رواية جديدة مقيدة في بحور عشقه لتوتا محمود - الفصل 39 - 3 - السبت 26/10/2024
قراءة رواية مقيدة في بحور عشقه كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية مقيدة في بحور عشقه
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة توتا محمود
الفصل التاسع والثلاثون
3
تم النشر يوم السبت
26/10/2024
وصل " شريف " إلى القصر وهو ينظر حوله ، ولكنه لم يجد أحد ، صفق بـ يـ ـده حتى يجذب الأنتباة ولكن لم يجد أحد أيضاً ، مما قام من الكرسي المتحرك الذي يعيقه من الحركة بعد ما تأكد ان لا يوجد أحد في القصر ، خرج هاتفه من جيبه وأخذ يرن علي " بيجاد " ولكنه لم يرد ايضاً ، مما تنهد مرة أخرى وهو يهتف بقلق :
ـ انا حاسس أن ده هدوء ما قبل العاصفة ، مش مطمن للهدوء ده .
ختم جملته حتى شهق بقوة حين شعر بشخص يمسك يـ ـده يدخله إلى المكتب حتى ثوانى و " شريف " أخرج السلاح التى كان في جيبه من الخلف ، ورفعه نحو الشخص الذى مسك يـ ـده ، حتى ثوانى وتعرف على هذا الشخص واخفى السلاح فى جيبة ، مما هتف بعصبية وهو ينظر نحو " بيجاد " بحدة :
ـ علفكره دي مش طريقه تدخلني بيها اوضه المكتب .
تجاهلها ورفع حاجبيه بحده وهتف هو الأخر بعصبية :
ـ بتعمل ايه هنا يا شريف ؟؟ .
وكان فى نفس الوقت " سلا " تبحث عن " بيجاد " وقالت لـ فريدة أن تسأل زوجها حتى قالت لها انه في المكتب ، حتي اتجهت الى الأسفل ، فهى تريد أن تتحدث مع " بيجاد " ، تريد أن تعرف ما الذى يفعله بعد ما اكتشف حقيقة " جميلة " ، ولكن حين اتجهت الى المكتب ، وجدت باب المكتب منغلق ، وامام المكتب يوجد كرسي متحرك للمعاقين ، اقتربت من الكرسي واخذت تنظر حولها ، ما الذى جاء بالكرسي المتحرك وتركه هنا؟؟ ، رفعت عينيها نحو المكتب سمعت صوت " بيجاد " العالى ، يبدو انه يتحدث مع أحدهم ، مما اقتربت وكادت أن تدخل ولكن الذى أوقفها هو صوته الحاد :
ـ انت عايز تجنني يا شريف ، مينفعش تيجي بالطريقة دى ، لو حد شك انك مكنتش معاق فى رجلك ، حياتك هتتعرض للخطر ، انت قدامنا كلنا وقدام الكل انت قاعد على كرسي متحرك و….
قاطعها «شريف» بحده هو الأخر وهتف بتذمر :
ـ مهو انت لو كنت ترد على اتصالاتى بيك ، مكنتش هاجى انا قلقت عليك وقلقت على إيلا بنتى .
تراجعت الى الخلف وهي لم تفهم معنى الجملة ابداً ، ما الذى يعنيه «شريف»؟؟ ، قطع خيوط افكارها صوت «بيجاد» الذي كان ممزوج من العصبية والحدة :
ـ محدش يعرف ابدا انها بنتك ، ومش لازم حد يعرف ، الكل لازم يعرف انها بنتى أنا ، لان لما الكل يعرف انها بنتى محدش هيستجرأ انه يقرب منها ، ولم نخلص من المهمه دى نبقى نقولهم انها بنتك انت .
تراجعت للخلف حين سمعت تلك الحقيقة، الحقيقة المُرة كما يطلقوا عليها ، كيف «إيلا» تكون إبنة «شريف»، فهى كانت من أيام إبنة «بيجاد» من «تمارا» ، فهى لم تفهم لما أخفى «بيجاد» هذا السر عنها ، فهذه شقيقتها ، و «إيلا» تكون إبنة شقيقتها ، كيف يخفي عليها الأمر ، تذكرت حديث «ملك» قبل أن تتوفى بأنها تعرف من هو والد «إيلا» الحقيقي ، فهى كانت تظن أن «بيجاد» لم يعرف مثلها أنه ليس والدها الحقيقي ، ولكن الحقيقة أنه يعرف كل شئ ، ويُصر أن لا أحد يعرف بهذا الأمر حتى هي…
"سلا" شعرت بثقل الحقيقة ينزل عليها كجبل، لم تكن تتوقع يومًا أن تقع في دوامة من الأكاذيب والخداع بهذه الطريقة، خاصة من أقرب الناس إليها، كانت تحاول أن تستوعب ما حدث، ولكن الحقيقة المرة بأن "إيلا" ابنة "شريف" هزتها تمامًا، الخيانة لم تكن فقط في السر، بل في الثقة التي فقدتها الآن تجاه "بيجاد".
