-->

رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 20 - 1 - الجمعة 15/11/2024

قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية تائهة في قلب أعمى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة زينب سعيد القاضي


الفصل العشرون

1

تم النشر الجمعة

15/11/2024

❈-❈-❈


اللهم ارحم أبي وأغفر له، اللهم أجعل قبره روضه من رياض الجنه، لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين.


"أحياناً نمر بمواقف تجعلنا أن نتمني أنا ما نعيشه ما هو إلا كابوس مزعج سنفيق منه ونعود إلي واقعنا، ولكن يا أسفاه فما هو إلا واقع مرير نحيا به"


بعد مرور يومين استيقظت صفا وهي تشعر بإنقباضة في قلبها تشعر أن شئ سئ سيحدث استعاذة بالله وهبطت إلي الأسفل وجدت والدتها استيقظت جلسوا سويا يتناولوا إفطارهم علي السفرة العريضة وهم يتبادلون أطراف الحديث.


قطع حديثهم رنين جرس الباب ذهبت الخادمة لفتح الباب وسرعان ما بدأت في إطلاق الزغاريد فرحاً بعودة الغائب نهضت صفا بفرحة وهي تتجه لزوجها وخلفها والدتها بخطوات بطيئة.


ركضت تجاهه كي تضمه لكنه تراجع إلي الخلف وهو يرفع يده كإشارة لها أن تتوقف:

-خليكي مكانك.


تعجبت من حديثه وابتعلت ريقها ببطئ:

-حمد الله علي السلامة.


رمقها بإستعلاء وقال:

-أنتِ مين ؟ وتعملي أيه هنا ؟


أتسعت عيناها بصدمة وتسألت بعدم إستيعاب:

-أنا صفا مراتك يا ياسين ؟


إنفجر ضاحكاً بقوة وقال:

-مراتي ؟ أنتِ صدقتي نفسك ولا أيه يا شاطرة أنتِ كنتي هنا بتأدي وظيفة وبس يا دكتوره صفا أنا دلوقتي خلاص خفيت ومبقاش ليكي لازمة أتفضلي أطلعي بره يلا ومش عايز أشوف وشك تاني أه أظن أخدتي فلوسك كاملة ؟


ابتسم بمكر وغمز بخفة وعقب:

-وليكي مكافأة كمان عشان الكام يوم إلي دلعتيني فيهم.


حركت رأسها بعدم إستيعاب:

-لأ لا أنت مش ياسين إلي حبيته واتجوزته .


ألتفت إلي والد زوجها الذي يقف صامتاً اقتربت منه بلهفة:

-عمي ياسين بيهزر صح رد عليا؟


أبعدها عنه بقسوة وقال:

-أسمي أحمد باشا يا زبالة أنتِ أيه هتنسي نفسك خلاص مهمتك انتهت خدي أمك واطلعي بره.


تراجعت إلي الخلف ودموعها تسيل بغزارة علي وجنتيها لا تصدق ما تسمعه تشعر أنها بكابوس.


آول من تجاوز الصدمة كانت والدتها التي اقتربت منها بإنكسار وهي تنظر إلي ياسين معاتبة وقالت:

-حسبي الله ونعم الوكيل فيك بحق كسرة بنتي وظلمك ليه منك لله يلا يا بنتي ناخد حاجتنا ونمشي من هنا .


أشتاظ أحمد غضباً وصاح بعصبية:

-أخرسي يا زبالة أنتِ وخدي بنتك واطلعوا بره.


 نادي أحمد علي الحرس وبالفعل ما هي إلا ثواني وكان الحارسين يقفوا أمامه.


تحدث أحمد أمراً وهو يشير علي صفا ووالدتها:

-جسار فتش الأتنين دول وبعدين أرميهم في الشارع.


نظر الحارسين إلي بعضهم بتوتر وتحرك المدعو جسار تجاه صفا والآخر تجاه والدتها والصدمة مازالت مسيطرة عليهم من هول ما يحدث.


