-->

رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 30 - 2 - الجمعة 22/11/2024

   

قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية قلب نازف بالحب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي


الفصل الثلاثون

2

تم النشر الجمعة

22/11/2024

❈-❈-❈

ختمَ جُملته بصفعة مداوية هبطت علي خدها بقسوة، بعد أن حرر شعرها من قبضتهِ، صرخت بهلع تضع يدها مكان الصفعة بعيون متسعة غير مُصدقة لمَ يحدث، أرتعش جسدها بلحظة، وهي تشاهد مظهره المخيف والجديد عليها كُليًا، 


نطقت بشفاة مُرتعشة،بينما تخطو خطوة للخلف، محاوِلة استيعاب انفجاره المفاجئ: 


_" مُراد مالك؟ في أي؟ ". 


لكنه لم يُمهلها لحظة، قبض بيده على شعرها مرة ثانية وشدّه بعنفٍ جعلها تصرخ، عيناها امتلأتا بالدموع، بينما حاولت إبعاد يده بيدها المرتجفة، تظاهرها بالغباء يثير غضبه أكثر.... 


"بتستغفليني ومنيماني على وادني... ده أنا هربّيك من أول وجديد."


"آه، مراد سيب شعري! أنت بتوجعني! في أي، فهمني!" 


صرخت بصوتٍ مرتعش، لكن ملامحها لم تخفِ خوفها مما يمكن أن يحدث.


"إنتِ إيه يا شيخة؟ جنس ملتك إيه؟... حرباية بتتلوني على كل الألوان!" 


صرخ بها، كلماته خرجت وكأنها صفعات متتالية على وجهها، أوجعت قلبها أكثر من الألم الذي سبّبته قبضته.


"شعري يا مراد! في أي؟"


صرخت برجاء، محاوِلة أن تُثبّت عينيها في عينيه، تبحث عن سبب هذا الغضب الجارف، لكنه لم يمنحها فرصة، توقّف فجأة، يداه ما زالتا ممسكتين بشعرها، لكنه أخذ شهيقًا عميقًا، وكأن قلبه على وشك الانفجار. صوته هدأ قليلًا، لكنه لم يفقد حدّته: 


_"لي؟ لي عملتي فيا كده؟ عملتلك أي؟ شُوفتي مني أي علشان ده يبقي جذائي منك، قلبك ده حجر مش بيحس؟!. "


أنهال عليها بسيل من الاسئلة المُتتالية، تجمّدت الكلمات في حلقها. لم تعرف بماذا تُجيبه. شعرت أن كلماته تُمزقها، لكن هل هو على حق؟ أم أنه مجرد غضب بلا سبب؟... ماذا يحدث أحدكم يُخبرها أنها بحُلم أو كابوس وسينتهي..... 


أمسكها من رسغها يضغط عليهِ بحدةٍ، ولهيبُ من الحُمم تتقاذف من عينيه صوبها مُباشرةً، وكأنهُ يُعاقبها علي فعلة شنعاء لم تتوسخ يداها قط بفعلها، هي بحقٍ لم تفعل شيء: 


_"سؤال واحد بس؟ أزاي جالك قلب... أزاي قلبك طاوعك علي كده ". 


بكت بضعف وأنهيار تقول: 


_" والله العظيم انا مش فاهمه أنت تقصد أي؟ فهمني طيب أنا عملت أي؟ ". 


طالعها بسخرية، نظرته كانت باردة، متقلبة، محملة بالكثير من الأسئلة التي تبدو مستحيلة الإجابة عنها. تحركت يداه بشكل غير إرادي، كأنه يحاول أن يعيد ترتيب أفكاره المبعثرة، ثم عاد ليبث في عينيه تلك السخرية التي ملأت الفراغ بينهما. جفاه كانا نصف مغمضين، كما لو كان يرى أمامه شخصًا آخر، يتساءل بداخل نفسه كيف يمكن أن تكون هذه هي.... 


