رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 18 جـ 2 - 1 - الأثنين 25/11/2024
قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ظننتك قلبي
« لكن بعض الظن إثم »
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة قوت القلوب
الفصل الثامن عشر
3
تم النشر يوم الأثنين
25/11/2024
« سأعترف بكل شيء ...»"
الجزء الثاني"
سكون يليه سكون ربما هذا الصمت هو الصديق الوفي الذى يصاحبها طيلة الوقت ، صديق لا يتغير ولا يجرح ولا يخون ...
قضت "عهد" ليلتها بنوم متقطع ونفس ضائقة ، تتمنى لو ترجع "عهد" القديمة التى لا تمتلك قلبًا ينبض ويتألم ، إدراكها لوجوده مؤلمًا للغاية ، لكنها يجب أن تكون غير ذلك ، فحتى إعترافها لنفسها عليها أن تنساه ، عليها إكمال حياتها كما تعرفها وليس كما إكتشفتها مؤخرًا ...
حل الصباح بعد ساعات طويلة ليبدأ يوم غير إعتيادي ، يوم ستتجلى به لقاءات يتجنبها الجميع ...
تجهزت "نغم" و "شجن" للذهاب لعملهم دون تغيير يذكر يإرتدائهم نفس ملابس الأمس فليس لديهم رفاهية التبديل العديدة لخياراتهم المحدودة ...
مرت الفتاتان ببطء من أمام شقة عمهما نزولًا نحو أسفل الدرج ليمرا بـ"حنين" التى مازالت تفتح باب شقتها تتابع المغادر والوارد على البيت بطبيعتها المتلصصة ...
تابعت أيضًا "صباح" خروجهن بهدوء تلك المرة ، فقد كانت تترقب خروجهن الآن فإثارة المشاكل معهما الآن ليس بذات الأهمية لما تخطط له ...
فور إدراكها برحيل بنات "زكيه" إتجهت على الفور بخطوات متعجلة لم تدنو من كونها سريعة بالمرة بل كانت كـ دب يتحرك بثنياته الثقيلة بين أرجاء الأثاث الضخم منعدم الذوق والوجاهة ...
أسرعت نحو إبنتها تسحبها من ساعدها قبل أن تهمس بتشدق ...
- يلا يلا ... بنات الخدامة نزلوا ...
قضمت "راويه" شفتيها بإستياء لما هى مجبرة عليه لتردف بتساؤل تدرك جيدًا الإجابة عنه مسبقًا ...
- إنتِ لسه مصممة ...؟!!
توسطت "صباح" خصرها بكفوفها الغليظة لتصدر أساروها صوت ضجيجها المحبب لتتحدث بصوتها الخشن ...
- نعم يا أختى ...؟!!!!! إنتِ لسه بتسألي ... غوري يلا على فوق ... وعلى الله ترجعي من غير القطر بتاعهم كلهم ... يا ويلك مني يا بت "فخري" لو مجيبتيهوش ...
لوت "راويه" فمها جانبيًا قبل أن تدب الأرض بقدميها الثقيلتان ...
- حاضر حغير هدومي وأطلع لهم ..
تطلعت بها "صباح" بدونية قبل أن تردف بحنق ...
- وحيفرق إيه عن اللي إنتِ متهببه ولابساه ...!!!
قضبت "راويه" وجهها الغاضب ثم ألقت عليها نظرة مختنقة من طريقة والدتها معها ، نعم هي تدرك أنها ليست جميلة بل دميمة قبيحة المظهر والمعشر أيضًا ، لكن لم لا تنفك والدتها بتذكيرها بذلك ، دائمًا ما تشعر منها بالنفور أليست إبنتها والتى يجب أن تُشعرها بأنها أفضل من الجميع ، ألا يقولون هذا بالأمثال الشعبية ( القرد في عين أمه غزال ) ، لم لا تراها غزالًا ولا حتى عنزة !! بل كل ما تفعله هو أن تحقر منها ومن دمامتها وعنوستها طيلة الوقت ، أجابت والدتها بنفس ضائقة ...
- طالعه أهو وأمري لله ... ولو إن أنا مبحبش أروح عندها ...
