-->

رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 13 - 1 - الأحد 6/10/2024

  

قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ظننتك قلبي

« لكن بعض الظن إثم »

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة قوت القلوب


الفصل الثالث عشر 

1

تم النشر يوم الأحد

6/10/2024 

 « من وقع عليه الإختيار ....؟؟! »


الحيرة إختيار فأنا من أضع نفسي على الحافة أنتظر لأقع بين حيرتي فإما أن أختار ما "يجب" وإما أن أختار "ما أريد" ، أنا من شتت نفسي بتلك الحيرة والوقوف بمفترق الطرق ، لكن مازالت أمامي الفرصة لأصلح ما بدأت وإن توجبت على الحيرة فالإختيار قرار ...


❈-❈-❈


بيت عائلة الأسمر ...

تغيرت .. نعم رغم صمتي وإنعزال نفسي ، رغم أني فضلت السكون إلا إنى قد تغيرت ، لم يعد قلبي هو قلبي فقد تبدل لعضو ينبض ليعيش ، فرغ إحساسه وصمتت لهفته ، وإن سألوني يومًا لما تغيرت سأجيبهم لأنني تأذيت أكثر مما أستحق ...

منذ ذلك اليوم الذى تعمد به "عاطف" إهانة "وعد" وكسر أنفها بما يدعيه من قوة ورجولة و "وعد" تعيش بسكون و إنهزام بهذا البيت فقط لأجل إبنها "زين" ، ربما فقدت أى مشاعر تجاه هذا الكائن متبلد المشاعر بذئ اللسان إلا أنها أضعف من تحمل مسؤولية طفلها وحدها ففضلت البقاء لأجله ..

تجنبت بكل الأشكال أى صدام أو حتى حديث مع "عاطف" ، وكيف لها بالحديث وقد ماتت بحلقها الكلمات ، لم يعد هناك بقلبها شغف لأى قرب منه لقد وضعته كما كان "غريبًا" ...

أخرجت بعض الصور التى تضمها مع أختها "عهد" تتطلع لبساطتهم وتلقائيتهم بها ، كم كانتا طفلتان بريئتان لم تدنس الحياة قلوبهم النقية بعد ..

حتى "عهد" لم تكن بتلك القسوة والخشونة بل كانت مثلها تمامًا تتمتع بذات الرقة والعذوبة والإحساس المرهف ، إتسعت إبتسامتهما لتملأ الكون بأكمله خاصة إلى جوار والدتهم "عايدة" ..

إبتسامة تحسر علت ثغرها فيا ليت تلك الأيام قد بقيت ، رجفة إنتابت قلبها المرهف حين تذكرت والدتها الحنونة فقد إشتاقت لها كثيرًا ، كم هو موجع الإشتياق لمن غاب ولن يعود ..

- الله يرحمك يا ماما ... كان نفسي تبقي معايا وتقوليلى أعمل إيه ...!! تعبت لوحدى وتهت فى طريقي ... حتى "عهد" هي كمان تاهت فى طريقها .. يا ريتك كنتِ معانا وأخدتينا تحت جناحك ...

ضمت الصورة لصدرها بقوة تسمح لدموعها التى غامت بخضراوتيها بالإنهمار ، عيبها الذى يغلبها ، كانت تظن أن إحساسها المرهف ولين قلبها هو ميزة كبرى لكنه يبدو أنه عيب يؤذيها ويحطم قلبها ...

رفعت وجهها نحو الفراغ تتذكر يوم آخر له بصمة بحياتها مع "عاطف" ....


فلاش باك ..

﴿ كان "عاطف بهذا اليوم متجمعًا مع والده "محفوظ" وأخيه الأصغر "محب" بالمعرض الخاص بهم ، تمسك "عاطف" بأحد الأوراق بإنفعال لينهض من جلسته قاضبًا حاجباه بقتامة ليردف بحدة ...

- إيه ده ...؟؟! إزاى يعملوا كدة ... ده كدة يبقى خراب بيوت يا بابا ... التقرير ده مش مظبوط ...!!!

إستدار "عاطف" نحو "محب" الهادئ تمامًا بأعصاب باردة كما لو أن الأمر لا يشغله إطلاقًا لينهره بقوة ...

