رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 21 - 1 - الثلاثاء 29/10/2024
قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قلب نازف بالحب
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل الواحد والعشرون
1
تم النشر الثلاثاء
29/10/2024
نصف ساعه مرت بينما هي جالسة صامتة، تُتابع بهدوء، الأجواء من حولهم هادئة علي عكسِ بالخارج حيث الأجواء الصاخبة، كما قالَ لها أنهم سيجلسون بمكان منعزل عن كل الفوضي التي بالخارج.... لم تكن تتوقع أن الجو سيكون مُملاً لهذهِ الدرجة، ملل رهيب، أي حفلة تلك التي يتحدثونَ عنها، نفخت أوداجها بضجرٍ، حقًا تتندمُ علي وقوفها أمام المرآه لساعات لتظهر بهذا المظهر، كي تكون جميلة وهي بجواره أمام الناسِ.....
كانت تظنُ أنها حفلة حقًا، بعيدًا عن أنها لم تتوقع أن المكان بنادي ليلي، لكن علي الأقل ظنتها حفلة صغيرة تقتصرُ علي عدد معين من رجال الأعمال أصدقاء زوجها، لكن ما ترآه الآن، هو رجال أقوياء البُنيان بملامح جامدة جادة، يترصون في كل جانبٍ، يقفون وكأنهم تماثيل، خمنت أنهم حراسة..... لكن حراسة لمنْ، لم يكن هنا سوىَ رجلاً يبدو في عقدهِ الخامس غزَ الشيبُ علي شُعيراتهِ، أستقبلهم بحرارة عندما دلفوا إلي هنا، والي جواره سيدة، يظهرُ أنها تقريبًا بعقدها الثالث أوأكثر، فملابسها المكشوفة بأفراط مع زينة وجهها المُبالغ بها، جعلوا من شكلها أصغر سنًا.... علي ما يبدو أن مقصدهم بالحفلة، هي حفلة شراب ليسَ إلا فالراجل وتلك المرأة التي من الممكن أن تكون زوجتهُ، قد أوشكوا علي تجرع الزجاجة الرابعة من الشراب..........
"مُراد" كانَ بجلسُ بجوارِ الراجل، بينما زوجتهُ جلست لجوارها هي علي بعد مسافة قصيرة، ظلت صامتة طوال الجلسة، بينما الحديث كلهُ كان من نصيب زوجها وشريكهُ، يتحدثون بأمور تخص العمل، الجو هادئ للغاية ومُمل حقًا، الأمراة من حينٍ لآخر تنظرُ لها بينما تبتسمُ بتكلفٍ، للحظة ظنت أنها لا تُطيقُ تواجدها هنا، هي غير مُرحب بها من قِبَلها......
وسريعًا فهمت لماذا، أنه واضحًا يا سادة، أن قامت الآن وأقتلعت شعر رأسها ستكون محقة، حينَ يكون زوجها لا يحترمُ تواجدها، وينظرُ بكل تبجحٍ لفتاة شابة بمثل عمر أبنائه أن كان لديهِ....، مُنذ أن دخلت وعيناهُ لم تغفل عنها، بالبداية أقتربَ يُسلمُ عليها بحرارةٍ وكأنه يعرفها من الأساس، لكن "مُراد" أطبقَ يداهُ بينَ خاصتهُ عوضًا عنها عندما مد هو يده لها، للحظة توترت من نظرة "مُراد" لها، والتي كان واضحًا أنه غاضب، وقد لاحظت أنه قبضَ علي يد الراجل بقوةٍ، يبتسمُ له بسماجة.....
بينما الآخر أبتسمَ بإحراج، ولم يكتفِ بذالكَ فقط ذاكَ الوغد، بل ظل يُلقي عليها نظراتهِ الخبيثة من حينٍ لآخر مستغلاً أنشغال"مُراد"بالعبث بالهاتف يُريهُ شيئًا بهِ، تقززت من نظراتهُ الجريئة والفظة، وشعرت بالتوتر يضربها، وكانت تتحاشي النظر له، عابثةً بأظفرها.......
