-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 32- 2 - الأحد 10/11/2024

  

قراءة رواية حان الوصال كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثاني والثلاثون

2

تم النشر يوم الأحد

10/11/2024 

مش مبرر يا بهجة انك تبيعي نفسك، انا طول عمري شايفك حاجة عالية اوي وغالية على اي حد، ليه تهزي صورتك في عيني؟ وانت تستاهلي اكتر من كدة بكتير اوي.


- عشان انا مبعتش نفسي، انا اتجوزت اللي بحبه، حتى لو هو شايف غير كدة، او بيكابر وممكن في اي وقت يستغنى عني، انا مش ندمانة اني اتجوزته وارتبط اسمي بيه لو حتى في السر.


- لدرجادي يا بهجة؟


خرج تساؤله بصوت بدى كالمبحوح تأثرًا بجرح شعر به داخل قلبه وكأنه انشطر نصفين، بعد تصريحها، واخباره وبكل وضوح انعدام فرصته في الوصول اليها، ربما ليس جديدًا عليه هذا الأمر ولكنها الاَن تؤكد


- لدرجادي واكتر كمان يا بن عمي، احنا قلوبنا مش بإيدينا، وانا قلبي غبي دونًا عن الناس كلها مختارش غيره.


- مش انتي بس اللي قلبك غبي، شكلنا عيلة بتحب اللي يعذبها. 

غمغم كلماته بمعنى مقصود، ولم يوضح اكثر من ذلك، فلم تعد هناك فائدة للكلام. 


ليأتي سؤال بهجة المباغت له:

- دلوقتي بقى جه عليك الدور تقولي مين اللي بلغك؟

واداك الصورة؟


❈-❈-❈


انشغلت كعادتها على احدى القضايا، لتضع بها تركيزها الشديد، دون الالتفاف لشيء اَخر حتى الإجابة على مناداة اخوتها ووالدتها التي تعبت من الصياح من خارج الغرفة، لتضطر للولوج اليها :


- وبعدين بقى يا صفية، ساعة بنده عليكي من برا، كل دا مسمعاش؟ تليفونك جمبنا عمال يرن بقالوا ساعة لما صدعنا. 

بجدية شديدة رفعت عن عينيها النظارة الطبية لترد بحنق:

- في ايه يا حبيبتي يا ماما بس؟ ما انا مشغولة زي ما انتي شايفة اهو، التليفون حطاه على الشاحن يشحن وبالمرة افضي دماغي للقضية المهمة اللي في ايدي ، دي الموكلة مستأمناني على مستقبل بنتها اللي هيضيع لو مخدتش براءة بكرة.....


هتفت سمية مقاطعة وقد فاض بها:

- خلاص يا ختي احنا مش في محكمة عشان تترافعي وتاخدك الجلالة، هو انا كل مرة اكلمك لازم اسمع الموشح ده، وادي الرنة الزفت كمان خلصت برضو من غير رد، خدي بقى، خلي تليفونك ده جمبك مش ناقصين قلبة دماغ 


شددت بالاخيرة تضع لها الهاتف على سطح المكتب لتتابع ساخطة:

- قال هنضيع مستقبل البت قال لو مركزتش في البراءة، كل اللي في سنك اتجوزو يا منيلة، مبقاش فاضل في المنطقة غيرك، يا خوفي لتقعدي في قرابيزي.


التوت شفتيها بعدم رضا دون ان تكلف نفسها برد لا طائل منه، فوالدتها لن تقتنع ابدًا بوجهة نظرها، وهي أيضا لن تتنازل وتطيعها.


دوى الهاتف مرة اخرى برقم غريب، جعلها تتطلع في الشاشة تحاول تذكره بلا فائدة، لتقرر الفتح عليه لتعرف من الطالب مع اندماجها في عدد الأوراق التي امامها 


- الووو مين؟

- الوو دا انا يا أستاذة صفية

- إنت مين؟

- انا مين؟!


- ايوة انت مين؟ وبتتصل عليا ليه في الوقت ده؟ لو زبون، يبقى المكتب مفتوح من عشرة الصبح لعشرة الليل، بس كدة، تبلغ السكرتيرة وهي هتقوم بالواجب.


أعجبه حزمها وصرامتها، ولكن هذا اخر ما يحتاجه الان، ليدعي التمثيل والدراما:

- انا بجد مصدوم، ومش قادر حتى اتخيل، معقول تلت ساعات معايا ولسة متعرفنيش يا صيفو


استدركت تتذكره بالفعل، لتضرب بكف يها على جبهتها بيأس مغمفمة، يا ريتني ما افتكرت اصلا، انتي طالبني ليه؟ 


وصلها صوته بمسكنة:

- ليه الحدة دي بس؟ دا انا بتكلم عشان اطمنك عليا، لما لقيتك نسيتي ما تتصلي.


أبعدت الهاتف من على اذنها تطالعه شاشته بعدم تصديق لما وصل لأسماعها ثم عادت اليه بارقة عينيها بذهول في الفراغ امامها:


- انت بتتكلم بجد؟ يعني انت فعلا متصل بيا عشان تطمني عليك؟!

- ايوة طبعا، ما انا نبهت عليكي النهاردة تسألي عشان انا وحيد، بس حضرتك مسألتيش ولا كلفتي خاطرك، بس انا مسامحك يا صيفو.