تحولت مشاعرها من الصدمة إلى غضب، لماذا كل هذا التلاعب؟، لماذا يخفى الحقائق عنها، بدأت دموعها تنساب بصمت وهي تشعر بخيبة أمل مريرة تجاه "بيجاد"، فجأة، شعرت بأنها محاصرة في شبكة من الأكاذيب والخداع، كان عليها أن تعرف الحقيقة كاملة، ولكن السؤال الآن" هل يمكنها مواجهة "بيجاد" بعد كل هذا؟ "
لا تعرف كيفية مواجهة «بيجاد» بعد ما اكتشفت تلك الحقيقة، كانت تعلم أن عليها مواجهة "بيجاد"، ولكنها لم تكن جاهزة بعد، الخيانة والسر الذي اكتشفته جعلا المواجهة أصعب بكثير، ترددت، هل تستطيع فتح باب المكتب والدخول؟ هل يمكنها مواجهة الشخص الذي كان يخفي عنها الحقيقة كل هذه الأشهر؟؟
في تلك اللحظة، عرفت أن الجواب هو "لا". لا يمكنها مواجهة "بيجاد" الآن تحتاج إلى وقت، إلى استيعاب الحقيقة والقرار بما ستفعله لاحقًا .
شعرت بمزيج من الفضول والغضب يتصارع داخلها، كانت على وشك مغادرة المكان، لكنها توقفت أمام باب المكتب مجددًا ، الفضول الذي تملكها بشأن الحقيقة التي سمعتها دفعها للتقدم ، وكأن هناك شيئًا أكبر مما تعرفه ما زال مخفيًا عنها، إذا كانت "إيلا" ابنة «شريف»، فما الأسرار الأخرى التي يمكن أن يخفيها؟ ، وما حجم الأكاذيب التي تسيطر على حياتهم؟؟ .
رغبتها في الهروب كانت تتضارب مع حاجتها لمعرفة المزيد، لا يمكنها العودة إلى حياتها كما كانت من قبل ، لا يمكنها تجاهل هذا السر الكبير ، كانت تعلم أن فتح الباب سيكشف المزيد من الحقائق ، لكنها أيضًا تخشى ما قد تسمعه .
وضعت يدها على المقبض، لكنها لم تفتح الباب، كان قلبها ينبض بسرعة، وتفكيرها مشتت بين الرغبة في المواجهة والخوف من التورط أكثر في شبكة الأكاذيب ، كل تلك الأسرار دفعتها للتساؤل
" كم من الوقت سيظل «بيجاد» يخفي الحقيقة؟ وكم من الأذى قد ينتج عن معرفتها بالأمور التي لم تكن تعلمها؟،
في تلك اللحظة، أدركت "سلا" أن حياتها لن تعود كما كانت أبدًا، سواء فتحت الباب أم لا .
صمتت مره أخرى وهى تسمع صوتهم في الداخل إذا فهي مستعدة لمواجهة الحقائق والأسرار التي لم تعلم عنها ابداً
سمعت صوت «شريف» التي يهتف بفضول وحيرة :
ـ انت مش قولت أن سلا عرفت انها مش بنتك، وانك زعيم من زعماء المافيا، انت قولتلي أنها خدت الورق اللي يثبت انك زعيم ومنهم في المافيا .
تجمدت في مكانها، وهي تستمع بذهول إلى الكلمات التي خرجت من فم "شريف" الورق؟ زعيم مافيا؟
تذكرت ذلك الورق، والى تلك الشاب التي اعطهم لها في المشفى وقال لها أن لا احد يعرف بهذا الورق، وانشغلت عنه وضعته في سيارة «بيجاد»، وذهبت بعدها إلى «ملك» .
هل يمكن أن يكون كل شيء أكثر تعقيدًا مما كانت تعتقد؟ لم تكن تتوقع أن يكون هناك هذا النوع من الأسرار المدفونة، كانت الحقيقة بشأن "إيلا" صادمة بما يكفي، ولكن اكتشاف أن "بيجاد" متورط في شيء أكثر خطورة، وأنها كانت على وشك معرفة هذا السر أيضًا، جعل قلبها ينبض بشكل متسارع .