- جرى إيه يا "محب" ...ما بلاش البرود اللي إنت فيه ده ... فكر معانا فى حل ... إحنا كدة حنروح فى داهيه إحنا الثلاثة ...

رغم قلقه إلا أن "محفوظ" كان دومًا يسيطر على نفسه فهو من يملك القرارات ليردف ببعض العقلانية ...

- إحنا لازم نشوف محامى ... التقرير الضريبي ده لو أقروه ونفذوه بالشكل ده وتقديرهم الجزافى بالمبلغ ده كله مش بعيد يحجزوا على أملاكنا كلها ...

إنتبه "محب" لتلك الكارثة التى ستحل بهم إن وصل الأمر لهذا الحد ، فهو لم يشأ التدخل حينما ظن أن الأمر لا يتعدى إحدى الإقرارات الضريبية المعتادة ، ليتطلع بإهتمام فالضرر سيصيبه معهم فحينما تتضرر مصالحه يبدأ بالإهتمام ليسائل بتحفز ...

- قصدك إيه يا بابا ...؟؟! إن مصلحة الضرايب ممكن تحجز علينا ...؟! 

زفر "محفوظ" بقوة ليردف بوجه مقتضب ...

- أيوة ... تقدير زى ده يخسرنا الجلد والسقط زى ما بيقولوا ... والسيولة إللي معانا متكفيش ندفع ... ساعتها حيحجزوا على كل حاجة ... وممكن يعلنوا إفلاسنا كمان ... متنسوش إن البضاعة اللي إستوردناها من فرنسا لسه واقفه فى الميناء مش عارفين نخرجها ...

ألقى "عاطف" بجسده فوق المقعد مكفهر الوجه ليزداد سُمرة عابثًا بشعره الأشعث بحيرة ...

- مينفعش نخسر ... إحنا طول عمرنا كبار فى السوق ... إحنا لازم نتصرف ... إن شا الله ندفع لأى موظف في الضرايب يظبط لنا التقارير دى ..

هب "محب" ثائرًا بإعتراض على إقتراح "عاطف" الأهوج رافضًا إياه بصورة قاطعة ...

- ندفع إيه وهباب إيه ...!!! إنت عاوز تزود البلاوى علينا .. وييجي موظف ميسواش حاجة يلبسنا قضية رشوة ...( ثم إستدار محب نحو والده الذى كان منصتًا لحديثهم بترقب يحثه على الرد ) ... ما تقول حاجة يا بابا ...!!!

تفكر "محفوظ" لبعض الوقت بحديث "محب" فربما يكون محقًا فلا داعى للمجازفة بالأمر ليوجه حديثه بضيق من تفكير "عاطف" المتسرع بإستهجان ...

- بس يا "عاطف" ... اللي بتقوله ده مش حل ... إحنا كدة بدل ما ندفع للضرايب حندفع رشوة للموظف ... يعني مكسبناش حاجة ...

إظهار "محب" لـ"عاطف" بأن فكرته قد تُسبب تورطهم وأنه بالتأكيد مخطئ بأفكاره جعل "عاطف" يثور غاضبًا من إظهاره بتلك الصورة ، فمدلل والدته لا يقبل أن ترفض أفكاره أو أن يظهر أحدهم خطأه حتى وإن كان والده ..

ضرب "عاطف" كفه بالطاولة بقوة وهو ينهض بإنفعال من تقليلهم من رأيه لحل تلك المعضلة ...

- هو كل فكرة أقولها مش عجباكم ...!!! خلاص .. بقيت أنا إللي مبفهمش ...!!! 

(ثم حدج أخيه بنظرات ساخطة حادة للغاية فهو السبب الذى جعل والده يلومه على فكرته ثم عاد محدثًا والده بغضب )..

- إبقى خلي النحنوح ينفعك ... أنا ماشي ...

وكما ينتهي كل حوار بينهم بإظهار "محب" له بأنه مخطئ سطحي الفكر وأنه هو من يفكر بعقلانية وهدوء ، مقارنة بينهم يقوم بها والده بكل عمل يقومان به ليضع "عاطف" بصورة المتهور سطحي التفكير ..

تلك الصورة التى رفض "عاطف" تمامًا الظهور بها ليسقط أسبابها على شخص واحد هو المتسبب بذلك ، حقد دفين توغل بنفسه تجاه أخيه الذى دومًا يُظهر نفسه ببراعة أفكاره وذكائه المتقد ...

