-->

رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 8 - 1 - الإثنين 21/10/2024

  

 قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية تائهة في قلب أعمى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة زينب سعيد القاضي


الفصل الثامن

1

تم النشر الإثنين

21/10/2024



"وإذا دق القلب، مات أي حديثاً بعده ، ولا مجال للعقل أو التفكير ، القلب هو سيد الموقف ، وهو الحاكم الأبدي ، الذي يوجهنا إلي أي طريقاً نسلكه ، صواباً كان ، أم خطأ كان ، ولكن كن حذراً يا رفيقي إذا دق القلب إلي الشخص الخطأ ، فأعلم وقتها أن خطواتك التالية ، ستأخذك إلي ابواب الچحيم الأبدي ، فالحب لعنه ، أما تأخذك إلي أعالي الجنان ، أو تهوي بك إلي أسفل الچحيم "


مر الوقت وهو جالس كما هو إستمع إلي أذان الظهر لم يستطيع أن ينهض أن يصلي يريد أن يتوضأ وأحد يوجهه إلي القبلة عبس وجهه فهذا حاله كل يوم يظل جالساً حتي ميعاد الدواء أو عودة أمير من عمله ويساعده في ذلك دون أن يطلب منه .


والدته كانت عنده منذ قليلاً وسألته إذا كان في حاجة إلي شئ لكن كالعادة رفض كبرياءه أن يطلب منها شئ، لاح علي ذهنه تلك الممرضة الحمقاء التي إختفت فجأة هل غادرت بالفعل ولكن لو كانت غادرت ما فائدة هذا الحديث الذي ألقته علي مسامعه ؟ لا ينكر أن كلامها اخذ حيز من تفكيره بالفعل.


فاق من شروده علي فتح باب الغرفة وصوت قرع حذائها المستفز يرن بإذنه زفر بحنق وتسأل:

-أيه قلة الذوق دي ممكن أفهم مخبطيش علي الباب ليه ؟


ردت بإيجاز:

-مين قالك أني مخبطش أنا خبط ٣ مرات لكن أنت مردتش قولت أما نايم أو في الحمام أنت صليت الضهر ؟


رد بإختصار:

-لأ.


مطت شفتيها بحيرة وتحركت في الغرفة وهي تدور بها وتقوم بالعد مما آثار إستفزازه، وجعله يصيح مؤنباً:

-أنت بتهببي أيه صدعت.


اقتربت منه متجاهلة حديثه وقالت:

-أستاذ أمير وصلك الصبح لغاية باب الحمام وأنت دخلت لوحدك صح ؟


أشتعل وجهه بالغضب وقال:

-أنتي عايزة أيه بالظبط عايزة تقللي مني وخلاص اطلعي بره بره أيه معندكيش دم ولا كرامة بره أطلعي بره 


تفهمت حالته تلك وتغاضت عن إهانته وتحدثت بحذر متجاهلة ثورته عليها:

-أنا مقصدتش أقلل من حضرتك أنا فاهمة كويسة حالتك وعارفة انك أقل حاجة دلوقتي محتاج تصلي الضهر ومش عارف أو عايز تدخل الحمام ومكسوف تطلب من حد يدخلك بتستني لما حد يعرض عليك المساعدة وأنا مش حابة ده دلوقتي أنت لوحدك هتقوم تدخل الحمام وهتيجي تصلي لوحدك كمان أيه رأيك ؟


ظل صامتاً يستمع إلي حديثها بإنتباه مما جعلها تبتسم بثقة وتقول:

-أنا كنت بعد الخطوات أنت هتنزل من علي السرير من الناحية اليمين مش الشمال زي ما أنت متعود و تمشي عشر خطوات بالظبط هتبقي قدام باب الحمام بعكس ما بتنزل من الناحية اليمين بتبقي لفة ده سهل ليك جرب يلا قوم يلا ولا حابب تفضل كده عويل.


رغم قسوة حديثها ولكنها محقة، لا يدري لما تحرك بجسده إلي جهة اليمين كما قالت وانزل قدميه ونهض متسائلاً:

-عشر خطوات صح متأكدة ولا هلبس في الحيط؟


تطلعت إلي طول قامت ونظرت له بتلبك، وتحدثت بإحراج:

-هو بالنسبة ليا عشرة بس أنا أوزعة عادي أنت ممكن تجبهم في خطوة أرفع إيدك قدامك باب الحمام مقفول يعني هتصدم فيه ماشي بس ركز وأنت تعد أوك.


لم يستطيع منه إبتسامته من الظهور علي حديثها العفوي، وبالفعل بدأ يتحرك بحذر ورفع يده مثلما قالت وخطواتها العشر خطاها هو في خمس خطوات ووضع يده علي مقبض الباب.


صقفت بحماس شديد بعد أن رمقته بإعجاب وقالت:

-ما شاء الله الطول الهيبة والقصر خيبة شطور يلا ادخل أتوضي عقبال ما أجهز المصلية وأحسب ليك كام خطوة.


ظل واقفاً يستمع إلى حديثها وبعد أن انتهت تحرك للداخل بالفعل وخرج بعد قليلاً وظل واقفاً أمام الباب وتسأل بفضول:

-أيه ساكته ليه ؟. أمشي أزاي يا أستاذة ؟


ابتسمت بفرح لإندماجه معها وبدأت بالفعل وتحرك كما قالت ووقف على المصلية بين يدي الله وأدي فرضه وظل جالساً علي مصليته حتي إنتظر وصفها كيف يعود إلي الفراش مرة آخري.


