رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 26 - 2 - الخميس 14/11/2024
قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قلب نازف بالحب
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل السادس والعشرون
2
تم النشر الخميس
14/11/2024
توسعت عينيها في صدمة وغضب، وأطلقت شهقة ساخطة باندفاع:
"راجل مقرف بجد... ده راجل متخلف والله!"
ابتسم بنظرة خبيثة هذه المرة، واستطرد:
"منا مادتوش فرصة يكمل حتى."
نظرت إليه بدهشة خفيفة، وقالت بنبرة أكثر فضولًا:
"عملت إي؟"
"ما حسيتش بنفسي غير وأنا ماسك رقبته وبضرب فيه بكل غل.. وطبعًا الرجالة بتوعه كانوا بعيد، فصفيت كل حسابي معاه لوحده، علشان يتعلم يبصلك تاني "
ثم تابع بصوت أشد حزمًا وهدوءًا:
"بعدها بعت لي ناس تضربني،اتكاتروا عليا وأستغلوا إني لوحدي،واللي حرق دمه أكتر أني تاني يوم فسخت القعد اللي بينا"
تسمرت عيناه في عينيها كأنه يقرأ خوفها، فأكمل بنبرة مطمئنة:
"علشان كده طلبت نسيب الشقة،لأنها بتاعته."
أومأت برأسها بصمت، وعينيها تعكسان امتنانًا ممزوجًا بقلق، كأنما تُدرك الآن تمامًا حجم المخاطر التي واجهها فقط لحمايتها. كان صوته، وحضوره بجانبها، كافيين ليعيد إليها الإحساس بالأمان وسط صخب المطار... رجعت بظهرها للوراء تبتسمُ بإمتنان حقيقي، وقد لمعت عينيها بطيفٍ خفي.... شدت من أحتضانها ليداهُ القابعة وسط يدها، وإستندت علي كتفهِ مُتكئة عليه، الآن وغدًا وبعد عام وبعد أعوام.....
❈-❈-❈
تركها" مُراد" يأتي بالحقائب من السيارة، بينما وقفت هي على عتبة المنزل، تتأمل الباب الذي غابت عنه طويلًا. وفور أن ظهرت ملامحها عند الباب، خرجت العائلة لاستقبالها، وانطلقت المباركات والتهاني بعودتها. احتضنت والدتها بحنان وكأنما تعوض غياب الأيام، وضمتها إلي قلبها بشوقٍ غامر، ثم جلست بالمكان المعتاد لها وسط أفراد العائلة، وعلى يمينها والدتها الحبيبة، وعلى يسارها "ليلى" التي لم تكد تلتقط أنفاسها من شدة الحماس..... والتي ظلت تسأل دون ملل:
"أحكيلي بقا كل حاجة عن الرحلة، وما تفوتيش ولا تفصيلة... عايزة أعرف كل حاجة بالتفصيل المُمل!"
ضحكت "رضوى" برقة، مستجيبة لطلبها بحب:
"حاضر من عنيا، بس خليني أستريح شوية وبعدها أقعد معاكي وأحكيلك كل اللي نفسك تعرفيه."
أومأت "ليلى" برضا، وابتسامة الانتصار ترتسم على وجهها:
"ماشي، اتفقنا! بس ماتنسيش."
قاطعتها والدتها بنبرة مشبعة بحبٍ حقيقي:
"كل الأكلات اللي بتحبيها عملتهالك النهارده، البيت كان مضلم من غيرك يا حبيبتي."
قَبّلت "رضوى" مقدمة رأس والدتها بامتنان حقيقي، ثم همست لها بمحبة:
"متحرمش منك، كنتِ واحشاني جدًا، وأروي وأيتن كمان."
ابتسمت والدتها بحنو وغمزت بعينها قائلة بخبث أمومي:
"آه يابت ماهو باين،مش قادرة حتى ترفعي السماعة وتسألي عليّا؟ يعني للدرجة دي مراد شغلك عن أمك؟"
ابتسمت" رضوى" وتنهدت، محاولة أن تشرح مبرراتها برقة:
"محدش يقدر يشغلني عنك يا ست الكُل، بس طول الوقت كنا بنخرج ونتفسح، شهر عسل بقا، بجانب أن مُراد برضو كان عنده شغل"
ربتت والدتها على يدها بحنان وتمنت لها السعادة بصوت خافت:
"ربنا يهنيكي يا حبيبتي، ويجعلك دايمًا مبسوطة."
رفعوا رؤسهم ينظرون لمكان الطرقات العالية التي ظهرت فجأة، وقد كان حذاء" نانسي "المُتسبب في الصوت المزعج ذاك وهي تنزل من علي الدرجِ بتكبرٍ، حتى وصلت لموقعهم، أقتربت من" رضوي "كي تُسلم عليها، بينما الأخري نهضت لها بصفاء نية، وللحق هي الآن لا تحمل لها أي ضغائن بداخلها، باتت مسالمة، ليسَ لديها وقتٍ للأنشغال بتوافهِ الأمور، فقط تنشغل بحياتها.....
أبتسامة صفراء واضحة جدًا، زيفتها" نانسي"تبعه قولها بنبرة تحملُ جزءً من التهكم:
_" مبارك عليكِ ربنا يهنيكم، البيت نور ".
كانت تري السُم في كلماتها، لكنها لم تهتم فقط بادلتها الأبتسامة بأخري مجاملة قصيرة، لم تكتفٍ بذالك بل جذبتها لأحضانها تفجائت" رضوي "من فعلتها وبقيت مشدودة لثواني، لكنها بعد ذالكَ أسترخت قليلاً، خرجت من أحضانها تبتسمُ لها أبتسامة لزجة هكذا.....
