رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 13 - 3 - الأحد 6/10/2024
قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ظننتك قلبي
« لكن بعض الظن إثم »
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة قوت القلوب
الفصل الثالث عشر
3
تم النشر يوم الأحد
6/10/2024
حي النعماني ...
كيوم روتيني أنهت "شجن" يوم عملها كالمعتاد بهدوء تام وبعض الحالات السطحية التى تعد على أصابع اليد الواحدة بهذا المستوصف قليل الإمكانيات ..
خلعت معطفها الأبيض ردئ الخامة وهي تلوح لرفيقتها "رؤى" مودعة ...
- سلام بقى يا "رؤى" .. أشوفك بكره ...
- سلام ... سلمى لي على أختك اللي بتحكي عليها طول النهار دي ...
إبتسمت "شجن" بالإيجاب لتنتبه أنها تتحدث عن "نغم" طيلة اليوم فهي تشعر بأنها مسؤولة منها رغم الفارق البسيط بين عمريهما إلا أن بساطة "نغم" وبرائتها يجعلانها تشعر بالقلق والمسؤولية تجاهها ...
خرجت من المستوصف متجهة مباشرة نحو المكتبة لإصطحاب "نغم" للعودة إلى البيت ...
ولقرب المسافة بين عمل كلاهما كانت "شجن" بدقائق قليلة تقف بمقدمة المكتبة لتدق رقم أختها تحثها على الخروج كما إتفقتا من قبل ...
كـ يمامة وديعة خرجت "نغم" من المكتبة لمقابلة "شجن" وهي تلملم شفتيها الرقيقتان عن إبتسامتها المتحمسة للقاء أختها ...
- جيتي بدري يا "شجن" ..!!
سحبت "شجن" ذراع أختها تعلقة بذراعها وهي تسألها كأم حنون وليست أخت كبرى ..
- ها ... عملتي إيه النهاردة ...؟؟؟
ما كانت إلا بعفوية تلقائية وهى تجيبها بحماس هادئ ...
- الشغل هنا حلو أوى ... أنا حبيته ...
بنظرة شقية إنقلبت بها "شجن" من إهتمام أم لأخت وصديقة ...
- هو مين إللي حبيتيه بالظبط ...؟!!
قوست "نغم" حاجبيها بعدم فهم لمقصدها لتتسائل عن ذلك ..
- مش فاهمة ... ؟!!
ضحكت "شجن" بإبتسامتها المتسعة وهي تعيد خصلة شعرها القصير الذى تناثر بفعل الرياح لتلك الليلة الشتوية ...
- لا ولا حاجة ... خليكِ كدة زى ما إنتِ حتبقى الدنيا تمام .. طالما مش فاهمة يبقى هو ده المطلوب ...
ليست غبية أو محدودة الذكاء لكن بالفعل لم تدرك مقصد أختها فهي تحب الوضوح ولا يجذبها الغموض بالمرة فمن أراد قُربه منها عليه التحرك مباشرة تجاهها فهي لا تحبذ أى من تلك التلميحات التى تجهد عقلها ...
وبرغم بساطتها ووضوحها التلقائي إلا أن "شجن" على النقيض منها تمامًا تفهم الغموض وتعشق الفضول والأفكار الضمنية ، هي فتاة ليست معتادة ولا سهلة التوقع كأختها البريئة وذلك ما يجعلها تخشى أن تنصدم "نغم" بواقع ليست معتادة عليه لكن حتى الآن فالأمور تسير بشكل طبيعي فى نصابها ...
❈-❈-❈
سويسرا (الغابة) ...
"الغريب أعمى ولو كان بصيرا" جملة لا خلاف عليها فمن يدرك مكانًا لا يعرفه وسط جبال و طرق متداخلة وأشجار كثيفة ، و من يستطيع أن يعلم وجهته وسط تلك الأجواء والطقس السئ بدون توجيه ..؟!!
زاد الأمر سوءًا إنقطاع خدمة الإنترنت ليبقى "معتصم" و "عهد" يتخبطان بطريقهم بحثًا عن طريق العودة للكوخ الذى ضلوا وجهتهم له ..
فبعد بحث لوقت لا بأس به وتداخل الطرق بعضهم ببعض بمخيلاتهم إضطرا للوقوف محلهم فقد سقط غشاء الليل فوق رؤوسهم ولم يعد بإستطاعتهم إكمال بحثهم فهم لا يحملون أى حقائب بها وسائل مساعدة ..
إتجها نحو مجموعة من الأشجار الضخمة بجانب الطريق ليلجئا إليها تحميهم ولو بصورة قليلة من البرد الذى يحيط بهم ...
جلس "معتصم" مستندًا بجذع أحد الأشجار لتنزوى "عهد" بعيدًا عنه لتتخذ جذع آخر ليقضيا تلك الليلة فى العراء دون الوصول للكوخ ...
