رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 16 - 2 - الأحد 20/10/2024
قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ظننتك قلبي
« لكن بعض الظن إثم »
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة قوت القلوب
الفصل السادس عشر
2
تم النشر يوم الأحد
20/10/2024
شقة زكيه ...
أمسية شاقة على النفوس بعد يوم قاسٍ طويل ، وضعت "زكيه" الطعام بصمت لم تعتاده "نغم" و"شجن" فملامحها المقتضبة توحي بأن هناك أمر حل الضيق بقلبها
ربما لم تتفوه به "زكيه" لكن قلوبهن تشعر بأوجاع بعضهن البعض ...
قلبتا نظراتهما نحو أمهم لتبدأ "نغم" بحسها المرهف تحاول حث "زكيه" على إخراج ما بقلبها ..
- مالك يا ماما مين مزعلك ...؟!!
لحقها سؤال "شجن" بينما تجلت بعينيها وميض فراستها لتسألها بشك ..
- مين زعلك يا زوزو ..؟!!
تبسمت "زكيه" ببسمة حزينة رسمت فوق شفتيها ثم تنهدت ببطء ..
- ولا حاجة يا حبايبي ... ولا حاجة ...
مالت "شجن" برأسها قليلًا وهي تطالع والدتها بسوداوتيها المتوهجتان متسائله ...
- وهو إحنا تايهين عنك يا زوزو ... إيه إللي حصل ..؟!!
حيرة طلت من بين عينيها اللطيفتان وهي تطالع بناتها أتخبرهم بما فعلته "صباح" التي أصبحت أفعالها تطالهم بالأذى أم تكتفي بالصمت لتومئ رأسها بخفه قائله ...
- طالما إنتوا بخير .. أنا بخير ..
هنا تأكد شك "شجن" بيقين تام أن الأمر له علاقه بهذا الطبيب الذي تقدم لخطبتها فلابد أن شيئا ما حدث وتراجع عن الأمر مثل كل مرة فيبدو أن "صباح" لن تكف عن أذيتهم ...
أسرعت "نغم" ببراءتها المعهودة تظن أن الأمر لا يخرج عن ضيقة مالية أخرى تمر بها والدتها ...
- لو على الفلوس يا ماما إحنا الإتنين بنشتغل دلوقتِ ... بس نصبر لأول الشهر حنقبض ويبقى معانا فلوس كويسة أوي ...
رغم إدراك "شجن" الأمر إلا أنها إبتسمت بسمة متضايقة تخفي بداخلها حنقها على "صباح" وأفعالها لكنها نظرت نحو والدتها بإشفاق فيكفيها ما يملأ قلبها من حزن الآن لتلتزم الصمت دون تعقيب أو عتاب لتشبث والدتها بالبقاء بهذا البيت ...
رفعت "زكيه" بصرها تجاه "شجن" التي أخبرتها عيناها دون حديث بفهمها لما حدث لتزوغ بعينيها عنها تهربًا من ملامتها ، أجابت تساؤلهم بحديثها الكاذب مختلقة سبب واهي لحزنها الظاهر على ملامح الطيبة ..
- أه يا حبايبي هي الفلوس .. ربنا حيفرجها إن شاء الله ...
عقبت "نغم" ببساطة لتخرج والدتها من همومها ..
- و إيه يعني يا ماما .. واحنا من إمتى بيهمنا الفلوس ... إحنا طول عمرنا أغنياء ولا بيفرق معانا ولا ذهب ولا فلوس ...
إبتسمت "زكيه" وهي تنظر إلى وجهيهما مردفه بفخر ...
- إنتوا جواهر وأغلى من الذهب وأغلى من فلوس الدنيا كلها ...
سحبتها "شجن" من ذراعيها قائله ...
- يعني مش ناوية تعشينا النهاردة ولا إيه ... أنا موت من الجوع ... طول النهار ما بين المستوصف والمستشفى ...
إلتفتت "زكيه" نحوها بتساؤل وفضول ...