تودُ أن تقول لها، أنه لو بيدها لكانت ضربتهُ بحقيبتها الثقيلة.....
❈-❈-❈
الندم، ثم الندم، ثم الندم، شعور كبير بالندمِ يُسيطرُ علي "مُراد" الآن نادمًا وبشدةٍ علي أصطحابهُ لها معهُ حتمًا كانت فكرة سيئة للغاية، نيتهُ بالبداية أن تغيرُ جوً خصوصةً وأنهُ منشغل تلك الأيام بالعمل وليسَ لديهِ الوقت الكافي لأخراجها للتنزهِ، وأيضًا لا يود تركها بمفردها لفترات طويلة، حالة النفسية سيئة ......
يود الآن لو يصفعُ نفسهُ علي غبائهُ، حقًا غبي، كيفَ سمحَ لها أن تخرج معهُ بشكلها هذا، هي جميلة، لا بل فاتنة دون نقاش، طلتها ساحرة، كانت جميلة عن أي مرةٍ أخري متوهجة، بعيدًا عن أنها جميلة طوال الوقتِ، لكن تلك المرة أبدعت في أظهار جمالها وأبدعت أيضًا في أشعال النار داخلهِ، تبدو كـ امرأة ناضجة مغرية، هل كان عقلهِ مغيبًا عندما تركها تسير بجواره بكتلة الجمال تلك، لا شكَ في ذالك كان مغيبًا حقًا......
فـ هي سحرتهُ، عينيها التي تُجيد أرباكهُ أكثر من أي شئ قد نصبت لهُ الفخَ بأبرازها لهم أكثر، من خلال الكحل الأسود الثقيل، وهو كالمُنوم مغنطيسيًا وقعَ في فخِ عينيها بينما هو سعيد بذالكَ مسلوب الأرادة غير قادرًا علي تحاشي النظر، لم يكن يتوقع أنهُ هشًا الي هذه الدرجة فطالمـا كان صلبًا لا يعي أمرًا، لأمور النساء، فقط أول أولاوياتهِ هو عملهُ فقط لا غير.....
كيفَ لتلكَ الصغيرة أن تعبث بهِ بدون جهدٍ، تلعب علي أوتار صبرهِ، تحركهُ تجذبهُ لها بينما هو غير قادر علي فعل شئ، وكأنه بداخلهِ حقًا يريدُ ذالك........
للمرة الألفِ يلاحظ نظرات هذا الأخرق تخترقُ صغيرتهُ، للمرة الألفِ يشعرُ بالدماء تغلي بأوردتهُ، وهناكَ براكين بداخلهِ، ثواني أخري وسيُخرجُ دُخانًا من أُذنيهِ، وثواني أخري، وسيصبح الأخر دونَ عينان من الأساس، علي يدِ "مُراد" .....أشتعلت الغيرة بهِ، دون تفسير أحساسهُ المندفع بضرب ذاكَ الغبي وتكسير أسنانهُ وجعلهِ يبتلعها، تمالكَ نفسهُ بأقصي قوتهِ، وأبتسمَ أبتسامة سوداوية تخفي ورآها غضبًا جمً..... يعرض عليه أن ينهضان من هنا لتكملة حديثهم بالخارج، متعللاً بأنَ رائحة الكُحلِ باتت تخنقهُ....
اومأ له بإيجاب ونهض من مكانه، تزامنًا مع نهوض "مُراد" نهضت هي أيضًا ظنًا منها أنهم سيرحلونَ أخيرًا، ألاَ أنهُ أوقفها بحدةٍ قائلاً بنبرة صارمة وكأنهُ يُعاقبها هي علي نظر ذالك البغيضُ لها:
"أستني أنتِ هنا، هنخرج عشر دقايق وهرجعلك علشان نمشي".