ولكن قبل أن تمتد يد الحارس علي جسدها كان يد من حديد تقبض علي يده بقسوة وأشار لهم بالخروج مرة أخرى، وتحدث بحزم:

-بره أنتوا الاتنين.


نظر الحارسين إلي بعضهم، وتدخل أحمد في الحوار قائلاً بغيظ:

-أيه ياسين هتسيبهم يخرجوا من غير ما تفتشهم يمكن سرقوا حاجة؟ مش فاهم أمك ازاي تأمن أصلا تسيب الحثالة دول في البيت .


رمقته والدة صفا شذراً وقالت:

-حسبي الله ونعم الوكيل فيك، منك لله ربنا ينتقم منك أنت وإبنك.


صاح الآخر بجنون:

-أخرسي يا ولية أنتِ بدل أطلب البوليس يجي ياخدك أنتي وبنتك يرجعوكم الخرابة إلي كنتوا فيها ولا تترموا في السجن لحد ما تعفنوا فيه ولا هتلاقوا إلي يسأل عنكم.


بصمت في فمه وتحدثت بكبرياء:

-الخرابة ولا السجن إلي بتقول عليه ولا الشارع حتي أرحم من البيت الوسخ ده قادر ربنا يبناثم منك أنت وإبنك علي إلي عملته في بنتي .


أقترب منه كي يمد يده عليها لكن وقف ياسين سداً منيعاً وتحدث بنبرة حادة:

-هتمد إيدك علي واحدة ست يا بابا ؟


رد الآخر مبرراً بغيظ:

-مش شايف الزبالة دي بتقول عننا أيه ؟ لا وكمان البجاحة بتدعي عليك سبينس أربيها يا أبني إلي زي دول ملقوش إلي يربيهم ولا يعلمهم الأدب.


ألتفت لها ياسين ورمقها بإستهزاء وقال:

-وتفتكر ربنا ممكن يستجاب دعوات واحدة زي دي؟!


نظرت له من أعلي رأسه إلي أسفل قدمه بإستحقار وأضافت قائلة:

-أنا مش عارفة أزاي كنت مخدوعة فيك ولا فاكرة أنك راجل من الأساس للدرجة دي أنا كنت عامية عشان أجوز بنتي لشبيه رجال زيك حسبي الله ونعم الوكيل فيك.


جذبت إبنتها من يدها وضمتها بمؤازرة:

-يلا يا بنتي نمشي من البيت ده حسبي الله ونعم الوكيل فيهم.


تطلعت صفا إلي ياسين بترجي وهتفت بمرارة:

-ياسين أنت بتهزر صح ؟ أنت بتحبني زي ما بحبك أكيد أنت عامل مقلب فيا راح فين الحب الكبير بتاعك نستني نسيت صفا؟ أنت كان نفسك تفتح عشان تشوفني وبس أيه إلي حصل غيرك من ناحيتي مش معقول ده كل كان كذب ؟!


ظل يتأملها وداخل ضلوعه يحترق كم يود أن يلقي كل شئ في عرض الحائط ويجذبها داخل ضلوعه بقوة حتي وان سحق عظامها بداخله، لكن لا يستطيع أن يسامح أو يغفر لما فعلت كل هذا به لو طلبت ماله أجمع لن يتأخر عنها فهو من الأساس ملكاً لها فهل سيبخث بها ماله؟ لكن ليس بهذا المخطط الدنئ، صمت قليلاً وتحدث بقسوة كي يسترد ما بقي من كرامته التي دعستها أسفل قدميها:

-أنتِ طالق يا صفا وأتفضلي يلا بره مراتي جاية في الطريق ومش لازم تشوفك هنا.


