-->

رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 16 - 1 - الأحد 20/10/2024

  

قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ظننتك قلبي

« لكن بعض الظن إثم »

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة قوت القلوب


الفصل السادس عشر 

1

تم النشر يوم الأحد

20/10/2024

 «إنتهت المهمة .... »


لم نعيشُ بمنتصف الأحداث ، يُكتَب علينا العيش معلقين دون راحة ، لا نحب ما يحدث ولا يحدث ما نحب ...!!!

حياة مفروضة على الجميع وعلينا تقبلها أو إظهار ذلك كذبًا ، لكن متى ينقشع الضباب وتظهر حقيقة النفوس وتقبل الأمر الواقع ..

بتلك الأمسيه إلتف الجميع حول منضدة الطعام ببيت "فخري النجار" لتناول طعام العشاء المميز والذى تحضره "صباح" على الدوام...

موعد تقليدي لتناول الطعام لكن زائرين متطفلين أصبح وجودهم أمرًا واقعً ، قلوب مزيفة متصنعى المودة التي ليس لها وجود بقلوبهم ...

بصخب شديد تناول "فريد" و"حنين" وأبنائهم بالطبع طعام العشاء برفقة "فخري" و"صباح" و"راويه" دون سابق دعوة لوجودهم ..

إمتعاض وإستنكار لوجودهم وتطفلهم ، لكن ذلك لم يكن ليثينيهم عن فرض تواجدهم المتكرر لما يرونهم حق مكتسب لا يمكنهم التنازل عنه ..

بعد إنتهاء تلك الوجبة الشهية بأصنافها الدسمة عاد "فريد" و"حنين" لشقتهم بالدور الأرضي ...

دلفت "حنين" للداخل وهي تدب الأرض بقدميها بإنفعال و سخط شديد لتلقي بعبائتها وطرحتها فوق أحد المقاعد بإهمال ثم هتفت بحدة فجأة فور أن أصبحا بمفرديهما ، كما لو أن وجودهم بشقتهم هي إشارة لإخراج حقيقة ما بقلبها ، لم يكن "فريد" كذلك سوى الجانب المهترئ الذى تسقط عليه غضبها والسبب بالطبع أخته "راويه" ... 

- أختك دي بلوه ، محسساني إننا بنشحت منهم ، فيها ايه لما بنطلع نتعشى مع أبوك وأمك ، ما فيش مرة إلا لما تقول كلام زي السم ، ما تتلم بقى وتحط لسانها في بوقها ... !!!

ضعف وإستكانه وتردد ذلك رد فعل "فريد" الدائم والمتوقع منه أمام غضب "حنين" العاصف كرياح أعاصير الشتاء ، غضب متكرر إعتاده "فريد" ليردف محاولًا تهدئتها قليلًا ...

- بالراحة يا "نونه" ، هي أكيد ما تقصدش ، إنتِ عارفه ظروفها وحكاية إنها بقت عانس دي مخلياها مش طايقة نفسها ...

حديثه المستفز كان إشارة لها لهياج وغضب أكبر زاده شعورها بالتقزز والنفور من "فريد" ، فلم تعد تطيق حديثه الخانع لترمقه شذرًا بنظراتها الحادة كمن وضع الحطب ليزداد لهيب النيران التى تسعر بداخل عيناها السوداء الساخطة عليه وعلى كل ما يخصه ، شهقت بقوه لتحتد نبرتها المستهزئة ...

- ظروفها ، قال ظروفها قال ، ظروفها دي على نفسها مش عليا ، ده أنا "حنين السيد خلف" إللي وقفت الحارة دي كلها على رجل ، عايزاني أنا أشتغل بلقمتي ..!!!! طب إيه رأيك أنا حطلع كل يوم على العَشا ومش حاحط إيدي في أي حاجة وأقعد هانم ، وهي تيجي تِخَدم عليا كمان ، فااااااهم ...

بمحاولة إسترضاء فاشلة أخرى أجابها "فريد" ... 

- طبعًا يا حبيبتي ، ولا تزعلي نفسك ، أنا بكره حكلملك ماما تظبُطها لك وتمشيها على العجين ما تلخبطوش ...

عقصت انفها بقوة وهي ترج جسدها بإهتزاز غاضب مستهزئة بحديثه ، طالعته بدونية قبل أن تشيح وجهها عنه قائله ...

