رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 12 - 2 الجمعة 22/11/2024
قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حارة الدخاخني
للكاتبة أسماء المصري
قراءة رواية حارة الدخاخني
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة أسماء المصري
الفصل الثاني عشر
2
تم النشر يوم الجمعة
22/11/2024
❈-❈-❈
تنفسه العالي جعل من يجلس أمامه يصمت طويلا حتى يهدأ من نوبته العصبية وتقبلها بصبر حتى يخرج ما بداخله من حزن وأسى وهو يعلم أنه لا يستطيع مساعدته بالوقت الحالي.
رفع يوسف رأسه أخيراً ينظر له وكل جوارحه تنطق بالغضب والغل:
-أنا وثقت فيكم عشان تساعدوني بس اتخذلت واختي هي اللي دفعت التمن.
بكى رغما عنه وأضاف:
-في اللحظة اللي بكلمك فيها بيتكتب كتابها على واحد أكبر منها بحوالي 40 سنه وانا متربط من ايديا ورجليا مش عارف اتصرف ولا لاقي حل.
ظل يحيى صامتا يستمع له ويوسف يكمل:
-أنا غلطت لما جيتلكم ومن انهارده مش عايزكم تتواصلو معايا تاني ﻷني مش هعرف اساعدكم.
انتهى من إلقاء كلماته الحزينة ووقف مستعدا للمغادرة فأوقفه يحيى ممسكا ذراعه:
-استنى بس يا يوسف، اقعد خلينا نتفاهمو.
تنفس عالياً والآخر يضيف:
-كتب الكتاب في حد ذاته مش مهم خالص بس لو ساعدتني ممكن جداً نلحق نمسكه قبل حتى ما يفكر يتمم جوازه عليها.
هز رأسه رافضا وبكى رغما عنه وظل يمسح عبراته النازلة قبل أن تلامس وجهه وسحب ذراعه منه:
-ملك كمان قبلت بالأمر الواقع حتى بعد ما عرفت إنه عارف اللي قتل ابويا وبيشتغل معاه، فكرتها هتعمل حاجه، حتى فكرت إنها هتتواصل معاكم بس خلاص زمانه اتجوزها وكل حاجه راحت.
خطى خطوتين وعاد ينظر له وتمتم متذمرا:
-تواصلي معاكم كان مجرد تضييع وقت وأنتو لو كنتو عارفين تمسكو عليه حاجه كان اتمسك من زمان بس هو أقوى واشطر منكم، سلام يا حضرة الظابط.
خرج واستعد لركوب دراجته النارية ولكن جاءه إتصالها فأجاب على الفور:
-ملك.
ردت تجاهد نفسها ليخرج صوتها سعيد وفرح:
-أنت فين يا يوسف؟ كده برده تسيبني في يوم زي ده!
سألها بتردد:
-هو كتب الكتاب خلاص؟
هزت رأسها عفويا تؤكد:
-أيوه يا حبيبي خلاص، حتى كل الناس والمعازيم مشيو ومش فاضل غير رشوان وخالي.
سيرته جعلت الدماء تفور برأسه وهي تكمل وكأن ما تقوله أمراً طبيعيا:
-أنا اتفقت معاه تكتبو الكتاب أنت وورد بكره ع الضيق كده بما أنكم هتعملو فرح في الدخلة، ايه رأيك.
وقبل أن يجيبها سحب رشوان الهاتف منها ووضعه على أذنه وتحدث بصوته الخشن:
-أنت فين يا يوسف؟ ينفع متحضرتش كتب كتاب أختك؟
رد المعني بعد تنهيدة طويلة استمع لها رشوان جيداً:
-معلش حصل خير ومبروك يا معلم.
لم يستطع رشوان كبت غضبه وحنقه فرفع صوته بعصبية:
-اعدل نفسك معايا يا يوسف أنا واخد بالي كويس من تصرفاتك ومتفتكرنيش مش عارف تحركاتك وبتعمل إيه.
انتبهت ملك على الفور لحديثه وتخوفت أن يكون قد عنى بتلك الجملة هو معرفته بتعاونه مع الأمن الوطني وقد كان عندما أضاف رشوان:
-الظابط اللي بتقابله ده مش هينفعك، أنا ساكت عليك عشان خاطر ملك، ملك وبس يا يوسف لاني شيلتك من خانة الأمانه اللي كنت حاطك فيها بعد ما خونتني، واللي مصبرني عليك هي ملك.
أغلق الهاتف دون انتظار لتعقيب لا منه ولا ممن حوله والتفت لوالدة يوسف يحدثها بأريحية وكأن شيئاً لم يحدث:
-أنا هاخد ملك افسحها شويه ومش هنتأخر.
ظلت والدتها تنظر له بشرود فضحك بسخرية والتفت يسحب ملك من راحتها بعد أن خلل أنامله بخاصتها وخرج صوب سيارته المصطفة أمام الباب، وفتح لها بلفتة رقيقة منه فجلست وكل تفكيرها وتركيزها بأخيها الذي انكشف أمره بهذا الشكل أمامه.
وصل لبوابة المطعم الفاخرة ودلفت معه لتتفاجئ بصالة الطعام الفارغة تماما فلا يوجد بها سوى العاملون يرصون الأطباق للأصناف المختلفة على مائدة تنتصف المطعم؛ فاقتربت معه وسحب مقعدها لتجلس هي والتوتر قد احتل ملامحها وظهر جليا على حركاتها:
-الله.
قالتها تحاول إخفاء ما تشعر به من رهبة وخوف على أخيها فابتسم لها بعد أن جلس أمامها بسمة تكشف عن أسنانه وكأنه يقرأ ما بداخلها:
-عجبك المكان؟
أومأت ببسمة مرتعشة وابتلعت ريقها:
-تحفه، كل مره بتخرجني بنروحو مكان أول مره اشوفه في حياتي.
مد راحته ووضعها على خاصتها المسندة أمامها وملس عليها:
-ولسه، بكره أسفرك تتفرجي على العالم كله كمان.
لم تجد رد على حديثه فأطرقت رأسها عندما وجدته يحدق بها بشكل أثار ريبتها ولم ترفع رأسها إلا عندما تحدث بصوت أجش:
-كنتي تعرفي إن أخوكي بلغ عني؟
ابتلعت بصعوبه وعلى صدرها بفعل تنفسها الخائف ونظرت له ترجوه بعينيها:
-أيوه، وقولته ميعملش حاجه وهو وافق والله وأنا متأكده إنه انهارده لو كان مع الظابط ده فأكيد عشان يسحب البلاغ بتاعه.
قضم داخل فمه وهز رأسه عدة مرات فقادها فضولها أن تعرف بعض الحقائق أو ربما معلومات قد تساعدها إما بإفلات أخيها من عنق الزجاجاة التي حبس بداخلها أو حتى بالاستفادة بأي شيئ كان:
-هو أنت فعلا تعرف توصل للراجل اللي قتل ابويا؟
حدجها بنظرة مخيفة لكنها لم تتراجع بل أضافت:
-كلام يوسف صح وكنت عارف مكانه وبتشتغل معاه لحد دلوقت؟
أومأ بعد أن رفع عنقه عاليا بشموخ ليظهر لها هالته المخيفة ولكنها وئدت إحساس الرهبة وأقسمت بداخلها أن تستفيد بكل لحظة قوة أو ضعف معه:
-وليه خبيت عننا إنك تعرف مكانه؟ ليه ماأخدتش حقك وحق أبويا منه؟
تعجب من معرفتها تلك الأحداث فهي بالماضي القريب لم تكن تعلم بحقيقة موت والدها من الأساس بل ظنت أنه تركهم ورحل دون أن ينظر وراءه:
-معنديش سلطه أقدر أعمل بيها ده؟ لو كان الناس اللي شغال معاهم وافقو مكانش عاش يوم واحد بعد اللي عمله.
رمقته بنظرة مطولة ورسمت على وجهها نظرات حزينة ورققت من صوتها بشكل مبالغ فيه كنوع من استدراج عطفه:
-هو بابا مش كان واحد من رجالتك؟ ازاي قبلت يتعمل فيه كده وتسيب تاره؟
بكت بتصنع وسحبت ماء أنفها الزائف بداخلها فاقترب من مقعدها حتى أصبح ملاصقا لها واحتواها بذراعه يربت عليها:
-ابوكي كان دراعي اليمين يا ملك وأنا مسكتش على اللي حصله، بس أنا في ناس أكبر مني أجبروني ماأخدش تاره.
وكأنها وصلت لمبتغاها فرفعت وجهها له تركز بصرها بحدقتيه:
-أهو البوليس دخل ليوسف من النقطه دي ووعدوه يجيبوله حق بابا.
صمتت برهة وعادت لتكمل:
-يوسف كل اللي عايزه ياخد تار بابا، وزعل منك أوي لما عرف إنك ضحكت عليه كل السنين دي وكنت عارف مكان الراجل ده وخبيت عليه.
مد راحته ومسح عبراتها المصطنعة أسفل حدقتيها وتكلم بصوت هادئ بعد أن غير نبرته الخشنه ﻷخرى رقيقة:
-صدقيني يا ملك أنا لو عليا مكانش طلع عليه نهار وقبل ما أدفن ابوكي كان هو اتدفن بس.