رواية جديدة مقيدة في بحور عشقه لتوتا محمود - الفصل الأخير - 2 - الجمعة 15/11/2024
قراءة رواية مقيدة في بحور عشقه كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية مقيدة في بحور عشقه
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة توتا محمود
الفصل الأخير
2
تم النشر يوم الجمعة
15/11/2024
صرخ قلبه بأمل وهو يهتف بلهفة وقلق :
ـ شريف اصحا معايا ها ، انت تروح دلوقتى على بيتي بأسرع ما يمكن ، تشوف الوضع هناك وتطمنى ، برن على سلا وفريدة والحراس ومش بيردوا ومفيش غيرك يطمنى .
اعتدل فى جلسته بعد ما سمع نبرته القلقة وحين انتهى من حديثه وقف بسرعة واخذ مفاتيح سيارته وبمسدسه واتجه الى الخارج بسرعة بدون أن يغير ملابسه ، فهو ليس لديه وقت ، وبسرعة البرق اتجه الى الأسفل ، وركب سيارته ، وهتف باطمئنان :
ـ اهدا يا بيجاد انا رايح ليهم أهم ، وفى الطريق .
شغل سيارته وتحرك بها بسرعة متجه الى قصر «بيجاد» ، فهو الآن قلق ولكنه يريد أن يطمئن صديقه ، فمن النادر أن الحراس لم يستجيبوا لاتصالات «بيجاد» ، لذلك شعر بشعور شك يروضها أن يوجد شئ بالتأكيد…
قطع خيوط أفكاره صوت «بيجاد» الملئ بالقلق :
ـ حاول تسوق بسرعة يا شريف ، انا فى الطريق بس لسه مش هوصل دلوقتى لان البيت بعيد ، عشان كده اتصلت بيك ، والعربيه بتاعتى عطلت واول مره تعطل ، مع اني مخلي حد يشرف عليها قبل ما اروح المطر ، بس مش عارف فى ايه النهارده .
نظر الى الطريق ومازال يقود بسرعة ، وهتف بشك :
ـ مين اللى شرف على عربيتك النهارده؟؟ .
عقدت ملامح «بيجاد» بحيرة وهتف بنبرة حيرة :
ـ واحد كده اخو حمزه ، حمزه مقدرش يجى ، راح بعت اخوه وهو قالى اخويا مقدرش يجي عشان تعبان فـ بعتنى انا ليك ، وشرف على عربيه فعلا ، وبعد كده طلعت المطار ، وركنها في الجراش ، و وصلت مصر فى نفس اليوم ، لقيته قاعد مستنيني وخدت منه مفاتيح العربيه ، وبس كده .
ملامح «شريف» تحولوا الى الحدة وهو يهتف بعصبية :
ـ حمزة ملوش اخوات يا بيجاد ، حمزة وحيد امه وابوه .
تحولت ملامحه إلى ملامح صدمة ، وقلبه يطرق بجنون :
ـ انت بتقول ايه؟؟
هتف بحدة وقد زادت سرعة سيارته بعد ما أدرك كل شئ الأن :
ـ عملولك فخ ، وخلوا عربيتك تعطل فى نص الطريق ، عشان متوصلش البيت بدرى ، فى حاجه بتحصل فى قصرك يا بيجاد ، واكبر دليل على كده أن الحراس مش بيردوا على موبايلاتهم .
بينما أكمل وهو يجمع كل الأحداث التى حدثت معه :
ـ عملولى فخ عشان موصلش البيت بدرى ، واوصله متأخر ، وعشان اكلمك تروحلهم وتنزل من بيتك .
ختم حديثه وسمع صوت خبط السيارة مما لعن «شريف» وهو ينظر عبر المرآة :
ـ معاك حق ، فى عربيتين بيرقبونى من ساعة ما نزلت ، وخبطوا عربيتى من وراه .