خرج "عاطف" من المعرض ثائرًا وسط نداء والده الذى حاول اللحاق به ...

- إستنى بس يا "عاطف" ... خد هنا ... ده مش إسلوب كلام ده ...!!!!

إستدار "عاطف" والغضب يلفح ملامحه السمراء مستكملًا بإنفعال ، تلك الطريقة التى يخفى بها ضئآلة فِكره و سوء توليه للأمور ، كان لابد عليه إستكمال صورة الغاضب المقتضب حتى لا يظهر إنتصار "محب" عليه برجاحة عقله ...

- أنا مروح البيت .. مش قاعد لكم فيها .. خلي "محب" ينفعك ... مش هو ده أبو دماغ جامدة وأفكار مُعتبره وحيجيب لك التايهه ...!!! إشرب بقى ... وإبقى إدفع يا بابا ... أنا الحق عليا إني بدور على المصلحة .... ( ثم أكمل مستهزئًا ...) .. لكن إزاااى ... "عاطف" لازم يطلع وحش .. وحيودينا كلنا فى داهية ...

أنهى جملته ساقطًا بنظرة متأففة وهو يشيح بوجهه بعيدًا عن والده ليغادر المعرض بعجالة حتى لا يضطر للعودة برفقة والده والإقرار بأن "محب" أفضل منه ...

(من هذا الذى يظن نفسه أفضل من "عاطف الأسمر") .... هكذا حدث نفسه بينما شعر ببعض النشوة من داخلة وهو يسمع صوت والده المترجى من خلفه ...

- إرجع يا "عاطف" ... بلاش العصبية دى ... 

لم يكترث بندائه بل شعر بالزهو لترجي والده العودة وهو يرفض ذلك ليتخذ سيارته عائدًا للبيت ليتراجع "محفوظ" لمقعده يبحث الأمر مع "محب" لحل تلك الأزمة قبل أن يخسروا أموالهم ...

بنفس ضائقة وغضب تجلى بملامح هذا الثائر الذى عاد بغير موعده تطلعت "قسمت" بوجه ولدها المكفهر الذى تبحث عيناه عما يسقط عليه غضبه مشبعًا غاية بنفسه بأنه لابد وأن يكون محط الإهتمام والإرضاء وأن الكون كله لابد أن يدور فى فلكه وهو نجمها الساطع ..

إنتفضت "قسمت" نحو ولدها الأكبر الذى لا تضاهي محبته بقلبها أى من إخوته ...

- مالك يا حبيبي ... إيه إللي مضايقك كدة ...؟؟!

بمزيد من الإستمتاع وهو يرى والدته تحدثه بنبرتها القلقة ليرضى غروره بمحايلتها لمعرفة سبب ضيقه أجابها "عاطف" بأقتضاب ...

- مفيش حاجة ...

تفحصت بعيناها الصغيرتان وجه ولدها المتجهم و ملامحه المقتضبة لتردف بتأكيد ..

- لأ فيه ... وحاجة كبيرة كمان ...

ألقى "عاطف" بجسده فوق الأريكة مخرجًا سبب ضيقه تحت أعين "وعد" و "عتاب" بآخر الصالة اللاتي ينصتان بإهتمام ...

- يعنى أنا غلطان ... جالنا تقرير ضريبي زى الزفت حياخد اللي ورانا واللي قدامنا ولما ألاقى حل يطلع لي الأستاذ "محب" يطلعنى أنا اللي غلطان ..!!

أنهى عبارته مستهزئًا بأخيه لتتسائل "قسمت" عن ماهية هذا الحل ...

- حل إيه ...؟!! وكام يعني جه فى البتاع اللي إنت بتقول عليه ده ؟!.

إستدار بأعين محتدة تضئ ببريق كاذب يود به إظهار نفسه بسديد الرأى الذى لا يخطئ ، وأنه ضحية لأنانية أخيه الذى يود إظهاره بصورة سيئة قبيحة بأعينهم ..