مهلاً أيها القلب لا تحترق الأن، فالعاقبة تأتي، تناست كل شئ وتوقف عقلها عند جملة واحدة على تزوج غيرها ؟ هل أصبح ملكاً لآخري ويحق لها ما كان حقاً لها ؟ فقلبه وجسده ودفئ أحضانه ملكاً لها بمفردها وخصص لأجلها كيف يكون لآخري تتمتع به دونها، سألته بقلب ملتاع من قسوة حديثه:

-مراتك مين ؟!  ياسين أنت بتهزر صح ؟ أنت متجوزتش غيري مفيش واحدة هتاخد مكاني أنت سامع.


هتفت آخر جملة بشراسة وهي تتجه له تجذبه من قميصه تهزه بجنون:

-ياسين أنت بتحبني أنا بس صح ؟ رد عليا أنت عامل مقلب فيا ؟! رد ساكت ليه؟


أبعد يدها عنه بقسوة وأزاحها جانباً، وكادت أن تسقط أرضاً لولا أسندها إحدي الحارسين، مما جعل الآخر عينيه تشتعل ويصيح أمراً:

-بره مش قولتكم بره.


إرتعب الحارسين وفروا هاربين من براثنه فقد عاد الوحش من جديد، ألتفت لها وتحدث بقسوة:

-أتجوزت رجع مراتي فريد هانم بنت الحسب والنسب مش واحدة من الشارع زيك ولا ليها أصل ولا فصل هي بس إلي تستحق تشيل أسمي.


حركت رأسها بعدم إستيعاب وتسألت ضاحكة بهزيان:

-فريدة طليقتك؟ دي إلي تستحق تكون مراتك ؟ إلي أتخلت عنك وقت شدتك وسبتك عشان بقيت أعمي عشان أزاي يبقي جوز فريدة هانم بنت الحسب والنسب أعمي؟! هي دي إلي تستحق تكون مراتك ؟


صمت قليلاً تسترد أنفاسها وتحدثت بمرارة:

-أنت صح عارف ليه لأني خسارة فيك أنت متستلهش واحدة زي تستاهل واحدة رخيصة زيك.


جذبتها والدتها من يدها، وتحركت بها إلي الخارج وجسدها مازال متيبس لأ تعي شئ تشعر أنها بكابوس مرعب تتمني أن تفيق منه .


ألتفت إلي والده بضيق وقال:

-مكنش ينفع إلي هيحصل ده يا بابا.


جلس والده واضعاً ساق فوق ساق بثقة وقال:

-مش ممكن يكونوا سارقين حاجة فعلاً ؟ أيه قلبك هيرق ؟


تنهد بضيق وقال:

-حتي لو هما أيه مينفعش نخلي الحرس يلمسهم .


تجاهل والده حديثه وقال:

-أطلع نام وأرتاح يلا أنت تعبان من السفر.


أومأ بإيجاب وغادر متجهاً لغرفته صعد إلى أعلي بتثاقل شديد وهو يستعيد ذكرياته السابقة معه اليوم رأها كما طاق أن يري من أجلها هي فحسب كما تمني أن يلقي نفسه داخل أحضانها هو عشقها بالفعل وعشقها يسري داخل أوردته وصل إلي الطابق المنشود وقف أمام الغرفة التي كان يمكث بها برفقتها ظل واقفاً أمامها ينظر للباب بتردد إلي أن حسم أمره وفتح باب الغرفة ودلف إلي داخل وفور أن فتح باب شعر بالبرودة تقابلها ليست برودة الجو انما برودة البعد ظل يتأمل الغرفة منظمة رائحتها الذكية التي كانت بمثابة مسك خاص به هو جلس على الفراش وألقي بثقل جسده عليه وهو يغمض عينيه بشرود يحاول إخراج صورتها من عقله ولون العسل الصافي الذي كان يطل عليه من عيناها.


بينما في الأسفل يقف أحمد وأمامه الخدم يقوم بأمرهم أن ما حدث اليوم لا يعلم به أحد وبالأخص سلوي عند عودتها.

الصفحة التالية