رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 34-1 - الأحد 17/11/2024
قراءة رواية حان الوصال كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الرابع والثلاثون
1
تم النشر يوم الأحد
17/11/2024
بانهزام تام، دلف عائدًا إلى غرفة شقيقه في المشفى بعد انتهاء كل شيء وانقطاع الأمل الذي عاش عليه لسنوات، لم يعد هناك مفر من الواقع وقد تبخر الحلم لينمحي مع سنوات ضاعت في الا شيء .
فسقط بثقله على مقعد الاستراحة في جانب الغرفة، يحاوط رأسه بين كفيه، ولا يستطيع تحمل حديث والدته التي انتعشت بعد ما حدث، تأخذها الحماسة في اللقاء اللوم وتأنيب ابنيها.
- عشان بس تبقوا تصدقوني بعد كدة، بنت خليل الله يرحمه طلعت مية من تبن، راسمة دور البراءة والبت الشريفة وهي ماشية مع المدير اللي بتشتغل عنده على حل شعرها
تمتم سامر ردًًا لها بقوة وتحذير رغم تعبه :
- بهجة متجوزة مش ماشية على كيفها يا ماما، ونقي كلامك عشان دا عرضنا على فكرة.
شهقت سامية باستنكار في دفاع عن والدتها التي صدمها بقوله:
- اسم الله يا حبيبي على عرضك وطولك، دا جواز في السر يا عنيا، يعني سيرتها هتبقى لبانة في بق الخلق وبكرة الكلام يلطك انت كمان بصفتك ابن عمها
غمز يفحمها بكلمات مقصودة:
- ما اتلطيت في الأقرب هتيجي على بنت عمي يعني؟ ولا انتي مش واخدة بالك .
جحظت بصدمة بعد تلميحه بموضوعها السابق فجاء الاستنكار من والدتها:
- في ايه يا واد؟ بتدافع عنها وتعاير اختك بغلطة مش قصداها، طب حتى افتكر انك تعبان وبين ايدين كريم، بذمتك ربنا يرضى بكدة .
تبسم ثغره بابتسامة ساخرة يشيح بعيناه عنها ليزيد من غيظها مما جعلها تثور بزوجها كي يوقفه:
- ما تقولوا حاجة الواد ده يا خميس، بنت اخوك لحست عقله، حتى بعد ما اديته الصابونه هو واخوه برضو بيبررلها اللي عملته.
ألتفت اليها مرة اخرى يحدجها بنظرة حارقة خلف كلماتها الاخيرة، اما خميس الذي كان جالسًا متربع الذراعين منذ البداية بصمت تام فقد ازداد عبوس ملامحه دون ان يريحها بكلمة ليأتي الرد من ابنه الاخر وقد اشتعلت رأسه بالظنون:
- بصراحة بقى انا كمان مستغربك، زي ما مستغرب كمان استمرار علاقتك بيها رغم علمك بجوازها، وليكونش معشماك بحاجة يا بن امي وابويا؟
التمعت عيني درية وابنتها بالشغف امام تلميحه الفج، وتحول حنق سامر إلى الاخر يعنفه بازدراء:
- بالذمة دا كلام تقوله؟ بقى دي اخلاق واحد بيحب بجد؟ بنت عمك اللي عايش عمرك كله تتحسر عليها في اقل اختبار شوف ازاي بتخوض في عرضها اخص فعلا، والله ولا عمرك كنت تستاهلها، ولا حتى تستاهل مراتك اللي على زمتك
انتفض سمير، تأخذه العزة بالاثم، يخفي من خلفها خزي يكتنفه من الداخل، حتى وإن انكر فكلمات شقيقه أصابت هدفها به:
- ماشي يا خويا، سيبتهالك انت تتهنى بيها بعد ما يشبع منها التاني ويرميهالك .
وتحرك سريعًا يغادر، تتبعه شياطين نفسه،
اما خميس والذي خرج صوته أخيرًا ، يوزع ابصاره نحو الثلاثة المتبقين امامه، معبرا عن رفضه لما يراه من تشاحن بمنظوره المادي بطبيعته:
- خليكم كدة يا خلفة الندامة، قطعو وعايرو في بعض ولا اكنكم فرحانين بالخيبة بتاعتكم، طب على الاقل هي طلعت ناصحة واتجوزت اللي يشيلها هي واخواتها، اهي بت واحدة وعملت اللي ما حد فيكم عرف يعمل نصه، جاتكم نصيبة تاخدكم كلكم .
ونهض متأففًا يغادر هو ايضًا، يزيد على إحباط زوجته وابنتها، وقد أخذهم العشم برد فعل يتلج الصدر الذي ازاد حريقه بنجاح الأخرى ونيلها الحظ الأوفر بزواجها من الغني الوسيم.
❈-❈-❈
داخل سيارته وقد كان يقود بالاثنتان ذاهبًا بهما الى منزلها برفقة والدته التي لم تتركها ولو لحظة بعد ما حدث، تحتوي حزنها في تلك اللحظة، والتهوين عليها، فبكائها لم يتوقف حتى الاَن:
- يا حبيبتي خلاص كفاية، قطعتي عينك من العياط.
- ولسة هعيط اكتر لو فضل زعلان وقلب البنات كمان عليا، يارب اموت ساعتها ولا يحصل الكلام يااارب.
صرخت بالاخيرة لتزيد من حنقه فيخرج عن شعوره حتى تتوقف:
- ما خلاص كفاية بقى دعى على نفسك وعياط، هو اخوكي دا غبي اوي للدرجادي مابيفهمش، احنا متجوزين على سنة الله ورسوله، مش ماشية على حل شعرك معايا يعني.