- كنت حشوف حد يظبط لنا التقارير دى ويقلل المبلغ ... لكن إزاااى ...( قالها بإنفعال ساخط ) ... "محب" لازم يطلع صح وإن أنا اللي غلطان ومينفعش أتدخل فى الحكاية دى ...( حاول إلقاء الشك بقلوبهم تجاه أخيه ليستطرد قائلًا ..) ... شوفوا بقى هو فى نيته إيه ...؟!!

ولأنها تعلم طبيعة أولادها وأن "محب" ما هو إلا أناني لا يحب سوى نفسه ومصلحته زمت فمها بإستياء وهى تحاول إسترضاء "عاطف" ...

- ولا يهمك يا حبيبي ... هو أخوك كدة ... ميهموش إلا مصلحته .. لكن الباقي لأ ...

- اه ... "عاطف" هو إللي لازم يطلع وحش ...

رغم تجنب "وعد" لـ"عاطف" بالآونة الأخيرة خشية أى صدام بينهم إلا أنها تدرك تمامًا طريقته بإظهار نفسه المعصوم من الخطأ وأنه لابد كان سيحل الأمر بأساليبه الملتوية لتردف بدفاع عن "محب" ..

- هو أكيد مش قصده كدة يا "عاطف" ... يمكن الحل بتاعك ممكن يعمل مثلًا مشكلة تانية ولا حاجة ... 

هكذا دق ناقوس الخطر حينما توهجت عيناه الغاضبتان التى حاولت بكل قوتها أن تتلاشى الصدام بهما لأيام عدة ، غضب تدرك نهايته التى أصبحت تتكرر كثيرًا ، بقفزة واحدة كان "عاطف" يمسك بخصلات شعرها بين كفه القوى ليجذبها نحو الخلف معنفًا إياها وإزداد قسوة بمشاهدة "قسمت" و "عتاب" له ..

تراجع رأس "وعد" المتألمة للخلف تتأوه بصوتها الناعم..

- ااه ... شعري يا "عاطف" ...!!!

لم يبالي بها وبألمها ليردف مستنكرًا تدخلها وهو يحقر منها أمامهم ...

- إنتِ مين طلب منك تتحشري بينا ... إنتِ فاكره نفسك إيه ؟!! إوعى تكوني نسيتي نفسك .. محدش طلب منك تفتحي بوقك ...!!!

- إوعى طيب ... رأسي .... إوعى إيدك ...

زاد من جذبه لشعرها الذى قبض عليه بقوة يجرجرها نحو الصالة الكبيرة مرضيًا نفسه وشعوره بالسطوة والقوة ..

- حد طلب منك تتدخلي !!!!! وإلا إنتِ فاكره نفسك بتفهمي اللي محدش بيفهمه ؟!

كان يقصد أن يقلل من شأنها ومن إكمال تعليمها الجامعي بخلافهم جميعًا فلم ينهي أحدهم تعليمه سوى "محب" الذى يحمل له "عاطف" ضغينة أخرى ...

وبرغم إستمتاع كلا من "قسمت" و "عتاب" لفرض "عاطف" سيطرته على "وعد" إلا أن "قسمت" حاولت التدخل لتخليصها من غضبه ..

- خلاص يا "عاطف" ... سيبها مش كدة ..

نظر بحدة نحو والدته قائلًا ...

- بتتحشر فى الكلام لييه ...؟؟؟..

مدت "قسمت" يدها بهدوء نحو يد "عاطف" التى إشتبكت بشعر "وعد" كالوطواط دون ملاذ ..

- خلاص سيبها وهى مش حتتكلم تاني ...

حاولت "وعد" تبرير ما قالته فربما يحررها من بين غلظة كفه القاسية ..

- والله ما أقصد حاجة .. أنا بس بقولك يمكن "محب" يقصد إن الحل ده مش مناسب ... بس كدة ..

زاغت عينا "عاطف" لوهلة وهو يتابع عينا والدته وأخته بأنهم ربما يرون ما تراه "وعد" ووقتها سيكون "محب" مصيبًا برأيه و سوف يعلق الخطأ برقبته هو ويظهر مرة أخرى بمظهر السطحي المتهور ووقتها سيلومونه على إندفاعه وغضبه الغير مبرر ...

بلحظة عبث بها شيطان أفكاره ليحول إتجاه الخطأ نحو "وعد" ليشوش عن الحقيقة ليظهر دائمًا بأنه على الصواب ولا يخطئ مطلقًا ...

