4 رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 28 جـ2 - 1 - الخميس 24/10/2024
قراءة رواية حان الوصال كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الثامن والعشرون
الجزء الأول
1
تم النشر يوم الإثنين
21/10/2024
لا تستهين بامرأة قد يراها البعض ضعيفة لصفتها انثى ولا يعلمون ان قوتها تكمن في ضعفها.
تمتلك الشجاعة ولكن تنقصها الحكمة بعض الأحيان في اتخاذ القرار.
قادرة على الاستغناء ولكن قلبها الضعيف هو من يقيدها.
فهذا سبب كبوتها.
ولكن حينما يتحول هذا القلب إلى عدو ويتعارض مع كرامتها.... تستطيع الدعس عليه مهما أوجعها الألم.
❈-❈-❈
صعدت اليه في الطابق الذي يجمع غرفتها مع زملائها من جهة، والجهة الأخرى تضم غرفة مكتبه مع مديرة مكتبه الخاص
والتي فور ان التقت عينيها بخاصتي بهجة، وقفت تستقبلها بابتسامة منتشية، وكأنها كانت في انتظارها،
وها قد حققت مبتغاها ولم يبقى الا اللمسة الأخيرة، ليتها تجد الوسيلة لترى ماذا سيحدث بينهما الاَن داخل الغرفة المغلقة:
- اهلا يا بهجة، متأخرتيش يعني.
رمقتها بهجة بشك وتعجب لهذه الحفاوة التي تستقبلها بها، ولكن صرفها سوف حالتها المزاجية عن التركيز معها، لتتمتم ردًا لها بفتور:
- ياريت كمان تدخليني على طول، ومتخلنيش انتظر.
- لا يا حبيبتي تنتظري ليه؟ ادخلي حالا اهو.
قالتها لتتقدمها وتفتح لها باب الغرفة، تنبه الاَخر لوجودها:
- بهجة يا رياض باشا.
اتخذت طريقها تتطلع نحوها باسترابة، قبل ان تلج الى داخل الغرفة الضخمة، وينغلق عليهما بابها.
فتجده جالسًا خلف مكتبه، بسكون تعرفه جيدًا، ذاك الذي يسبق العاصفة، عاقدًا حاجبيه بتعبيرات مشتدة، يتبع خطواتها بأعين ضيقة ونظرات تضيف اليها الرهبة، وربما تفسيرات أخرى.... سوف تتأكد منها الاَن، لتسحب شهيقًا قويًا داخلها، فتقف مرفوعة الهامة امامه قائلة برسمية:
- اتفضل حضرتك طلبتني.
طفى على ملامحه شيء من الإجفال تأثرًا بثباتها، ثم ما لبث ان يعود لجموده لينهض عن كرسيه قائلًا؛
- اه فعلا حضرتي طلبك، ما هو شيء طبيعي يعني، لما الواحد يعرف عن موظفة عنده انها اتسببت في خناقة كبيرة لرب ألسما، بين اتنين، واحد منهم كان طليقها اللي مكتوب كتابها عليه، والتاني زميلها اللي كانت عشمته بجوازه منها..... ولا ايه يا..... مدام بهجة.
شدد في الاخيرة بشكل ملحوظ وهو يجلس على طرف المكتب امامها، فيكن مقابلا لها، مربعًا ذراعيه، بنظرات رغم هدوئها لكنها قادرة على حرق من امامها، ولكن هل سيظنها ستخاف؟ بعدما ظهر من طريقته، انه قد حكم بالظاهر، ولم ينتظر نتيجة التحقيق،
لتقارعه بحدة معقبة على كل ما سبق، وتذهله بجرأتها:
- اولا مش هعلق على كلمة مدام دي لان انا فعلا مدام وانت الأدرى، اما بقى عن الاتهامات التانية ف انا مقبلهاش، لأني وبكل بساطة معملتش حاجة غلط، لا علقت تيم في غرامي ولا كان ليا دخل باللي وقفت ابن عمي في الشارع تبخ له بكلام عن تحرش زميلي بيا في العمل، يعني رد فعله لما يجي يتخانق معاه طبيعي جدا.
- طبيعي جدًا
ردد بها من خلفها كازًا على اسنانه رغم احتفاظه بهذه اللمحة من البرود يحجم نفسه بصعوبة أن لا ينفجر بها، فيردف بسخرية وصوت بدى كالفحيح، وقد اعماه الغضب والغيرة الشديدة حتى تشوهت الصورة بكاملها امامه:
- طبيعي ان ابن عمك اللي كان كاتب كتابه عليكي يقف لك كل يوم عند المصنع ويستناكي حتى بعد طلاقك منه، ولا التاني اللي حاطط عينه من زمان وانتي عارفة، يتخانق عشانك ويجازف بعمله عشان عيونك.