صمت «بيجاد» للحظات، يشعر أن كابوسًا قد بدأ للتو، حاول السيطرة على أفكاره وهو يستمع إلى «شريف» المتوتر، ثم قال بصوت متهدّج :
ـ شريف، بالله عليك، خلى بالك من نفسك ، واوصل لبيتي بأسرع ما يمكن…، ابعت لي أي تفاصيل أو أية حاجة تشوفها .
ارتفع صوت «شريف» وهو يقود بسرعة، يراقب السيارات التي تتبعه، ثم قال بثبات :
ـ هحاول أكون أسرع منهم، لكن خليك مركز معايا وبلغني أول بأول.
أغلق «بيجاد» الاتصال وشعر بكمية من الغضب والخوف في داخله لم يعهدها من قبل، كل خلية في جسده تنبض بتوتر يزداد، والسيناريوهات التي كانت تمر في ذهنه جعلته يضرب المقعد بقبضة يده، غير قادر على الانتظار.
التفت إلى «مالك»، وقال بنبرة يملؤها الإصرار :
ـ هنوصل، لازم نلاقي طريقة نوصل بيها في أسرع وقت.
وضع «مالك» يده على كتف «بيجاد» بوهن محاولًا تهدئته، ثم قال بهدوء ولكنه مزيج بالقلق :
ـ بيجاد، هنلاقي طريقة ، الراجل الطيب اللي معانا هنا، هنكلمه يحاول يلاقي أي حد قريب يوصلنا.
في هذه اللحظة، بدا «بيجاد» وكأنه قد وجد أملًا جديدًا، التفت إلى الرجل الذي يقود السيارة وقال له بصوت يحمل مزيجًا من التوسل والإصرار :
ـ يا راجل يا طيب ، بالله عليك، حاول تسرع أو تعرفنا أي طريق مختصر. عائلتي في خطر، ولازم اوصل بأي طريقة.
الرجل، وقد أدرك الآن مدى خطورة الموقف، ضغط على دواسة الوقود، قائلاً بحزم :
ـ متقلقش يا ولدي، أنا هساعدك توصل بأسرع طريقة، ربنا معانا .
تابعوا الطريق بسرعة، و«بيجاد» يقاوم كل هذا التوتر، ينتظر أى مكالمة من «شريف» ليطمئنه، وكل لحظة تأخير كانت تزيده عزمًا على الوصول وإنقاذ من يحب .
لذلك بدون سابق أنذار رن على «شريف» مما رد عليه بلهفة والخوف الذى بصوته كان يشعر به «بيجاد» :
ـ بيجاد هكلمك تانى …
قطعه «بيجاد» وهو يهتف بقلق عليه ، فهو صديق عمره و أيامه وفعل كل شئ من أجله فقط :
ـ فى ايه عندك يا شريف طمني .
هتف «شريف» بلهفة وهو يسرع سيارته بسرعة البرق ويدخل فى شوارع لا يعرف عددها ابداً ، وكل ما يدخل في الشارع تزداد عدد السيارات أكثر :
ـ معرفش يا بيجاد ، كل ما ادخل في الشارع عشان اهرب منهم ، تزيد عدد العربيات و….
قطعه صوت إطلاق النار من الخلف ، نظر خلفه وجد رجال يضربون عدد رصاصات حتى يقف سيارته ، حتى كسر زجاج سيارته من الخلف ، كل هذا و «شريف» لم يعرف التصرف ابداً ، مما دخل إلى شارع آخر ، مما صوبوا أكثر عدد رصاصات ، حتى جاءت رصاصة فى كتفه من الخلف مما صرخ ، صرخة «شريف» كانت كالرصاصة التي اخترقت قلب «بيجاد» مباشرة، شعر بالعجز والغضب يتصاعدان في داخله كالنار المشتعلة، ولم يعد بإمكانه التحمل .
بصوت مليء بالقلق والغضب هتف عبر الهاتف :
ـ شريف، بالله عليك، حاول متضعفش ، أنا هلاقي أي وسيلة وأوصلكم في أسرع وقت .