لاحت تلك الفكرة الشيطانية لإقحام "وعد" بالأمر والتملص من اللوم الذى سيلحق به ليحاول بث الشك والظن السئ بزوجته ...

- وإنتِ بتدافعي عنه ليه ...؟!! هاااا ... بينك وبينه إيه ... إنطقي ؟!!!

لو كانت للعيون حديث لنطقت عيناها المصدومتان بصاعقة كلماته وإتهاماته المجحفة ، نظرت إليه بخضراوتيها المتشدقتان كمن تصرخ بكلمة ( لقد إكتفيت ) ، لحظات مشدوهة من الصمت فلم يعد للحديث حاجة لرد هذا الظلم ، لقد خاب ظنها به فقد ظنته رجلًا ، سندًا حاميًا لها من قسوة الأيام ، لكنه لا يرتقى لذلك على الإطلاق ..

أيقنت بتلك اللحظة بأنها لم تساوي شئ من الأساس ، إنه لم يحبها قط فأفعاله الآن تؤكد ذلك ، إنه لم يحب سوى نفسه التى لأجلها يدهس رقاب الآخرين ...

عليها طلب السماح الآن لكن السماح من نفسها التى أذلتها لأجله ، لقد تحملته وتحملت أنانيته وعشرته المهلكة لأجل ظن بعقلها بأنه أحبها يومًا ، لطالما إنتظرت تلك العودة والإفاقة من غفلته ليردها لقلبه لكنه لا يستحق ، فهو لم يحبها يومًا ، لا لم يحدث وإلا لما أساء إليها كل تلك الإساءة ...

تهدج صدرها المنفعل لتتغاضى عن الألم الذى تشعر به إثر قبضته القوية فإتهامه البشع لها أنساها الإحساس بما حولها ، إجتاح جسدها برودة قوية كادت تفقد الوعى إثرها لكنها بصعوبة بالغة تحشرجت كلماتها لتردف بغصة ...

- إنت إتجننت ... إنت بتقول إيه ...؟!!

كلماتها أطلقت هذا الوحش بداخله ظنًا منه أنها لن تتغير وستتحمل مثل كل مرة ، فعليه الضغط ولا يبالي ، لكنه لم يدرك أن لظنه حد وقد آتى يومًا يخلف به الظن وتتغير به القلوب ...

- بقى أنا إتجننت ... طيب ... أنا حوريكي الجنان إللي على أصوله يا *******

ربما رفع كفيه لينهال بالضرب عليها بالتبادل بينهما لتتكور هى على نفسها لكنه لم يدرك أنها فقدت الإحساس منذ كلمته الأولى فقد خطت خطوة جديدة لكنها بالإتجاه المعاكس ، لقد خطت خطوة نحو كراهيتها له ، لم تعد تطيق صوته ولا رؤيته ، لم تعد تتقبل إسمه أو صورته ، لقد أصبح بغيضًا مكروهًا ، تعالت شهقاتها ليس لضربات كفوفه لكن لتوديعها لحياة ظنت أنها ضحت لأجل بقائها ، ياليت الظن يبنى جدار الود لكنها لم تدرك أن بعض الظن إثم ..

لم تتدخل "قسمت" أو "عتاب" لإنقاذ "وعد" من بين يديه رغم تيقنهم بأنه يتهمها باطلًا وأن "وعد" بعيدة كل البعد عن شكه المزيف بها وبـ"محب" أيضًا ، لم تدرى "وعد" كم مر عليها بين ضرباته المتتالية لتسقط مغشيًا عليها فلم تتحمل بقلبها المرهف هذا الظلم فقد توقف كل شئ حتى الزمن والإحساس ....﴾


عادت لواقعها متذكرة هذا اليوم القاسي الذي كان بداية النهاية ، نعم بقيت لكن لأجل ولدها فقط ، فهي تدرك تمامًا أنهم لن يتركوها ترحل بولدهم لتبتلع ما حدث ولم تخبر به أحد حتى لا تجبرها "عهد" على الرحيل ، فقلبها متعلق بولدها ولن تتحمل فراقه ولو ليوم واحد وعليها البقاء لأجله حتى لو أصبح ما يربطها بوالده مجرد كراهيه ...


الصفحة التالية