رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 33- 2 - الخميس 14/11/2024
قراءة رواية حان الوصال كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الثالث والثلاثون
2
تم النشر يوم الخميس
14/11/2024
تركته بين عائلته، لتخرج من الغرفة وحالة من الشرود تكتنفها، ماذا يحدث معها؟ كيف تحولت مشاعر الغضب نحو هذا الرجل إلى اخرى مناقضة تمامًا، تحمل اللهفة والفرح؛ فور ان رفرفت اجفانه امامها، تمهيدًا لعودته إلى الوعي؟ لم يسبق لها ابدًا ان تعاطفت مع احد مهما كانت صفته لها، إذن ما هذا الذي تشعر به؟
كانت غارقة في افكارها وتساؤلاتها حتى اصطدمت عينيها بأخر شخص تود رؤيته الآن.
- رياض باشا؟
لم تنتبه لوالدتها ولا لنجوان التي اقتربت تضمها من أجل الإطمئنان عليها:
- حبيبتي عاملة ايه؟ في حاجة حاجة حصلت ولا حد قربلك؟
نفت بهزة من رأسها وصوتها خرج بتأثر لطيبة المرأة التي لطالما تمنت الخلاص منها، وقد كانت تظنها عقبة تعيقها عن الوصول إلى الاخر، ذلك الذي يطالعها الآن بنظرات غير مريحة على الإطلاق:
- حمد لله يا طنت، انا محصليش اي حاجة، سامر هو اللي خد كل الضرب والطعنة بالسكين عشان كان بيدافع عني؟
- عرفتيه منين؟
- ها
اقترب بهدوءه المريب يصافحها بكف يده، يردف بلهجة جعلها عادية:
- اولا الف سلامة عليكي يا لورا، انا بس بسألك عن الولد اللي انقذك، مش دا برضو اللي جه واتخانق عندنا من مدة كدة مع تميم العامل في قسم الملابس في المصنع؟
اومأت رأسها باضطراب يعصف بها
- اه هو، انا شوفته صدفة لما عطلت عربيتي، ولما اتعرف عليا اصر بشهامته يوصلني، واحنا في طريقنا اتعرض لنا اللبلطجية واللي حصل حصل.
انهت سريعًا تتلقي كلمات الدعم من المرأتين، لتتجاوب في الحديث معهما، وتتهرب بنظرها عنه، حتى تتجنب الأسئلة المتوقعة منه، وترتب افكارها بناءًا على ما اختلقته من قصة وهمية الآن، لا تعرف كيف فعلتها؟!
اما هو فقد كان ينتظرها متوعدًا، يعلم أنه مهما راوغت سيأتي وقت حسابها، وها جاءت البداية، بحضور احد الضباط للتحقيق معها .
❈-❈-❈
هناك اوقات لا يصح فيها الا الواجب، والذي يجبرك احيانًا في تحمل مالا تطيق في التعامل مع أشخاص تتمنى حتى الا تقابلهم في طريق رغم قربهم، ولكن اصلك الطيب يمنعك .
- ابن عمتك جاي يطمن عليك، تعالى يا شادي
كان هذا صوت الشقيق الأكبر زوج رحمة، والتي تكفلت بإخبار شقيقها، ليأتي الان إلى المشفى كي يطمئن على ابن خاله المصاب، فيلقي التحية على الجميع اولا.
-'السلام عليكم
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جاء الرد من معظمهم في الغرفة الممتلئة بعددهم، أفراد عائلة المريض وعريس ابنتهم وابيه
والتي انتصبت في جلستها باهتمام شديد تتابعه يصافح ابيها ويتحدث مع شقيقها المريض وباقي من بالغرفة ، ولكن بتجاهل تام لها ولولداتها، وكأنه لا يراهما من الاساس.
- دا طلال خطيب بنتي يا شادي، ودا عماد يبقى ابوه صاحبي وعشرة عمري.
تمتم خميس بتفاخر قابله شادي بابتسامة واسعة، يهنيء الرجلين الكبيرين قبل ان يصافح العريس ييارك له ايضًا في حديث ودي قام به سريعًا معهم، ثم غادر تتبعه عيناها، حتى ودت ان تلحق به، بصورة فضحتها امام هذا المتربص ليحدجها بجمرتيه المشتعلتين، يلتزم ضبط النفس بصعوبة.
❈-❈-❈
اجرا بعض المكالمات الهامة في النقاش مع شريكه في العمل وبعض الأمور المطلوب البت فيها على وجه السرعة، ليجلس محله الاَن على احدى مقاعد الانتظار وحده، بعدما تركته والدته لتذهب مع لورا ووالدتها في عمل بعض الفحصوات للإطمئنان عليها .
يلقي بنظره على ساعة يده كل لحظة، يحصي الدقائق حتى ينتهي من هذا الواجب الثقيل، يزعجه هذا الهاتف الذي تركته والدته في حقيبتها وهو لا يكف عن الدوي، حتى اضطره الفضول لإخراج الهاتف والإطلاع على هوية المتصل
فاتفاجأ بإسمها المحبب يزين الشاشة لترتسم على ثغره ابتسامة مزجت ما بين الغيظ واللهفة لسماع صوتها الذي صدح كنغمة موسيقية بأذنه المشتاقه اليها مثل كل خلية من جسده.
