رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 27 - 2 - الجمعة 15/11/2024
قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قلب نازف بالحب
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل السابع والعشرون
2
تم النشر الجمعة
15/11/2024
وكلما اقتربت منه، وكلما رأته يبتسم بتلك الابتسامة التي تحتوي على الغموض والصدق في نفس الوقت، كانت تحس بأنها تعرفه أكثر، ولكنها في الوقت نفسه، كانت تكتشف فيه أشياء جديدة لم تكن تراها من قبل. كانت تحب كل لحظة معه، حتى في تلك اللحظات التي كانت مليئة بالصمت. كان صمته يجعلها تشعر بالقرب الذي يصعب تفسيره، وكأن التفاهم بينهما صار جزءًا من حياتها.
ثم، مع تلك اللحظة التي كان فيها" مراد" يغرق في تفكيره، قرر أخيرًا أن يكشف عن ما في قلبه، ليكسر الحاجز الذي كان يفصل بينهما، وهو يقول بنبرة مليئة بالصدق والقلق في ذات الوقت:
"هقول إني أعرف أنك سرقتيني بالعافية كده، أعرف أنك خلتيني أكتشف في نفسي حاجات عمري متخيلتش أنها فيا، زي إني أحب واحدة من غير ما أحس، ومن غير ما عقلي يتدخل وأحسب لكل خطوة حساب، أعرف أنك لغيتي عقلي خالص وبقيت بتعامل بقلبي معاك وبس، ودي حاجه جديدة عليا، أعرف أنك خلتيني أبقي مُدمن ليكِ، مش عايز دقيقة تعدي وأنتِ مش جمبي، خلتيني أعرف أن فعلاً العيون قتالة وده مش خُرافة، لأن عيونك النعسانة البريئة دي عملت فيا عمايل...."
وبينما كان "مراد" يطلق تلك الكلمات، كان شعور من نوع آخر يتسلل إلى قلبها، كأن كلماته قد كتبت على صفحة روحها. كانت عيونها مليئة بلمعة خفيفة، والابتسامة التي ارتسمت على شفتيها كانت أصدق جواب على ما قاله. في تلك اللحظة، كانت كل كلماته تُنسج في خيوط من الضوء، تلامس أعماق قلبها بشكل يجعلها تشعر وكأن هذا الحب شيء مقدر أن يكون، وأن كل شيء قد قادها إليه في هذا الوقت.......
❈-❈-❈
. "بعد مرور يومين".
كان المطبخ هادئًا، ضوء خفيف يتسلل من النوافذ ليغمر المكان" مديحة" كانت جالسة على الكرسي المقابل للطاولة، فنجان قهوتها في يدها، تتأمله بصمت
بينما"سهام "كانت تقف بالقرب من الحوض بعد أن أنتهت من جلي الأطباق، تتأملها بقلق....." مديحة"، بملامحها الجامدة ونظراتها المشدودة، كانت لا تقتنع بأي كلام يعارض رأيها. قبضت على أطراف الحديث وكأنها تحاول تجميع أفكارها المتناثرة، بينما" سهام"، بهدوء نابع من إيمانها بقرارها بحُرية الرأي،وأن كل فرد يفعل ما يحلو له بحياتهِ ، كانت تحاول تهدئة الوضع، عيونها مملوءة بالقلق على المستقبل.
تكلمت "مديحة" بحنق، كلماتها تخرج مشحونة بالقلق والغضب، وهي تلوح بيدها في الهواء وكأنها تقتلع كل تلك الأفكار التي تراها خاطئة. ملامح وجهها مرسومة بالتساؤل والانزعاج، كما لو كانت ترى أمامها مشهداً غير معقول وصوتها ملئ بالحيرة والغضب :
_ "أهدي أي بس يا سهام، ده كلام يتعقل برضو، الواد عايز يجنني"
ردت بهدوء، تعرف أن هذا ليس نقاشاً سهلاً، لكن عليها أن تسعى لتفهيم" مديحة"،أضافت بتأكيد هادئ ولكن حاسم:
_"دي حياته يا مديحة وهو حُر"،
ابتسمت بسخرية قاسية، تحركت قليلاً في مقعدها وكأنها تشعر بأن كل كلمة تقولها يجب أن تكون لها تأثير. وجهها كان متجهمًا أكثر:
._"طبعاً ما اللي إيده فالمياه مش زي اللي إيده فالنار، يعني أي يتجوز واحدة مطلقة، ناقصه أي؟"،
قالتها بمرارة شديدة،بينما الأخري لم ترفع صوتها، ولكنها شعرت بضغط الكلمات القادمة من" مديحة"، فأجابت بنبرة حادة لكنها متفهمة:
"في أي يا مديحة، علشان مطلقة يبقي ناقصها حاجة ولا أي؟ صلي على النبي كده".
اهتزت قليلاً، وسمعت لها كلمات متقطعة تظهر استياءها:
"عليه افضل الصلاة والسلام، هي أكيد سحراله... أنا عارفة أشكالها يعملوا كده وزيادة، طمعانه فالواد".
بغضب خفيف أجابتها، وكأنها تتحدى أفكارها الغريبة،:
"الطم منك يا مديحة، سحراله أي بس؟ وبعدين عارفة أشكالها ازاي، ده أنت حتى متعرفيش أسمها أي؟".
وتستمر الكلمات تتطاير بينهما، تزداد سخونة، كل واحدة تقف على أرضية مختلفة،" مديحة" ترى الخطر في هذه العلاقة، "وسهام" ترى في قلبها إيمانًا أن الحب قد يقودها إلى بر الأمان، مهما كانت المخاوف.....