_" اللي أنا مش قادر أستوعبه، أنا أزاي صدقتك، أزاي حبيتك وأنتِ كده؟ أزاي أنخدعت فيكِ، طول الوقت كُنتِ بتمثلي". 


ضحكَ بإستهزار، يرجع للخلف قليلاً، وقد بدأ يصفقُ لها قائلاً: 


_"لا براڤو، براڤو أوي، عرفتي تخدعيني كل الفترة اللي فاتت دي، مُمثلة بيرفكت تستاهلي الأوسكار علي شطارتك دي!مثلتي عليا في كل حركة، حتى النفس اللي بتتنفسيه كان تمثيل.... قدرتي تزيفي كلام ومشاعر وكل حاجة ". 


نطق بأخر كلماته بعصبية مضاعفة وتحركت يداه لتطيح بالمزهرية الكبيرة خلفه، لتسقط علي الأرض مهشمة علي الفور، أصدرت صوتًا حادًا، جعلها تضع يدها علي أذنيها بخوف، ودموعها لم تجف: 


_" أبوس أيدك فهمني أي اللي أنتَ بتقوله ده... معقول كل ده بسبب البيبي". 


_"أيوه حقك تعملي أكتر من كده، ما أنتِ مش فارق معاك أصلاً.... قلبك طاوعك علي أنك تموتي أبنك اللي لسه متخلقش ". 


شهقت بقوة،تضع يدها علي فمها من هول الصدمة: 


_"أنتَ بتقول أي يا مُراد... أنا؟ أنا أقتل أبني؟ أنت أتجننت". 


_" أنتِ لسه شُوفتي جنان! ".. 


جذبها من خصلاتها للمرة الثالثة، يصرخ بوجهها: 


_" منيماني علي وداني طول الفترة اللي فاتت وأنا زي الأهبل مصدقك، وقال أي بتحبيني... أنت حيّة، أزاي كنت مأمنك عليا وعلي حياتي". 


كانت تشعر وكأن قلبها توقّف عن الخفقان. الرعب كان يتسلل إليها بخطوات بطيئة، ثم يتسارع حتى أصبح يضغط على صدرها، وكأنها غارقة في خنقٍ مفاجئ. كل تفاصيل الغرفة حولها أصبحت مشوشة، ضبابية، كأن العالم كله بدأ يتلاشى تحت قدميها. عينيها اتسعتا بشكل لا إرادي، ودموعها كانت تتناثر من مقلتيها في صمت، متسارعة


أصابعها كانت ترتجف بشدة، وكلما حاولت أن تلمس أي شيء حولها، شعرت وكأن الهواء نفسه يهرب منها. كانت مشاعرها تتراوح بين الفزع والذهول، كل كلمة من "مراد "كانت تقتلع الأرض من تحتها، وكلما تحركت نظراته الحادة، كان الرعب يزداد داخلها.


شفتاها شحبَتا، وفمها كان شبه جاف من الصدمة، حتى أنها لم تستطع إخراج صوت واحد. كان إحساسها وكأنها عالقة في لحظة متجمدة، محاصرة بين الحقيقة المرة وبين خيبة الأمل التي اغتالت كل أمل كانت تتمسك به. كانت تحاول أن تلتقط أنفاسها، لكن كل نفس كان يزداد صعوبة، وكأنها تغرق في أعماق مظلمة، بعيدة عن أي أمل في النجاة..... 


تركها أخيرًا، وقد وقعت علي الأرضية لأن قدميها عجزت عن حملها، أنحني لمستواها،ممسكًا بذراعها بعنف، قوته جعلتها عاجزة عن الهروب، وكأن جسدها قد تجمد من الصدمة. جعلها تنظر إلى شاشة الهاتف، وكان قلبها يتساقط مع كل كلمة تقرأها بعينين دامعتين. أذناها صمتت تمامًا، بينما كل جزء فيها كان يصرخ من الألم. الكلمات التي أمامها كانت كالسكاكين التي تغرز في قلبها


_" أقري؟ مش ده رقمك؟، أقري.. بُصي هنا". 


