-->

رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 13 - 2 - الأحد 6/10/2024

  

قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ظننتك قلبي

« لكن بعض الظن إثم »

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة قوت القلوب


الفصل الثالث عشر 

2

تم النشر يوم الأحد

6/10/2024 


التردد هو مقبرة الفرص ، فمن الغباء حين تتاح لك الفرصة ألا تغتنمها ، فما كان نيل المطالب بالتمني لكن تأخذ الدنيا غلابا ، وقد تجلت الفرصة أمام مرآي فإن سُأل من لها فأنا لها ...

بقلب جسور دون مخافة أو رهبة كمن إعتاد على إجتياز تلك المخاطر والمعارك الخفية كان "معتصم" يقتحم النيران ليجتازها ببراعة لكن ليس وحده ، فقد كان كالصقر القابض على فريسته دون تردد ، وبلحظات كان خارج دوائر النيران وهي معه ..

لم يمهلها حتى فرصة للتفكر فكان واجب عليه إنقاذ نفسه وهي أيضًا ، أبى أن يتركها خلفه وكان متوجبًا عليه حمايتها ...

خرجا من الكوخ المشتعل برغم تساقط الأمطار الخفيفة وقد إبتعدا لبعض الخطوات عن ألسنة اللهب ورائحة الدخان ...

وقفا لإلتقاط الأنفاس ليسقط "معتصم" تلك البطانية عن كتفيهما ليكشف عمن إختارها لإنقاذها ..

وقفت "عهد" للحظات تحاول إستيعاب الأمر ، فبرغم قوتها وقدرتها على مواجهة المخاطر إلا أن شعورها بحمايته لها ووجودها بقربه لأمر مختلف ، كان غريبًا لكنه محببًا لنفسها حتى أنها تركت العنان لنفسها بمرافقته للنجاة بها ..

لحظات من الخوف والقلق مزجت بنشوة فَرحة ، تحركت معه دون تفكير لكن قلبها تراقص بسعادة بالغة لم يجتاحها هذا الشعور الرائع من قبل ..

وقفت "عهد" تلتقط أنفاسها المتقطعة وتسكن قلبها المضطرب لقربه لترفع هامتها بنهج تملس على خصلات شعرها المتأرجحة فى الهواء وهى تطالعه بعسليتيها بإنجذاب وإمتنان بذات الوقت سرعان ما إنتبهت لنفسها قبل أن يلاحظ تلك النظرات الموجهة إليه ...

لكنها إنتبهت لأمر آخر جعلها تندهش ولأول مرة بصدق حقيقي لتتيبس بموضعها لتحدثه متسائلة بعدم فهم ...

- إنت واخد بالك إنك أنقذتني أنا مش هي ...؟؟!!

إلتف "معتصم" تجاهها يطالع وجهها بتفرس أولًا وقد إضطرب تنفسه الناهج لا يدرى هل هذا الإضطراب سببه ركضه بين النيران أم أنه بفعل قلبه المضطرب لقربه منها فقد أعلن قلبه تمرده وقد تعالت دقاته وعصيانه لفرض تحكمه به ...

أرغم نفسه على التنفس ببطء لكن عيناه لم تنحى عن خاصتيها ليتعمق بقاتمتيه بهاتان الناعستان اللاتى أسقطتا حصون قلبه وهو يجيبها ...

- طبعًا واخد بالي ... وعارف جدًا إني إخترتك إنتِ مش هي ...

ذهول مبهج لنفس "عهد" فبرغم كل ما حدث إختارها هي وترك "كاتينا" ، إبتلعت ريقها المضطرب هاربة من نظراته المباشرة نحوها وهى تلتف حول نفسها ببعض التشتت ...