ألقت "صباح" حديثها السام بوجهها قائله ...
- أهو عشانك من عشاني يا بايرة .. ياللي مش لاقيه حد يعبرك ...
إتخذت "راويه" خطواتها البطيئة وهي تغمغم بحنق ...
- والله لو جالي صرصار لأوافق عليه و أخلص منكوا كلكوا ...
وضعت قدمها بدرجات السلم التى لم تصعد إليه منذ سنوات طويلة للغاية قد مضت ...
وقفت أمام باب شقة "زكيه" لبعض الوقت بعينان متوترتان وقلب خافق فتلك أول مرة تقدم على فعل مثل هذا لكنها بالنهاية إتخذت قرارها الحاسم ودقت الباب ...
زكيه ..
بعد مغادرة بناتها وإنشغالها بأعمال المنزل تفاجئت بطرقات تدق بابها ، إضطرب قلبها الضعيف ونظرت نحو الباب بتخوف فمن هذا الذى يدق بابها فلم يأتها زائر منذ وقت طويل للغاية ، زاد تفاجؤها حينما وجدت "راويه" تقف ببابها لتتسع حدقتيها بذهول قائله ...
- "راويه" ...!!!!
تكلفت "راويه" بإبتسامة مزيفة هزيلة للغاية قبل أن تردف ...
- صباح الخير يا مرات عمي ..
- صباح الخير ...
قالتها "زكيه" بتوجس من حضورها لكنها إنتظرت أن تبرر "روايه" مجيئها لزيارتها الغريبة وبهذا الوقت من الصباح ...
- أنا .. ااا ... كنت جايه أقعد معاكِ شوية ... أنا أصلي عايزة أسألك على حاجة ...
أشارت لها "زكيه" بطيب خاطر رغم توجسها نحو الداخل تدعوها للدخول ...
- إتفضلي يا "راويه" ... إدخلي ...
تقدمت "راويه" بخطواتها وهى تدور بعينيها بأرجاء تلك الشقة القديمة المتهالكة وقد تعجبت من تقبلهم للبقاء بهذا المكان المهترئ الذى يضيق بالنفس ، الجدران القديمة وآثار اللون الإسمنتي الرمادي يرمم تلك التشققات بصورة كئيبة للغاية ، لكن كل شئ مازال بموضعه كما كان عمها على قيد الحياة ...
جلست بهذا المقعد الذى تذكرته على الفور وهي تستدير تجاه تلك البسيطة متحلية بنبرة كاذبة صدقتها "زكيه" بسهولة ...
- شوفي يا مرات عمي ... أنا مش زي أمي ... أنا زهقت من كتر المشاكل بينك وبينها ... عشان كدة إستنيت وهي نايمة وجيت أقولك أنا ماليش دعوة باللي هي بتعمله ... أنا مش زيها ....
ساذجة لينه القلب حتى مع كِبَر عمرها وخبرتها بالحياة إلا أنها تظل سطحية ، لها قلب طيب رقيق يصدق بسهولة ، هتفت "زكيه" بصدق وصفاء قلب ...
- عفا الله عما سلف ... إنتِ برضه زي "شجن" و "نغم" ... ومهما حصل الظفر ميطلعش من اللحم ...
دهشة "روايه" كانت أعظم بكثير من طيبة قلب تلك السيدة ، فغرت فاها ببعض الصدمة فهل بهذه السهولة تسامح وتعفو ..؟؟!! ، إنها لم تعتاد تلك النفوس الصافية ولا الحنو الظاهر بملامح "زكيه" ، نظرت "روايه" ببعض الشك فليس هناك من يسامح بهذا اليسر لتردف بإرتياب ...
- هو إنتِ سامحتيني بجد ...؟؟!! بسهولة كدة ...؟؟!
بتأكيد شديد أجابتها "زكيه" ..
- طبعًا يا حبيبتي ... الدنيا مش مستاهلة إن الأهل يخبطوا في بعض ... ربنا يهدى الجميع ...
