-->

رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 20 - 1 - السبت 26/10/2024

  

قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية قلب نازف بالحب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي


الفصل العشرون

1

تم النشر السبت

26/10/2024




دائمًا أو في كثيرٍ من الأحيان، يُزرعُ يومًا بين حقول الياسمين خاصتها،زهورًا، والتي بذلت قصاري جُهدها لتدوم لأكبر فترة مُمكنة ومع كل زهرة تنمو، تُعطيها عزيمة أكبر لزرعِ حُبها بداخلهِ عنوةً برغبة مُلحة من قلبٍ أراد أن يستشعر أيضًا حُب أليفهُ الآخر، يكون ذاكَ اليوم مؤجل لحينَ أشعار آخر، يومٌ فاتهُ أن يكتمل كـ باقي أيامها، وللأسفِ الشديد سيظلُ هذاَ اليوم مرفوع علي رفِ التأجيل..... بعيدًا مؤرشفًا، وسيظلُ يُربكُ حياتها حتى النهاية...... 


و يا لهُ من أسفٍ أن نفس ذات اليوم، يتمثل الآن بيومها الراهن، يوم بدأته مُشرقة، سعيدة متفائلة، تري بعيون لامعة حقولها تنمو، وتكبرُ وتُزهر، وعلي حينِ غُرةٍ، تتبدل لمعة عينيها إلي أمطار غزيرة تُمثل دموعها، حينَ تبدلَ المشهدُ أمامها من الوان زاهية مُزهرة إلي أخري رمادية، مُدمرة.......... 


أنتهي بها الحالُ مُندثر أسفل الغطاء، مُنكمشة علي نفسها تأخذُ وضعية الجنين، وقد غطت نفسها بالكامل حتى رأسها، بالرغم من أن الجو ليس بباردًا أطلاقًا،فالغُرفة مُفعلة بالتدفئة الصناعية ، ألاَ أنها تشعرُ بأن أطرافها مُتجمدة، فلتت منها شهقة مكتومة فشلت في كتمها أسفل الفراش، رأسها باتت لا تشعرُ بهِ من شدة الصُداع الذي يحتل رأسها، حتى وصل لعينيها، من كثرة البُكاء والنحيب....... 


الأمور حدثت بثواني معدودة لم تستوعب فيهم هي أي شيء، علمت بالخبر، من ثم شعرت بالغرفة تدورُ بها، ثم أرتمت بمكانها لا حول لها ولا قوة، وأنتهي بها الوضعُ هنا........ 


أستمعت لأصوات أقدام تقتربُ من الغرفة، ومن ثم فُتحَ الباب، أنكمشت علي نفسها أكثر تمنع أي شهقة من الفرار من حنجرتها، تعلمُ أنه هو، فقد تركها منذ دقائق بعد مُحادثتهُ للطبيبة والتي أتت كلماتها لتزيدُ من الطين بلةً....... 


فقد صرحت بأن تلك الأعراض التي شرحها لها "مُراد" ما هي إلا أعراض حمل جديد، ومن حينها وهي مغيبة بقلبٍ منفطرٍ قاربَ علي الأنفجار من كثرة ما تثاقلت عليه الاعباء دفعة واحدة........ 


شعرت بهِ يدنو ناحيتها، وجلسَ علي رُكبتيهِ بهدوءٍ، وازاحَ الغطاء عن رأسها ليصتدمُ بمظهر وجهها الذي أصبحَ يماثل الدمُ من شدة حُمرتهِ، وعيونها المُنتفخة، سريعًا ما وضعت يدها تُغطي عينيها، لا تريد النظر لهُ......لا تعلم بماذَا يُفكر الآن،لكن ما تعلمهُ ومتأكدة منه لأنه شيئًا طبيعيًا في ظروفها هذه، أنه أصبحَ نادمًا أشد الندم علي تضحيتهُ وتحملهُ لمسئولية كبيرة، أو لنكون واضحين أكثر لعبءٍ كبير جدًا كـ عبءها......... 


تنهدَ بثقلٍ، يشفقُ علي ما وصلت إليه، همسَ بإسمها بخفوتٍ، لم تستجب له، بل واصلت البُكاء في صمتٍ، لكنه ظلَ يُكررُ أسمها بهدوءٍ، ينتظر أستجابتها، وقد وقعت....... أبعدت يدها عن عينيها، لتصتدم فورًا بعينيه التي تتابعها، وقد رأت لمعة الحزن بداخلها...... 