نفضت عنها الدهشة من حديثه الغريب، لتصرخ معترضة على الاخيرة:

- يا نهار اسود، ايه صيفو دي كمان، انا كدبت وداني لما سمعتها الاول، حضرتك مش شايف انك زودتها؟


لطف على الفور مبررًا بمكره:

- وهي صيفو دي وحشة؟ انا اسف أن كنت زعلتك بس انا حسيت أستاذة دي تقيلة اوي، تتقال من موكلينك، انما انا بعد اللي عملتيه النهاردة معايا، يصعب عليا اوي اكبرك وانتي كتكوتة وتستاهلي الدلع.


اربكها، لقد علم بذلك على الفور حينما سمع شهقة صغيرة قطعتها سريعًا لترسم الجدية نحوه محذرة، بكلمات متقطعة وغير مترابطة، نتيجة خجلها الشديد، ليتها كانت امامه الاَن ليستمتع بهيئتها اللذيذة تلك:


- لو سمحت يا دكتور انت... انا بحذرك... عشان انا مبحبش الدلع... ولا اللي يدلعني..... انت شكلك بتعاكس صح؟


- لا والله ما بعاكس، انا بس بقول اللي بحس بيه، حسيت اني عايز اتكلم معاكي قوم اتصلت عليكي، حسيت اني عايز اندهلك باسم دلع، لساني نطقها من غير تفكير، وليكي كل الاحترام سيدتي اكيد. 


- انت... انت بتقول ايه؟ 

تلعثمت بالكلمات تزيده انتشائًا ليواصل بلؤم، كي ينهي الأمر قبل ان تلملم شتاتها وتستعيد شراستها:


- انا بوضح احترامي ليكي، ع العموم انا بستأذنك من وقت للتاني اتصل بيكي اطمنك عليا، وإذا قطعت اعرفي اني جرتلي حاجة، ما انا وحيد يا استاذة، ربنا يجعلك دايمًا نصيرة للغلابة، تصبحي على خير. 


انهى المكالمة اخيرًا، لتطالع هي الهاتف بعدم استيعاب، ماذا يفعل هذا الغريب معها؟ وكيف يجبرها بأسلوبه الملتوي على الإستماع اليه، فلا تجد حتى فرصتها في الإعتراض.


تنهدت تنفض هذه الأفكار من رأسها، لتعود إلى عملها المحبب، فنزلت بعيناها نحو الاوراق التي كانت تراجع بها منذ قليل، لتجد نفسها لا ترى حتى الكلمات من فرط شرودها، لتدفعهم من امامها بغيظ:


- ارافع عن البنية ازاي دلوقتي وانا حتى مش عارفة اجمع الأحداث على بعضيها؟ ادعي عليك بإيه بس يا هشام يا ابن ام هشام؟ انت السبب.


❈-❈-❈


عاد اخيرًا وقد قارب الليل على الانتصاف، فتح باب المخزن ليجدها تطالعه بلهفة اثارت به الشفقة، رغم غضبه الشديد منها:

- اخيرًا جيت، كنت سيبني ابات احسن، اموت من الجوع والعطش والبرد كمان .


تقدم يضع الطعام الذي كان يحمله على الطاولة، ثم اقترب يقطع الحبال التي تقيد يديها وقدميها، يتمتم باعتذار:

- انا اسف، بس المشوار كان طويل، دا غير العطلة اللي حصلت معايا، والانتظار اللي اضطريت اليه، على العموم انا جايبلك الاكل السخن وكل حاجة تحتاجيها .


دلكت يديها، تجأر به حانقة:

- حاططني في وضع غير ادمي، لا مقدر ولا عندك اي احساس بالمسؤولية، انا واحدة ست Lady قدامك، مش مجرمة ولا رد سجون. 


التوى ثغره بضيق، ليقرب الطاولة منها:

- الأكل والمناديل والمعطر والغسول كمان، اعملي ما بدالك، انا مش هربطك تاني اصلا. 


- انت بتتكلم بجد ولا بتضحك عليا؟

سألته بتشكك قابله بمزيد من الضجر مرددًا:

- يا ستي والله ما بضحك عليكي، انا مخنوق وعايز اروح بيتي وانام على فرشتي، كفاية ليلة بحالها قاعد حارس على جنابك. 


تبسمت تتمعن النظر به، وهذا الإرهاق الذي يعلو ملامحه، وكأنه فقد الشغف وفقد حتى المقاومة، لتسخر بفرح:

- واضح اوي انك اتأكدت من كلامي، ودا اللي مخليك تعبان ومش قادر حتى تتكلم.


زفر يشيح بأبصاره عنها لتتيقن من صحة ترجيحها فيزداد اتساع ابتسامتها، لتتناول احد الأكياس وتنهض من امامه تستطرد بانتشاء:

- انا هروح الحمام اوضب نفسي، مع اني مخنوقة عشان الهدوم اللي مغيرتهاش من امبارح، ولا الحمام اللي بقرف منه، بس كويس انك قدرت وجيبت الحاجات الضرورية دي، هحاول متأخرش عشان نتكلم شوية مع بعض، الظاهر ان الحوار ما بينا هيبقى طويل


ظل صامتًا ولم يعقب بحرف، يتابعها تهرول نحو غرفة المرحاض بنشاط، وقد دب بها الحماس بعدما لاحظت خيبته، لتتأكد من ظنها، وتحاول استغلال الفرصة بخبثها.


لم ينتظر طويلا حتى خرجت اليه، ممشطة شعر رأسها بيداها، وجمال بشرتها الحليبية الصافية، بعد تنظيفها بالغسول، وقد بدا عليها الانتعاش جليًا، ليتها تزيل عن نفسها القذارة كما فعلت مع بشرتها.