لاحظت نبرتهِ الجامدة معها، توترت، ظنت أنه لاحظ نظرات الراجل لها، وظنَ أنها مُتجاوبة ماهو أو تشجعهُ علي ذالك تفكير غبي، لكن نظراتهُ أرعبتها بحقٍ وليسَ هناك مبرر سوى ذالك، بللت طرفِ شفتيها السُفلية تقول بنبرة خفيضة:
_" هتسيبني لوحدي هنا".
بالطبع لا يستطيعُ تركها بمفردها هنا، لكن بقائُها هنا أكثر أمنً من تواجدها بمكان فيه ذالك الأخرق، والأحتمال الثاني مأخوذ بتوابع..... فـ أذَا بقيّ لدقائق أخري، سيقتلع رأسهُ من عنقهُ وليحدث ما يحدث، أجابها بنبرة أكثر، هدوءًا كي لا يُخيفها:
_"متخافيش مش هتأخر عليكِ، خلي بالك من نفسك".
❈-❈-❈
خمسة دقائق مرت علي أنسحاب المرأة غريبة الأطور تلك من جوارها، أنسحبت بهدوء دون أن تتفوه بحرفٍ، وجدت نفسها وحيدة بداخل غُرفة لا يوجد شئ حولها سوى أساس جامد،ورجالاً مُخيفين، منتشرين ثلاثتهم واحدًا علي باب الغُرفة والأخري بعيد عنه بمسافة، لكي يُأمن مدخل الغرفة، والآخر معها بالغرفة، باتت تشك أنه لم يرمش منذ أن جائت، صنمًا يقفُ دون حراك، وكأنه ميت......
هي بالأصلٍ باتت ترتعبُ من الوحدة، أن تكون وحيدة بمكان لا تعرفُ بهُ أحد هذا شيئًا يثيرُ الريبة بقلبها مما يجعله يدقُ بعنفٍ مع تزايد درجة حرارة وجهها، سحبت حقيبتها تبحث عن الهاتف، ودت أن تُهاتفهُ، لكنها تراجعت حينما تذكرت أنه بالخارج أي فالصخبِ والضوضاء بالخارج، لن يسمع الهاتف بالطبع، لذاَ قررت أن تخرج تبحث عنه، أو على الأقل تخرج تكون وسط أناسً حتى لو كانوا ثملين أغلبهم، هذا أفضل من بقائها هنا مع اولائك الحوائط البشرية المخيفة.....
حملت حقيبتها وسريعًا نهضت تسيرُ بتحفزٍ كانت تخشي أن يوقفها أحدهم يمنعها من المغادرة لكن لحسنِ حظها أنهم تركوها تخرج حيث لم يتلقون أي تعليمات عن منعها من الخروج من الغرفة، لذا تركوها تخرج كما تشاء، تنفست الصعداء براحةٍ، تسير ببطءٍ تعبرُ الممر الطويل المؤدي للصالة الخارجة للمكان، مكان تواجد الأحتفالات بحقٍ......
كانت تنظرُ لكل شيءٍ حولها بتفقدٍ، قابلت أثنان من الحوائط البشرية مرة أخري، لكنهم أيضًا لم يقتربوا منها، خرجت أخيرًا لتصتدمُ عينيها بالأضواء القوية الكثيرة، وبالوان مختلفة، أمسكت بحقيبتها جيدًا تسيرُ بينهم ببطءٍ تتأمل كل شئ لم تُتيحُ لها الفُرصة أن تتفقدهم عندما دخلت منذ قليل.... فتحت عينيها بصدمة وسريعًا ما أنتشرت حُمرة الخجل علي وجهها تزامنًا مع شقهة منخفضة خرجت منها ما أن أصتدمت بذاكَ المشهد، فتاة شقراء تُحاصرُ فتي طويل القامة هناك بالزاوية، مُقتربين من بعضهم البعض بطريقة حميمية دون خجلاً، وليسَ هذا ما صدمها، بل تقبيل الفتاة له بكل تبجحٍ وسط الجموع دون حياء أو ذرة أحترام..... أهي غبية أمّ ماذا عن أي حياة وخجل تتحدث هي، أنها ببلد تجردت من كل معالم الحياء، بلد منفتحة، والأدهي أنها بملهي ليلي، ماذا تتوقع أن تري، حلقة تدريس السيرة النبوية؟؟
أبعدت عينيها عن المشهد المقزز ذاكَ سريعًا، وأستدارت بجسدها للناحية الأخري قاصدة تكملة سيرها عبر الخارج، لكنها علي حينِ غرة شهقت من ثانية ما أن أصتدمت بشيءً صلب، تبعهُ وقوع سائل ما علي معطفها.....
