رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 15 - 2 - الإثنين 14/10/2024
قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ظننتك قلبي
« لكن بعض الظن إثم »
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة قوت القلوب
الفصل الخامس عشر
2
تم النشر يوم الإثنين
14/10/2024
- والله تعبان يا بنتي بس التعب كله بيروح لو بصيت في وشك الحلو ده ...
كم كان مشتاق لمشاعر الأبوه كما كانت هي أيضًا بحاجة لتلك المشاعر التي حُرمت منها منذ سنوات قاسية ...
تلك المشاعر الحانية التي تُربت على قلبها المفعم بأثقال ضيقه ...
- شكرًا يا عم "أيوب" ...
رغم إعيائه إلا أنها أجابها بتساؤل هي تدرك إجابته ....
- مين فينا إللي يشكر التاني يا بنتي ...؟؟! أردفت بشقاوة تلوح بعينيها البنيتان بقوة ...
- خد بالك بقى يا عم "أيوب" ... أنا إتأخرت أوي ... أنا حروح دلوقتِ وحاجي لك بكره ... إستناني إوعى تمشي ....
أومأ "أيوب" برأسه بصورة مستسلمة للغاية بينما حلت فوق ثغره بسمة راضية قائلًا ...
- حستناكِ ...
أرادت أن تبث له الطمأنينة والثقة بعودتها ، وأنها حينما تَعِد تفي بوعودها ، أخرجت ورقة من حقيبتها القماشية الرخيصة وقلم لتدون رقم هاتفها قائله ....
خد رقمي أهو يا عم "أيوب" لو إحتجت أي حاجة كلمني على طول ... ماشي ...
أغمض عيناه لوهله ممتنًا لصنيعها معه ثم تناول الورقة من يدها مطبقًا عليها بقوة كغريق تعلق بقشة لتنقذه من الغرق وتعيد لها الحياة ...
غادرت "شجن" بعد ذلك على الفور فلقد تأخرت كثيرًا عن موعد عودتها حتى لا تثير قلق والدتها وأختها عليها فهم لا يعرفون بعد سبب بقائها بالمستشفى مع هذا الغريب ...
❈-❈-❈
بيت محفوظ الأسمر ...
نعم يغريك الشيطان فهذا مقصده ، لكنه لا يقوى أن يجبرك على التصرف ...
فما من سوء نفعله إلا بأنفسنا الضعيفة لم نجبر على القيام بها فما للشيطان علينا بسلطان إنما نميل مع الهوى ...
عادت "وعد" بذكراها لتلك الليلة حينما أقلت سيارة الإسعاف "محفوظ" والد زوجها إلى المستشفى ، وأصر "عاطف" ألا تغادر شقتها بينما رافقت أمه "قسمت" وأخته "عتاب" وأخيه "محب" ...
فور أن دلف الجميع إلى داخل المستشفى أخذ "عاطف" يهتف بإضطراب ...
- بسرعة ... بسرعة بالله عليكم ... أبويا حيروح مني ...
لحقه "محب" بأعين قلقة على غير العادة مرافقًا لوالدته التي إنهالت الدموع من عينيها تأثرًا بما أصاب زوجها لتبقى "عتاب" الوحيدة ذات الجمود وقلة التأثر ...
أخذ "محب" يهدئ من روع والدته قائلًا بنبرته الهادئة ...
- إهدي يا ماما ... بإذن الله حيقوم بالسلامة ويبقى كويس أوي ... بابا قوي مش حيقع بسهولة ...
رفعت "قسمت" وجهها تجاه ولدها تتمنى لو أن ما ينطق به حقيقة لتردف بنشيج وسط دموعها الغزيرة ...
- يا رب يا "محب" .... أنا عمري ما شفت أبوك تعبان كده ...!!!!
كما لو أنها مجرد مسرحية هزلية ، وقفت "عتاب" كمتفرجة لها من بعيد وقد تملك الغيظ منها ، حتى أنها لم تشفق للحظة على والدها الذي يرقد بين الحياة والموت ...
تم نقل محفوظ لغرفة العناية المركزة على الفور بعد أن قام الطبيب المناوب بالفحص المبدئي ...
خارج غرفة العناية كان الإنتظار مقلق للغاية خاصة عندما خرج الطبيب ليوضح لهم تشخيص حالة "محفوظ" ....
- إنتم أهل المريض ...؟!!
أجابه "عاطف" بتلهف على الفور ...
- أيوه يا دكتور ... أنا إبنه ....
ذم الطبيب بشفتيه ببعض التأثر ولو أن تلك حالة معتادة يراها بصورة متكررة قبل أن ينطق متحدثًا ووجب عليه إيضاح حالته بصورة عملية للغاية ...
- والدكم للأسف إتعرض لذبحة صدرية شديدة ولازم يقعد في العناية لأن حالته خطيرة جدًا .... مش أقل من 48 ساعة لحد ما تستقر الحالة ...
