رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 35 - 2 - الخميس 21/11/2024
قراءة رواية حان الوصال كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الخامس والثلاثون
2
تم النشر يوم الخميس
21/11/2024
انتفضت امنيه مجفلة نتيجة صوت الارتطام القوي، لتصعق بالمشهد امامها، زوجها الذي لا تعلم منذ متى قد اتى و......
شقهة مكتومة غص بها جوفها، وهي ترى كابوس حياتها على الارض بعد تلقيه الضربة المفاجئة، لتنكمش على نفسها بفزع شل جميع أطرافها، حتى صوتها لا تستطيع إخراجه.
اما عن ابراهيم، فقد كان يحاول استجماع شتاته، وقد اجتاح الألم الشديد أنفه ليمسح بأنامله سائل الدم الذي كان يسيل بغزارة منها، زمجر بوعيد وما هم بأن يعتدل بجذعه حتى انقض عليه الأخر، يجثو فوقه ، فيكيل له باللكمات العديدة على جميع انحاء جسده، لا يعطيه فرصة لمبادلته او حتى الصد، ينفث به غليل كل العذابات التي تسبب بها له، حتى كاد ان يزهق روحه لولا صراخ امنيه اليه حتى يتوقف:
- كفاية يا عصام، ابوس ايدك كفاية، هيروح فيها احنا مش ناقصين بلاوي، يا عصام كفاية حرام عليك
استفاق اخيرا حينما وجدها تنزل عن تختها بغرض رفعه عنه، فصرخ بها قبل ان تصل اليه:
- مكانك يا امنية، ولا حركة تاني
اذعنت لأمر تترجاه:
- خلاص هقف مكاني، بس انت سيبه قبل ما يموت في ايدك .
- ما هو حلال فيه الموت .
هدر بها يتطلع إلى وجه هذا الفاسد والذي تشوهت ملامحه نتيجة الضربات المتوالية، شيء ما يدفعه للاستمرار حتى يقضي عليه تمامًا، كلما وقعت عينيه على هذه الكاميرا، وما كان ينتوي فعله لزوجته، تلك التي تقف بصعوبة الآن، يشعر بها على وشك التهاوي، وهذا ما يجعله يعود لعقله.
- اسحبي اي حاجة واتغطي بيها الرجالة على وصول
خرجت كلماته وهو ينهض واقفًا ويتصل على هاتفه بأحد مساعديه:
- ايوة يا بني، هات الرجالة وتعالى بسرعة.
❈-❈-❈
خرجت من الغرفة تحمل صغيرها، وعيناها ذهبت تلقائيًا نحو زوجها الغافي على اريكة في وسط الصالة ، وعقلها يدور بالتساؤلات عنه.
منذ الأمس وهو ملتزم الهدوء والانطواء على نفسه بصورة تثير الريبة، فسرتها في البداية قلق على شقيقه ولكن ان يبيت خارج الغرفة رغم عودة العلاقة الزوجية بينهم ، حتى وإن كانت بصورة تبدو عادية معظم الأوقات ولكنه كان مؤشر جيد لها في ان يتبدل حاله ويصبح لها ولطفله المريض الذي غفل عنه منذ الصباح ولم يأتي اليه ليحمله ويداعبه كالعادة، فهو منذ الصباح ملتصق بتلك الاَريكة، لا قام للذهاب الى عمله او حتى تذكر شقيقه في المشفى .
اقتربت بخطواتها لتكسر الجمود بمخاطبته:
- ايه يا سمير؟ الساعة داخلة على عشرة مش ناوي تفطر بقى، دا انا حتى شايفاك صاحي يعني.
اجابها بفتور دون ان يرفع رأسه اليها، وقد كان نائمًا على جانبه متكتف الذراعين:
- لما اجوع هبقى اقوم اكل متشغليش نفسك.
قطبت بشيء من الدهشة صار يتحول لضيق:
- طب واخوك الراقد في المستشفى، مش ناوي تروح تشوفه؟
- يا ستي ميخصكيش انا حر
على صوته بها ، رافعا عينيه اليها بضجر لا يخفيه، غص حلقها تبدي اسفها بصوت خرج مبحوحًا:
- خلاص متزعلش ولا تعصب نفسك...... انت حر.
قالتها وتحركت تلتف ذاهبه من امامه، ليكتنفه غضب متعاظم من نفسه، فانتفض يعتدل بجذعه هاتفًا بإسمها :
- اسراااء
اضطرت للوقوف تجيبه دون تلتف برأسها نحوه:
- نعم .
علم انها على وشك البكاء، ليتضاعف بداخله شعور الذنب، يغمض عينيه بتعب ثم نهض اليها يجذبها من ذراعها يديرها اليه، ليصطدم بذلك الحزن الذي كسى ملامحها، لطالما كان خسيسًا معها، لطالما اهدر حقها كزوجة لديها من المميزات التي يحتاجها اي زوج، لطالما جرحها بصلفه دون حياء او تقدير ، وهي كانت صابرة على أخطائه دائما، حتى انفجارها لم يأتي إلا مرة واحدة وقد كان على وشك ان يخسرها بالفعل، لولا مجييء طفلهم المريض ليعيد ربط علاقتهم مرة اخرى، لقد صدق شقيقه حين ذكره انها لا يستحقها.
