رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 15 - 1 - الإثنين 14/10/2024
قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ظننتك قلبي
« لكن بعض الظن إثم »
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة قوت القلوب
الفصل الخامس عشر
1
تم النشر يوم الإثنين
14/10/2024
« كبش فداء»
لا شيء أوضح مما يحاول الإنسان إخفائه ، هناك صورة تخدع الأعين أحيانًا لكن الحقيقة تغلب بظهورها ، فحتى وإن حاولت الظهور بمظهر عادي فلا تنسى أنك ياقوت أسود ، حجر مميز لا يمكنه أن يتواري بسهولة ....
فالذهب يظل ذهب والياقوت يظل ياقوت ، والتراب يظل تراب ..
فمهما حاولت إخفاء حقيقتك إلا أن الأصل غالب ...
ثبات قوي ، حدة وبراعة وقوة ، ذلك الشموخ الذي لابد أنه متأصلًا به ، لا يدعيه بالمرة ، وقف "معتصم" بوجهٍ صارم يتطلع نحو "كاتينا" التي أُرديت قتيلة بلمح البصر ، كما لو كان قناص بارع ، لم يهتز ذِراعه ولم يُخطئ هدفه ، زاغت عين "عهد" نحو "كاتينا" أولًا حينما سقطت بدون حراك ثم عادت بعينين مدهوشتين تجاه "معتصم" وقد إتسعت مقلتيها بإندهاش ...
تفاجئ وصدمة غير متوقعة سببت لها حالة من التشويش لكنها عادت لتركيزها لتسأله بشك ...
- إنت إزاي ضربتها بالدقة دي ...؟!! و إنت أصلًا جبت المسدس ده منين ... ؟!!
هي تدرك جيدًا أنه لم يكن يحمل أي سلاح فمن أين أتى به ...؟!
تحركت مقلتيه أخيرًا لينظر تجاهها بنظراته العميقة ، تلك النظرات التي أثارت تساؤلها منذ رؤيتها له ، ليزداد غموضه كلغز صعب الحل أجهد عقلها المتقد ...
أردف "معتصم" براحة وهو يزفر بهدوء كما لو أنه لم يسمع تساؤلها المندهش ...
- شكرًا على إنقاذِك ليا منها ..
بجمود حاولت "عهد" إظهار ثباتها رغم تشتتها بمشاعر مضطربة تجاه هذا الغامض ، أجابته بعملية ...
- لا ما تشكرنيش ... ده واجبي ...
إجابة غامضة للغاية لكن ملامحها كانت هادئة بشكل يسير القلق وهو يجيبها بهدوء أعصاب وبرود تام ليس كمن قَتل منذ لحظات ...
- لا مش واجب ... تعرفي إنك عامله زي البحر بعيدة أوي ... وعميقة قوي ... ممكن لو حد على الشط ما يعرفش أبدًا إيه إللي جواه ...
هزت "عهد" رأسها بعدم إدراك لمقصده لتجيبه متسائله ...
- قصدك إيه ...؟!!
إستدار بكامل جسده نحوها مجيبًا إياها بوضوح ...
- قصدي إن ورا قناع الدبش ده ... والسواد إللي إنتِ معيشة نفسِك فيه مخبيه حد ثاني جواكِ ... حد ضعيف أوي ... حد مش عايز تظهريه ... إنتِ مختلفة بشكل عجيب ..
رغم إصابته للحقيقة وهشاشتها التي تخفيها بداخلها إلا أنها تعاملت مع الأمر كمجاملة لا أكثر ...
- شكرًا برضه ... عارفة إنك بتجامل ... أنا عارفه نفسي كويس .. بس ده مش حيشتتني ولا أنسى اللي عايزاه ... وهو إني أعرف إنت ده جبت المسدس ده منين ...؟؟! وإزاي إنت بتضرب بالدقة دي ... زي ما تكون واخد على التعامل مع السلاح ...؟؟!
بطريقته الغير واضحة ، لم يحبذ إيضاح الأمر لها ليجيبها مشتتًا إياها ...
- سيبك من المسدس ... أنا عاوز أقول لِك أن أنا فعلًا منبهر بيكِ ... أنا طول عمري مفيش بنت لفتت إنتباهي بالشكل ده ... على فكرة إنتِ جميلة .. و بشكل يخوف كمان ...