كان «شريف» يحاول بقدر استطاعته الحفاظ على وعيه رغم الألم الذي اجتاح كتفه، قاد السيارة بأقصى سرعة، ملتفاً في شوارع ضيقة لتفادي المزيد من الرصاص، وصوته يلهث من شدة الألم :
ـ بيجاد… متقلقش، أنا هحاول أفضل متحمل… بس انت لازم توصل لعيلتك قبل ما يحصل لهم أي حاجة .
أخذ «بيجاد» نفسًا عميقًا محاولًا تهدئة نفسه، ثم نظر إلى الرجل الطيب الذي يقود السيارة بجانبه وقال بتوسل :
ـ لو تقدر تزيد السرعة أكثر، كل ثانية بتفرق.
التفت الرجل نحو «بيجاد» بنظرة مليئة بالتفهم والجدية، وأومأ برأسه مطمئنًا، زاد من سرعة السيارة بمهارة وهو يقول :
ـ متقلقش، يا بني، ربنا يستر عليهم ويوصلنا على خير.
في تلك الأثناء، كان «مالك» يراقب الوضع بتوتر ويحاول تهدئة صديقه، وقال بصوت هادئ ولكن مشوب بالخوف :
ـ بيجاد، لازم تفضل مركز وتهدي أعصابك، عشان نعرف على الاقل نحل الوضع ده .
مرت لحظات صامتة، تحمل فيها "بيجاد" صراعه الداخلي، يدعو الله أن يمنحهم القوة والصبر .
كان "بيجاد" يعيش لحظات من الصراع الداخلي لم يعرف لها مثيلًا من قبل، شعور يضج بين خوفه على زوجته وشقيقته وحيرته أمام معاناة صديقه "شريف" الذي يخوض معركة وحيدًا، في مواجهة مجهول مميت.
كل جزء من جسده ينتفض برغبة الوصول إليهم، قلبه يضج بالتوتر والخوف، لكنه رغم ذلك يحاول السيطرة على مشاعره ويعطي كل جزء من عقله لمهام مختلفة: الوصول، الاطمئنان، ثم التدخل بكل قوته. وأمام نظرة القلق في عيون "مالك"، شعر "بيجاد" بعمق المسؤولية وحجم الضعف الذي يكاد يلتهمه.
أخذ «بيجاد» نفسًا عميقًا، محاولًا جمع شتات أفكاره، ثم نظر إلى السائق الطيب وقال بصوت يحمل مزيجًا من الرجاء والإصرار :
ـ لو تقدر توصلنا على أسرع طريق، حتى لو كان فيه خطر، أنا مستعد لأي حاجة .
أومأ السائق مطمئنًا، وبكل حزم ضغط على دواسة الوقود، مسرعًا نحو المدينة .
كان ينادى على «شريف» عندما سمع تأوهاته بألم ، مما صرخ قلبه بقلق على صديقه ، مما ناده عليه أكثر من مره ولكن «شريف» لم يستجيب ، فـ الرؤية كانت لـ «شريف» ضبابية وغير واضحه ، حارب لعله يستيقظ ويهرب من هذا المأزق ولكنه ليس بيدها والسواد الذي بعينيه تحكم عليه وأخذه الى عالم بعيداً ، مما توقفت السيارة قبل أن تتصطدم ، وقعت رأس «شريف» على المقود ، اقتربوا الرجال يحملوا «شريف» ويضعونها في السيارة ، وراجل من ضمن الرجال ، مسك الهاتف وهتف بحده بعد ما قرأ الأسم :
ـ أهلاً بـ بيجاد باشا ، المجهول الرابع قالى اكلمك تبعت البضاعة وياسمين ، ولو لعبت بديلك كده او كده فـ مراتك واختك وصحبك تحت ايده ، وانت عارف بقى الباشا مش بيرحم ، سلام يا… يا بيجاد .