أغلقت سحاب سترتها السميكة ثم رفعت غطاء رأسها تحكمة بقوة لتغمض عيناها المنهكة بصمت محاولة إلتماس غفوة قليلة ، سرعان ما إستغرقت بالنوم فهذا موعد نومها المعتاد ..
لكن تلك الياقوتتان البراقتان بلونهما الأسود كانا يطالعانها من بعيد لم يسقطهما عنها وهى تستكين بوداعة تمحى شراستها التى تغلف حياتها ...
دنا منها ببطء شديد يطالع ملامحها الناعمة وسط ضوء القمر المتسلل من بين فروع الأشجار ليترك العنان لقلبه الذى سرقته ، لقد دق .. نعم دق قلبه لتلك المتوحشة فكيف له بإستعادة قلبه الذى إستولت عليه ...
بعد وقت طويل من إستراقه النظر لنعومتها الغير معتادة داعب النعاس جفنيه ليعود لجذع الشجرة خاصته مستغرقًا بالنوم وسط الطبيعة والأجواء الباردة ...
❈-❈-❈
بيت النجار ...
تتوقت "زكيه" لعودة بناتها بحماس شديد لتنتظرهم بالشرفة كعادتها خشية وقوعهم بلقاء غير محسوب من "صباح" أو إبنتها ...
ردت روحها برؤيتهما تتقدمان بأول الحي كنجمتان تشعان بريق وتوهج ، كم هي محظوظة بهما لتتمتم بقراءة المعوذات بصوت خفيض لحمايتهن من شرور نفوس من تقع عيناه عليهما ...
دلفت بعد صعودهما بسلام لتقابلهم بوجهها البشوش وضحكتها الطيبة تستقبلهم بباب الشقة ...
- حمد الله على سلامتكم .. ربنا يحرسكم من العين ..
ألقت "نغم" بنفسها أولًا بأحضان والدتها فقد إشتاقت لها ...
- وحشتيني يا ماما ...
تلتها "شجن" بدورها بإختلاف طبع كل منهما لتقبلها بإشتياق ...
- أخبارك يا "زوزو" .. وحشتيني ...
أغلقت "زكيه" الباب من خلفهم وقد أشرقت ملامحها بحماس وسعادة ممزوجتان ببعضهما البعض وهي تخبر إبنتيها بهذا الخبر السعيد ...
- مبروك يا "شجن" ... أخيرًا حنفرح يا بنات ...
تهلل وجه "شجن" بسعادة وإتسعت إبتسامة "نغم" فرؤية والدتهم سعيدة إلى هذا الحد أطلق بمخيلة كل منهما ما تتمناه لتهتف "شجن" على الفور ...
- حنسيب البيت ...؟!؟
بينما هتفت "نغم" بحالمية ..
- لقيتي العقد ...؟!!
تطلعت "زكيه" بوجه كلاهما فما دار بمخيلتهما بعيد تمامًا عما كانت ستخبرهم به لتقل حدة حماسها بعض الشيء ثم أجابتهم ...
- لأ .. ولا حنسيب البيت ... ولا لقيت العقد ... دى "شجن" جالها عريس ...
لم تكن أحلامهم متعلقة بزواج وهروب من مجهول لمجهول آخر فـ"شجن" تتلخص أحلامها بأمل وحيد .. الخروج من هذا البيت وترك كل مشاكلهم مع عمهم وزوجته وابنائه خلف ظهورهم لتردف بإحباط ..
- جواز إيه وعريس إيه يا ماما ... كان نفسي تقوليلنا خلاص نسيب البيت ده ونمشي ...
بينما عقبت "نغم" بهدوء مستكين ...
- أو نلاقي العقد ونبيع الشقة ونخلص ونبعد عن مرات عمي وقرفها ...
زاغت عينا "زكيه" بين بناتها اليائسات لتجيبهم بإستسلام ...
- كان على عيني يا بنات ... بس من ناحية دى وصية أبوكم إني أحافظ على حقه ... ومن ناحية تانية معندناش القدرة إننا نسيب البيت ونسكن بره ... مسيرها حتتعدل ...
نظرت الفتاتان لبعضهما البعض بتحسر وتملل من البقاء على نفس الوضع ، لتدفع "زكيه" بحماسها المفتور بسبب إحباطهن لتغيير مجرى حديثهم والبحث عن أى مصدر للسعادة ..
- بقولكم "شجن" جالها عريس .. دكتور ...
حركت الفتيات رأسهن بهدوء لتستطرد "زكيه" قصها لما حدث اليوم بالتفصيل وكيف علمت بهذا العريس المنتظر وسط إنصات الفتيات لها دون حماس يذكر ، لتظل تعيد بكلماتها وترسم خطوطًا بالخيال عما سيحدث وزواج إبنتها القريب الذى سيهل بالسعادة أخيرًا ببيتهم ...
❈-❈-❈
مستبدة أنا والأمر يروقني ، عنيدة لا أخضع لأسياد ، أشبه غزال لكني في الأصل أسد ...