جذبها من ذراعها بعُنف يُجبرها علي أن تنظر للهاتف، نظرت بعيون دامعة، تقرأ بصمت، ومع كل ثانية تتوسع عينيها بالصدمة، فقد كان محتوي ما قرأت، عبارة عن محادثة بينها وبينَ"نادر "بتاريخ قديم قبل أيام. تُخبره فيها أنها تحمل بين أحشاءها طفلاً من" مُراد ".، وهي لا تُريده وتود أن تتخلص منه بأسرع وقت، وتسأله عن سير خطتهم، التي أتفقوا عليها وخططوا لها مُنذ البداية، وكانت كالتالي، أن يفعلون اللعبة التي حدثت منذ شهور ويقع" مُراد "بالفخ ويتزوجها، وتقوم هي باللعب عليه أكثر وأكثر وتجعله يقع بغرامها حتى تستولي عليه كليًا... ثم تأخذ منه مالهُ بطريقة يخططون لها مستقبلاً، من ثم تُطلق وتتزوج بحبيبها" نادر"..... 


بينما كانت عينيها تتسارعان في قراءة الكلمات، بدأ الصمت يقتحم المكان، وكأن كل شيء توقف لحظة واحدة، وتجمّد الهواء من حولهم. دموعها كانت تنهمر بغزارة، لكن لا شيء كان يمكن أن يُصلح ما تراه. كانت تحاول أن تنطق بكلمة، بأي شيء يُخرجها من هذا الكابوس الذي بدأت تعيشه، لكن الحروف كان لا تصدق أن تخرج منها.


"مراد" لم يكن يرى أمامه سوى خيانة عميقة، ولم يتوقف عن النظر إليها بعينين مليئتين بالغضب، بينما الألم كان يعتصر قلبه أكثر وأكثر. كان يتساءل كيف يمكن لشخص كان يعتبره كل شيء في حياته أن يفعل به هذا، كيف يمكن أن تكون هي من تدعي الحب ثم تخون كل شيء كأنما كان مجرد لعبة في يديه..... 


_"والله العظيم في حاجة غلط.... والله العظيم انا مستحيل أعمل كده، مُراد أرجوك صدقني!، أنا مستحيل أعمل فيك كده، أنت أزاي مصدق، أنا... أنا أموت أبني حتة مني؟ "... 


صرخت بكلماتها بقلب مُمزق كُليًا، أجتمع من بالمنزل علي أثر صراخها العالي وبُكاءها، وكان من ضمنهم" نانسي" كانت تقف هناك، عينيها تتألقان بنشوة انتصار واضحة. ضحكتها الخافتة كانت تحمل نبرة من السخرية المسمومة، وكأنها تذوقت لذة فوز مؤلم على حساب شخص آخر. كانت تراقب" رضوى "بنظرات متلاعبة، عينيها مليئتين بالشمتة التي لا تخفيها، كل كلمة خرجت من فم" مراد" كانت تزيد من غبطة انتصارها، وكانت ترقص داخلها بأصداء غير مرئية، تتلذذ بكل لحظة تمر.


شفتاها ابتسمتا ابتسامة ضيقة، خالية من أي تعاطف، وبدت عيناها مثل نيران مشتعلة تحت الظلال، تراقب كل حركة، كل تفصيل، وكأنها تستمتع بمشاهد انهيار "رضوى". كلما ارتبكت الأخيرة، كانت  تشعر بشعور غريب من الرضا، وكأنها انتقمت لكل لحظة مرت فيها بجانبها، وكأن هذا هو الرد المنتظر، العقاب الذي يستحقه الجميع.


كانت يديها مطويتين على بعضهما، في حركة تبرز تماسكها وقوة سيطرتها على الموقف. لم يكن في نظرتها أي تردد أو شك، بل كان كل شيء في عينيها يشي برغبتها في مشاهدة النهاية التي خططت لها طوال الوقت. كانت الشماتة تخرج من أعماقها، وكأنها تقول بصمت: 


_" جه وقت الحساب والكُل هيحاسب علي مشاريبه ".

الصفحة التالية