لحظات من الذهول إعترت وجوههم جميعًا فلم يتوقعوا أن تصل حالته لهذا السوء ، رفع "عاطف" عينيه بنظرات إتهام نحو "عتاب" يلومها بشده على ما أصابه فهي بالتأكيد السبب بما حل به ....
لكن مع نظراته الملُومة إستطرد متسائلًا بتخوف ...
- يعني في أمل إنه يتحسن يا دكتور ...؟!!
أجابه الطبيب بعملية للغاية ...
- كل شيء بإيد ربنا ... إدعوا له وباذن الله ربنا يشفيه على خير .... لكن دلوقتِ الحالة حرجة جدًا ولازم يقعد في العناية بدون أي زعل أو إنفعال ...
تركهم الطبيب ليدنو "عاطف" من "عتاب" التي تعاملت مع الأمر أنه لا يتعدى كونه القضاء والقدر وأن هذا قدره وليس لها دخل بالأمر ....
كز "عاطف" أسنانه بسخط وهو يهمس معنفًا "عتاب" دون أن ينتبه لهما والدته أو أخيه "محب" ....
- شايفه عمايلك عملت إيه في بابا ... إنتِ السبب ...
رفعت "عتاب" حاجبيها بإستنكار وهي تردف تردف بلا إكتراث أو إهتمام "عاطف" لها ...
- ده عمره وده نصيبه ... أنا ما ليش دخل ... وبعدين ما تلبسنيش مصيبة إنت السبب فيها ... وبطل طريقتك دي عشان أنا فاهماك كويس ... أول ما بتتزنق ترمي بأي تهمة على أي حد ... أنا مش "وعد" علشان تعمل فيا إللي بتعمله فيها ... أنا ما بسكتش زيها ...!!
حدجها "عاطف" بنظرات متقده تكاد أن تشتعل توهجًا من شدة غضبه ...
- إنتِ إيه ...!!!! ما عندكيش إحساس .... مش ندمانه حتى على إللي عملتيه مع أبوكِ .. عمومًا مش وقته بس يقوم بالسلامة ولينا حساب مع بعض يا "عتاب" ...
بالزاوية المقابلة وقفت "قسمت" مع "محب" تشعر بالقلق لحالة زوجها الغير مستقرة ، بينما أخذ "محب" يطمئنها قدر الإمكان رغم عدم إلمامه بتلك الحالة الصحية الطارئة التي يمر بها والده ....
- ما تقلقيش يا ماما أكيد أزمه وحتعدي ... بابا عُمره ولا إشتكى من قلب ... ولا إشتكى من أي تعب ... أكيد حاجة بسيطة يعني ...
- أمال بس مقعدينه في العناية ليه ...؟!! ما هو لو كويس كانوا حتى قعدوه في أوضه عادية ... لكن قلبي بيقول لي إن هو مش كويس أبدًا يا "محب" ...
راقب "محب" بعيناه حالة الجدال بين "عتاب" و"عاطف" يود لو يستشف بما يتحدثون فأصواتهم كانت هامسة للغاية لا يستطيع تمييزها بسهولة ، إنتبهت "قسمت" لوجوه كلا من "عاطف" و"عتاب" المتجهمه لتردف متسائله ...
- أخوك و أختك مالهم يا "محب" ....؟!!!
تصنع "محب" عدم معرفته بالأمر ليجيبها محاولًا تشتيتها ...
- ولا حاجة يا ماما ... شكلهم متضايقين بس عشان بابا ...
إنتهى اليوم بعودتهم جميعًا إلى بيت العائلة بينما ظل "محفوظ" نزيل المستشفى لا يعي بما حوله محاط بالأجهزة التي تساعده على تخطي تلك الأزمة ...
لا شئ أسوء من الفُجر في الخصومة ، فهناك تصرفات تزيدك قناعة بأن البُعد أجمل ، فالنزاهة بالخصومة شرف ..
لم تنتهى الليلة لتلك العائلة بعد فما تتذكره وعد جيدًا هو تلك المشادة بين "عاطف" و"عتاب" بتلك الليلة بعد عودتهم من المستشفى ، هي لم تستطع سماع تفاصيل مهاوشتهم وصراخهم من شقتها بالأعلى لكن الوضع كان محتدًا للغاية ...
حينها إتهم "عاطف" "عتاب" بأنها السبب بما حدث لأبيه ....
- إنتِ السبب إللي عمل فيه كده ... إنتِ إللي عايزه تموتيه ....!!!
شهقت "عتاب" بتهكم لتعيد الإتهام له فهو المستفيد الوحيد من موت أبيهم ...
- لا والله وليه ما تكونش إنت إللي عايزه يموت ... إنت إللي أخدت كل حاجة ... يا طماع يا خبيث ... أنا سبتكم ومشيت ... مش يمكن إنت سممته ... ولا إديتله حاجة راح واقع فيها ....؟!!!!!
