رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل الأخير - 1 - الأحد 24/11/2024
قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قلب نازف بالحب
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل الأخير
1
تم النشر الأحد
24/11/2024
. "قبل ذالك بيومين".
خرجت" نانسي" بهدوء من غُرفة "مُراد" بسبب هاتفها المُزعج الذي أخذ يدق مرات عدة، وقد كان المُتطفل"نادر ". قطعَ عليها لحظة لن تتكر، فقد أوشكت علي السيطرة الكاملة علي" مُراد "من خلال تواجدها المُزيف بجواره، ومساندتها لها، رأته ينتظرها فالشُرفة القابعة بالممر الطويل... تقدمت نحوه، تقول بإندفاع ما أن دخلت:
_"يخربيتك يا نادر، عايز أي دلوقتي، نازل رن رن رن؟"
"أي هنبتديها بقا، خدتي مصلحتك وهتطنشيلي."
ذكرها بأنها بالفعل قد أحرزت أول الأهداف، كانت تشعر بالانتشاء لفوزها في المعركة الأولى، لكن في داخلها كانت تخشى أن تكون هناك تفاصيل فاتتها، وبأن مراد قد يكون أكثر حذرًا مما توقعت، هتفت بغيظ:
"لا يا سيدي، بس مراد كان هياخد باله من التلفون وأنك عمال ترن."
"ميأخد باله فيها أي، أنتِ عمتي برضو ولا اي؟"
"عمَ الدبب يا حبيبي، قُول بسرعة بقا عايز أي، أنا سايبة مُراد لوحده."
ضحكَ"نادر "بسُخرية، يقول مستهزءًا:
_"الله وأكبر علي دور الحنية اللي نزل عليك فجأة كده، أنتِ هتعملي فيها أمه ولا أي؟"
زفرت بحُنق، ترد ببرود:
_"خفيف... وبعدين أنا مصدقت خدت فُرصتي تاني، والزفتة دي غارت وخلصت منها، ومُراد دلوقتي ضعيف، وهيضعف قدام كلمة حلوة وأحتواء... وأنا لازم أستغل الفرصة اللي أستنيتها بقالي كتير."
_"هُما كده خلاص مش هيرجعوا تاني؟"
سؤاله كان يحمل نوعًا من اليقين، لكن في داخله كان هناك فضول ملح حول ما إذا كانت تحركاتهم ستنجح بالفعل.
_"والله حالة مُراد بتقول أنه مستحيل يرجعها تاني."
_"شُوفتي بقا خطتي جات بفايدة، كنتِ خايفة ميصدقش."
"فعلاً كُنت قلقانة، بس مكنتش متوقعة أن لما الطفل ينزل مراد يتوجع أوي بالطريقة دي، لا وكمان يصدق الشات بكل سهولة، علشان قلبه كان محروق أوي."
كانت نبرتها أقل حدة الآن، ربما لأنها شعرت بمدى التأثير الذي أحدثته تلك اللحظة. كان كل شيء يتغير حولها.
"بس لسه ناقص حاجة."
"حاجة أي دي؟"
حك مؤخرة رأسه يقول،بترقب:
_"أنتِ وعدتيني أنك هتخليه يطلقها... علشان أشوف فرصتي أنا كمان، ولا هتخلفي بوعدك أول ما حبيب القلب ييجي علي حجرك؟"
نفت برأسها:
_"لا مش هخلف كده أو كده هيطلقها... أصبر انتَ شويه، أتقل...ويلا بقا أنزل علشان أنا راجعة لمُراد تاني..."
_"أيوه ياعم مين قدك."
واختتمت حديثها بنغمة غير تقليدية،نبرة مرحة، لا يدرون بذالكَ الذي وقف متصلبًا في مكانه، وكأنما الوقت قد تجمّد حوله. الصوت الذي سمعه كان كالصاعقة التي انفجرت في قلبه، شظايا الندم تنتثر داخله بسرعة، وجعلت نبضات قلبه تتسارع بشكل مفزع. كان عقله يغرق في بحر من الأفكار المتضاربة، محاولًا ربط ما سمعه بما كان يعتقده، ولكنه لم يستطع. كل كلمة خرجت من أفواههم كانت كالسكاكين تغرز في صدره، وكل ما تردده في داخله كان سؤالًا واحدًا: "كيف لم أرَ هذا من قبل؟ كيف كنت أعمى لهذا الحد؟"
شعور قاتل بالذنب سيطر عليه، وكأنما قلبه يتفتت من الداخل. أحس بوجع رهيب يعتصر صدره، وكأن روحه تتناثر من جسده في كل لحظة. ظل واقفًا، غير قادر على أن يتراجع، أو يهرب من الحقيقة التي تجسد أمامه. كان يعجز عن التنفس، وكأن الهواء قد خلا من حوله، واستبدله بكثافة من الألم يثقل صدره. الألم لم يكن مجرد وجع جسدي، بل كان إحساسًا قاتلًا بظلمه لرضوى، وإدراكه كم كان بعيدًا عن الحقيقة التي كان يرفض أن يراها.
