رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 27 - 1 - الجمعة 15/11/2024
قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قلب نازف بالحب
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل السابع والعشرون
1
تم النشر الجمعة
15/11/2024
❈-❈-❈
يُقالُ أن الأحلام التي نتمنها، عندما نُؤمن بها، وبكونها ستُحقق فعليًا لكن بوقتٍ مناسب، فقط الأمر مسألة وقت لا أكثر... بالفعل تتحقق، لو قالَ لها أحدهم قبل شهور أنها بالفعل ستتحقق أحلامها التي ظنتها تلامس السحاب ومُستحيلة، حتمًا، ستقول عنه أنه معتوه، أو مُختل..... كل الأحلام قابلة للتحقيق، إلاَ حُلمها هي.... نعم كانت مؤمنة أن هناك معجزة تنتظرها فالأمام، لكن الجزء الأكبر بداخلها كان يرفض تصديقُ ذالك، يا الله كيف تُصدق بالأساس، علاقتهم السابقة كانت رسمية بحتة، كل شئ يقول مُستحيل، مُستحيل..... بينما الآن أن قالَ لها أحدكم أنه تمني أن يُصبح طبيبًا دون الالتحاق بالدراسة من الأساس، وبالفعل أصبحَ طبيب، معادلة خارقة للقانون نعم، ولا يمكن لعقل بشري تصديقها..... بينما هي وبعد ما حدث معها، حتمًا باتت تصدق تحقيق الأمنيات حتى وأن كانت مستحيلة.
أُمنيتها الحبيبة تنامَ بإرياحية بينَ أحضانها، بوجهٍ غارق بالراحة والسكينة... ملامحه ويا الله من ملامحه التي تُبعثرها داخليًا، حتى دون أن يتحرك، رفعت أناملها برقة ترسمُ خطوطًا، علي كامل وجههِ بحركات خفيفة رقيقة كنسمات الفراشات......
يملك وجهً، تود لو تلتهمُ كل خط، وكل لون، وكل أنشٍ بهِ، غريب أمر الحُب حقًا، يحولنا لكائنات دقيقة جدًا جدًا ننتبهُ لأدق أدق تفصيلة بمن نُحب ونهوي، أن تغيرَ خط بوجهه، ستُلاحظ ذالك، بفترة مراهقتها، كانت فتاة مهملة حقًا، لا تدقق بالأشياء، ولا تهتم..... تحولت إلي فتاة غارقة في عيون رجل، تعرف كل لمعة فيها ماذا تُحاكي؟ دقيقة لأبعد حد، تلاحظ ما لا يُلاحَظ، الحبُ حولها إلي ميكروسكوب تقريباً......
دقتها وصلت بها، بأنها تحفظهُ ظهرًا عن قلب، يملكُ جاذبية تتجاوز حدود الجمال التقليدي، عيونه الرمادية لها بريق ساحر، وكأنهما تتحدثان بلغة خاصة، ذات شفرة خاصة.... تجد نفسها مُسمرةً أمامها لا حول لها ولا قوة مستسلمة لنظراته التي تآسرها دون جهد منه... شعرهِ العسلي يتدلي بطريقة عفوية علي جبهتهِ كأنه مُصفف بعناية ولكن بالواقع يبدو وكأنه أستيقظَ للتو، تتراقص خصلاته مع أدني حركة.... من ضمن ملاحظتها الدقيقة، قد لاحظت أنه عندما ينشغل بالتفكير بشيء ما يمرر أصابعة في شعره بطريقة تدل علي أنشغاله... حركته العفوية تلك تجعلها تود أن تُلامسه مُخللة أصابعها هي بدلاً عنهُ.... مهمة شاقة عليه، هي ستتولها مكانه، اليسَ كذالكَ.........
هناكَ سؤلاً يلحُ في طرح نفسه، لماذا بقىَ هو أعزبً إلي هذا العُمر، مادما هو بكل هذا الجمال،اليسَ من هم بهذا الكم من الجمال الساحر،تتلاحق عليهم النساء؟ أم أن أبنتنا الهائمة تُبالغ فقط لانه حبيبها، ومعشوقها... وكما يُقال، القرد في عيونِ أمهِ غزالً...... لا لا لا، لا تُسبتون عليّ حديث لم أقوله قط،"مُراد "بالفعل ليسَ قردً، لكن" رضوي "تملك حسًا مرهفًا يجعلني أنا والسناجل أشقائي نُقهر.......