بالفعل تراجعت عن كل ما قامت به بالآونة الأخيرة لتظهر "عهد" التى تعرفها ، لا ليست "عهد" التى تعهدها فحسب بل "عهد" جديدة عرفتها بقربه فقط ، "عهد" لها قلب ينبض ويدق لكنه أيضًا متمرد ، تمرد على أفكارها وخشونتها ، تمرد على إجبارها له بألا ينساق خلف أوهام العشق ...

لم هي سعيدة الآن بإختياره لها وليست "كاتينا" ... إنه لم يختارها بالخطأ بل بإرادته ودون تردد ...

مشاعر تختبرها لأول مرة لكن عقلها مشتت للغاية كطفلة تتحمس للمرة الأولى ، عادت بعيناها الزائغتان لتجده مازال متفرسًا بها ، كحلم جميل يسحبها فوق السحاب تحلق بجناحين لم تدرك أنها تمتلكهم من الأساس ...

كم لوجودها معه يجعلها تترك الواقع وتحلق ببحور الخيال لولا قدرتها على إمتلاك نفسها القوية لكانت صرخت بكلمة (أحبك) دون الإكتراث لشئ آخر لكنها تمالكت نفسها قبل أن تنساق لتلك اللحظات ونظرات التحديق التى لا يكف عنها ..

إجتاحها إحساسها بالرهبة والخوف ، تذكرت أن لا أمان لهاوية المشاعر ، لا يمكنها الإنزلاق بهذا المنحدر فهي القوية وعليها أن تظل القوية ، تصنعت الجمود وعدم التأثر لتهتف به ببعض السخرية ...

- ستة فى تسعة يا أخويا ....!!!

ضيق عيناه وهو يضم شفتيه الممتلئتان يمطهما بعدم فهم ليردف بإمتعاض ...

- هاه ... يعنى إيه ..؟!!

عقدت ذراعيها أمام صدرها لتجيبه بتهكم رافعة حاجبها الأيسر بإستهزاء ..

- الصورة يا خِفة ... مش إنت بتصورني برضه ...؟؟؟

رفع رأسه بتعالي لفهمه لمقصدها والأدهى أنه قد فهم طريقتها الجافة التى تخفى خلفها مشاعرها بسردابها العميق لتتحول لتلك الخشنة الجافة حينما تميل لإظهار نقطة ضعفها حتى تظهر على الدوام بمظهر القوية التى لا تقهر ...

- ده بدل ما تقوليلى متشكرين ... كتر خيرك إنك أنقذتني ...

قلبت شفتيها ببعض السخرية فهي ليست من تعترف بإنقاذه لحياتها ، رغم سعادتها بإنقاذه لها إلا أن أمر إختياره لها محيرًا للغاية تود لو تسأله لم قام بهذا الإختيار لكن عزة نفسها منعتها من هذا السؤال لتردف بإستهزاء ...

- لا يا شيخ ... !! طب ما كنت تاخد القطة بتاعتك ولا إنت مبسوط إنك سايبها تتشوى ... طب حتى كنت طلعها نص سوا ...

مال برأسه متعجبًا من إستمرار لسانها السليط ..

- ده إنتِ كلامك دبش ... هو ده برضه رد الجميل ...!!

تتوقت نفسها لمناوشتهم تلك مرة أخرى فقد إشتاقت إليها لتجيبه دون إظهار سعادتها ...

- لااااا ... لو لك جميل خده ... أنا محبش يبقى ليا عند أى كلب حاجة ...

ضرب كفيه بعضهما ببعض متعجبًا من تلك الشخصية الغريبة التى تتمتع بها ، لكن بداخله شعور بالنشوة لمجرى الحديث بينهم ، فكم قربها مختلف يجذب روحه رغمًا عنه لها ...

- نفسي أقطع لك لسانك ده ...

زمت فمها جانبيًا لتردف بسخط ...

- قطعوا حسك من الدنيا يا بعيد ...