وقد كانَ النادل يحمل صنية بها شرابً ما وحينا أصتدمت به دون قصدٍ سقط الشراب علي معطفها الأبيض التي أرتدته فوقَ فستانها نظرًا لبرودة الجو هنا، أعتذرَ منها بلطفٍ بلكنتهُ الفرنسية، نزعت عنها المعطف كي لا يتبلل الفستان أيضًا وتنتقل له المياه...... قائلة باللغُة الفرنسية:
_"لا بأس، لم يحدث شيئًا".
عرضَ عليها أن يأخد المعطف ينظفهُ سريعًا ويجففة من ثم يأتي بهِ لها، ترددت قليلاً لكنه أخبرها أنه لن يتأخر فقد بضع دقائق قليلةً، أعطتهُ إياه بقلة حيلة، هي تحتاج له بالفعل الجو باردً، قادها للجلوس بمكان قريب لحينَ يأتي لها بهِ...... وكان لسوء أختيارهُ المكان قريب جدًا من البار، طاولة شاغرة قريبة من البار....
جلست لدقيقة تهزُ قدميها أسفل الطاولة، بينما عينيها علي المدخل، مدخل المكان لعلَ "مُراد" قد عادَ، لاحظت نظرات راجل علي الطاولة المقابلة لها وكان بجواره ثلاثة فتايات كل واحدة أجمل من الأخري، وأمامهم الكثير من المشروبات.... ضربها التوتر للمرة المئة اليوم، وشعرت بأرتفاع وتيرة أنفاسها، وجدت نادل يحمل صنية بها عدة أكواب، أوقفتهُ بيدها، تلتقطُ كوبً لم تتعرف علي محتواه جيدًا كون أن الأضائة كثيرة ومتداخلة، ظنتهُ كوب مياة، لذا أخذتهُ سريعًا لعله يخفف من حدة توترها......
تجرعتهُ علي دفعة واحدة دون هوادة، أبعدت الكوب سريعًا بعد أنتهائها تشعر بحرارةٍ قوية في حلقها، لكن بعد دقيقة أضافية شعرت بتأثير لذيذ، تأثير جعلها تود شربُ كائسًا آخر، لذا دون تردد طلبت من النادل كوبًا آخر.......
❈-❈-❈
أخيرًا أنتهي، لا يدري كيفَ تمالكَ نفسهُ إلي أن أنتهي اللقاء، وقد غادروُ، دلفَ إلي الداخل حيث مكان ما تركها، وجدَ الغرفة فارغة تمامًا حتى الحراسة الخاصة بـ "ماركوس" شريكه قد غادرو مع سيدهم، ظهرت تقضيبة أعلي جبهتهِ يتفقد المكان الخالي تمامًا، أينَ ذهبت؟ سارَ ناحية المرحاض طرقَ علي الباب طرقتين بخفة.....
_"رضوي أنتِ فالحمام؟ ".