تسألت باهتمام:

-خلصت صلاة خلاص؟


أومأ بإيجاب:

أيوة الحمد لله.


تحدثت باختصار:

-هتقوم وترجع خمس خطوات بضهرك براحتك.


أومأ بتفهم ونهض وتحرك إلي الخلف وتمدد فوقه مرة آخري بوهن.


تسألت بحذر:

-أنت كويس صح ؟


أومأ بتفهم:

-تمام الحمد لله.


تنهدت براحة وعقبت:

-أيه رأيك ؟ هو ممكن صعب تحفظ الخطوات بس يومين تلاتة وهتحفظ فعلاً.


ردت بإقتضاب:

-شكراً.


قطبت جبينها بعدم فهم وتسألت:

-العفو بس علي أيه ؟


رد بإيجاز:

-علي فكرتك فرقت معايا كتير .

❈-❈-❈

داعبته مازحة:

-أي خدعة عد الجمالي أنا هنزل أكمل غداك ممكن بقي تقوم تقعد في البلكونة تغير جو وتشم هوا نضيف ما بينك وما بينه عشر خطوات لما تنزل على الشمال والكرسي في وشك علي طول سلام .


ألقت جملتها وغادرت بالفعل ظل جالسا بملل إلي أن قرر أن يستمع إلي حديث هذه المختلة بالفعل نهض ونفذ ما قالته له وجلس علي المقعد بحذر ونسمات الهواء تلفح وجهه وأصوات العصافير تغرد حوله لا يدري لما أستجم كثيراً في هذه الجلسة.


بعد ساعة فتحت باب الغرفة بحذر شديد وبعدها حملت الطعام من فوق المنضدة مرة آخري وتحركت إلي الداخل وأتسعت ابتسامتها وهي تجده يجلس في الشرفة اتجهت إليه ووضعت الصينية أمامه وتحدثت برفق:

-أتفضل بقي دوق أكلي وقولي رأيك عملت ليك أكتر أكله مفضلة ليا وواثقة أنها هتعجبك أوي مكرونة بشامية وبانيه.


رغم أن رائحة الطعام داعبت أنفه وجعلت لعابه يسيل داخل فمه لكن تحدث بإشمئزاز:

-نعم ؟ أنا مش بأكل الأكل ده ؟ فين الأكل بتاعي؟ أنا بأكل أكل صحي وهما في المطبخ عارفين الأكل ده بلغيهم يبعتوا الأكل يلا وكلي أنتِ العد بتاعك.


تجاهلت إهانته، وردت بإصرار أكبر:

-لأ هتأكل وبعدين كفاية أوي بقالك سنين تأكل أكل العينين ده شوف الأكل بتاعنا إلي علي حق وبعدين في حاجة كمان أنا معجبنيش أن أستأذ أمير كان بيأكلك الصبح خد بالك .


ابتسم ساخراً وعقب:

-بجد وأنتِ هتأكليني ؟ روحي العبي بعيد يا شاطرة.


تنهدت بقلة حيلة وقالت:

-حضرتك مش محتاج ده وأنت قادر تأكل لوحدك من غير مساعدة حد أرجوك تساعدني أنا بدور علي مصلحتك.


أمسكت الشوكة ووضعتها بيده اليمني وتحدثت بحذر:

-أتفضل الشوكة دي الطبق قدامك بالظبط تقدر تحسس بإيدك وتبدأ تأكل لوحدك من غير مساعده حد أنا هخرج من الأوضة ومش هاجي غير لما تخلص بعد إذنك.


لم تنتظر سماع إجابته بل غادرت ظل يمسك الشوكة بيد ولكن قرر أن يجازف هي محقة يجب أن يعتمد على نفسه دون الحاجة إلى حد هو لا يري نظرات الإشفاق منهم ولكن يشعر بهم.


بدأ يتحسس الطبق بيده اليسري وبعدها بدأ بغرس الشوكة في الطاجن بحذر شديد ويرفع الشوكة ويضعها في فمه وبدأ يتلوكها بتلذذ شديد ظل يكررها عدة مرات حتي أنهي الطاجن بأكمله وأيضاً قطع البانيه.


وضع الشوكة جانبا وبحث عن كأس الماء وتجرعه علي عدة مرات وهو يضع يده علي بطنه بنهم شديد فمنذ أربعة سنوات لم يضع مثل تلك الأطعمة بفمه.

❈-❈-❈

عادت بعد الوقت الذي حددته له وجدته أنهي طعامه بأكمله ابتسمت بخفة وعقبت:

-ألف هنا عجبك أكلي ؟


رد ببرود:

-لأ وحش مش عاجبني.


رمقته ساخرة وعقبت:

-بجد ؟ عشان كده خلصت الأكل كله وسيبت الأطباق لكن لو كان حلو كنت اكلت الأطباق كمان ؟


خجل من حديثها وأنه التهم الطعام بأكمله بالفعل وقال:

-ها لأ أنا رميته.


هزت راغسها بيأس وقالت:

-ماشي يلا عشان تاخد علاجك وننزل.


أتسعت عينيه مردداً بعدم إستيعاب:

-ننزل نروح فين ؟


ردت ببساطة:

-أنت بعد الأكل لازم تنزل تتمشي عشان التخمة وكمان تقدر تحافظ علي جسمك الرياضي ده.


حرك رأسه نافياً وقال:

-لأ طبعاً مش هيحصل.


زفرت بحنق وهتفت معاتبة:

-هو أنت لازم تقعد تجادل وخلاص يا راجل أنت ؟ قوم يلا قوم.


الصفحة التالية