اغلق الهاتف بوجهه «بيجاد» وكسر الهاتف بقدمه بغل وحقد ، لم يستطع «بيجاد» تصديق ما سمعه، كأن قلبه توقف للحظة تحت وطأة الصدمة. كل ما كان ينتظره ويتمنى أن يجده عند عودته، صار في لحظة واحدة رهينة في قبضة هؤلاء المجرمين.
تصاعدت مشاعره بين الغضب العارم والخوف على أحبائه، ممزوجة بمرارة العجز.
كانت الكلمة الأخيرة للرجل كالسهم الذي اخترق قلبه، مستفزًا كل ذرة من روحه لمواجهة هذا التهديد .
الأن هو أدرك أن هذه المعركة ليس سهل عليه ابداً وسيواجهه الكثير من المتاعب ، الأن هو أدرك من خلال مكالمته انه خطف زوجته وشقيقته ليس «شريف» فقط
اندلعت نيران الغضب في عروق «بيجاد» كبركانٍ ثائر، لم يعد في داخله ذرة من الهدوء أو الصبر، وأصبح كل جزء فيه يتوهج بنيران الانتقام. كانوا يجهلون ما فعلوه، ويجهلون أنهم بهذا التحدي أيقظوا وحشًا مستعدًا لحرق الأرض من أجل من يحب.
رفع رأسه ببطء وابتسم ابتسامة باردة مليئة بالتصميم والخطر، التفت إلى "مالك" بنظرة عازمة لا تعرف الرحمة وقال بصوت متهدج ولكنه مفعم بالغضب والسيطرة:
ـ كل الحسابات القديمة انتهت يا مالك ، دلوقتي أنا مش هسيب حد منهم ، هنرجع سلا وفريدة وشريف… وهعلمهم ازاى لو لعبوا مع الشيطان، هيخسروا كل حاجه .
ابتسم "مالك" ابتسامة شيطانية، همس وكأنه يشعل فتيل المعركة :
ـ أنا معاك فى اي حاجه مهما كانت النتيجة .
شعر «بيجاد» بأن الوقت قد حان للتخلي عن كل حذر وشفقة، لا مجال للرحمة، ولن يهدأ له بال حتى يستعيد أحبته وينتقم من كل يد تجرأت على مس حياتهم.
نظر «بيجاد» الى الطريق يحفر بعينيه نحو الطرق ، يصمم الخطة التي ستحرق أعداءه وتعيد له من أحب .
❈-❈-❈
بعد ساعة
افتح عينيه بحذر بسبب قوة النور الذى تضرب عينيه ، وحين فتح عينيه وجد نفسه مقيد بحبال غليظة تقيد جـ ـسده من ذلك الكرسى الذى يجلس عليها ، سمع صوت أنفاس أحد مما رفع رأسه ، وجد «سلا» مقيدة بذلك الكرسى مثله ، ونظر بجانبه وجد «فريدة» مقيدة بالكرسي ، وقماش أبيض موضوع في فمها يمنعهم من الحديث معاً.
نظر «شريف» إلى «سلا» بعينيه محاولًا تهدئتها بإيماءة خفيفة بالرغم من أن قلبه يتراقص بين الغضب والخوف، ثم ألقى نظرة إلى "فريدة" التي كانت ترتجف بصمت، عيناها تبحثان عن أمل وسط الظلام المحيط بهم.
حاول «شريف» سحب ذراعه ليحرر نفسه من الحبال، ولكنها كانت محكمة للغاية، تمنعه من أي حركة .
وسط ذلك الظلام والقيود التي كبلت الجميع، لاحظ «شريف» نظرات القلق التي ارتسمت على وجه فريدة، وعينها التي تنظر إلى بطنها المنتفخة.
كانت تحمل داخلها طفلاً، الحلم الذي لطالما انتظرته طويلاً.، فهم «شريف» على الفور أن خوفها لم يكن عليها، بل على هذا الكائن الصغير الذي يعتمد عليها بالكامل.
يتمنى فقط أن «بيجاد» يعرف مكانهم وينقذهم من هذا الوضع .