اجتاحت ملامحها موجة من الغضب والشك، فزعقت بنبرة عالية وحاسمة، وكأنها تدافع عن شيء ثمين:
_"أسكتِ أنتِ مش عارفة حاجة، هي لقيته يحبة عين أمه علي نياته قالت لما أطلع منه بمصلحة".
شعرت بأنها تضع النقاط على الحروف، محاولاتها لكشف الحقيقة على طريقتها الخاصة، نظرت إليها الأخري بقلق، ثم عبست قليلاً قبل أن ترد، محاولة تهدئة الموقف:
_"ثواني بس هو أبنك عيل يا مديحة؟ طارق ناضج وعاقل وفاهم هو بيعمل أي، ودي حياته زي ما قولتلك، سبيه يا ستي يخوض التجربة ويتعلم منها بنفسه"
كان صوتها أقل حدة، وكأنها تقول لنفسها أنه يجب أن تكون حكيمة في هذا الموقف، وتمنح طارق فرصة، تابعت "مديحة" بنبرة هادرة مليئة بالتشكيك:
"أسيبه يغرق نفسه وأقعد أتفرج يعني، ده هو الواد الفالح الحيلة، من كفاية عليا الصايع التاني اللي بقيت بشوفه صدفة ومش عارفة اتلم عليه"
كان صوتها يتصاعد مع كل كلمة، وكأنها تشعر بالخذلان من تصرفات" طارق"، خوفاً من أن يسير في نفس الطريق الخاطئ، نظرت إليها نظرة حانية، وكأنها تحاول أن تفهم مخاوفها:
"أنا من رأيي تقعدي مع البنت وتشوفيها الأول وتتكلمي معاها، أنا متأكدة أنك هتغيري رأيك، لأنك بتحكمي عليها وأنتِ متعرفهاش أصلاً"
كانت كلماتها بسيطة ولكنها مليئة بالحب والخوف في الوقت ذاته، على أمل أن تغير رأيها.صمتت لحظة، ثم ردت بحزم:
_ "أتعرف علي مين أنتِ كمان، أنا مش موافقة لا عايزة أشوفها ولا تُشوفني... دي سحراله أسمعي مني، أنتِ مشفتهوش بيتكلم عنها ازاي؟ بحبها ياماما، هي اللي حركت قلبي يا ماما، وكلام كتير مسهوك".
كانت عيناها متسعة، مليئة بالشكوك، لا تجد حلاً إلا بإبعاد البنت عن طريق ولدها، تنهدت"سهام" بعمق، محاولاً تهدئة الوضع أكثر:
"الواد بيحب بجد يا ديحا، متعقدهاش أنتِ بقا سبيه، والله أنا واثقة أن طارق مش بيعمل حاجة غلط هو بيحبها وده باين من تمسكه بيها بالطريقة دي زي ما بتقولي".
أرادت أن تنقض على هذا الكلام، ولكنها اكتفت بتوجيه نظرة ساخرة، تقول بغضب:
_"لي لي يا طارق يابني؟ البنات حواليك زى الورد، ملقتش غير المطلقة دي".
ضربت كفًا بكفًا:
_ "برضو، يا مديحة أنت متعلمة، بلاش كلام الرجعية ده، يعني أي يعني مطلقة، هي علشان مطلقة يبقي ملهاش حق تتجوز؟".
كانت كلماتها محاولة لفهم الموقف من زاوية أخرى، بعيدًا عن العادات والتقاليد..... لاحت على وجه الأخري علامات التحدي، وهي تقول:
"لا ليها، بس بعيد عن إبني، تروح تتجوزلها واحد مطلق زيها ولا أرمل.... ده إبني لسه أول بخته".
صوتها كان مليئًا بالتساؤل، وكأنها تقف أمام مفترق طرق وتجد أن" طارق" لا يجب أن يغامر بمستقبله.
تنهدت مجددًا، ثم ردت بتصميم:
_ "سبيها علي الله، ومتزعلهوش، مش أبوه موافق".
انفجرت ضاحكة، لكن ضحكتها كانت مشوبة بالحزن، تقول بمرارة:
_"أبوه يختي مرحب جدًا وفرحان علي فرحته... يا سهام أفهميني، أنا مش وحشة ولا أم أنانيه أنا بحب أبني وخايفة عليه، خايفة أسيبه يتجوزها وتجي، تطلع بنت مش كويسة وهو كان مغشوش فيها، وبعدين تسيبه، أنا عارفة أبني هيتعب جدًا بسبب كده، وممكن يقعد عمره كله مش عارف يتخطي اللي هتعمله فيه".
كان صوتها مملوءًا بالخوف العميق على ولدها تتمنى لو تستطيع حماية قلبه من أي جرح، طالعتها" سهام"بصمت، من ثم اقترحت بحذر:
_ "ياستِ أنا فهماكِ، بس في نفس الوقت هو هيفضل زعلان لو فضلتي رافضة، وبما أنه مصمم عليها، يعني مش بعيد يروح يتجوزها من غير رأيك طالما أبوه موافق، يبقي وافقي وأكسبيه، متزعلهوش منك يا مديحة".
كانت كلماتها تحمل نصيحة لطيفة..... أطبقت" مديحة"شفتيها بعنف، لكن القلب كان في مكان آخر.كان صوتها، ضعيفًا، أقل حدة، لكنها لم تستطع إخفاء قلقها العميق على ولدها:
_"خايفة عليه يا سهام خايفة أوي "
خرجت كلماتها محاولة أخيرة لإنقاذ الموقف، وعلى أمل أن تُزيل الهموم التي تملأ قلبها:
_"سبيها علي الله وزي مقولتلك خليه يجبهالك تشوفيها وتقعد معاها وتشوفيها.... وإن شاء الله خير، يمكن تطلع كويسة وتكوني ظنيتي السوء فيها، أسمعي مني يا حبيبتي متخسريش ابنك"