كل لحظة من تلك اللحظات كانت كالعمر بأسره، وكل ثانية كانت تضاعف من ألم قلبه، الذي بات يشعر وكأنه يتحطم تحت وطأة تهمة ظلم لم تكن تستحقه صاحبتهُ كان يزداد وجعًا كلما تذكر كيف خان ثقتها به، كيف أغفل مشاعرها، وكيف كانت تلك اللحظة القاتلة التي سمع فيها الحقيقة هي اللحظة التي انفجرت فيها كل الآمال التي كان يظن أنه يملكها......
❈-❈-❈
الشقة بدت وكأنها شهدت لحظة انفجار غير مرئي، حيث ترك أصحاب نادر كل شيء في، فوضى عارمة. الأثاث الذي كان مرتبًا في وقت ما أصبح الآن في حالة سيئة، الأرائك ملقاة هنا وهناك وكأنها تذكير لحياة عابرة. الأرضية كانت مغطاة ببقع قديمة من الحشيش الذي ترك رائحته في كل زاوية، وكأن المكان يصرخ في صمت. الزجاجات الفارغة من البيرة كانت متناثرة على الطاولات والجوانب، بعضها مكسور...
وبعضها الآخر ما زال يحمل بقايا المشروب الذي ترك أثره على الأسطح. الستائر المثنية تحت النوافذ المكسورة كانت محشورة في زاوية، والشعاع الوحيد الذي حاول اختراق الظلام كان ضوء شاحب يبعث في المكان هالة من الكآبة....
أستنداَ "مُراد" علي مقعدهِ بإرياحية، يتنهد بحرارة، يُتابع بعيون ثاقبة الجالس مُكبل أمامه، كان ينتظره حتى يستفيق من غيبوبتهِ، التي وضعَ نفسه بها بسبب غباءه وأستهطاره، فقد كان مخمورًا للغاية لدرجة أنه وقعَ مغشي عليه بسبب ضربة من"مُراد "... كان" نادر "جالسًا علي الكُرسي الخشبي، مُكبل، جسده مشدودًا بإحكام وكأنه جزء من الكُرسي نفسه، الحبل الذي كان يربط يديه وقدميه كان مُحكم..
يضغط علي معصميه بشكل مؤلم، وينغرس في لحم ساقيه، مما جعل كل حركة منه تُصبح عبئًا ثقيلاً عينيهِ مغلقة بخمول، حاول أن يفتحهم ببطء، كانت أطرافه متيبسة من شدة الرباط كان يشعر وكأنّ جسده لم يعد ملكه، بل مجرد أداة مقيدة بقوة لا يمكنه الأفلات منها، الحبل الخشن كان يعصر جسده يسبب له شعورًا بالكتم مع كل نفس يأخذه وكأن الهواء أصبحَ ضيقًا داخل صدره......
تململ بعجز في مجلسهِ، فتح عينيه ببطءٍ، وقد أتسعت تحدق فجأة فالفراغ أمامه بتركيز ضبابي، وكأنّه يحاول أستيعاب ما حدث، قلبه نبضَ بسرعة، وتلك اللحظات التي مر بها قبل أن يفقد وعيه كانت تتدافع في ذهنه.... شعر وكأنه في كابوس واقعي، لا يصدق أنهُ الآن في هذا الوضع المهين،.... والمُقيد.. حاول التحرك لكن يداه المربوطتين لم تستجيبا له، وضع الآخر قدمًا فوق الآخر يقول ببرود مُميت:
_" لا لا بالراحة علي نفسك يا نادر كده تتعور.... متخافش الحبل مربوط كويس جدا مهما تحاول مش هتعرف تفُكه، أنا متوصي بيك".