- لا يا أخويا ، سيب الحكاية دي عليا أنا ، هو إنت بتعمل حاجة !!! 

لها القدرة بثوانٍ قليلة بأن تقلب الدفة عليه ويظهر هو المخطئ من جديد ، فها هى سحابة من التأنيب والتوبيخ تخصه تبوح بأفق "حنين" يستطيع إدراكها جيدًا ، إمتعض وجهه بإستياء لكنه كان أجبن من إظهار ذلك ليردف بخنوع ...

- وهو أنا عملت إيه بس ..؟!! ما أنا بعمل إللي إنتِ بتقوليلي عليه بالحرف الواحد .. 

مالت "حنين" برأسها للأمام وهي تجحظ بعينيها بصورة مفزعة لنفس "فريد" الضعيفة ، رجفة من داخله دفعته للرضوخ منصاعًا لما تطلبه على الفور حين قالت ...

- عشان كده عايزاك تسمعني كويس ، الظاهر الناعم مش نافع مع أبوك ، إنت لازم تاخد حقك غصب عن الكل ...

أعجبته تلك النبرة فليس عليه البحث عن رضا والده و آن الأوان للتحرك بمفرده وما عليه إلا الإنصياع لأفكار "حنين" اللامعة ...

- إزاي .... أعمل إيه ...؟!!

جلست "حنين" وهي ترفع أنفها بغرور تظن أن أفكارها لا مثيل لها مطلقًا لتبدأ بالإيضاح لـ"فريد" لما يتوجب عليه فعله ...

- طالما العِدل مش نافع ... خلينا في الملفوف ...

رفع "فريد" طرف شَفته العُليا وأنفه ببلاهة ليحرك رأسه بدون فهم متسائلًا ...

- يعني أعمل إيه يعني ... مش فاهم ...؟؟؟

عبارة كانت كفيلة بإثارة حنقها لتضطر للشرح التفصيلي بما يتوجب عليه فعله من الآن فصاعدًا ...

- شوف يا "فريد" طالما مش عارف تمسك تجاره أبوك يبقى لازم تعمل شغل من وراه ... وإنت عارف السكك والتجار ... ساعتها يبقى لك إسمك في السوق وتشتغل لحسابك وتعمل بيزنس يطلعنا من القمقم إللي ساكنين فيه ده ...

لاحت بعيناه بريق متوهج فقد أثار الأمر إعجابه بقوة ...

- لأ .. فهميني أكتر ... يعني أعمل إيه بالضبط ...؟؟!

مالت بفمها بغرور لتبدأ بالشرح المفصل فربما يفهم هذه المرة ..

- تعمل شغل من ورا أبوك بس بإسمه ... يا إما يِنالك الهنا كله ... يا إما يناله هو الأذى ... وإنت تبقى بعيد عن كل ده ...

إتسعت ابتسامة "فريد" إعجابًا بذكاء "حنين" ليشيد بها ، مما جعلها تزداد غرورًا وخيلاء ...

- ده إنتِ ما فيش في دماغك اتنين .. تعالي بقى نفكر تيجي إزاي و أشتغل من ورا إزاى ...؟!!

رفعت "حنين" كتفيها وأهدلتهما وقد زادت ثقتها بنفسها بعد تملق "فريد" لها ...

بسيطة خالص "مأمون" أخوك كلها أسبوع ويسافر ... إنت بقى تبدأ تعمل شغل بين التجار بحاجات صغيرة ... لما تسلك نكبرها ولا من شاف ولا من دري ... أنا كمان في دماغي فكرة حبقى أقولك عليها ... دي لو نفعت حتودينا في حته تانيه وإبقى قول "حنين" قالت ...

- وأنا من إيدك دي لإيدك دي يا "نونه" ...


❈-❈-❈


شقة فخري النجار ...

إنسحب "فخري" تجاه غرفته للنوم بعد تناول العشاء كالعادة لتبقى "صباح" و"راويه" بمفردهما فهو لم يعد يطيق بقائه لأكثر من ذلك معهما ...

شحن للنفس مُعتاد عليه بهذا المكان لكن تلك المرة لم تكن "صباح" صاحبة إثارة الحنق ، بتذمر شديد وقفت "راويه" تحث والدتها على التصدي لـ"حنين" التي تستغل كل الفرص لتسيطر على تلك العائلة ...