إستطاع بسهولة تشتيتها وزلزلة كيانها لتقف كالطفله التي وقعت بحيرة ، خاصة وهو ينتظر منها إجابة ، كيف ؟؟ وهي لا تستطيع أن تجيبه ، إنها تختبر هذا الشعور لأول مرة ، لا تدرك بما عليها التفوه به الآن ...
ذلك الإضطراب الذي جعلها تتشتت بسهوله وتنكس عينها نحو "كاتينا" متهربة من عيناه المحدقتين بها تتمنى لو أن تنشق الأرض وتبتلعها من هذا اللقاء الذي لم تَحسبُ له حساب ...
لم تجد بُدا من إظهار روحها المشاكسة متهربة من كلماته المتغزلة ونظرات عيناه المسلطة نحوها لتشير نحو "كاتينا" ساخرة ...
- ولا بنت لفتت إنتباهك ....!!!! أمال دي إيه ... هدية ماما في عيد الأم ....؟!!
بتهكم إضطر "معتصم" إجابة مشاكستها له ....
- لا دي حكاية تانية خالص ...
تطلع بهيام بعينيها الناعستين حين عادت بهما نحو خاصيته ، ليجد "معتصم" أن الطريق أصبح سهلًا ممهدًا ولن يتراجع عنه الآن ...
لن يترك فتاة مثلها بعد أن ظن أنه لن يجد من تَغلُب قلبه وعقله معًا ....
- أنا واحد شغلي أهم حاجة في حياتي ... إنت لخبطتيني أوي من ساعة ما جيتي ... شغلتي تفكيري بإني إزاي أشاكس فيكِ ... إزاي خليتي طول الوقت إهتمامي الأول يكون بيكِ إنتِ ... مش بالشغل إللي واخد حياتي كلها طول وعرض ..
زاغت عيناه نحوها وهو يخرجها صريحة ...
- فيكِ حاجة خدت قلبي ...
تنفسها المضطرب وعيناها المتشدقتان نحوه بغير إدراك هل ما تفوه به حقيقة بعالمها الواقعي وأنه ليس محض خيال عابر برأسها ...
نعم بالتأكيد هو كذلك هي لا تعيش لحظات كتلك بالحقيقة حياتها المليئة بالقسوة والعراقيل لا يمكن أن تحظى بهذه اللحظة مطلقًا وبتلك السهولة ...
إحساس جديد ومشاعر مضطربة تتطلب اسلوب رقيق حالمي لا تعتاد عليه ، لا تستطيع أن تكون تلك المرهفة اللينة ....
لكنها تفكرت .. ألا يمكنها أن تُحب وأن تعبر عن حبها ؟!! ولم لا يطاوعها لسانها و شفتيها بالتفوه بما تستطيع به إجابة تصريحه ...
إنه لأمر قاس للغاية ، ليس بتلك السهولة تصبح "عهد" أخرى حالمة رومانسية ...
إنها خشنة الطباع متحجرة القلب كيف تقول أحبك بهذه السلاسة !!! خاصة وهي التي ترفض تمامًا الإنسياق خلف المشاعر والقلوب ، فمن ينساق خلف قلبه هو الضعيف فقط وهي ليست بهذا الضعف لتنساق خلف قلبها وتخسر نفسها ...
لحظات من الصمت بينهم تصارعت بداخلها تلك الأفكار ، لكن إستطاع "معتصم" بفطنته وذكائه المتقد فهمها فهي ليست كبقية الفتيات يمكنها أن تجيبه بيسر عن مشاعرها نحوه بل بالتأكيد لها طرق أخرى للتعبير ...
لكنه كان سعيد بما صرحه لها ، ووجد أن تلك فرصة لن تعوض ، لكن عليه أن يخبرها عن نفسه التي لا تعرفها أولًا ...
- الكوخ من هنا يا "عهد" يلا بينا ... أنا كمان كنت عايز أقولك حاجه مهمة أوي بس لما نوصل ....
أومأت عده مرات دون رد لترافقه "عهد" بطريق قريب للغاية حتى وصلا للكوخ ...
جلس "معتصم" بالسلم الخشبي خارجه لترافقه "عهد" كذلك ، حتى أن السماء أخذت تصفو بشكل رائع فيبدو أنها أيضًا تتحضر كنفوسهم لحديثهم القادم ...
❈-❈-❈
المستشفى ...