إتسعت عينا "عاطف" بذهول من حديث أخته التي لا تلقي عليه التهم فحسب بل تدينه بجريمة بشعة بسعيه لقتل والده ليهتف بها بلا تصديق ....
- إنتِ بتقولي إيه ....؟!!! إنتِ مجنونة .... إنتِ واعية للكلام ... أنا ... أنا أقتل أبويا ..... أنا مش جاحد للدرجة دي .... !!!!!!!!
ضحكت "عتاب" بسخرية لتبث الشك بقلب "محب" ووالدتها تجاه "عاطف" .....
- لا إنت جاحد وتعمل أكتر من كده ... إنت إللي ضحكت على أبوك وخليته يكتب كل حاجة بإسم إبنك المفعوص .... يا خبيث يا طماع ....
صدمت "قسمت" بما سمعته للتو لتهتف بتساؤل وحيرة ....
- إيه .....!!!!!! مين إللي كتب إيه ....؟؟! إزاي ده حصل ...؟!! يعني إيه يكتب كل حاجه بإسم "زين" ...!!! الكلام ده حصل يا "عاطف" ...؟!!!
قالتها "قسمت" بنبرة تحمل الإتهام لولدها ، تلك الطريقة التي جعلت "عاطف" يشعر بمزيد من الإنفعال والغضب ، فهو المتفرد المدلل والذي لا يُتهم مطلقًا ، لكن "عتاب" جعلته بموضع يجب عليه الدفاع عن نفسه ليصيبه ذلك بهياج شديد وهو يشير نحو "عتاب" بإنتفاضه كما لو أنه يقف على جمر ملتهب ....
- إنتِ هتصدقيها ....؟!!! دي كذابه ... دي هي إللي قالت له أنا ححجر عليك ... طب وقع فيها ....
رفعت "عتاب" كتفيها بخبث وهي تنكر ذلك تمامًا لتردف بدهاء كاد "عاطف" نفسه أن يصدقها لإصطناعها البراءة والصدق ....
- أنا عمري ما أعمل كده .... مش أنا إللي بلعب من تحت لتحت .... أنا طول عمري واضحه حتى لما بتعصب بتعصب وبقول إللي في قلبي و إللي جوايا على طول .... عشان أنا قلبي أبيض .... عمري ما شلت من حد وده إللي مخلي بختي وحش في الدنيا .... مش ناقص كمان غير أهلي وأخواتي يجوا عليا ويلبسوني تهمه ....!!!!!
أنهت حديثها بشهقات ودموع ذُهل لها "عاطف" فكم أدرك أنها ماكرة كاذبة خبيثة ، حرك رأسه بعدم تصديق وهو يرفع كفيه بصدمة قائلًا ....
- يا نهار أسود ... ده أنا صدقتِك ... !!! إنتِ إيه يا شيخه ... صحيح يقتل القتيل ويمشي في جنازته ...!!!
ألقت "عتاب" نفسها بأحضان والدتها تشتكي من أخيها قاس القلب حتى تُبعد الشك عنها و لا احد يصدق "عاطف" ....
- سامعه يا ماما .... سامعه إبنك بيقول إيه ...؟!!!
ربتت "قسمت" فوق كتف "عتاب" بحيرة فأيهما تصدق ....!! هي تعلم أن "عتاب" ليست بالسوء الذي يخبرها به "عاطف" ، فلن تؤذي والدها مهما حدث لتنهي هذا الجدال والشجار بنبرة منفعلة مهتزة ....
- إسكتوا بقى مش وقته ... أبوكم في المستشفى ... ما ينفعش كده ... إطلع شقتك يا "عاطف" .... إطلع دلوقتِ ....
قلبت "عتاب" شفتيها لتزيد من الطين بِلة قائله ...
- أيوه ... إطلع للهانم إللي ورا كل المصايب دي ... إطلع للي كانت السبب في تعب أبوك ... أكيد ... أكيد هي إللي ميلت دماغك عشان تاكل حقنا ... ما إنت عمرك ما تعمل كده من دماغك ... ده يمكن هي إللي إدتك السم عشان تموت أبويا ... أنتوا عايزين تخلصوا منه ....
زادت "قسمت" انفعالًا بعد حديث "عتاب" لتهتف بحدة ...
-روح يا "عاطف" .... ويكون في علمك مراتك دي ولا عايزة أشوف وشها .... ولا عايزة أسمع حسها خالص .... فاهم ... لحد ما أبوك يرجع بالسلامة ....
رغم أن كل تلك الأحداث والأقاويل كانت أمام مرآى "محب" إلا أنه تعامل مع الأمر كمشاهد فقط لم يتدخل ولم ينفعل بل ظل متابع للأمر دون إبداء أي تعليق بالسلب أو بالإيجاب ....ليتراجع نحو غرفته ببرود تام فهذا ليس وقت العتاب والشجار ولكل مقام مقال ....