كانت الغرفة غارقة في الظلام الهادئ الذي يلتف حول كل شيء، فالستائر مُغلقة، والأضواء أيضًا، هُم ببداية الصباح كان كل شيء ساكنًا، والأصوات الوحيدة التي تُسمع هي أصوات أنفاس" رضوي "الثقيلة، بينما تُتابع" مُراد "الذي أستيقظَ قبل ثواني، مُبتسمًا لها بإشراق بعيونهِ الناعسة أثر نومهِ، رفعَ نفسه يلتقطت قبلة سريعة من خدها يقول بنبرة رخيمة:
_" صباح النور علي النور اللي منور الدنيا".
أخفضت عينيها تبتسم برقة، قائلة بدلال:
_"صباح الفُل "
كانت جالسة بجواره نصف جلسة، ملامحها تضج بالأسئلة والمشاعر التي لا تعرف كيف تصفها. كان ينظر إليها بعينيه الثابتتين، وكأن كل حركة منها تثير شيئًا غير واضح في قلبه، شيء أعمق من مجرد النظرة العابرة. كان هناك شيء غامض في عينيها، مثل سر بعيد، لا يستطيع فهمه. ولكن رغم ذلك، كان يشعر بالقرب الذي يزداد كلما نظر إليها، كأن المسافة بينهما تتسع وتضيق في نفس الوقت، حتى أصبحت اللحظة مليئة بشيء أكبر من الكلمات..
كانت هي وضعها نفسه، تراقبه بهدوء، ولكن قلبها كان في مكان آخر. لم يكن يهمها في تلك اللحظة أن تخفي مشاعرها، فقد أصبحت تعرف أن قلبها ينبض بشكل مختلف في وجوده. ولكن هناك شيئًا ما، أو ربما الكثير من الأشياء، كانت تشعر به في عمقها. كان هناك شيء في طريقة نظره إليها، شيء في صوته، في كل حركة، كان يحمل رسالة، كان يهمس لها بلا كلمات، وكان هذا ما جعلها تشعر بالدوار. هي الأخرى كانت تكتشف مشاعر جديدة، اكتشفت في نفسها شيء لم تكن تعرفه قبل أن يقترب منها هذا الشخص.
واللحظة، رغم صمتها، كانت ثقيلة بحروف غير مكتوبة، كأن الهواء نفسه كان مليئًا بالأحاسيس. كان "مراد"، رغم أنه يجلس بالقرب منها، يشعر بشيء غريب في داخله، شعور بالحيرة، وشعور بأن كل شيء بينهما يجب أن يُقال، لكنه لا يعرف من أين يبدأ، ثم جاء صوتهِ، يحمل في طياته نوعًا من التردد الذي يوضح أنه يفتح قلبه، وهو يراقب وجهها، محاولًا أن يرى الحقيقة التي تختبئ وراء تلك العيون.
_"عارفة.... أنا كُل ما أبُص لك كده، أحس إني معرفش عنك حاجة، وإنك بعيدة..".
قالها بنبرة هادئة، لكن كانت الكلمات مليئة بالمشاعر المخبأة، وكأنها تحمل سؤالًا لم يجرؤ على طرحه تمامًا، أبتسمت له، مُتحدثة بنبرة هادئة، ولكن مليئة بالصدق، وكأنها تفتح نافذة صغيرة في قلبها كي يرى ما فيه. كان صوتها يحمل دفئًا عميقًا، يشعر به في كل كلمة، كأن مشاعرها كانت تتساقط بينهما دون كلمات أكثر.
_"مش لازم تعرف كل حاجة.. أوقات الحاجات اللي بنحسها، تكفي... وأنا إحساسي بيك كبير أوي يا مُراد، مُش محتاج تعرف غير إني بحبك جدًا، فوق ما تتخيل بجد."
أبتسمَ بإتساع يرفع حاجبيه بتفاخر، وغرور مُصطنع، قائلاً يمدح نفسهِ:
_"عارف... أنا أتحب أصلاً."
_"أنتَ رخم أصلاً.... فصلتني مُش كنت بتتكلم بعُمق دلوقتي."
قالتها برقة، تبتسم في نفسها، وهي تشعر بمشاعر مختلطة من الدهشة والمودة. كانت تحاول إخفاء ذلك الشعور الذي كان يضطرم في قلبها كلما اقترب منها.....