- صباح الفل يا قلبي، انتي اتأخرتي ليه؟ ميعادك عدى عليه ساعة.
- ميعاد ايه اللي عدى عليه ساعة؟
انتفضت محلها فور ان اخترق اسماعها النبرة الرخيمة، حتى اللجمتها الصدمة فلم يقوى لسانها على النطق حتى اجفلها بحدته:
- مبتروديش ليه يا بهجة؟ سامعة واحد غريب إلى بيكلمك دلوقتي في التليفون؟
صدرت منها حمحمة سريعة كي تجلي حلقها، وتحاول الثبات في الرد، او ضبط خفقات قلبها القوية، التي اصبحت تضرب في صدرها كطبول افريقية، فتخرج منها الكلمات بعدم تركيز:
- لا طبعا مين قال كدة؟انا بس..... يعني استغربت انك ترد على تليفون نجوان هانم، اصل انا اتصلت عشان هي وعدتني تيجي النهاردة عندنا المحل وو اتأخرت عن ميعادها.... هي فينها؟
كادت ان تفلت منه ابتسامة مشاغبة عقب سؤالها الاخير لعلمه بحجم تأثيره عليها مهما أنكرت وادعت القوة في الاستغناء، وهذا ما يزيده تعلقًا هو الاخر ، ليجيب استفهامها بجدية:
- أحنا مش في البيت اصلا يا بهجة، شكلك متعرفيش اخر الاخبار، ابن عمك ولورا طلع عليهم بلطجية امبارح يتهجموا عليهم، وأصابوه بطعنة كبيرة في بطنه.
- يا نهار اسود، ابن عمي انا شقوا بطنه بالمطوة، مين اللي عملها؟ وفين؟ و..... استنى صحيح.... انت تقصد ابن عمي مين فيهم؟....... وايه اللي جاب سيرة لورا اصلا؟ وانت ونجوان........ ايه دخلكم؟!
صاحت بها بهلع في رد فعل طبيعي، لكن سرعان ما استدركت غرابة الحديث، لتردف بالاسئلة؟ فنتجت بثغره ابتسامة هذه المرة لكن بدون مرح يجيبها:
- دخلنا ان لورا كانت معاه في الوقت ده، وهي اللي بلغت البوليس والاسعاف عشان ينقذوه، احنا بقى في المستشفى عشانها وعشان نطمن كمان على نجاة ابن عمك سامر..... ايوة سامر، حسب ما عرفت .
صرخت ضاربة بيدها على صدرها بفزع وحماقة لم تحسب حسابها:
- سامر يا لهوي، دا كان معايا امبارح وزي الفل، هو الموضوع دا حصل ازاي؟ قولي على اسم المستشفي يا رياض، انا حالا لازم اجي واشوفه.....
قاطع حديثها المتسارع بحدته، يوقف استرسالها:
- استني عندك قبل المستشفى وقبل الزفت.... انتي كنتي معاه فين بالظبط؟ وامتى يا ست بهجة؟
- هااا
تمتمت بها، لتعض بأسنانها على جانب شفتها السفلى، وقد أدركت حجم هفوتها امامه، فتحاول التوضيح:
- ما هو يبقى ابن عمي،، يعني شيء عادي لو شوفته في اي حتة واتكلمت معاه، ثم احنا في ايه ولا في ايه بس يا رياص؟
وكأنها تبتغي بكلماتها الاخيرة ان تفحمه، فجاء رده بغموض:
- اه صحيح عندك حق، مش وقته فعلا، ولا وقته خناق ولا معاتبة، تمام اوي يا بهجة، البسي هدومك بسرعة وأنا هبعتلك عم علي يجي ياخدك بالعربية..... عشان تيجي تشوفي ابن عمك..... وتتطمني عليه!
❈-❈-❈
يدخن بشراهة، مطرقًا بإصبعيه على الطاولة الخشبية القديمة، بتفكير متعمق، بعد انتهاء المكالمة وسماعه لحديث الشقيقتين، وقد تحفزت كل خلاياه للتخطيط، بعد معرفته بوجودها بمنزل اسرتها، أصبح الشغف اكثر متعة.
لابد ان يجد طريقة للذهاب اليها، لن يخبر أحد هذه المرة حتى لا يعلم الضابط زوجها بحضوره، لن يهدأ حتى ينال ما يبتغيه، طالما في كل الأحوال يطارده، وأصبح محل اشتباه، اذن ما المانع في تحقيق ما تهفو اليه نفسه، ولكن كيف يجد الطريقة؟ فقد قرر ان يصل اليها، وقريبا
❈-❈-❈
بالتهليل والدعوات الخالصة من القلب، خرجت صفية من قاعة المحكمة تجتاحها نشوة الانتظار، بعد ان تمكنت بمهارتها بالفوز ببرائة كاملة للفتاة المظلومة التي كانت تترافع عنها.
- ربنا يبارك فيكي يا ست المحامية، يحميكي ويرضيكي ويرزقك بابن الحلال اللي يقر عينك ويريح قلبك .
- خلاص يا ست ام ريري، ربنا يخليكي دا انا شبعت من دعواتك النهاردة، هو انا يعني عملت ايه اكتر من واجبي؟