لاح الصباح ليزعج ضوئه أعين "عهد" المغمضتان بسكون لتضغط عيناها بقوة وهي تحاول فتحهما لتستيقظ من تلك النومة المتعبة ..
لحظات لم تدرك بها أين هي وماذا تفعل وسط الغابة لتتذكر ليلة الأمس ولجوئهم لتلك البقعة ليناما بها ..
جلست بنشاط مجبرة عليه لتمد جذعها للأمام تحاول التطلع تجاه "معتصم" المستغرق بالنوم ...
مستكين هادئ يصل لحد الوداعة مختلف تمامًا عن صحوته ، فهو مثلها شرس مهاجم خصم عنيد بالفعل لا يستسلم بسهولة ..
وقفت بهدوء حتى لا تصدر صوتًا يوقظه لتقترب منه بخطوات رشيقة متسللة لتنظر نحوه بتمعن فتحديقه بها على الدوام لم يعطها الفرصة للتحقق من ملامحه كتلك اللحظة ..
وسيم بالطبع لكن به جاذبية نزعت قلبها من بين ضلوعها ليستقر بين راحتيه بإستسلام فلم هو من إستطاع إمتلاك قلبها دون حتى جهد منه ..
وجدت نفسها بدون شعور تبتسم بخفة ، إنها سعيدة بدقات قلبها المتصارعة تجاه هذا الرجل ، حركة فجائية منه جعلتها تنتفض بقوة إزداد لها دقات قلبها المرتجف لتقفز مبتعدة عنه حتى لا يلاحظ إستراقها للنظر له ...
إستيقظ "معتصم" بوجه ممتعض من إثر نومته فوق تلك البقعة القاسية وشعوره بالبرد الذى لا يطيقه على الإطلاق ...
إعتدل باحثًا على الفور عن تلك الشرسة خاصته ليجدها جالسة بعيدًا عنه غير منتبهه له بالمرة ...
إستقام متقدمًا نحوها ليرى فيم إنشغلت متوحشته قائلًا بصوته الشجي الذى يغلبه النعاس بعد ..
- صباح الخير ...
إصطنعت عدم الإهتمام لتجيبه بثبات غير ما تشعر به من إضطراب ..
- صباح الخير ... ناموسيتك كحلي ... إيه مكنتش ناوي تصحي ...؟!!
قالتها مستنكرة لتحفز رده المماثل ..
- مستعجلة على إيه يعني ... وراكِ الديوان ...!!!
زمت فمها بإمتعاض وهي تنهض واقفه لتتقدم الطريق دون دعوته وهي تتمتم بصوت مسموع ...
- صحيح هو أنا بكلم مين ... ما إنت لا تعرف ليل من نهار .. الصبح عندك بعد العصر ... يلا نشوف الكوخ المنيل ده راح فين ...
كلماتها اللاذعة وتقدمها الواثق جعلاه يتبعها بإبتسامة فقد أحب طريقتها المتصادمة معه ليهتف بها بحدة رغم إستمتاعه بذلك ...
- طالما حنكمل مع بعض يا ريت الإسلوب يكون أحسن من كدة ... بلاش تستفزي لساني لإنك مش قده ...
تشدقت برقبتها رغم موافقتها لطلبه إلا أنها لم تظهر ذلك ولن تنطق بالموافقة بتلك السهولة ...
- والله إللي تقدر عليه ... إعمله ...
نطقتها بتحدي لكن بقرارة نفسها ستحافظ على لباقة حديثها معه فلا داعي لهذا السخط والحدة طوال الوقت ، أكمل "معتصم" سيره إلى جوارها وأوقات عدة يتخطاها فهو لم يعتاد أن تعطيه فتاة أمرًا أو يتبع أحدهم أيًا كان ...
بعد سير لفترة من الوقت توقفا بمكان متسع بين الأشجار التى تحيط بئر ، جال "معتصم" بعيناه خلال هذا المتسع الدائري يحاول الوصول لوجهة هذا الكوخ الذى لا يستطيعان الوصول إليه ..
- الظاهر إننا بنلف فى نفس المكان ... أنا رأيي نستريح هنا شوية ونحاول نشوف الإتجاه اللي حنمشي فيه ...
إيمائة خفيفة بعيناها كانت إجابتها فهي تود البحث بالفعل عبر شبكة الإنترنت ربما تستطيع تحديد مكان الكوخ عوضًا عن تخبطهم بطرق مسدودة ...
جلس "معتصم" فوق إحدى الصخور مستندًا بظهره إلى حافة البئر بينما أخذت "عهد" تبحث عن صخرة مماثلة لتجلس عليها ...
توقفت لبرهة تنظر عبر كثافة فروع الأشجار لتحدق بينها بقوة فقد خُيل لها أنها ترى أحدهم تحرك من خلف الأشجار ...
حركة لم تدرك ماهيتها لكن على ما يبدو أن هناك شخص ما أو شئ ما يتبعهم ...
...يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة قوت القلوب، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..