لم تستطع التنفس للحظة، شعرت بأن كل شيء حولها ينهار. "بيجاد"، الشخص الذي كانت تثق به طوال هذه السنوات، كان يخفي عنها جزءًا هائلًا من حياته، ليس فقط بخصوص "إيلا"، ولكن بخصوص كل ما يتعلق بحياته السرية.
عادت كلمات "شريف" تتردد في ذهنها : "زعيم مافيا"
لم يكن هذا شيئًا بسيطًا يمكن تجاهله، بل كان جزءًا من الحقيقة التي غيرت كل شيء، كيف استطاع "بيجاد" أن يعيش حياتين بهذا الشكل، كيف استطاع أن يُبقيها بعيدة عن تلك الحياة المظلمة، وهي التي اعتقدت دائمًا أنه رجل أعمال ولديه شركة ؟؟
الفضول والتردد كانا يتصارعان بداخلها، الآن، لم تعد المواجهة مجرد خيار، أصبحت ضرورة. لم يكن الأمر يتعلق فقط بحقيقة "إيلا" بل بحقيقة "بيجاد" نفسه، لم يكن بإمكانها الاستمرار في العيش في الظل، وهي تعرف أن حياتها، وكل شيء من حولها، بني على أسرار وأكاذيب.
تقدمت خطوة نحو الباب، هذه المرة بقلب مثقل بالقلق والغضب، كانت تعلم أن فتح الباب سيفتح بابًا لحياة جديدة تمامًا، مليئة بالتحديات والخطر، لكنها لم تعد تستطيع البقاء في الظلام.
قررت مواجهة "بيجاد". إذا كان هو زعيم مافيا، وإذا كانت حياتها وحياة عائلتها محاطة بالخطر، فقد حان الوقت لتعرف الحقيقة الكاملة، مهما كانت عواقبها .
تقدمت مرة أخرى وضعت يـ ـدها نحو المقبض الباب ، وهى تستعد للمواجهه ولكن توقفت حين استمعت الي حقيقة أخرى اهتزت كيان قلبها…
حين هتف «بيجاد» بلهفة وضرورة وهو ينظر الي «شريف» بغضب :
ـ لا مش عارفة ، ومش عايزها تعرف اني انا عميل سرى ، مش عايزها تعرف أن الشرطة حطتني في المافيا علي اساس اني زعيم عشان اعرف اخبارهم والعب معاهم ، مش عايزها تعرف عشان ده خطر عليها ، زي ما قتلوا اختها تمارا ، المافيا هيقدروا يقتلوها ويدمروا عائلتي وانا مش هسمح لحاجه زي كده .
توقف قلبها عن النبض ، وهي تتراجع إلى الخلف بعد ما استمعت عن حقيقة موت شقيقتها ، فهى كانت تظن أن شقيقتها قد انتحرت ، الأن أدركت أن المافيا قد تخلصت منها لمعرفة المزيد من الأسرار عنهم، والمُتعب بهذا الشئ أن زوجها قد أخفي هذا الأمر عنها
شعرت وكأن العالم ينهار من حولها، اكتشاف أن "بيجاد" كان عميلًا سريًا وأن شقيقتها "تمارا" قُتلت على يد المافيا وليس انتحارًا، كان كالصاعقة التي ضربتها بلا رحمة، الحقيقة التي كانت تظن أنها تعرفها عن حياتها كانت مجرد قناع زائف، كل شيء كان مبنيًا على الأكاذيب والخداع.
تراجعت ببطء إلى الخلف، دموعها تتساقط بصمت وهي غير قادرة على تصديق ما سمعته ،«تمارا» قُتلت؟" كانت تعتقد دائمًا أن شقيقتها انتحرت بسبب ضغوط الحياة، ولكن الآن، الحقيقة المرة تجلت أمامها المافيا قتلتها، و«بيجاد» كان يعرف طوال الوقت، لم يخبرها، بل عاش معها وكأن شيئًا لم يكن .
كل شيء أصبح أوضح الآن، حياة «بيجاد» كانت مزيجًا من الأسرار، ليس فقط عن "إيلا" ولكن عن كل شيء، لقد كان متورطًا مع المافيا بصفته عميلًا سريًا، وهو ما يفسر العديد من الأمور الغامضة التي لم تستطع تفسيرها من قبل .
