لباقه، سأل والدتها بحده فاجئتها، وهو يشير برأسه تجاه عرفان.
- هل هذا خطيب سيا؟
لم تعلق على حدة نبرته، بل إفتغر ثغرها عن بسمة لطيفه، وأجابته بهدوء.
- لا يا عزيزى، إنه الطبيب.
- أعلم من يكون، ولكن ما علاقته بسيا؟
- لا شىء، عمل فقط، لقد كانت تساعده بشان البقرة، لكن لما تسأل؟
زوى جانب فمه بإمتعاض: أراها تكركر معه بلا حياء!
هتفت ليندا بإستنكار: ماذا؟! رسلان لقد تماديت، إبنتى أنا بلا حياء!
إرتبك قليلاً: عمتى ليندا، أنا لم أقصد هذا، أنا فقط، إنه... أنا... لم... لا شىء!
بعد أن يأس فى إيجاد ما يعبر به عما يزعجه، فضل الصمت، ولكن حين أتت سيا تهلل وجهها بسعاده لم تستطع إخفائها لرؤيتها لرسلان، وقبل أن تنتبه لسخطه، صرخت ليان بسعادة، وإحتضنتها بإشتياق أزعج رسلان؛ لأنه لسبب لم يفهمه، أراد إبعاد ليان عنها، وجذبها إلى صدره، يا إلاهى! هل فقد عقله؟! إنه يشعر بالغيرة من طفلة صغيره، وتجمد للحظه، فقد صفعه هذا الإكتشاف، إنه يغار على تلك الهوجاء! هل هذا يعنى أنه يحبها؟! حسنا هذا يفسر الكثير مما يحدث معه من أحاسيس لا يفهمها، لكن حين قفزت ليان لتحتضن عرفان، تذكر رسلان غضبه، وحينها لاحظت سيا عبوسه نحو عرفان، نظرت إلى والدتها متسائله، فوجدتها هى الأخرى عابسه فتعجبت، ماذا فعل عرفان يا ترى؟! ولكن رسلان إنفجر به بلا سبب.
- أراك سعيداً مرحاً، تتجول هنا وهناك بدلاً من العمل، أولست تتقاضى أجراً، ثم أنت تعمل لدى أبي، ما الذى أتى بك إلى هنا؟!
قبل أن يعترض أى منهم على كلماته التى بدت وكأنه مراهق ساخط، كانت ليان تركله بغضب، وتصرخ به.
- أنت مزعج حقا، إنه صديقى! لما توبخ كل أصدقائى، أنا لم أعد أريدك.
نظر لها بغضب أخافها حقا منه: أنا خالك فتأدبى، لست دمية العيد حين تنفرين منى تلقينى بعيداً.
ثم أدار رأسه نحو سيا، متابعاً بحدة ساخره: أم تظنين نفسكِ بمتجر، تختارين عدة دمى، ثم تقررين فيما بعد أيهما تحتفظين به، وأيهما لا ترغبين به.
وقبل أن يتفوه أحد بحرف، نهض غاضباً، وصرخ بليان: هيا بنا.
همست ليان بخوف: ولكنى...
فقاطعها بحده: هيا ليان، الآن.
نظراته المخيفة أرهبت ليان، وجعلتها تسرع الخطى خلفه بلا إعتراض، فإعتذر عرفان من سيا ووالدتها ثم لحق بهما، حتى أصبح بجوار رسلان، فسأله بهدوء.
- هل يمكننى أن أرافقكما؟
أومأ له رسلان بصمت، ولكن بعد لحظات تجرأ عرفان وبدأ الحديث: لا يتم الأمر هكذا.
فنظر له متعجباً: أى أمر؟!
رفع كتفيه بحركة تنم عن عدم درايته: لا أعلم ما بينكما، لكنك أساءت التصرف، وهى لا تستحق ما قلته لها، أنت هكذا تخسرها.
توقف مقتضب الجبين: عم تتحدث أنت؟!
إبتسم بود: تعلم جيداً عما أتحدث، أنا أعتبرها أختاً، وهى كذلك، وأنت تفسد الأمر بينكما بظنونك تلك، وبغضبك.
أشار رسلان إلى نفسه بسخط: أنظر إلى جيداً، ما هو المنفر بى؟! والذى يجعلها تصرخ وتركض، وكأنى أسد مفترس، يريد إلتهامها رغم أنها تُكن لى المشاعر! أعلم هذا.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة إيمي عبده، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..