_"أنا بنكُشك بس يا قلب مُراد."
نطقَ بها مُداعبًا أرنبة أنفها بمُشاكسة، بينما رفعت هي حاجبيها تقول:
_"لا والله... أممم طيب لو أنتَ بتنكُشني فعلاً، يلا بقا قُولي تعرف عني أي."
وجهها يحمل ابتسامة ماكرة، كما لو أنها تتحداه ليقول أكثر، ليكشف ما في قلبه. كانت عيونها مليئة بالشغف والفضول، ولكن أيضًا هناك شيء من التحدي في نبرتها.
غمزَ بطرف عينيه يقول:
_"ما بلاش."
أصرت تدفعه علي الحديث:
_"لا قول....أنتَ شكلك هيتنكد عليك النهارده أصلاً."
_"لا نكد أي الله يسترك... ده أنا لسه كُنت هقولك حضري شخصية نجمة السهر بتاعتي، وروقي علينا"
رفعت إصبعها بوجههِ تقول بتحدٍ:
_"ده بعينك."
_"هنتفق أتفاق علشان أنا عارف إني متجوز طفلة أصلاً."
_"لا والله طفلة... طيب أوعي بقي قُوم من جمبي يلاّ، هتنام علي الكنبة يا مُراد."
ضحكَ بقوةٍ عليها، من ثم أقترب أكثر يشاكسها بمكر:
_"طفلة بس دوخت واحد ناضج عاقل راشد زيي."
_"أتثبت أنا كده صح؟."
قالتها، مبتسمة بخفة، أجابها بتفاخر:
_"المفروض والله.... أنا قُدراتي في التثبيت في ذمة الله، الكلام ببدأه مُقاتل باسل شايل سلاحة،لكن قدام عيونك بيستسلم مسلوب الإرادة".
قالها وهو يشير إلى نظراتها التي كانت تشعل فيه كل أنواع المشاعر التي لا يستطيع تفسيرها....... أبتسمت هي بعذوبية، مقتربة منه تضع علي شفتيه قبلة خاطفة رقيقة، تزامنًا مع قولها:
_"يا عيوني، خُد بوسة علي الكلام الحلو ده."
طالعها بتذمرٍ كالأطفال، يقول بعبوس:
_"بوسة، هو أنا أبن أُختك... أنا عايز جاحات الكُبار يا ست."
_"لا عاجبك ولا مُش عاجبك.... ويلا بقا متتوهنيش، قُولي تعرف عني أي يا مارو يا حبيبي؟."
أجابها بثقةٍ يقول، وهو يحاول أن يثير فضولها أكثر:
_"أعرف كتير.."
_"أيوه أي هو؟."
قالتها وهي تراقبه بعينيها اللامعتين، جاهزة للاستماع لما سيقوله.
_"بس خليك فاكرة بس أني قولتلك بلاش من الأول..."
نطقَ بها بمكرٍ، وكأنه سيُفشي عن سر خطير:
_"أي يا مُراد يا حبيبي، أنتَ هتقول أي يعني، تكُونش ماسك عليا ذلة ولا سيديهات ؟."
أبتسمَ متنهدًا، ومع كل لحظة تمر، أصبح الصوت في الغرفة أكثر وضوحًا، وكان قلب مراد يخفق بشدة، كان عقله ما زال يتسائل عن الكيفية التي استطاعت بها "رضوى" أن تأسر قلبه هكذا، بطريقة لا يستطيع أن يهرب منها. فكل كلمة تهمس بها، وكل نظرة، كانت تشده أكثر، ويدفعه شعور غريب بالارتياح والتوتر في آن واحد. هو لم يعرف ما الذي يجعله يشعر بهذا الشكل، لكن شيئًا ما في قلبه كان يحثه على أن يظل قريبًا، أن يبقى هنا، حتى لو كانت الكلمات تتصارع داخل عقله.
أما "رضوى"، فقد كانت في حالة من الارتباك البسيط.كانت تعرف أنه يكشف جزءًا من نفسه، لكنه لم يجرؤ بعد على أن يكشف كل شيء. كانت تدرك أنه في أعماقه لا يزال يحمل تلك الحيرة التي تحول بينه وبين أن يترك نفسه في هذا الحب تمامًا. لكنها كانت على يقين أنه يحبها، كما أنها كانت تشعر بحب عميق تجاهه، ولكن هناك شيء أكبر من الكلمات كان يحرك مشاعرها.