دارت عينا "راويه" بإندهاش لكن رغم ما تراه بتلك الطيبة إلا أن عليها مهمة يجب إتمامها ، لانت نبرة "راويه" كثيرًا وهي تترجي "زكيه" ...
- طب ممكن تستسمحي بنات عمي على اللي حصل مننا ... كفاية مشاكل بقى ...
- طبعًا يا حبيبتي ... وهم كمان أكيد حيسامحوا ....
ضيقت "راويه" بين حاجبيها بإستغراب من ثقة "زكيه" فهل تتحدث جديًا أم أن هناك خدعة بالأمر ، نعم بالتأكيد هي تخدعها وتسايرها بالحديث لمعرفة غرضها من الزيارة ، لابد أنها إرتابت بها فليس هناك من يتحلى بطيبة لهذه الدرجة ...
دق هاتف "زكيه" لتطالع شاشته بوجه قلق ثم أردفت ..
- معلش حبيبتي إنتِ مش غريبة ... دقيقة واحدة ... حرد على التليفون ده ...
- أه طبعًا ... طبعًا ... إتفضلي ...
قالتها "راويه" لتسنح لها الفرصة للوصول لغايتها لعمل السحر لهن ، بينما دلفت "زكيه" نحو الداخل لإجابة المتصل ....
- السلام عليكم ... إزيك يا "وعد" ...
- وعليكم السلام ... إزيك يا خالتي ...
كعادة نبرتها الحزينة تنهدت لها "زكيه" متسائلة بإشفاق ...
- مالك بس يا حبيبتي ....إنتِ لسه زعلانه ...؟!!
لملمت "وعد" شفاهها المرتجفة تتماسك حتى لا تنجرف بالبكاء لتجيبها بإختناق ...
- أعمل إيه بس ... قلبي مخنوق ... تعبت أوى يا خالتي ...
بيقين بأن فرج الله قريب لتلك المسكينة ...
- فرجه قريب ... بلاش تعملي كدة ...
سحبت "وعد" نفسًا طويلًا مضطربًا ثم عقبت ...
- يا رب يا خالتي ... يا رب ....بقولك يا خالتي ... هي "عهد" ما إتصلتش بيكِ ... أنا بقالي فترة مش عارفه أكلمها ... تليفونها على طول مقفول ...
- يمكن مشغولة ولا حاجة يا بنتي ...
تقوست شفتي "وعد" وهي تنطق حروفها بحشرجة ..
- أنا عارفة إنها أكيد قافلة التليفون عشان مش عايزة تكلمني ... أنا عارفة إنها زعلانه مني ...
حاولت "زكيه" تلطيف الأمر ...
- لا يا حبيبتي ... هي أكيد مشغولة ولا وراها شغل ... حاولي تاني ... كلميها يا حبيبتي ... إنتوا مالكوش غير بعض ...
أومأت "وعد" عدة مرات بتفهم لذلك ...
- عندك حق ... إحنا مالناش غير بعض ... أنا حكلمها تاني ... أنا كنت بسألك بس هي كلمتك ولا لأ ...
- لا والله حبيبتي .. متكلمناش بقالنا فترة ...
أنهت "وعد" محادثتها لتستعد أولًا للإتصال بـ"عهد" فلن تتواني عن قُربها وسندها لها ، لكن عليها أولًا أن تهدأ قليلًا فلا داعي للبكاء ...
عادت "زكيه" لـ"راويه" التى كانت تلملم ردائها إستعدادًا للمغادرة ...
- إيه ده ... إنتِ نازله ولا إيه ..؟؟!
إصطنعت "راويه" بسمة وسط إرتباكها الشديد ...
- أه ... أنا خايفة أمي تكون صحيت متلاقينيش وتعمل مشكلة ...
ألحت عليها "زكيه" بالبقاء بكرمها الغير محدود الغير متوافق مع إمكانياتها المادية إطلاقًا ...
- من غير حتي ما تشربي حاجة ... لا والله لازم تقعدي ...
- معلش يا مرات عمي ... خليها مرة تانية ...
أنهت "راويه" عبارتها لتتجه مسرعة نحو باب الشقة لتغادر تحت أعين "زكيه" المندهشة ...