_"رضوي ". 


همسَ بها، يُبعد الفراش عنها، ستختنق هكذا، نهضت تجلسُ نصف جلسةٍ، تمسح بقايا الدموع العالقة بوجنتيها، تقول بصوت واهن ضعيف: 


_" أنا عايزة أرجع مصر، مش عايزة أقعد هنا دقيقة تاني ". 


_" أهدي طيب، وقومي أغسلي وشك وغيري هدومك علشان هننزل نشوف الدكتوره". 


كان يتحدثُ بثقةٍ، وكأنهُ بالفعل متأكدًا من عدم صحة ما جري، ومتيقنُ أن هناك خطبٌ، وأن الله لن يفجعها بتلك القسوة أبدًا..... أرتعبت من فكرة أن تُعطي لنفسها أملاً ولو صغير، ويتلاشي فجأة، هزت رأسها نافية، تفهمُ ما يقصد قائلة برفض تام: 


_"لا مش هروح في حتة، هي خلاص أكدت..... هستني أي تاني ". 


_" وارد جدًا يا رضوي يكون برضو مجرد تشخيص سطحي لتشابه الأعراض مش أكتر، يلاّ، مش هنخسر حاجه.... ". 


ظلت تناظرهُ بنظرات حزينه ذابلة، والخُضرة بعينيها جفت وذبلت، ليُرسل لها نظرات تشجيعية من رماديتيهِ تحثها علي أن تثقُ بهِ، مؤكدًا ذالكَ بقولهِ أيضًا: 


_" أنتِ بتثقِ فيا دائماً مجاتش عالمرة دي ". 


❈-❈-❈

. " باليوم التالي،صباحًا ". 


أن مُعظم الفتايات مِنْ مَن هم بعُمرها، أن لم يكونوا جميعهم، ينجذبون إما للفتي السيئ، أو الفتي فاحش الثراء.... الفتي الوسيم ذو المظهر الرائع، أو النسخة الأكثر شيوعًا، الفتي اللعوب مُحطم قلوب العذاري، بينما هي أختلفت تمامًا، الفرق بينَ ذوقها وذوقهنَ، يعدُ الفرقُ بين السماء والأرض... رجل ناضج، تُحطيهُ هالة كبيرة من التريس والعقلانية، فارق عُمري يعدٌ كبيرًا بالنسبة لفتايات جيلها الأغبياء، والتي تعلم تمام العلم أنهن سيُغيرنَ رأيهنَ عند رؤيتهُ هو، وبما أن ذالكَ لم يحدث، فهذَا جيدًا جدًا، بالطبع بعُمرها الصغير ذاك لا تود أن تجد نفسها مُلقاه بالسجن بجريمة قتل أحداهن فقط تنظر له كما تنظر هي..... 


ملامح رُجولية ذات وسامة خاصة ومُميزة عن باقي أبناء جنسهُ لا تستطيع تحديد ما هي نقطة التمييز تحديدًا، لأنها لا تري سواه، وأيضًا لا تهتم..... عيون حادة جذابّة، وبنفس ذات الوقت مليئة بفائض من الحنان يُطوق بهِ أحبتهِ، شخصية قويّة، يعرف متى يلين، ومتي يقسو...، متى يكون جاد ومتي يكون مَرِح، الخُلاصة أنهُ شيء مُميز جدًا بنظرها، يجمع بينَ كل شئ جميل و متناقض..... أنه بالنهاية مُرادها....... 


تنهدت تنهيدة حارة، بينما يُزينُ ثغرها بسمة صافية هادئة أُقتبست تلقائيًا من ملامحهُ المُحببة لعينيها ثم قلبها ، عينيها مُصوبة عليهِ بجانبها، ينامُ بعمقٍ التعبُ باديًا علي قسمات وجههُ المُرهقة بفعل تثاقل الأعمال عليهِ ليلة أمس، غادر لأعمالهِ فورًا، بعد أن عادت أمس من عِند الطبيبة الفرنسية التي أصّر"مُراد"علي أن يذهبون إليها، أنصاعت لرغبتهُ وبداخلها أحباط العالم أجمع قد تكون بقلبها، وتملكها اليأس.....سارت معه بأقدام هلامية خاوية، لا تعرف كيف وصلت إلي هناكَ حتى، كانت شبهُ مغيبة عن الواقع، تسير معه جسدًا بلا روحٍ......