لم يأتهِ رد، ثواني، وفتحَ الباب يطلُ برأسهِ يتفقده، لكنه كان خاليًا، أغلقه ورآه، وقد بدأ يتوتر، خُيّلَ له العديد والعديد من السيناريوهات السيئة، وكلهم يتمحورون حول أن" ماركوس"اللعين، فعلَ بها شيئًا أو أمرَ رجالهُ بأخذها هو يعرفه جيدًا، بعيدًا عن كونه رجل أعمال ناجح إلا أنه زيّر نساء وخاصةً من هم أصغر منه عمرًا، هو قذر خارج أطار العمل يعلم ذالك، أنقبض قلبه لمجرد تخيلهُ بأنه يقترب منها أو يحاول إيذائها، حينها سيبيتُ في قبرهِ قبل أن يطلع عليه الصباح، لكن رأسهِ في قبر، وجسده في قبرٍ آخر، بعد أن يفصلهم عن بعضهم......
هرولَ يخرج يأكلُ الأرض أسفلهُ، خطواتهُ سريعة، أخرج هاتفه يتصل بها،لم يأتهِ رد هاتفها يرنُ لكن لا يوجد رد......
خرج يبحث عنها بينَ الجموع هنا، يحاول أستبعاد فكرة أن "ماركوس" له يد في أختفائها، حاول طمئنة نفسهِ بأنها هنا أو هنا ليسَ إلا، ظل يبحث عنها، حتى وقفَ بمكانهُ فجأة، وقد سقط فكهِ من هول الذهول.....
تصنمَ بمكانهِ مضيقًا عينيه علي زاوية معينة، تحديدًا علي منصة الرقص، حيث، الشُبان، والفتيات يرقصون ثملين، بالطبع هو لا يقصد الشُبان ولا الفتيات، هو يقصد الكارثة، كارثة حياتهُ التي قلبتها رأسًا علي عقبٍ..... هناكَ، هي بفستانها الأسود، ترقص بخمول بين الفتيات، وكأنها مغيبة، ترقص بأندماج شديد، هرولَ لها سريعًا، ينتشلها من بينهم، جذبها من رسغها بقوةٍ، وكما توقع أنها ثملة...... يا لها من كارثة
كانت تُدندنُ مقاطع من الأغاني بعشوائية، ورأسها يرجع للخلف بعدم اتزان، جذبها يخرج بها من بين الناس هنا، كانَ يجرها خلفهُ حرفيًا، بينما هي كادت أن تتعثر اكثر، من مرة بسبب كعب جذائها العالي، بجانب أن مشيتها غير مُتزنة من الأساس، أخيرًا خرجَ بها وعقلهُ يكاد ينفجر من أفعالها، ستُصيبه بجلطةٍ في أحدي الأيام لا يستبعد ذالك.....
تذمرت تصيح بهِ بعد أن أفلتت يدها منه قائلة بكلمات مُتقطعة بينما عينيها شبه مغلقة فعليًا:
_"أنتَ..... أنتَ جيت أمتا.. و.. وبتخرجني ليه، ليه".
قالت كلمتها الأخيرة وكادت تبكي تذمرًا تقضم شفتيها بطريقة طفولية، زفرَ أنفاسه بقوةٍ يضع يدهُ بمُنتصف خصرهِ بغيظ كبير، صاحَ بها:
_"رضوي أنتِ شربتي أي، أنطقي؟ ".
كانت لازالت تُدندن بأغاني لا يفهم منها حرفً، ثم طارة أخري تضحك بهذيان، متغيبة، صاح بها بعصبية أكبر هذه المرة:
_" أنطقي شربتي أي جوه؟ وأي اللي طلعك من الأوضة جوه أصلاً؟؟ ".
كرمشت وجهها بخوفٍ، أستعدادًا للأنخراط بالبُكاء، تقول بلومٍ:
_" أنتَ بتزعقلي لي دلوقتي؟ بتزعقلي لي؟..... شربت.. شربت ميه، ميه بس والله ".