- صحيح إيه حكاية المستشفى دي ...؟!! إيه إللي حصل ...؟!!
جلس ثلاثتهم حول المنضدة لتناول الطعام وسرد أحداث يومهم ببساطة وحميمية ككل يوم لتخبرها "شجن" عن "أيوب" والحادث وتشبثه بها وبقائها معه لطمأنة قلبه الوحيد ...
عقبت "زكيه" بتفاخر لمساندة شجن لهذا الرجل ...
- طول عمرك طيبة وبتدوري على الخير وتعمليه ... ربنا يوقف لك ولاد الحلال دايمًا في طريقك ...
طالت "شجن" بنظرتها تجاه والدتها بنظرة قوية متمردة لتردف قائله بذكاء تخفي خلف كلماتها عتاب لوالدتها ...
- الخير والطيبة مش في السكون والإستسلام بس يا ماما ... ساعات الخير لما بيكون معاه القوة بيكون أكبر وأعظم ...
بتهرب سألت "زكيه" إبنتها "نغم" حتى تتهرب من حديث "شجن" الذي تدري نهايته جيدًا ...
- وإنتِ يا "نغم" مبسوطة في المكتبة ...
ملأت "نغم" فمها بالطعام دون الإنتباه أنها ستشارك بهذا الحوار بينهم لترفع وجهها الممتلئ ببراءة مجيبة والدتها أثناء إبتلاعها للطعام ...
- حلو جدًا ... وأستاذ "بحر" متفهم أوى ... والشغل هناك سهل ولذيذ ..
ضحكت "شجن" على طريقة "نغم" و وجنتيها الممتلئتان بالطعام ..
- هو إيه إللي لذيذ ...!!! إرحمي بطنك شويه ... الشغل إللي لذيذ ولا الأكل ...
- فيه إيه يا "شجن" ... جعانه .. الله ...
إبتسمت "شجن" لتنظر تجاه والدتها قائله ...
- إعملي حسابك يا ماما بكره هاخد معايا أكل لعم "أيوب" في المستشفى لما أروح أزوره ...
بكرمها الزائد أجابتها "زكيه" ...
- أكيد يا بنتي ... واجب برده ححضر لك علبة أكل كويسه تاخديها معاكِ وإنتِ رايحه له ..أهو كله بثوابه ...
❈-❈-❈
سويسرا ...
منذ متى تصبح الحقيقة موجعة إلى هذا الحد ، أليست تلك التى تسعى إليها منذ تفتق ذهنها وعقلها على الحياة ، أليست هي من كانت تضرب بالأكاذيب عرض الحائط ولا تهتم سوى للحقيقة ، والحقيقة فقط ...
لِمَ تتمنى الآن أن تكون مغفلة ، تغفل عن واقع يقسو فوق قلبها الوليد ، هل كان يجب عليها ألا تكون بهذا الذكاء ، هل الغباء الآن أصبح هو الميزة والمكافأة ...
لو كان للمرء نقطة ضعف فهي تكمن بالأشياء التى يحبها ، ربما بوقت آخر وزمن آخر .. وشخص آخر ، لكان تقبلها لما حدث أهون بكثير ، لكنه موجع منه ، هو الذى ظنت أنه له بقلبها مكان لم يتمكن غيره من إقتحام حصونه أو حتى أن يدنو قربه ...
لم تشعر بوخز موجع كما شعرت به الآن وهو يخبرها أن الأمر برمته ما كان إلا مهمة ، وقد أدى مهمته على أكمل وجه ، إنها لم تكن سوى (كبش فداء) لإنجاحها ، إن الأمر لم يتعدى مجرد تمثيلية متقنة للوصول لغايته ...
لوهلة شعرت بضعفها كما لو أنها تقف بالعراء دون حامى أو سند ، شعرت بالدونية وقلة الشأن ، لو كان يدرى ماذا فعلت كلماته بها لصمت دهرًا دون حديث ...