لم ترتاحُ لها قط، تشعر بأن وراء صمتها هذا براكين تغلي، أو هناك طبخة يتمُ طهيها علي نار هادئة، ثم تطعمها لها منتقمة منها، فـ هدؤها هذا ليس رد فعل بالمرة وهي تعتبر أنها مازالت لم تأخذ منها ردة فعل حيال زواجهم،لذا عليها الحذر،هي ليست بتلك السهولة،لن تتقبل الأمر الواقع وتصمت،عاجلاً أم أجلاً هناك ردة فعل ماكرة ستأتي منها تجاهها،عليها أن تستعد،في كل مرة تراها فيها تشعر أنها تخطط وستنفذ الآن لكنها لا تفعل شئ،لكن لابد من الحذرِ،الحذر الشديد، حدسها دومًا لا يُخطئ، غرائزها الداخلية ومشاعر عدم الارتياح لا تأتي هكذا عبثًا، وهي تُيقنُ تمامًا أن حدسها دومًا بمحلهُ، وهي تشعر بعدم راحة كبيرة من ناحيتها...........
لا تُعطي لها أي أمان،أنها من الأناس الذي حين تُصافحهم،بعدها تعد أصابع يدها تتأكد أنهم لازالُ موجودين بمكانهم ...... تنفست ببعض من الراحة ما أن أبتعدت عنهم، وكأنها كانت تشهق الأكسيجن كله من حولهم ....
❈-❈-❈
عشرة دقائق كاملة قد مرت علي تواجدها هُنا أمامه، كان لحديثها السابق مع "إسراء" مفعول كبير ، والتي من خلاله دفعت بداخلها بعض الثقة والجرأة علي المواجهة،أستمرت لساعات طوال الليل تُفكر وتُفكر فقط، أنهكت عقلها في دائرة تفكير لا تنتهي، حسمت أمرها بالنهاية علي أنها بالفعل ستواجههُ وعليها أن تتحلي بالشجاعة، وإلاَ سوفَ تندمْ مستقبلاً، شجعت نفسها ببعض الكلمات المطمئنة حول أن "طارق" ذو شخصية متفهمة، وحنونة.......
دفعت لذاتها جرعة كبيرة من الشجاعة كفيلة تجعلها تفعل أشياء عدة تخشاها حد الرُعب.... فقط الوقت الفاصلُ بينَ خروجها من منزلها تحمل سيف الشجاعة، وبين الآن واقفة كالفرخِ المبلول، وقد سلمت سيفها دون مقاومة، وها هي الآن صامتة كأنها خُرست فجأة... تتسأل أين الشجاعة، أيعقل قد طارت مع الهواء؟؟......
الجو كان معتدلاً، ذا نسيم خفيف، والأجواء هنا بالنادي مفعمة بالنشاط والحيوية من حولها، لكنها كانت تشعرُ بثقلِ الهواءِ من حولها هكذا فجأة، وكأن كل ذرة من ذاك الهواء، تحمل توترًا مُتصاعدًا، تنظر له بملامح مترددة، متوترة، بينما هو كان هادئًا تمامًا، أو هكذا يتظاهر.... تنهدت، وبقلبها مزيج من الخوف والندم، والرغبة في الوصول إليه مجددًا، عيناها السوداء تتأملان وجهه، الذي يحمل ملامح صامتة، جامدة، ولكن لاحظت أنها عميقة وكأنها تعاتبها بحديث طويل لم يُنطق بعد.......
كانَ يجلس أمامها مستندًا إلي المقعدِ من خلفهِ، مُشبِكًا كلتا يديه ببعضهم البعض، لكن تعابيره تعكس أسئلة تملأ رأسهِ، وترقبًا لِمَا قد تخرج به شفتيها بعد هذا الغياب......
رفعت رأسها قليلاً محاولة أستجماع شجعاتها التي طارت هباء الرياح في أقل من دقائق معدودة، تَدرك أن كلماتها ستكشف عن جرح خفي في صدرهِ، جرح قد تكون هي السبب فيه.... بدا وكأنه يمسك علي قلبه بصعوبة، يريد أن يحافظ علي مظهره القوي والرصين متقمصً لشخصية مُنافية تمامًا لشخصيتهُ، بينما عينيه تحاولان قنص أي تبريرات من وجهها، تبريرات تخفف من وقع الصدمة التي عاشها منذ رحيلها المفاجئ......
بصوتِ خافت بدا كأنه يخشي أن يخرج، شعرت أن كل كلمة تخرج منها تثقل الجو أكثر، تنهدت، قائلة بهدوء يخفي داخله الكثير من الأرتباك بعد أن شاهدته يستعد للنهوض بوجهٍ متضايق،بعد أن طال صمتها :
_" مُمكن تُقعد علشان نعرف نتكلم؟ مُمكن؟ ".
ترددَ صوتها في الفراغ، كأنها رمت حجرًا في بحيرة راكدة لفترة، رفعَ" طارق"رأسه ونظر لها، تجسدت في عينيه كل علامات الحيرة، والغضب، لكنه جلس أمامها،دون أي تعبير واضح يخرج منه، وكأنه يختبر صبره مع هذه المواجهة وقال بصوتٍ يخفي خلفه بعض الأستهزاء، تزامنًا مع وضعهُ للهاتف علي الطاولة مرة أخري، وجلسَ:
_"أديني قعدت... أتفضلي.... أتكلمي؟ ".