(الخير للخير) ... هكذا قالت "شجن" لنفسها وهي تنتظر الإطمئنان على حال هذا الرجل الذى علمت بإسمه أخيرًا "أيوب"، هذا الوحيد الخائف بعدما تم نقله للمستشفى ...
هي تدرك كم أن الوحدة صعبة للغاية خاصة للمرضى ، فالمرء يحتاج للشعور بالإطمئنان لمن حوله بوقت ضعفه وحاجته ، لهذا بقيت فقط لتُشعره ببعض الإهتمام ، إنتظرت كثيرًا فربما يظهر أحد أبنائه أو أقاربه ...
لكن ذلك لم يحدث ولم يحضر أحد لتتيقن أنه لهذا السبب تمسك رجل بوجودها ومرافقتها له ..
في وقت لاحق ...
دلفت "شجن" لغرفة "أيوب" بعدما خرج من غرفة العمليات وتجبير ساقيه المكسورتان لم يهمه سوى أن هناك من يسانده لكن ما أصابه فلا إعتراض عليه فهذا قدره وهو مؤمن بالقضاء والقدر ...
تقدمت "شجن" بوجهها البشوش تزيح إحدى خصلات شعرها القصير خلف أذنيها تسأله عن حاله بود حقيقي ...
- حضرتك عامل إيه دلوقتِ ....؟؟!.
رفع "أيوب" عيناه تجاه تلك التي دلفت من الباب للتو لتعلوها بسمة سعيدة فهو لم يتوقع أن تفي بوعدها ، فهو لم يعتاد الوفاء بالوعود ...
وها هي بقيت لتطمئن عليه ، هتف بسعادة ممزوجة بحزن لوحدته التي أجبرته على تسول العطف والمساندة من الغرباء ...
- إنتِ لسه هنا ...؟؟!!! أنا كنت فاكر إنك مشيتي ...!!!
جلست "شجن" بالقرب منه بمودة إبنة بارة ...
- إزاي بس ....؟!! هو مش أنا وعدت حضرتك إني حبقى هنا ....
أردف "أيوب" بإمتنان ...
- كتر خيرك يا بنتي ... والله ما عارف أقولك إيه ... أنا لو بنتي مش حتعمل معايا زي ما إنتِ عملتي معايا ...
هزت شجن رأسها بتساؤل ...
- صحيح ليه ما فيش حد جه لحضرتك ...؟؟!
إبتسم الرجل ببساطة حتى حلت ملامح الطيبة والإستكانة على عيناه ثم أردف بهدوء رخيم ...
- ما بلاش كلمه حضرتك دي أنا عمك "أيوب" ...
إبتسمت "شجن" بصفاء وهي تعيد سؤالها بعد وضع إسمه ليشعر بالقرب والمحبة أكثر بحديثها ...
- هو ليه ما حدش جالك لحد دلوقتِ يا عم "أيوب"...؟!!
- تنهد "أيوب" بحنق ثم أردف بتحسر على حاله ووحدته ...
- أنا وحداني يا بنتي ما ليش حد .... عايش لوحدي .... يلا قسمتي بقى ...
أعادت "شجن" رأسها للخلف وزادت إبتسامتها إتساعًا لتظهر وجنتيها الممتلئتان مضفية على ملامحها عذوبة ولين قلب تخصها بالفعل ...
- لأ خلاص بقى .... عايش لوحدك إيه ... من النهاردة إنت مش وحيد خالص ... بنتك "شجن" حتسأل عليك وتاخد بالها منك ....
لاحت بسمة إمتنان على وجه هذا الرجل الهزيل فكم مازال خير الدنيا يطفو فوق بحور الشر الذي يموج بها ليجيبها بتقبل سعيد رغم ألم ساقه التى إشتدت عليه ...
- ااه ... ده أنا يشرفني أن يبقى لي بنت زيك ... كفايه قلبك الأبيض ده ...
ثم إبتهل بالدعاء لها بمحبة غُرست بقلبه تجاه تلك الفتاة ...
- ربنا يراضيكِ ويسعد قلبك الأبيض ده ... ويفرحك زي ما فرحتيني بوجودك يا بنتي ...
- أمين ... إنت حاسس بإيه دلوقتِ يا عم "أيوب"...؟!!
أجابها الرجل ببعض التوعك متحملًا إحساسه بالألم ...