قالتها بتلقائية لتصمت بعدم إرتياح لتنهر نفسها بقوة فهي لا تريد أن تدعي عليه ولو بمزاح فربما تستجاب دعوتها ، شعور بالتخوف حين ترائت لها تلك الأفكار وأن دعوة مازحة أو غاضبة لا تعنيها يمكن أن تقبل بساعة إستجابة و وقتها لن ينفع الندم ...

نعم تلك طريقة حديثها دون وعى منها فهي تطلق لسانها السليط دون تفكير فعليها أن تراعي ما تتفوه به وتبتلع لسانها والتفكير أولًا قبل أن تطلق لسانها السام ...

بسمة إعتلت عيناه وليس شفتيه تلك المرة فكم يراها أنثى مختلفة كليًا ، مختلفة بشكل لا يصدق ، لا تنفعل ولا تهتم له لكنها إستطاعت جذبه نحوها ..

منذ ساعات كان يهرب منها والآن هو معها آثر بقائه معها عن الجميع ، سألها بما يشغل فكره مباشرة ...

- إنتِ فيكِ حاجة غريبة ...؟؟؟

رمقته بطرف عيناها الناعستان وهي تشرأب بشموخ ولا مبالاتها التى هي جزء لا يتجزأ من شخصيتها ...

- بقولك إيه ... مش وقت حواديت ... ده لا وقته ولا مكانه يا خِفه ...

أخرجت هاتفها تحاول الوصول لشبكة الإنترنت الذى قطع بفعل الصاعقة لكن يبدو أن الأمر سيتأخر لبعض الوقت ، زفرت بضيق وهي تعيد هاتفها لجيب سترتها مرة أخرى وسط متابعة "معتصم" لها ليتطلع حوله متغاضيًا عن تهربها من حديثها معه قائلًا ...

- إحنا مش حينفع نفضل فى وسط الغابة كدة ... لازم نحاول نرجع للكوخ على الأقل .. الجو برد ومش مضمون خالص ...

أومأت "عهد" بتفهم لتردف موضحة ...

- أيوة ... كمان الإنترنت لسه مقطوع ومضطرين ندور على طريق الكوخ بنفسنا...

كان عليهما البحث عن طريق العودة وسط تلك الطرق وبقايا الأمطار والأشجار الكثيفة فوجودهم بهذا الطقس دون حماية لأمر شاق ، إتخذا أحد الطرق بهدوء وحذر لكن يبقى تساؤل يشغل فكر "عهد" بقوة ، لم إختارها دون "كاتينا" وهو الذى كان يخشى البقاء معها بنفس المكان وإضطر للهرب منها ...


❈-❈-❈


مكتب عيسى للمحاماة ....

أعاد "عيسى" رأسه للخلف يريح زخم أفكاره التى تضاربت برأسه فتلك القضية محيرة وغامضة بشكل كبير ، إستغرق وقت طويل للغاية حتى شعر بأنه فقد إحساسه الزمني لما يحيط به ..

دقات متتالية بهاتفه هى التى أيقظته من شروده لترسم تلك الإبتسامة التى تخص صاحبة الرنين وحدها ...

- "دورا" ... وحشتيني ... 

قلبت شفتيها كطفلة مستاءة حتى كاد "عيسى" يتخيل ملامحها بهذا الشكل دون رؤيتها ...

- لو كنت وحشتك كنت جيت ... إتأخرت أوى يا "إيسووو" ...

نظر لتلك الأوراق التى تملأ سطح مكتبه بتملل فكم إشتاق لرؤيتها ...

- غصب عني ... الوقت سرقني فى الشغل ولسه مخلصتش ...

هبت بإنفعال متفاجئة بطريقتها العفوية ...

- يا خبر يا خبر .... شغل وتأخير وحاجات جد و وجع دماغ ... وسايب "دورا" وحدها فى البيت ... ؟؟! لأ ... أنا زعلانه ...

حتى بعتابها تدفع بالروح بداخله ، يعشق حديثها وكلماتها حتى عتابها اللذيذ ليردف ببسمة خفيفة ...