وكأن بكلماته ضعط على زر الانفجار بها، كي تفرغ شحنة الكبت بداخلها منه:
- انت بتقول كدة عشان مش عليك لوم، كل حاجة سهلة معاك ومفيش حد هيحاسبك، مش هامك صورتي قدام اخواتي ولا عمي وعياله اللي هيشفوني واحدة مش كويسة، انت ايه اخي ما تحس بيا بقى، بقالك شهور منشف ريقي، قوم يوم ما تيجي تعترف بجوازنا يبقى على الملأ وبفضيحة .
- الفضيحة دي انتي السبب فيها، لو كنتي بتعرفي تصدقي ولا توقفي كل واحد عند حده، مكنش الكلب ده اتجرأ عليكي وانا اعصابي فلتت عليه، ثم تعالى هنا مش دا اللي كنتي عايزاه؟ ان اعترف بجوازي منك يا بهجة.
آثار جنونها بتصريحه ليزداد هياجها وكأن الشيطان تلبسها:
- لا مكنتش عايزة يا رياض، ومكنتش عايزة الجواز دي اصلا ولا اقرب منك، انت السبب في كل اللي بيحصل معايا دلوقتي وفرقتي عن خواتي لو حصلت، وربنا ما.......
- بس بس، كفاية كدة يا بهجة
تمتمت نجوان بالكلمات تكتم بكفها على فمها من الخطأ اكثر من ذلك، وقد تعدت بعصبيتها غضب ابنها الذي تضاعفت فورته هو الاخر:
- اه بقى هتعملي ايه يا ست بهجة؟ عايز اعرف انا......
- وقف انت كمان يا رياض، هي مش في حالتها الطبيعية خالص دلوقتي، خليك في سواقتك بدل ما تعمل بينا حادثة، ممكن بقى تسكت لحد ما نوصل
سمع من والدته التي كانت تشدد باحتضان تلك المنهارة، ليضرب بقبضته على عجلة القيادة صائحًا:
- ماشي، ماااشي، هفضل ساكت وأما اشوف اخرتها ايه؟ ادينا قربنا نوصل.
❈-❈-❈
وفي جهة اخرى مختلفة
حيث غرفة لورا والتي كانت جالسة على طرف تختها بحالة من الوجوم تكتنفها منذ عودتها، لا بل منذ معرفتها الحقيقة، حينما قالها بملئ فمه وأمام الجميع يعترف بزواجه بها، كيف؟!
عقلها يرفض الاستيعاب ، فتراه شخص آخر، ليس ذاك الارستقراطي الذي تربت ونشأت معه، ينزل بمستواه المخملي وينظر لعاملة في مصنعه، لا بل جليسة او بالاصح خادمة كما كانت تصنفها هي بغبائها منذ البداية، لقد علمت بعلاقتهم منذ مدة ورأت بأم عينيها، ومع ذلك اقنعت نفسها بأنها نزوة، او علاقة عابرة مقابل المال، لكن ان يتحدى العالم بها مثل ما حدث اليوم، ويتضح انه زواج حقيقي هذا خارج حدود عقلها
نهضت تجر اقدامها نحو المرأة لتقف امامها وتتأمل ملامحها، بدون مساحيق، دون الوان، دون تصفيف شعرها حتى، انها جميلة وتعرف بذلك، ومع ذلك كانت تفعل المستحيل من أجل لفت نظره، هل كان عليها ان تظل بطبيعتها تلك كي تعجبه كما فعلت الأخرى واستطاعت فيما فشل به غيرها
أم تلقي باللوم عليه، لأنه كان أعمى عن امرأة مثلها، تساويه في المكانة الاجتماعية، وواجهة مشرفة له امام مجتمعهم الذي لا يرحم بالانتقاد والذم لكل ما هو اقل منهم.
سالت الدمعة العزيزة من القلب المتحجر، هذه اول مرة ترى الحقيقة بدون رتوش، ليتها ما ضيعت يوما واحد في الانتظار، ليتها اهتمت بلورا من أجل لورا ، وليس من اجله
❈-❈-❈
توقفت السيارة بالقرب من المنزل، فاعتدلت بجذعها تمسح بأطراف اصابعها اثار الدموع على وجنتيها، باضطراب واستعداد للمواجهة الأهم في عمرها
وبدعم متواصل، اخرجت لها نجوان محرمة ورقية تعطيها لها قائلة:
- امسحي دموعك كويس وحاولي تبقي هادية، احنا نازلين معاكي ومش هنسببك.
- انتو الاتنين؟
قالتها بتساؤول موجهه ابصارها نحوه، فجاء رده بعملية ، يرمقها بتجهم، ثم يسبقها في الترجل من السيارة، صافقًا بابها بقوة جعل الاثنتان تنتفضان تأثرا بعنفه، ليتبعانه بعد ذلك، حتى اذا وصلا إلى مدخل المنزل ، تقدمتهم بهجة في الولوج لداخل المنزل بخطوات متمهلة، تهتف منادية أسماءهم بتردد :
- إيهاب، جنات ، عائشة ، انتو فين؟
رددت مرة اخرى بأسماءهم حتى خرجت اليهم جنات من غرفتها، تتبعها عائشة والتي هللت بصخب فور رؤيتها لنجوان، وهرولت تحتضنها
- نوجة
وكان استقبالها الحافل فرصة لامتصاص التوتر بعض الشيء، لترحب بها الأخرى وتضمها اليها بقوة ، قبل ان تصافح جنات برقتها كالعادة والتي انتابها الحرج بالزيارة المفاجئة لهذا الغريب عنها:
- اهلا اهلا، مش تقولي يا بهجة انكم جايين، على الاقل كنا عملنا حسابنا: