رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 12 - 3 الجمعة 22/11/2024
قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حارة الدخاخني
للكاتبة أسماء المصري
قراءة رواية حارة الدخاخني
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة أسماء المصري
الفصل الثاني عشر
3
تم النشر يوم الجمعة
22/11/2024
❈-❈-❈
صمت ساحبا نفسا عميقا وطرده بقوة فهتفت هي بعد أن شعرت بالنصر أخيراً:
-طول ما الراجل ده عايش حياته لا أنا ولا يوسف هنرتاح يا رشوان، لازم يتسجن.
اتسعت عينيه بالذهول مرددا بتعجب:
-يتسجن!
أومأت مؤكدة:
-لو وقتها مقدرتش تاخد حق بابا عشان الناس اللي أنت شغال معاهم فدلوقت محدش يقدر يربط اسمك بيه مش كده ولا ايه؟
لم يفهم مغذى حديثها وفهمت هي نظراته المترددة فتابعت وضع خطتها ذات المدى الطويل:
-أنت أكيد عارف عنه حاجات كتير تسجنه، وبلاغ من مجهول وساعتها هناخد منه حقك وحق بابا.
ضحك فور أن انتهت من حديثها:
-بلاغ!
علت ضحكاته وظل هكذا حتى رأى امتعاض وجهها من سخريته:
-مين قالك إن يوم ما احب آخد حقي وحق ابوكي منه هبلغ عنه؟ أنا صبرت عليه كل السنين دي عشان ايد الحماية اللي محطوطه عليه من الناس اللي شغالين معاهم، وأول ما الحماية دي تتشال فأنا هخليه عبره وسط العالم وبكره تشوفي.
اتكئت بمجلسها على المقعد وها هي تفوز من جديد بعد جولات وجولات لم تعرف طعم الفوز بها:
-اسمع يا رشوان أنا عايزه اقولك كلمتين بما إن الوضع بينا اتغير.
التفتت له بجسدها حتى أصبح وجهها مقابلا له:
-أنت بقيت جوزي وأنا كنت ناويه اقولك على موضوع يوسف بس بعد ما آخد منك الأمان له، ومش عشان أنا خايفه منك بس عشان لا عيزاك تتأذى ولا تأذي أخويا، في النهاية أي واحد منكم هيقف قدام التاني أنا اللي هبقى في النص بينكم.
أعجب بحديثها تلك الطفلة التي كبرت أمامه ولم يكن يعلم مدى كبر عقلها:
-أنا مش هقدر أقولك إحساسي ايه لما عرفت إن بابا مات وكل السنين دي كنت عايشه على أمل أنه يندم عشان سابنا ويرجع لنا في يوم من الأيام، بس خلاص حتى الحلم ده راح واتحط مكانه حقيقة مؤلمة جدا أنه مش بس مات.
صمتت تبكي بوجع وتغبرت نبرتها للحزن فبح صوتها من إثر بكائها المستمر:
-ده اتقتل، الحقيقة دي لوحدها دمرتني بس عارف ايه اللي دمرني أكتر.
انتظرها أن تخبره بإجابة سؤالها ففعلت دون انتظار:
-انه طلع دراعك اليمين، يعني بابا مش بس كان شغال معاك زي يوسف، ﻷ ده دراعك اليمين يعني بيشتغل في التهريب.
لم ترد إخباره أنها تعلم حقيقة عمله بالكامل حتى لا تكشف جميع أوراقها بهذا الشكل بالرغم من علمها أنه لن يصعب عليه معرفة حقيقة ما تخطط له:
-أنا عارفه إن شغلك الأساسي هو التهريب ومش قادره أوافق إن جوزي يكون بيشتغل ضد القانون بس قولت يمكن قدام لما نبقى مع بعض أعرف اقنعك تبطل الشغل الخطر ده، بس لما عرفت إن بابا كمان كان شغال مهرب الدنيا كلها اسودت في وشي وزعلت أوي منك ومن بابا ومن يوسف اللي خبى عننا الحقيقة دي.
عقب عليها وهو يقبل راحتها من الداخل بشكل أثار حنقها تجاهه فسحبتها بسرعة؛ فابتسم ظننا منه أنها شعرت بالخجل لا الإشمئزاز:
-حقك عليا يا روح قلبي، وحق فتحي هاخده منه بس في الوقت المناسب وبأيدي وهخلي الكل يعرف إني أخدت بتار ابوكي.
ابتلعت ريقها الجاف ورفضت عرضه وهي تجدها فرصة سانحة لوضع أساس خطتها التي رسمتها ولا تعلم إن ما كانت ستنجح بها أم ﻷ:
-ﻷ طبعا انا مش موافقة على الكلام ده، يعني أنا لسه بقولك عيزاك تبطل شغل التهريب فأنت عايز تبقى قتال قتله!
رسمت ملامح طفولية على وجهها ولم يكن صعبا عليها أن ترسمها فهي طفلة بالأساس ورققت صوتها تهمس له متوسلة:
-عشان خاطري يا رشوان بلاش الطريق ده، ابعد خالص عن اللي بتفكر فيه ولو بجد عايز تاخد حق ابويا يبقى تعمل اللي قولتلك عليه.
زاغت عينيها توتر وخوفا من ملامحه الجامدة فظنت أنه تم كشف أمرها هي الأخرى كما فعل مع أخيها فظلت تبتلع ريقها بتباطئ حتى رمش هو بأهدابه بحركة سريعة وكأنه يستجمع نفسه ليتحدث:
-اللي أنتي عيزاه صعب يا ملك، ﻷ، مستحييييل.
لم يصمت بل تابع حديثه الواضح والمباشر:
-وطالما اتكلمنا مع بعض ع المكشوف فأنا حابب نكمل كلامنا بنفس الطريقة وهكشفلك كل ورقي عشان زي ما قولتيلي اني بقيت جوزك فعلا حتى لو مجرد كتب كتاب.
تنهدت فارتفع صدرها علوا وهبوطا بشكل ملحوظ له فارتبك قليلا بسبب فتحة الصدر بفستانها الرقيق والذي أظهر جزءً صغيراً جداً من نهديها، ومع ارتفاع صدرها إثر تنفسها ظهر له بشكل أثاره مما شتت تفكيره ونظراته عنها.
لاحظت تحديقه بجسدها فخجلت وسحبت طرفي الشال لتخفي مفاتنها عن نظراته التي اخترقتها فعاد لتركيزه وعقب على تصرفها:
-متلبسيش لبس مفتوح كده تاني إلا لما تبقي في بيتي، عشان لو حد شاف حاجه تخصني ساعتها هبقى قتال قتله بصحيح.
ابتلعت بوجل ولم تعقب عليه أن القستان من اختياره هو وهزت رأسها تؤكد له موافقتها على أمره فعاد لموضوعه الأساسي:
-بما إنك عارفه طبيعة شغلي كويس وهو مش سر يعني ولا حاجه ﻷن أغلب الحارة مش بس عارفين، دول شغالين عندي كمان.
صمت عندما اقترب النادل ووضع أمامها أطباق الحلويات بعد أن أزال الأخرى بما عليها من بواقي طعام، وعاد رشوان لحديثه بعد ابتعاد النادل عن سماعه:
-أنا حابب انك تعرفي سبب سكوتي على اللي قتل ابوكي عشان محدش يعرف يدخلك من السكة دي زي ما دخلو لاخوكي.
نظرت له بتركيز وهي تمني نفسها بالنجاح بخطتها التي وضعت أهم أولولية بها وهي حماية أخيها مهما كان الثمن والطريقة التي ستتبعها:
-أنا شغال مع ناس جوه مصر وبره كمان، شبكة كبيرة أوي مش مجرد رجال أعمال معاهم فلوس بيشغلوها في التهريب، عشان كده لا الظابط اللي أخوكي اتعاون معاه ولا الأمن الوطني بحاله هيعرف يمسك أي حد فينا إلا لو الشبكة دي عايزه ده.
ابتلع ريقه وأكمل:
-وزي ما البوليس ميقدرش يتصرف معانا فاحنا كمان قوتنا محدوده قدامهم ومنقدرش نعمل اي تصرف من غير موافقتهم، يعني أنا مقدرش ابلغ عنه ولا آخد بتار ابوكي إلا لو هم موافقين، عشان كده مقدرتش ألمسه حتى.
حديثه أثار حنقها فلم تستطع الصمت اكثر وهتفت بحدة:
-واشمعنا هو قدر يلمسك ويقتل بابا؟
عض شفته السفلى بغضب وهو يجيبها:
-ده كان فرد قوة وعضلات، وهو ملمسنيش أنا، رجالتي بالنسبة لهم مجرد خساير جانبية ملهاش أهمية ومش سبب عشان نفتح الحرب على بعض، وحتى البضاعه اللي سرقها وقتها وصلت لنفس الناس اللي كنت هوصلهالهم، فالبنسبة لهم المهمة تمت وكل الأضرار اللي حصلت في النص متهمهومش.
ظلت تستمع له وهو يشرح طبيعة عمله معهم:
-دول أكبر شبكة تهريب في العالم ولها فروعها في كل حته وأي حركة غلط لها تمن.
نظراته تجاهها جلعتها ترهبه قليلاً فقد تحولت حدقتيه للون قاتم أخافها كثيرا عندما تابع:
-يوسف غلط غلطه كبيره أوي لما بلغ عني وبقى مطلوب مني احمي شغلي منه ومن وجوده.
ارتفع تنفسها وقاربت على فقد أنفاسها خوفا وذعرا مما هو مقبل على قوله:
-لو تعرفي أنا عملت ايه عشان احميه، لو تعرفي حاربت أد ايه عشان ميصفهوش وكل ده عشانك انتي ﻷن انا خرجت يوسف من حساباتي من اللحظة اللي بلغ فيها عني.
نزلت عبراتها رغما عنها خوفا وهلها، فهل بعد كل ما مرت به وكل هذا العذاب تصبح النتيجة الحتمية ﻷخيها هي الموت؟ صمتها جعله يكمل توضيحه يطمئنها:
-متخافيش، يوسف في أمان طول ما هو تحت طوعي، وطول ما أنتي موقفاه عن تصرفاته المجنونه، أنا فاهم كويس هو عمل كده ليه؟ فاكر لو اتمسكت جوازنا هيقف.
أمسك راحتها بقوة وخلل أصابعه بخاصتها وتابع:
-جوازي منك أمر مفيش منه مفر مهما حصل حتى لو موت.
ظلت على حالتها الصامتة وهو يداعب راحتها بأصابعه الخشنه:
-انا بحبك ومقدرش أوجعك في اخوكي أبدا، وبعد ما يكون جوز بنتي هيبقى تحت الحماية بس طول ما هو بعيد عن البوليس، فهماني يا ملك؟ لو اتواصل معاهم تاني مش هقدر احميه.
هزت رأسها عدة مرات تؤكد موافقتها فابتسم وأشار للطبق الذي أمامها:
-طب كفاية كلام في الحوارات دي ودوقي الچيلاتي قبل ما يسيح، هيعجبك أوي.