كانت عالقة الآن في دوامة من المشاعر، الغضب، الخيانة، والحزن، شعرت بأنها تعرضت للخداع من قبل الشخص الذي كانت تثق به أكثر من أي شخص آخر في حياتها، كيف يمكن لـ "بيجاد" أن يخفي عنها كل هذه الأسرار؟ كيف يمكنه أن يضعها في هذا الخطر دون أن يخبرها الحقيقة؟
بينما كانت تتراجع، شعرت بأنها لم تعد قادرة على البقاء في هذا المكان. قلبها مليء بالأسئلة التي لا تجد لها إجابة، هل ستواجه "بيجاد" الآن وتطلب منه تفسيرًا؟ أم ستغادر دون أن تقول كلمة، وتبتعد عن كل هذا العالم المظلم؟
ببطء، قررت الابتعاد، لم تعد قادرة على مواجهة "بيجاد" الآن، ليس بعد أن اكتشفت كل هذه الحقائق المؤلمة، لكنها كانت تعلم أنه في نهاية المطاف، ستضطر لمواجهته، و ستضطر لمعرفة كل شيء، مهما كانت العواقب .
غادرت المكان بخطوات ثقيلة، ودموعها لا تزال تنساب بصمت .
❈-❈-❈
دخلت إلى غرفة مالك، وجدته جالسًا على الفراش، غارقًا في أفكاره العميقة، أغلقت الباب بهدوء خلفها، وتقدمت نحوه بخطوات خفيفة، جلست بجانبه، هاتفة باسمه بحنان وهي تضع يدها فوق يده برفق، محاولة أن تبثه بعض الطمأنينة:
ــ مالك...
صوتها الرقيق اخترق حاجز الصمت، وأعاد إليه وعيه، أفاق من دوامة أفكاره التي كانت تدور بعنف في عقله، ونظر إليها بعينين مثقلتان بالحيرة، رؤيته لها وهو مُتعب من أفكاره التي تحاصره بشدة جعلت نبرتها تخرج بدفء وحنان :
ــ مالك، أنا عارفة إنك ملمستش جميلة ولا قربت لها، وعارفة إنها بتحاول تجرك ليها عشان تتجوزها... بس...
قطع حديثها بصوته الهادئ وهو ينظر لها بعينيه المُتعبة :
ــ كتب كتابي أنا وجميلة بكره يا فريدة .
صعقت من الجملة، كأن صدمة هائلة ضربت قلبها، شعرت بأن العالم من حولها توقف للحظة، عاجزة عن تصديق ما سمعته، وقفت فريدة أمامه مصدومة، تحدق في وجهه وكأنها تحاول استيعاب الجملة التي سمعَتها للتو ، هل حقًا قال إنه سيتزوج بتلك البساطة؟، كيف يمكن أن يتخذ قرارًا كهذا، وهو الذي لم يقترب من جميلة ولم يلمسها مثلما ادّعت هي؟ ارتجف قلبها بالأسئلة والصدمة، وغرقت في دوامة من المشاعر المتضاربة .
نظرت إليه بعينين مليئتين بالدهشة والغضب، غير قادرة على التصديق ، هتفت بصوت مختنق :
ـ انت بتقول إيه، بتقول إيه يا مالك؟ يعني إيه هتتجوز جميلة؟ طيب وأنا؟ وابنك اللي في بطني؟ وجوزنا؟ كل ده ما فكرتش فيه؟ .
كانت كلماتها تخرج بسرعة، متلاحقة، بينما الألم ينهش قلبها ، لم تكن قادرة على استيعاب كيف يمكن أن يتجاهل كل ما بينهما بهذه السهولة .
مالك ظل جالسًا في مكانه، نظر إليها بعينيه المُتعَبتين من الصراع الداخلي، وكأن الكلمات أثقل من أن يتمكن من نطقها ، نظرت الى حالته الهادئة ، كأنه لم يدرك بما يقوله لها ، اقتربت منه مرة أخرى وهى تهتف بنبرتها المليئة بالثقة ، فهي مازالت تثق به حد الأن :
ـ أنا متأكده أنك ملمستهاش، لانك طول اليوم كنت معايا، وكمان انت بتحبني، استحاله قلبك ده يعرف يخون .
اغمض عينيه وكأنه يبحث عن الكلمات المناسبة ليشرح ما يجول في داخله، كان ثقل الموقف يضيق عليه أنفاسه، وشعر وكأن العالم بأسره قد توقف من حوله ، بدأ الصراع الداخلي واضحًا على ملامحه، ولم يكن سهلًا عليه مواجهة فريدة بهذه الحقيقة الصادمة .
بعد لحظات من الصمت الثقيل، فتح عينيه ونظر إليها، كانت عينيه مليئتين بالحزن والألم ، ثم تحدث بصوت منخفض :
ــ فريدة أنا مش عايزة اتكلم في الموضوع ده، انا خدت قراري خلاص .
نظرت إليه فريدة بعينين مليئتين بالدموع، غير قادرة على تصديق ما تسمعه، كانت تحاول التمسك بأي أمل، بأي تفسير يمكن أن يجعل الأمر أقل إيلامًا، لكنها لم تجد شيئًا. صوتها كان يرتجف عندما ردت :
ــ مالك، انت عارف انت بتعمل ايه؟، مالك انت رايح تتجوز واحده عليا ، انت مستوعب اصلا ، انا.. انا مش مصدقة اكيد انت وفقت عشان خاطر بيجاد وسمعته صح؟؟ .
تنهّد مالك، واضعًا رأسه بين يديه، وكأنه يحاول الهروب من ثقل الموقف ثم قال :
ــ أنا عارف إن ده مش عدل، مش ليكِ ولا حتى ليّا، بس في حاجات أكبر مني ومنك... مش بإيدي .
لحظة صمت أخرى غطّت المكان، بدا وكأن الوقت قد توقف، وقفت فريدة تنظر إليه وهي تتساءل عما تبقى من حبهما، هل انتهى كل شيء بهذه البساطة؟
نعم فهى احبته، أحبته قبل أن تنكشف حقيقة «ياسر» ولكنه في هذه اللحظه احبته بجنون، نعم فهى اخطئت ولكن هذا العقاب فهى لا تريده، او لا تتحمل هذا العقاب، كيف «مالك» حبيبها مالك فؤادها والد طفلها يتزوج أمام عينيها، من تلك الشمطاء، فهى الأن تخيلت وزوجها بين أحضان «جميلة»، وكم آلامها هذا الشئ، وألم قلبها .
في تلك اللحظة، شعرت فريدة وكأن العالم كله انهار من حولها، لم تستطع تصديق ما تسمعه، وكأن قلبها قد تلقى طعنة لم تكن تتوقعها، حاولت أن تتمالك نفسها، أن تجد في صوته أو في ملامحه ما يدل على ندم أو تردد، لكنها لم تجد شيئًا ، كل شيء بدا واضحًا وثابتًا ، وكأن القرار قد اتخذ ولا رجعة فيه .
وقفت فريدة للحظات، تحدق في مالك وكأنها تنتظر منه أن يغير رأيه، أن ينطق بكلمة تعيد لها الأمل الذي تشبثت به، لكن الصمت كان أقسى من الكلمات، صمت يحاكي الجدار البارد الذي بدأ يتشكل بينهما .
تقدمت خطوة نحوه مجددًا، محاولًة البحث في عينيه عن بقايا من الشخص الذي أحبته، الذي كان دائمًا ملاذها وأمانها ، لم تستطع كبح دموعها، سقطت واحدة تلو الأخرى على خديها وهي تهتف بصوت مكسور :
ــ مالك، مش كنت دايماً تقولى انى اجمل حاجه في حياتك، ولو تتطول انك تدخلنى جواك وتحميني هتعمل كده، قولتلي ساعتها أن يوم فرحنا كان اجمل يوم في حياتك لانى بقيت مراتك، طب ازاي و أنت رايح تتجوز جميلة، و انت عارف ان ده هيزعلنى منك، انا عارفه انت بتعمل كده ليه، عشان خاطر سُمعه بيجاد ، بس ده هيكسرنى، الجوازه دى هتوجع قلبى يا مالك .
لم يرد مالك، لم تكن لديه إجابات يشفي بها جروحها، ظل ينظر إليها بنظرة يملؤها الحزن، وكأنه يشاركها الألم، لكن دون القدرة على تغيير ما يحدث .
انفجرت فريدة بالبكاء، لم تعد تستطيع الوقوف أمام هذا الألم، لست على حافة السرير، ممسكة بطنها المنتفخه وكأنها تحاول حماية ابنها من واقع لا تعرف كيف ستواجهه وحدها ..
في تلك اللحظة، لم يكن مالك قادرًا على النظر إليها، لم يكن باستطاعته تحمل رؤية الألم الذي تسببت به كلماته، وأصبح كل شيء يبدو وكأن الأقدار قد كتبت لهما طريقين مختلفين لا يمكن التراجع عنهما .