دنى بخزي يكتسحه من الداخل، ليقبل رأسها موجهًا باعتذار وذراعه تمتد لحمل الصغير منها:
- معلش انا قايم مخنوق حبتين، متزعلش مني يا إسراء.
تجمدت بدهشة لا تصدق قوله، لتجده اندمج في مداعبة الطفل وكأنه يهرب من عينيها، هل أصبح يخشى على مشاعرها وفي طريقه لأن يعشقها، او ربما صحوة الضمير بعد طول غياب
❈-❈-❈
لم يتوقع حضورها اليوم إلى مقر عملها، بعد حادث الأمس وغياب يومين قبله، فبرغم اشتياقه لتلك اللحظه في مواجهتها، إلا أنه أعطى تعلماته في الا تباشر العمل سوى بعد اخذها قسطًا كبيرًا من الراحة، وها قد حدث وأتت وهو الآن يغمره الشغف لهذا اللقاء العاصف والحاسم.
يشاهدها تلج إليه داخل الغرفة، وصوت حذائها يطرق على الرخام، بأناقة اعتادت عليها لكن بها شيء مختلف اليوم، نظرة منكسرة او حزن، نوع من هذا القبيل.
- صباح الخير يا فندم، الأوراق دي عايزة امضتك بسرعة
حتى لهجتها مختلفة مع تعمد منها لعدم رفع عينيها نحوه، هل عليه ان يؤجل الحديث العاصف مرعاة لحالتها، يبدو أن عليه فعل ذلك بحق.
تنهد بغضب يكتمه ليباشر العمل على الملفات التي طلبتها منه، مؤجلا بداخله الحسم، ولكن ما هذا؟
رفع الورقة المختلفة امام عينيه بسؤال مباشر:
- ايه ده يا لورا؟ دا بجد؟
اجابته برسمية تجيدها:
- دا طلب استقالة يا فندم، انا بحاول اللم كل اللي متأخر النهاردة ومستعدة اقوم بكل المطلوب مع السكرتير او السكرتيرة اللي هيحلو مكاني، لكن المهم انها تتمضي النهاردة
القى الورقة يعطيها كامل انتباهه قائلا بشيء من حدة، وقد تيقن داخله انها تريد التعجيل لا الانتظار:
- ممكن اعرف ايه الأسباب؟
صمت تطرق رأسها بحرج في رسالة واضحة جعلته يتنهد بشيء من الارتياح جعله يتخلى عن الرسمية، فيتحدث مباشرة بما يعتمل بصدره، ونهض عن كرسيه يقابلها وجهًا لوجه:
- واضح ان اسبابك هي نفس الأسباب اللي مخلياني ماسك نفسي بصعوبة عنك دلوقتى، لكني عايز اتأكد اكتر.
حينما لم ترفع عينيها اليه زاد التأكيد داخله، ليواصل هجومه:
- انتي اللي وقفتي سامر وجعلتيه يعمل فضيحة لبهحة هنا في المصنع؟
انتظر لفترة من الوقت حتى ارتفعت رأسها لتواجه اشتعال بندقيتيه بصعوبة تجيبه؛
- عملت كدة وعملت اكتر من كدة، في سبيل وهم في دماغي كنت عايشة عليه، بس انا دلوقتي عايزة افوق من كل اللي انا فيه، ودا مش هيحصل غير لو بعدت، اما بقى لو عايز تعاقبني، فانا مش هعترض على اي جزاء تحكم بيه، لأني عارفة كويس اوي ان أخطائي كتير، وانت في ايدك القرار، بس اهم حاجة دلوقتي تمضيلي عن استقالتي
اومأ يسحب انفاس خشنة، تغمره مشاعر مختلطة ما بين الرغبة في عقابها وما بين اشفاق يغمره لحالها، فمن كانت تقف امامه الآن لا تمت بأي صلة بلورا القوية التي يعرفها.
حسم اخيرا يجلس على كرسيه، ثم تناول القلم يخطو التوقيع على قرارها قائلا :
- وادي القرار يا لورا تم التوقيع، لأن انا كمان شايف انه أصح قرار ليا وليكي دلوقتي، تسميه عقاب، او فرصة تفوقي فيها لنفسك، المهم انه هو دا الصح .
❈-❈-❈
بعد خروج الجميع، لتبقى هي وحدها في المنزل تنعم بالمزيد من الهدوء، دب بجسدها بعض النشاط، لترتب فراش تختها، وتبدل ملابسها، ثم تنثر المعطر في الهواء قبل ان تفتح نافذتها لضوء الشمس، فتملي ابصارها من رؤية المزروعات في حديقة المنزل الصغيرة، لتدخل في قلبها بغض السكينة والاستمتاع، حتى دوى هاتفها فوق الكمود، لتقترب وترا رقمه المميز فتجيبه دون انتظار، :
- الوو.......
- الوو صباح الفل، عاملة ايه دلوقتي؟
اسعدها سماع صوته بعد حديث الصباح المحتد مع شقيقها:
- الحمد لله، يعني كدة حاسة بشوية راحة بعد ما شوفت رد فعل اخواتي، وكأن هم انزاح من على قلبي
- اممم
زام بها بشيء من ضيق ليعبر عما يعتريه:
- عرفتي اكيد باللي عمله إيهاب يا بهجة؟