- يعني يا ماما ما شفتيش طريقتها ... لازمن تقف عند حدها ... خدامين أهلها إحنا ...!!!

لم تكترث "صباح" بكل تلك المناوشات التي لن تفيدها بشيء رفعت ذراعها الثقيل لتمسح جبهتها مُصدرة صوت ضجيج أساورها المحبب المبهج لنفسها ثم أجابت "راويه" بإمتعاض لتفكيرها المحدود ..

- بقول لك إيه ....!!! بطلي خيابه يا بنت "فخري" شيلي "حنين" من دماغك دلوقتِ ... أنا مش عارفه إنتِ حاطاها في دماغك ليه ...!! خلينا في إللي أهم من "حنين" .... 

مالت "راويه" برقبتها للأمام قليلًا وهي تعقد أنفها بضجر من تعليق أمها على غضبها من فرض سيطرة "حنين" ..

- أهم من "حنين" ...!!!! هو في حاجة أهم من "حنين" ...؟!!! 

تجلت بعينيها السوداوتين نظرات ماكرة ليزداد وجهها إقتضابًا و سواد ، ليزيد قبحها النابع من داخلها وليس من سوء ملامحها ... 

مالت "صباح" بجذعها للأمام وهي ترفع عينيها تجاه السقف كما لو كانت تشير إليه مردفة بصوتٍ خفيض للغاية حتى لا ينتبه لها "فخري" ... 

- بنات الخدامة ..

مطت "راويه" شفتيها من ذِكر سيرتهم التي تُعكر صفوها قائله بحنق ...

- مالهم تاني ...؟!!!!!!!

نظرت "صباح" بداية نحو الممر المؤدي إلى الغرف لتتيقن بأن "فخري" ليس بالجوار لتعيد وجهها تجاه "راويه" قائله بهمس خبيث للغاية كالأفعى التي تسعى للإنقضاض على فريستها ....

- ما هو مش كل يوم والتاني يجي لهم عرسان ... وبالعافيه أطفشهم مرة تصيب ومرة تخيب ... أنا لازم أشوف حل نهائي للموضوع ده ...

- أيوه إنتِ عايزة تعملي إيه يعني ...؟!

- هو أنا جايباكِ عشان تسأليني أعمل إيه ... ؟؟! هو إنتِ مُخك ده ما بيشتغلش خالص ...!!!!!! قال على رأى المثل (دقت الطبلة وبانت الهبلة ) ...

ضغطت "راويه" بعينيها تذمرًا من توبيخها المستمر ...

- وبعدين معاكِ بقى ... متقولي إنتِ عايزة إيه وخلاص .... أنا إيش عرفني ...؟!!!

لم تشعر "رواية" بيوم من الأيام أن "صباح" تحبها وتسعى لمصلحتها بل كانت دائمًا تسبب لها الحيرة ، فهل ما تفعله نابع من محبة لها ؟؟ ، أم أنها لا تبالي بها ؟؟؟ ، هل تفعل ذلك مساعدة لها ؟!! أم أنها تنفذ رغبة داخلية إنتقامية تجاه "زكيه" وبناتها ..!!! ، سحبت "راويه" نفسًا عميقًا ثم زفرته ببطء قبل أن تردف بتملل ...

- إنتِ في دماغك إيه بالظبط ..؟!!! 

دارت "صباح" بعينيها السوداوتين دون الوصول لحل جذري يريح قلبها تجاه "زكيه" وبناتها ...

- وهو أنا لو أعرف كنت سألتك يا آخر بختي ...!!! 

نهضت "راويه" من جلستها تشيح بكفها وهي تاركة أمها بمفردها مردفه بلا مبالاة ...

- خلاص لما تعرفي إبقي قولي ... أنا طالعه أقف فى البلكونه ...

أخذت "صباح" تتذمر من إبنتها بليدة الإحساس فهي لن تنفعها بشيء الآن ، وأن عليها التفكير بمفردها بحل يريحها من شغل تفكيرها ببنات "زكيه" اللاتي يسببن لها هما ثقيلًا طيلة الوقت ...

- أهو ده إللي فالحه فيه ..!!!!!!


الصفحة التالية