ضربَ كفً بالآخر بنفاذ صبر، قائلاً بتهكمٍ:
_" ميه، دي مية زمزم دي ولا أي.... أنا أستاهل، أستاهل والله أن جبت عيلة زيك معايا"
❈-❈-❈
أوقفَ السيارة أمام الفُندق، ركنها بمكانها المُخصص،القي نظرة سريعة علي الكارثة الكامنة علي الكرسي المجاور له، مازالت تهذي بكلمات وهمهمات غير مفهومة، شبه نائمة، عيناها مغلقة خصلاتها مُبعثرة بفوضاوية، في وسط الليل مع أنعكاس ضوء القمر ناحيتهم، كانت مغرية، هيئتها لطيفة مُحببة، هي مختلفة..... كل شئ بها مُختلف، يتملكها الجانب الطفولي، يجعلها لطيفة، لم يكن خاطئًا حين أطلقَ عليها لقب"روبانزل"هو اللقب المُحبب لقلبهِ
وليسَ كما تظن أنه أطلقه عليها فقط لتشابه طول شعرها وملامحها مع "روبانزل" الشخصية الكارتونية،هذا السبب المُعلن، لكنه كانَ لديهِ سبب خفي...هي بالفعل كانت تُشبه عالم ديزني، ذاكَ العالم الخيالي المُبهج، يشعر المرءُ بأنه طفلاً صغيرًا سعيد كُلما طلت هي بملامحها الهادئة المريحة........
كانت نقيّة،عفوية، دومًا يرآها مميزة عن من هم بعمرها، ذكية جدًا، تمتلكُ روحًا مفعمة بالحيوية، وجهها وحدهِ يبعث الطمائنينة بكل من ينظر له،أبتسمَ بهدوء لا أراديًا ينظرُ لها بدفءٍ وقد نسي فعلتها الغبية وتهورها، لكن هناك نقطة بقلبهُ لامتساتها هي، دومًا تُشعرهُ بأنهُ مسؤل عنها، متهورة، وأفعالها مندفعة، لكن هو يكون المسؤل تصليح كل ما تصدرهُ خلفها من فوضي، تشعره بكامل المسؤلية تجاهها هي تحتمي بهِ، تطمئن بجوارهِ، وهذا كله قد غذي نقطة بأعماقهِ.....
تململت بنومتها الغير مُريحة، وبحركة عفوية منها سقطت يدها، علي يديهِ الموضوعة أعلي فخذهِ، يبدو أن ثابت، ملامحه ثابتة، وجسدهُ ثابت، ولكن لو أقتربنا منهُ لسمعنا دقات قلبهِ المُرتفعة بعنفٍ، تضربُ بداخل قفصه.....
زعزعت ثابتهُ بلمسة صغيرة، علي ماذا تنوي معه تلك الفتاة، رفعَ يدها عن يداهُ برفقٍ وكأنها زجاجة يخشي أن يخدشها، فتحَ باب السيارة،أتجهَ ناحيتها من الجهة الأخرى، فتحَ الباب خاصتهُ.....
دني إليها برأسه، يقول برفقٍ، ينادي بإسمها:
_"رضوي؟ رضوي أصحي وصلنا؟ يا رضوي ".
_" أممممم".
همهمت تفتحُ عينيها بثقلٍ، وللأسفِ الشديد لازالت حالة الثمالة تسيطر عليها، هل تجرعت كمية كبيرة لهذهِ الدرجة....
نهضت ببطءٍ تستند علي السيارة في نزولها، وقفتها غير متزنة، تنفسَ بصوتٍ مسموع، لن يتنهي يومه الليلة..... هز رأسه بقلة حيلة، شهقت بخفوت فور أن شعرت بأرتفاعها فجأة عن مستوي الأرض، لفت يداها سريعًا حول رقبتهِ خوفًا من أن تسقطُ، لكنه يحملها بإحكام، لا طفح الكيل، هي لن تستطيع السير بهذه الحالة.... لذا ليسَ هناك حلاً سوى حملها، فأن تركها تسير، سيظلون شهرًا فقط يقطعون السُلم للأعلي..........