❈-❈-❈



ولِمَ لا وهي تري بعينيها تحطُم حياة أفنت كل ما مضي في تكوينها والأستمتاع بكل ثانية تمر وهي بجوارهِ، حتى وأن كانت تعلم بداخلها أنها فقط لفترة مُؤقتة ليسَ إلا....هي راضية، يكفي أنها ستخرج ببعض الذكريات الحانية، تحتفظُ بهم بقلبها قبل عقلها، هذا أفضل من مجرد مشاعر بائسة وتفكير لم يتعدي حدود غرفتها ولا يخرج سوي بما تكتبهُ من خواطر قصيرة...... 


طفل، طفل صغير هي والداتهُ، ستكون أم شعور لا يُضاهيهُ شعورًا أخرَ من حيث الفرحة والسعادة، نعم لكن ليسَ في حالتها، هي مختلفة، تختلفُ تمامًا، أتعلمون حجم الكارثة.....ستقولون أنها مجنونة حينَ تعرفون أنها لم تفكر بالطفل من ناحية أنه جاء بطريقة مُحرمة أو أي شئ أخر، فقط أستشعرت اللهيب بجسدها لفكرة أنه ليسَ أبن "مُراد" هناكَ روحًا جديدة أستكانت برحمها، روحًا ليست قطعةً من روحهِ هو، ليسَ طفلهُ هو...... أذنً لكم الحرية المُطلقة في نعتها بالمجنونة أو الخرقاء، الأثنان معني واحد، هي لا تهتم..... نعم تعلم أن حُبها لهُ وصلَ لمرحلة الجنون أو الهوس، وهذا ليسَ جيدًا بالمرة ولا تنصح أحدً بهِ.. 


لكن رُغمًا عنها وجدت بهِ عالمها، أصبحت مهووسة بهِ،وهذا يشكلُ خطرًا كبيرًا علي قلبها الصغير... قرأت ذات مرة في إحدي تعريفات الحُب، عُرِفَ بأنه أشبه بأن تُعطي لأحدهم القوة اللازمة لأذيتكَ ولكنهُ لا يفعل ذالكَ، الآن تأكدت من صحتها، هي أعطت لهُ قوة كُبري تعي تمامًا أنها ضدها، لكن العضلة الصغيرة يسارُ قلبها تعرف بأنه لم ولن يُضللها يومًا، لن يؤذها يومًا،وقد ثُبتَ ذالكَ،هو موجود دومًا لحمايتها،تشعر بأن كل شئ بجوارهِ آمن ومُطمئن.. قد يبدو ذالكَ مُبالغة كُبري، ولكن بوجهة نظر عاشقة، أنها لغة الحُب، عالم الحُب الخفي....... 


حالتها كانت مُزرية بحقٍ، كان الوقتُ الفاصلُ بينَ دخولها للطبيبة وخروجها فقط عشر دقائق علي حد التقدير، وتبدلت حالتها تمامًا من النقيض إلي النقيض الأخر، توردَ وجهها يعكس فرحتها.......لن تستطيع أن تنسي نظرة عينيهُ عندما شاهد فرحتها وترجمها فاهمًا النتيجة، رأت عيناهُ الرمادية تلمعُ بوميضُ سعيد، وقد تهيأ لها أنها رأت لمعة أخري... لمعة من نوع أخر، تشبه لمعة عينيها هي، نعم لم تري لمعة عينيها لكن فهمت، وكأنه سعيد، وليسَ لأنه قد عفاه الله من أبتلاء جديد ومصيبة أخري تُثقل كاهلهُ، بل وكأنهُ سعيد بأن حياتهُ معها لم تُدمر هكذا قبل بدايتها......... 


أستفاقت من شرودها علي صوت همهمتهُ يتململ في نومتهِ بلطافة، أتسعت أبتسامتها حتى وصلت لعينيها الخضراء، جلست نصفِ جلسةٍ تبتعد عنه قليلاً حتى تُعطي له راحته بالنوم أكثر، أنه حقًا مُتعب ويحتاج لراحة كبيرة، جائت ومضات لليلة أمس برأسها، مما جعلها تضحكُ بصوتِ مسموعٍ، من ثم وضعت يدها علي فمها ما أن أستوعبت ما فعلت، أنه نائم بجوارها.... قضمت وجنتيها من الداخلِ بخجلٍ...... وما فعلتهُ بهِ ليلة أمس يتراقص أمامها الآن في مخيلتها، يدفعها للضحكٍ بصوتٍ مُرتفعٍ....... 


الصفحة التالية