دقائق تمر كساعات وسط تخبط وتوتر "صباح" أثناء إنتظارها عودة إبنتها ، وقت تخيلت به بأحلامها القميئة مثلها بما سيحدث بعد أن تتم السحر لـ"زكيه" وبناتها وما سيطالهم من أذى ...
قطع أحلام يقظتها قدوم "راويه" حين فتحت الباب وهي تتلفت خلفها للتأكد بأنه ليس هناك من يتبعها أو يلاحظها ...
أسرعت "صباح" بتلهف ...
- ها ... عملتي إيه .. ؟؟!!
أخرجت "راويه" خبيئتها من ردائها لتمد به يدها تجاه والدتها بحقيبة بلاستيكية سوداء قائله بإمتعاض ...
- دول إللي عرفت أجيبهم ...
لمعت عينا "صباح" بوهج ماكر ثم هتفت بسعادة ...
- بت أمك بصحيح ... هو ده الكلام ... من بكرة أروح للشيخ "كرامه" ... هو إللي حيخلص كل حاجة ...
❈-❈-❈
شقة عهد ...
بللت شعرها الأسود بالماء وهي تمسح بكفيها فوق خصلاته الناعمة الملساء فوق رأسها قبل أن تطالع وجهها المستكين بالمرآة ، مظهر طالما خصت به نفسها فقط ...
عادت للجلوس فوق المقعد تدور بعينيها الناعستين باحثة عن سبب يجعلها تتغيب اليوم ولأول مرة عن عملها ...
هى تخشى من مواجهة ربما تحدث ، وربما أيضًا لا تتقابل الوجوه مرة أخرى ، لكنها يجب بكلتا الحالتين أن تكون على أهبة الإستعداد ...
لم يكذب من قال أن الألم ثمن القوة ، وعليها تحمل الألم وحدها كما تحملته طيلة عمرها ...
وكما تمنت تمامًا بإختلاق عذر لنفسها للغياب دق رنين هاتفها الذى لم تسمع دقاته منذ سفرها ..
نظرت بتملل تجاه شاشته حين ظهر إسم أختها "وعد" يتلألأ بالشاشة ، كما لو كانت تعلم أنها بحاجتها لأن تكون إلى جوارها ، أن تستمع فقط لصوتها الرقيق لتشعر بأنها ليست بمفردها ، حتى لو لم تقدر بضعفها وخنوعها أن تكون سندًا لها ، إلا أن شعورها أنها إلى جوارها يكفيها ...
تنهدت بقوة أولًا قبل أن تردف بفظاظة تدعى بها القوة وعدم الإهتمام ...
- ألو ....
تلقت صوت "وعد" الهادئ الناعم بالطرف الآخر كوسادة ناعمة تلقى عليها إنهاكها والآمها ..
- "عهد" حبيبتي .. وحشتيني أوى ... كنتِ فين ...؟!! إتصلت بيكِ كتير أوى تليفونك كان مقفول ...؟!!
عيون حزينة وقلب مفعم بالإنكسار لكن صوتها أعلن خلاف ذلك لتردف بخشونة ...
- كان عندي شغل ...
- لم تبالي "وعد" بخشونة "عهد" فقد إعتادتها ولن يمنعها إسلوبها الجاف من محبتها لها لتردف بحنو ..
- ربنا يقويكِ حبيبتي ... وحشتيني يا "عهد" ...
أرادت لو تجيبها بنفس هادئة ونبرة لينه حانية مثلها ، لكنها وجدت نفسها تستكمل بجفاء ...
- أيوة ... وبعدين يعني ...؟!!!
شعرت "وعد" بأن "عهد" مازالت متضايقة منها لتردف بطلبها بنبرة مرتجفة متوجسة ..
- عاوزة أشوفك ... عاوزة أجيلك أقعد معاكِ وأتكلم معاكِ ... ( ثم أنهتها بعبارة مترجية ) ... وحشني الكلام معاكِ نفسي أقولك كل إللي جوه قلبي ..
بعد صمت دام للحظات وجدت "عهد" نفسها تردف بهدوء لم تعتاده ..
- ماشي يا "وعد" ...