على صوت انفاسه وصدره يصعد ويهبط امامها ليكمل بما شطر قلبها لنصفين، وقد لاح بعقله صورة الأخرى، تلك الملعونة التي شتت اسرته الصغيرة وتسببت له بالمأسي والندوب التي لم يشفى منها حتى الآن:
- هما لو لقيو منك وش خشب يا هانم ولا رفض قاطع، كان هيفضل جواهم الأمل ويستانوكي، ولا يكونش دا قصدك من البداية والغبي اللي قدامك كان عايش في وهم انك بتحبيه؟
صدمها، لا لم تكن صدمة، هذا شيء تعدى الكثير والكثير، هذا صوت قلبها التي تسمع أنينه الاَن، كيف له ان يتحول هكذا للصورة البشعة؟ لقد حكم عليها دون ان يسمع منها او يرى ما يثبت برائتها، ايتوقع ان تعترف بخطأها ام تترجاه كي يصدق دفاعها عن نفسها ، لا والله لن يحدث
بقوة لم تعرف أتت من أين، ابتلعت غصتها كي تنهي كل شيء:
- انا شايفة انك كونت الفكرة وبتتكلم على أساسها، ومدام انا وحشة كدة في عينك وظهرت على حقيقتي قدامك، انا بقول يبقى كفاية كدة احسن .
انتفض مستقيمًا بجسده فور سماعه لكلماتها، لتزداد ملامحه قتامة، وخطا يدور حولها كالفهد بخطوات بطيئة تبث بقلبها الرعب، قبل ان يسألها بلهجة هادئة خطرة
- قصدك ايه بكفاية؟ كملى وقفتي ليه؟
ابتعلت تشجع نفسها على مواجهته، علُها تحل نفسها من هذا الاتفاق الخانق، لتركز ابصارها به دون خوف:
- مش محتاجة اكمل يا باشا احنا اتفاقنا كان على مدة محددة وكل واحد يروح لحاله، وافتكر يعني الكام شهر دول كانوا اكتر من المدة اللي كان عليها اتفاق.....
توقفت باضطراب يعصف بها، مع انتباهها لهيئته الغير مبشرة على الإطلاق، تستطرد بتردد:
- انا عايزة اسوي حاجتي في الشغل، وامشي بقى واروح لحالي، المحل عندنا محتاج اللي يراعيه، وانت كمان يا باشا اكيد هتلاقي غيري كتير...
- يعني عايزة تقولي انك شبعتي ومعدتيش محتاجة خلاص؟ وطبعا حالك ده اللي هو ابن عمك، او المغفل التاني، ما هم الاتنين قاعدين مستينيك؟
تمتم بها، وقد ضاقت عينيه، ليباغتها فجأة قابضًا بكفيه على ذراعيها يضغط بعنف، هادرَا :
- وليكي عين تقوليها في وشي يا بجحة، دا انت باينك اتهبلتي ولا عقلك طار منك، ولا نسيتي انا مين؟ وصفتي ايه بالنسبالك اصلًا؟
صرخت بدورها:
- لأ منستش، بس انت كدة كدة هتسبني، فيها ايه بقى لما اتجوز ابن عمي ولا غيره؟ ولا انا يعني هفضل من بعدك مترهبنة؟...
- بمزاجي، انا اللي احدد إمتى النهاية، وفي الوقت اللي انا عايزه.
صاح بها بأعين يكسوها الحمار، وبصورة ادخلت الرعب في قلبها، ليُضيف بشراسة اختلفت تمامًا عن طببعته الهادئة لدرجة البرود احيانًا:
- انا صاحب الكلمة العليا ، وانا اللي احدد ان كان في نهاية ولا لأ من اساسه، لان انا اللي اشتريت وانتي قبلتي، فاهمة معنى الكلام ده؟ ولا محتاجة افهك اكتر؟
حاولت نفض قبضتيه عنها لتضيف مما زاد من هياجه:
- لا مش محتاجة افهم، لأني تعبت ومعدتش قادرة، ابقى مراتك وحبيبتك في الضلمة، لكن في النور لا، غيرة وشك وفرض أوامر من غير تقدير لوضعي ولا لصورتي قدام الناس ولا اللي ممكن يظنوه فيا، بتتهمني ان معشمة الاتنين، ما انا لو لقيتك معترف بيا كزوجة محدش فيهم اصلا كان هيبصلي، انا بقى اللي بقولك زهقت، وخلينا نخلص من اللعبة البايخة دي، ارجع يا باشا للوسط بتاعك وشوف اللي تناسبك فيهم، وسيب بهجة تلاقي برضو اللي يناسبها.
- دا انا اموتك احسن، ولا اسيبك تروحي لحد غيري .
قالها وقد ازداد جنونه، ليهزهز جسدها بعنف زاد أضعاف، عقله يرفض استيعاب كلماتها من الاساس:
- عمرك ما هتكوني لحد غيري يا بهجة
وكأنها شجرة يقتلعها من جذورها ، لم ينتبه أنه تمادى إلا حينما سقطت منه, ليتلقفها على صدره بهلع مرددًا:
- بهجة، مالك يا بهجة؟ انا اسف يا قلبي اني اتعصبت عليكي
حملها بين ذراعيه حتى سطحها فوق الكنبة الجلدية في جانب الغرفة، يحاول افاقتها، يربت على كفها ووجنتها بخفة:
- بهجة، قومي يا بهجة، قومي يا بهجة متخلنيش اكره نفسي ارجوكي.