- حقك عليا ... أوعدك أول ما أرجع حعوضك عن التأخير ده ...

ضحكت "غدير" بشقاوة وهي تحاول إستغلال الأمر ...

- أكيد أكيد ... ؟!! يعني أطلب وأتدلع ...؟؟؟ 

- عيوني يا شيكولاته ...

دقات قلبها المرتفعة بسماعها كلمته جعلتها تردف بنبرتها العاشقة مبتعدة عن طفولتها وشقاوتها بكلمات لمست قلب "عيسى" المشتاق ...

- حبيب عيون الشيكولاته ... حستناك ... متتأخرش عليا ... إن شا الله تجيب المكتب كله فى البيت بس متبعدش عنى كل ده ...

لم يكن منه سوى نفس الشعور ليجيبها بمحبة ..

- جايلك حبيبتي ... حخلص أوام وأجيلك ...

- مستنياك ...

أنهى "عيسى" مكالمته مع "غدير" والتى أعطته الطاقة لإستكمال يومه كما لو أن له بطارية أوشكت على نفاذ طاقتها وبكلمات محبة من شريان قلبه أعادت له ملئ طاقتها ...

تنفس بهدوء ليخرج أحد البطاقات من محفظته ليقوم بإجراء مكالمة أخرى بحماس جديد ..

- ألو ... أستاذ "عطية" .. معاك الأستاذ "عيسى دويدار" المحامى ...

- أهلًا يا متر ... 

- كنت عاوزك فى المكتب بكره إن شاء الله نتناقش شوية فى القضية قبل ما أشوف حقبلها ولا لأ ...

- تحت أمرك يا أستاذ ... بكره بأمر الله حكون عندك فى المكتب ...

بنهاية تلك المكالمة كان على "عيسى" الإنتهاء من آخر أعماله بالمكتب قبل عودته للبيت الذى إشتاق لصاحبته منذ خروجه منه ...

مطت "سندس" شفتيها بغيظ وهى تسترق السمع لمكالمة "عيسى" مع "غدير" أولًا لتتمتم بإستياء ..

- هو انا مليش مرة شوية حنية من دول ... مش حيحن عليا أبدًا .... !!!

لتتابع مكالمته الثانية والتى إنتهت بندائه لها ...

- لو سمحتِ يا أستاذة "سندس" ...

وقفت بحماس تعدل من ملابسها بعجالة لتتحرك بدلال نحو مكتبه لتردف ببسمتها العريضة ...

- أفندم يا أستاذ "عيسى" ...

كمن تبدل تمامًا ليعود لشخصيته الجدية التى تثير جنونها أردف بعملية ...

- المفروض بكرة فيه جلسة فى المحكمة لقضية التبديد وإحنا حنطالب بالتأجيل ... إتفضلي المذكرة دى عشان تقدميها بكرة فى المحكمة ..

مدت "سندس" يدها تلتقط الورقة التى يشير بها "عيسى" إليها قبل أن تجيبه ..

- تمام يا أستاذ "عيسى" ... متقلقش خالص ... 

كانت ستستطرد حديثها حينما قابلها "عيسى" بإنهاء الحديث ...

- تقدرى تتفضلي إنتِ تروحي ... أنا لسه قاعد شوية ... و وإنتِ خارجة خلي عم "شاكر" يعمل لي كوباية شاى تقيلة ...

- أنا ممكن أقعد .. أنا ...

قاطعها "عيسى" بصرامة ..

- مفيش داعي ... إتفضلي إنتِ ...

زمت فمها الممتعض وهو تقضم شفتها السفلية بحركة لا إرادية بإضطراب لتضطر لمغادرة المكتب رغم أن مازال الوقت مبكرًا إلا أنه حازم تمامًا بطلباته وهي لن تخالفة مهما تطلب الأمر ، فهي لا تريد سوى إرضاءه فقط ...


الصفحة التالية