إرتجفت بنفس مهتزة تشعر بغصة شديدة بقلبها وجفاف بحلقها و ... حرقة بمقلتيها ...
(لا ... لا يا عيناي أبدًا لن تضعفى ... لن تنهزمي ... وليس هنا ... وليس أمامه ..)
هكذا أخذت "عهد" تزجر نفسها التى ضعفت و أوشكت على السقوط ، قبضت كفيها بقوة تبث بهما غضبها وضيقها ، أخفت إرتجافها وإهتزازها خلف هذا القناع الذى إعتادت إرتداؤه فلن تسقط ولن تنحنى ولن تقبل الهزيمة ...
حركت رأسها تزيح أفكارها وهى تتشدق بعنقها بشموخ محاولة السيطرة على صدرها الناهج وعيناها المتأرجحتان ...
- تمام يا حضرة الضابط ...
قالتها بحدة ليشعر "معتصم" بهذا التغير بنبرتها ليميل وجهه متفرسًا ملامحها الثابتة بشكل يثير القلق ...
- مالك يا "عهد" ...؟!!
ضغطت بقوة على أسنانها المصكوكة قبل أن تردف بإقتضاب وجدية جديدة للغاية على مسامعه ...
- المهم إن مهمتك كملت يا فندم ... أنا مش مهم ...
رفع حاجباه قليلًا لتشع عيناه بريق لماح حين فهم بفراسته فهمها الخاطئ ليتحفز بالرد عليها موضحًا الأمر ...
- بلاش تاخدي الأمور بالحساسية دي ... أنا برضه كنت معاكِ لحظة بلحظة ولا يمكن كنت حسيب أى خطر أو حاجة تصيبك ...
أردفت بسخرية وهي مازالت ترفع من رأسها بتعالى ..
- لا والله كتر خيرك ...!!!
نهض "معتصم" يقف قبالتها قائلًا بصرامة حتى لا يدع الشك يتوغل بقلبها ...
- "عهد" ... إنتِ أكبر من إن حد يقل منك ... أنا ...
لم تستطع "عهد" كبح غضبها وثورتها خاصة منه ومن اللعب بها وبمشاعرها حتى بعد إنتهاء المهمة لتضع وجهها بمجابهته وقد إتقدت عيناها بذات الشرر الذى طالما كانت تتحلى به ، هذا الإنفعال الذى لم يراه منها من قبل ، لتردف مقاطعة إياه عن إستطراده بحديثه الكاذب الخالي من الصحة ...
- يقل مني ...؟!! إنت شايف كدة ...؟!! عندك حق ... ما أنا الغبية إللي مليش قيمة ... ترموها فى مهمة من غير ما تعرف عنها حاجة كأني مساويش أى حاجة ..!!! يولعوا فيها ... يضربوها بالنار ... يقتلوها ... فى داهية ... المهم الباشا يبقى بخير ...!!!!!!
هتف "معتصم" بإنفعال لفكرها المحدود وإنفعالها المبالغ فيه ليحاول تبرئة نفسه وتهدئتها بذات الوقت ...
- إنتِ إزاى فاهماها كدة ...؟!!! "عهد" ... فوقي .. ده شغل ... ومتنسيش أنا كنت بحميكي كويس ... أنا عرفت إن إنتِ إللي حتقومي بالمهمة .. بس معرفكيش شخصيًا ... ومكنتش أقدر أوضح لك تفاصيل أنا معنديش أمر بإيضاحها ... المهمة كانت عايزة كدة ...
أغمضت عيناها لوهلة ربما هو محق بهذا الأمر وهي تسقط غضبها من "نظمي" ومجموعة عملها اللذين أخفوا هذه المعلومات الهامة عنها ، لكنه يظل من تصنع الإهتمام والإعجاب بها ما هو إلا إدعاء ، ما ظنته نهاية لليلها الطويل هو مجرد مهمة برع بتأديتها على أكمل وجه ، مهمة ليس للمشاعر دخل بها ...